كان في الرابعة من عمره عندما ودعته أمه وودعت الحياة.. وظل طيفها في الذكريات يضيء عالمه برغم السنين.. الذكريات تلك المصابيح التي تومض خلف الضباب بعضها يخبو شيئاً فشيئاً ثم ينطفىء شيء واحد ظل يتألق ويتوهج رغم الزمن.. وجه أمه المضيء لقد ظل يقاوم السنين.. انه في الخامسة والعشرين ومضى أكثر من عشرين عاماً على رحيل الأم... لقد رحلت وتركت في اعماقه صورة الأم الحنون بابتسامة مشرقة ونظرة مفعمة بالحنان.. انه لاينسى ذلك المشهد في المستشفى عندما أغمضت أمه عينيها ونامت كل تلك السنين ولم تفارق صورة الم مخيلته وأحياناً عندما يشق طريقه في الشارع يتصفح وجوه النساء عله يعثر على وجه أمه. حتى عندماتخرج واصبح طبيباً لم تفارق وجه امه أحلامه وربما تصورها تدعو له بالنجاح في الامتحان.. كان يشعر أنها وراء نجاحه.. وها هو قد أصبح جراحاً بفضل دعوتها له.. كان جالساً وراء مكتبه عندما سمع نداء الحالات الطارئة.. عاد الى وعيه بعد رحلة قصيرة مع احلام اليقظة. هنك حالة طارئة في غرفة العمليات وعليه ان يحظر فوراً اسرع الطبيب الشاب ودلف بسرعة الى المكان حيث ترقد فتاة شابة لقد كانت تعاني من نزف شديد.. تسمر في مكانه انها أمه تصبب العرق من جبينه وهتف في اعماقه يالهي انها أمي !! انتبه لنفسه واستغرق في عمله بهمته المعروفة عنه وغادر المكان بعد أنهى عمله.. غسل يديه ورش الماء على وجهه وخلال ذلك كان وجه الفتاة يقفز الى جانب صورة أمه على جدار الذاكرة.. وتداخلت الصورتان حتى كاد يختلط عليه الأمر.. وفي اليوم التالي تفقد الشاب مريضته الشابة بابتسامة مشرقة وحنان وشكرته برقة على ما قام به, نظر الطبيب الى وجه الفتاة انها تشع طيبة ورقة انزلقت نظراته الى يديها لم تكن هناك "حلقة" تشير الى انها مرتبطة بزوج أو خطيب.. انتهز الفرصة ليقول: كيف حال أنستي؟ أطرقت حياءً ولم تجب. وماأسرع ما دارت الهمسات في أروقة المستشفى ولم يكد ينقضي ذلك اليوم حتى كان الطبيب الشاب يتقدم الى مريضته بباقة ورد ويطلب يدها للزواج