الساعة الرابعة تماماً ولم تحضر، اعتاد عدم دقة مواعيدها، حتى أنه ذات يوم قال: أجمل ما فيك هذه الفوضى التي تملكينها.
هو حزين، وكلما تحرك عقرب الثواني حزنه يزداد، ويسيطر عليه شعور بأن مها لن تحضر. تحاصره أيديهم، يطبق أحدهم بيده على فمه، تبدأ عضلات فكه رقصها الجنوني المتصاعد، تتشنج شفتاه بأفعوانية مقرفة ، ها هو ابن خالها وبيمناه سكين ناصعة النصل ، يطبق السكين على عنق عادل الذي ينتفض بشكل متتابع، يضغط السكين على عنقه، يغيب عادل عن الوعي، يتهدل جسده فتنغرس السكين في عنقه، تجحظ عيناه، يهز بكل قواه، تنغرس السكين في عنقه أكثر فأكثر، تتصاعد منه غرغرة دامية..، تركوه يسقط على الأرض فاتسعت دائرة الدم حول جسده وخفت حشرجاته إلى أن ساد الصمت).
انتفض مذعوراً من تلك الغيمة التي عبرت خياله، تحسس رقبته، اتجه نحو المغسلة، نظر في المرآة، بصق في المغسلة، عاد بذاكرته إلى صباح الأمس، كانوا ثلاثة ولم يكن بجانبه أحد، آخر عبارة قالها ابن خالها: لو رأيناك ثانية معها يا بن......) سنذبحك.
قرأ ما كتبته في سجل المعرض الذي أقامه في بداية العام الدراسي الماضي: يوجد مشروع سكني أعلن عن مسابقة لعمال الطرش أرجو لك التوفيق فيها).
في ذلك اليوم لم يتبين إلا بشرتها البيضاء وشعرها الفحمي الطويل.
الساعة الرابعة وخمس دقائق ولم تحضر، مسح بنظراته أركان الغرفة ليتأكد من نظافتها وترتيبها فمنذ الصباح وهو مستنفر لتنظيفها، حتى جارته أم يحيى التي تعودت سفر زوجها، والتي حاولت التقرب إليه أكثر من مرة، سألته: هل أعلنوا في الراديو أن اليوم يوم نظافة؟!.
بعدعدة أيام، كان يجلس في مقصف الكلية فلفتت انتباهه وهي تقذف بقطعة نقود في الهواء، ثم تتلقفها وتقلبها على الطاولة سائلة: طرة أم نقش؟
اقترب منها، سألها: عفواً زميلة، هل بامكانك اخباري عن مكان المشروع السكني؟
ابتسمت وقالت: في حارة الأربعين(1)