كيف تغرب الشمس في بئر ؟

الناقل : heba | المصدر : www.dar-alifta.org

كيف تغرب الشمس في بئر ؟
الشبهة
جاء في القرآن الكريم: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا* إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآَتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا * فَأَتْبَعَ سَبَبًا * حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا} [الكهف83 :86]. وإذا كانت الشَّمس أكبر من الأرض مليونًا وثلاثين ألف مرة، فكيف تَغْرُب في بِئْرٍ رآها ذو القرنين ورأى ماءها وطينها ورأى الناس الذين عندها ؟
 
الرد عليها
مركز الأبحاث الشرعية بدار الإفتاء المصرية
 
عين وليست بئر:
    ليس في نص الآية الكريمة ولا في تفسير أحد المفسرين تصريح بكلمة (بئر)، فقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا}، حكاية لما يقصه الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم من أخبار ذي القرنين، وليس المراد أنه انتهى إلى الشمس مغربًا ومشرقًا حتى وصل إلى جرمها ومسها؛ لأنها تدور مع السماء حول الأرض من غير أن تلتصق بالأرض، وهي أعظم من أن تدخل في عين من عيون الأرض، بل هي أكبر من الأرض أضعافًا مضاعفة، بل المراد أنه انتهى إلى آخر المعمورة من جهة المغرب ومن جهة المشرق فوجدها في رأى العين تغرب في عين حمئة، كما أنا نشاهدها في الأرض الملساء كأنها تـدخل في الأرض ولهذا قال: {وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا} [الكهف: 90]، ولم يرد أنها تطلع عليهم بأن تماسهم وتلاصقهم بل أراد كما نفهم أنهم أول من تطلع عليهم".([1])
     ومعني الآية أن مغرب الشمس هو المكان الذي يرى الرائي أن الشمس تغرب عنده وراء الأفق، وهو يختلف بالنسبة للمواضع فبعض المواضع يرى الرائي فيها أن الشمس تغرب خلف جبل، وفي بعض المواضع يرى أنها تغرب في الماء كما في المحيطات الواسعة والبحار. وفي بعض المواضع يرى أنها تغرب في الرمال إذا كان في صحراء مكشوفة على مد البصر".([2])
    والله تعالى لم يخبر في الآية أن غروب الشمس في الحقيقة كان في عين حمئة، وإنما أخبر أن ذا القرنين يجدها ويظن أنها تغرب فيها؛ حيث قال: {وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} [الكهف: 86]".([3])
واستعمال القرآن للفظة (وَجَدَهَا) دون لفظة (كانت) يدل على أنه كان وصفًا للرؤية لا للحقيقة ([4])، ونقل القاسمي عن الراغب أن فعل (وجد) يكون بمعنى رأى.([5])

دعوة لقراءة هذا الإصحاح:
    ثم إن التعنُّت في قراءة النصوص المقدسة على هذا النحو سيجعلنا بمعزل عن تفهمها وإدراك معانيها وإلا فإذا اتبعنا هذا المنهج فكيف سنقرأ ما جاء في سفر الرؤيا؟
    "وظهرت آية عظيمة في السماء امرأة متسربلة بالشمس والقمر تحت رجليها وعلى رأسها إكليل من اثني عشر كوكبًا وهي حبلى تصرخ متمخضة ومتوجعة لتلد، وظهرت آية أخرى في السماء هو ذا تنين عظيم أحمر له سبعة رؤوس وعشرة قرون وعلى رؤوسه سبعة تيجان وذنبه يجر ثلث نجوم السماء فطرحها إلى الأرض، والتنين وقف أمام المرأة العتيدة أن تلد حتى يبتلع ولدها إلى الله وإلى العرش، والمرأة هربت إلى البرية حيث لها موضع معد من الله لكي يعولوها هناك ألفًا ومائتين وستين يوماً".([6])
 
 
 
 
 
الهوامش:
--------------------------
([1]) القرطبي/ الجامع لأحكام القرآن 11/49.
([2]) في ظلال القرآن 11/2291
([3]) حاشية زادة على تفسير البيضاوي 3 /273.
([4]) البيضاوي أنوار التنزيل وأسرار التأويل 3 /520 ، ابن عجيبة / تفسير البحر المدير 3 /302.
([5]) القاسمي / محاسن التأويل 11 /84.
([6]) رؤيا يوحنا اللاهوتي الإصحاح ( 12 ، 1 :6).