فاتحة الكتاب

الناقل : mahmoud | الكاتب الأصلى : ابراهيم خرّيط | المصدر : www.awu-dam.org

 

 

عندما تطرق الأحداث بابنا يكون لها وقع آخر..‏

 

تكبر الماساة..يتغلغل الحزن عميقا في النفوس..يسري في الشرايين والأوردة،يسكن في الخلايا،فتفر الكلمات وتسقط كل العبارات..تهوي مثل اتهام باطل،ويظل الكون مسكونا بالفجيعة.‏

 

ماذا أقول وانا احاول أن ألملم شتات فكرى ونفسي؟وهل انا قادر على التعبير؟!‏

 

ألا أيها الزمن الراكض دون توقف..‏

 

يا سنوات العمر التي تنصرم كما يغور الماء في الأرض الرملية..‏

 

يافرعي الأخضر..‏

 

يا ألق اللحظة الأخيرة..‏

 

لماذا تنطفئ؟!‏

 

لماذا تهوي النجوم وينخسف القمر؟!‏

 

يا أيها المدى ما لون الردى..ما طعم الردى؟وكان الردى لك بالمرصاد.ينتظر ونحن عنه غافلون..‏

 

حمله اليك جهل المتعلّمين..زرعته في جسدك مباضعهم وأدواتهم.‏

 

اطفأوا البسمة على شفتيك .تلك البسمة التي حاولت جاهدا أن ترسمها كلما تطلعت الى وجوهنا المفزوعة.‏

 

كنتَ رائعا في حياتك وكنت رائعا في موتك.‏

 

كنت رجلا..‏

 

تقاوم بصمت ولا تتكلم.‏

 

وكنت طفلا ..تقول لأمك:اقتربي مني وامسحي بيدك الناعمة على راسي.‏

 

وكانت أمك تضع يدها على جبينك وتغلغل أصابعها بين خصلات شعرك فتغمض عينيك..يغمرك شعور بالراحة والأمان.‏

 

أما أنا الواقف الصامد،كما أبدو لك وللآخرين فلم اكن سوى شجرة محفورة من الداخل ،يمكن أن تهوي بين لحظة وأخرى.‏

 

نظرتك الأخيرة الينا ونحن نجمع اشياءك من غرفة المشفى استعداد للرحيل..لن انساها أبدا.كانت عيناك تجوسان في المكان..كانك تنظر الى قوم غرباء وكأنك تسال:ماذا تفعلون..هل هي النهاية؟‏

 

أى شعور ساورك في تلك اللحظة؟‏

 

آه لو اعرف ماذا يدور بخلدك.‏

 

دنوت منك فلم تتكلم.قلت لك:ننقلك الى مشفى آخر..الى بلد آخر..‏

 

هززت رأسك وقلت بصوت حزين مقهور:كما تريدون.لم تكن لك رغبة أو ارادة.‏

 

رأيت في عينيك شعورا بالظلم..‏

 

لقد ظلموك..ظلموا سنوات عمرك العشرين..ظلموا ربيع عمرك الأخضر..ظلموا اهلك وأحباءك وأصدقاءك...‏

 

وللظلم طعم كالعلقم.وما اسهل أن يقول الجهلة في الزمن الرديء:أخطأنا أو عجزنا..ثم يمارسون حياتهم كما يشتهون.‏

 

ألا أيها الزمن الحافل بصنوف القهر..‏

 

لماذا تهوي النجوم وينخسف القمر؟‏

 

ياريح الموت..‏

 

لماذا تقصفين من الأغصان ذوائبها؟‏

 

لماذا يكسر الغصن حين يزهر؟‏

 

لماذا ولماذا....؟‏

في الحلق غصة،وفي العين دمعة ،وفي القلب لوعة،ويظل السؤال بلا جواب