هذا السؤال مكون من ثلاثة أجزاء : الجزء الأول : هو أنه ليس فى العالم سبعة أرضين . فكيف يقول عن الأرض : إنها سبعة كما أن السموات سبعة ؟ وهذا القول : إن الأرض سبعة ؛ أخذ من بعض مفسرى القرآن الكريم . مع العلم أن المفسرين مجتهدون ، ويصيبون ويخطئون . والرد على هذا الجزء من السؤال هو : أن نص الآية هو : ( الله الذى خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شىء قدير وأن الله قد أحاط بكل شىء علماً ) (1). إنه أتى بـ ( مِنْ ) التى تفيد التبعيض ؛ لينفى العدد فى الأرض . وليثبت المثلية فى قدرته . فيكون المعنى : أنا خلقت سبع سموات بقدرتى ، وخلقت من الأرض مثل ما خلقت أنا السماء بالقدرة . ولهذا المعنى علّل بقوله : ( لتعلموا أن الله على كل شىء قدير ) . وبيان التبعيض فى الأرض : هو أن السماء محكمة ، وأن الأرض غير محكمة . وهى غير محكمة لحدوث الزلازل فيها ، وللنقص من أطرافها . وقد عبّر عن التبعيض فى موضع آخر فقال : ( أفلا يرون أنا نأتى الأرض ننقصها من أطرافها ) (2) . والنقص من الأطراف يدل على أن الباقى من الأرض ممسوك بقدرة الله ، كما يمسك السماء كلها . والجزء الثانى : هو أن السماء سقف قابل للسقوط . والرد عليه فى هذا الجزء من السؤال هو : أن كل لغة فيها الحقيقة وفيها المجاز . والتعبير على المجاز . فإن السماء شبه سقف البيت ، والمانع للسقف من السقوط على الحقيقة هو الأعمدة ، وعلى المجاز هو الله ؛ لأن كل شىء بقدرته . ولذلك نظير فى التوراة وفى الإنجيل : " بالكسل يهبط السقف " . وفى ترجمة أخرى : " من جراء الكسل ينهار السقف . وبتراخى اليدين يسقط البيت " [ جامعة 10: 18 ] يريد أن يقول : إن الكسل يؤدى إلى الفقر ، والفقر يؤدى إلى خراب البيوت . وعبر عن الخراب بانهيار السقف . والسقف لا ينهار بالكسل ، وإنما بهدّ الأعمدة التى تحمله . وفى سفر الرؤية : " فسقط من السماء كوكب " [ رؤ 8: 10 ] كيف يسقط كوكب من السماء بغير إرادة الله ؟ وفى سفر الرؤية : " ونجوم السماء سقطت " (رؤ 6: 13 ] ، ويقول عيسى عليه السلام : إن العصفور لا يقع إلى الأرض إلا بإرادة الله : " أما يباع عصفوران بفَلْس واحد . ومع ذلك لا يقع واحد منهما إلى الأرض خفية عن أبيكم " [ متى 10: 29 ]. وفى الرسالة إلى العبرانيين : " حقاً ما أرهب الوقوع فى يدى الله الحى ؟ " [ عب 10: 31 ]. والجزء الثالث : وهو أنه كيف يقول عن الكواكب إنها مصابيح ؟ و مثيروا الشبهة بقولهم هذا دل على إنكار الواقع والمشاهد فى الحياة الدنيا ، ودلوا أيضاً بقولهم هذا على جهلهم بالتوراة وبالإنجيل . ففى سفر الرؤية : " كوكب عظيم متقد كمصباح "[رؤ 8: 10]، "وأمام العرش سبعة مصابيح "[رؤ 4: 5]، وجاء المصباح على المجاز فى قول صاحب الأمثال : " الوصية مصباح والشريعة نور " [ أم 6: 23 ] .
الهوامش: ------------------ (1) الطلاق : 12. (2) الأنبياء : 44.