قولهم: إن عند إيليم اثنتا عشرة عين ماء وسبعون نخلة؛ لا يدلُّ من قريب أو بعيد على ما جاء في الآية، ولا الآية تقصده؛ لأنه من الواضح أن هذه العيون هي آبار ماء قديمة، وليست هي العيون التي انفجرت حينما ضرب موسى الحجر. بدليل ما جاء في الكتاب المقدس نفسه أنهم جاءوا إلى إيليم وهناك اثنتا عشرة عين ماء وسبعون نخلة فنزلوا هناك عند الماء، فالآبار موجودة قبل مجيء موسى عليه السلام إليها. أما الصخرة التي انفجرت منها العيون فلم يتعرض القرآن الكريم لتحديد مكانها، ولكنه ذكر هذه المعجزة التي أحدثها الله على يدي نبيه موسى عليه السلام؛ ليُذَكِّر بني إسرائيل بالنعم التي أنعم الله بها على آبائهم، حتى يكون ذلك دافعًا لإيمانهم وتصديقهم بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فذكَّرهم الله عزَّ وجل بموقف نبي الله موسى عليه السلام حين طلب السُّقيا لقومه فأمره الله عز وجل أن يضرب الحجر بعصاه، فلمَّا ضربه انفجرت من هذا الحجر اثنتا عشرة عينا بعدد أسباط بني إسرائيل؛ وذلك التقسيم من الرِّفق بهم لئلا يتزاحموا على الماء مع كثرتهم فيهلكوا، وأمرهم بالأكل والشرب من رزق الله وحذرهم أن يعيثوا في الأرض فسادا. فتبين بما سبق أن القرآن لم يقل إن مكان هذه الصخرة هو حوريب أو غيرها؛ ولكن الذي قال ذلك هو الكتاب المقدَّس. ثم لم يذكر لنا الكتاب المقدس أن الصخرة التي ضربها موسى قد انفجرت منها عيون ماء أم لا؟ لكن القرآن هو الذي ذكر لنا أن الصخرة انفجرت منها عيون ماء، وعددها اثنتى عشرة عينا. فما المانع أن يكون الله عز وجل فجَّر لهم اثنتى عشرة عينا في حوريب كالاثنتى عشرة عينا الموجودة في إيليم ليتفكروا في نِعَم الله عليهم.