أولًا: لماذا دعت امرأة العزيز النسوة: تتحدث الآيات عما حدث من امرأة العزيز بعد أن علمت أن نسوة من صويحباتها قد اتخذنها أحدوثة يتندرن بها - على عادة القرينات اللاتي يغرن من صاحبتهن ذات المنصب والمكانة - فلما علمت منهن بذلك أصرَّت أن ترى منهن ما يكون التصرف إذا اطلع عليهن يوسف ، فدعتهن لا لتريهن غرامها –كما ذكر في السؤال- بل لترى رد فعلهن إزاء رؤية يوسف – عليه السلام - وهذا واضح من سياق الآيات فالمرأة تدبِّر لترد على ما تكلمن به في غيبتها وخصوصًا أنهن وصفنها بأنها في ضلال مبين ، فهي مُحَاولة لحفظ ما بقي من شرفها لا لفَضْح نفسها –كما ذكر في السؤال-. ثانيًا أن تقطع النسوة أيديهن في هذا الموقف معقول لا غضاضة فيه: عقدت المرأة - ما عزمت عليه - وليمة دعت إليها صويحباتها وآتت كل واحدة منهن سكينًا وأمرت يوسف بأن يخرج عليهن ورأت النسوة ما لم يعهدنه قط؛ رجلًا ظاهر الجمال في خِلْقَته وعليه من وقار النُّبوَّة ما يلحقه بأرقى المخلوقات في نظرهن وهي الملائكة([1]) وكان خروج يوسف عليهن -وقد كُنَّ ثلاثة مثلًا، لا جَمْعًا كبيرًا- ساعة أن مددن أيديهن لِيُقَطِّعن طعامًا بسكاكينهن فأصابتهن رُؤْيَة يوسف الْمُفَاجِئَة باضطراب أدَّي بهن إلى أن أخطأن فقطَّعْن أيديهن بالسكاكين بَدَلا من قَطْع الطعام. فأين الغرابة في هذا ؟! فإذا علمت أن المراد بقطع اليد حزها ، أي : جريان السكِّين عليها ومن ثم جرحها([2]) فلا يكون وجه للسؤال ألبتة.
الهوامش: --------------------- ([1]) مفاتيح الغيب 18 / 128. ([1]) انظر،تفسير القرآن العظيم 2 / 476