اقتلوني... لقد قتلت أمي بيدي ... لقد كنت في المرحلة الثانوية من الدراسة، وكنت من المتفوقين في دراستي، وعندما جاءت فترة الاختبارات النهائية اقترح علينا أحد الشباب التجمع لنقوم بالدراسة سوياً،والاستفادة من المعلومات فيما بيننا وحدث ذلك، في أحد الأيام أحسست بالإرهاق، وبعض الألم في رأسي، وكنت لا أستطيع التركيز، وشعر بذلك أحد الشباب المجتمعين معنا، وسألني عما بي، فأخبرته بأن ألماً شديداً يكاد أن يفتك برأسي، فما كان منه إلا أن أحضر حبةً بيضاء، وقدمها لي على أنها دواء لعلاج صداع الرأس، وقال: بأني لن أشعر بالصداع بعد اليوم!! بفضل هذه الحبة، فتناولتها وكانت طريقاً لنهاية مؤسفة دون أن أعلم. استمرأت على تناول تلك الحبة البيضاء المعروفة باسم: ( الكبتاجون ) فترة الاختبارات جميعها؛ لأني قد توهمت بأنها تعطيني المزيد من القوة والنشاط، حتى تمكنت مني تلك الحبوب، وأدمنتها!؟ وفي أحد الأيام أتيت لصديق السوء الذي أعطاني تلك الحبة وأدخلني في العالم المظلم وسهرت معه، وأكثرت من تناول تلك الحبوب، وعدت إلى المنزل وأنا في غاية السكر وعدم الوعي، وعند الصباح جاءت والدتي لإيقاظي لأداء الصلاة، وحاولت معي بشتى الطرق ولكني لم أستيقظ، فما كان منها إلا أن سكبت كوباً من الماء على وجهي حرصاً منها على أداء حق الله تعالى علي، فاستيقظت من نومي، وأخذت الكأس منها ورميتها به قاصداً ضربها، ولكن رميتي أخطأت الهدف، فاستغربت والدتي هذا التصرف مني، ووبختني بالكلام، فزادني ذلك غضباً على غضبي، وجاءني الشيطان بفكرة الانتقام منها جزاء فعلتها معي، فخرجت من الغرفة وقد قررت القيام بقتلها. فتحت خزانة ملابسي، وأخرجت المسدس وملأت مخزنه بالذخيرة ورحت أدور البيت بحثاً عنها فلقد أطبق الشيطان على عقلي، وتمكن مني، فلا أرى الإ بعينيه ولا أسمع الإ إملاءاته علي التي لن تكون إلا شراً وتدميراً لي وقد صدق الله تعالى: إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير {فاطر: 6}. علمت بعد بحث ليس بطويل أنها في المطبخ تعد وجبة الإفطار لي، فتوجهت إليها والشر يتطاير من عيني، والغضب يملأ قلبي، ويعمي بصيرتي كي أقاضيها على إزعاجها لي، وإيقاظي من النوم للصلاة، وعندما دخلت عليها رأت المسدس في يدي قالت لي مستغربةً: ماذا تريد أن تفعل بالمسدس يا ولدي!؟ فقلت لها بكل برود وقسوة: إني أريد محاسبتك على سكب الماء علي وجهي، إني أريد أن أقتلك، أجابتني: إذا كنت تستطيع فعل ذلك بأمك فلتفعل!؟ كانت تظن أن الولد لا يمكن أن يقتل والديه، وما علمت أن عقل ولدها قد تغير، وأن المخدرات مع رفقاء السوء إضافة إلى تسلط الشيطان علي قد غير كل ذلك، وحول قلبي إلى قلب آخر أشد قسوة من الحجارة على أقرب الناس إليه، وأحق الناس بحسن صحبته، وفي لحظة الوقوع تحت تأثير المخدر، وقعت يدي على الزناد، وانطلق الرصاص بكل قسوة ووحشية لكي يستقر في جسد أعز من رأيته في هذه الدنيا، أرسلته بيدي ليقضي على ذلك الجسد الطاهر الطيب، مع عدم الإحساس بأي ذرة رحمة أو شفقة. لقد استقرت الطلقات في الرحم الذي حملني تسعة أشهر، وذهبت لتفتك بمن تحملت الذل والهوان في سبيل راحتي، انطلقت إلى جسد من انتظرت حتى أصبح رجلاً، ولم تتوقع بأن نهايتها سوف تكون على يدي، وخرت صريعة أمامي، وعندما شاهدت الدماء تنتشر في كل مكان، ورأيت بقية إخوتي الصغار يبكون حولها، ويطلبون منها تلبية ندائهم، والعودة إليهم من وسط بركة الدماء التي هي فيها صامتة لا حراك فيها استفقت في تلك اللحظة، وعرفت هول ما عملت، وأدركت عظم جريمتي، ولكن بعد ماذا؟! لقد كان بعد فوات الأوان، أنني لا استحق العيش في هذه الدنيا، اقتلوني فأنا وحش في هيئة إنسان، اقتلوني، اقتلوني، ووضع وجهه بين يديه، وأجهش بالبكاء. أجعلوها عبرة لكل طائش