الأزل والبندقية

الناقل : mahmoud | الكاتب الأصلى : عبد الحميد بن هدوقة | المصدر : www.awu-dam.org

أحكي كل هذا لمن؟ للجدران... هل تفهم؟ إنها تتصدع، تطير شظايا لو تدري أي عذاب يعانيه من كانوا هنا، لو تدري ماأعانية أنا! الجدران لا تفهم، أنا متأكد من ذلك، وإلا لكانت شهادتها فظيعة، فظيعة جداً! يتهمونني بالاجرام! المجرم مجرم قبل الدخول إلى هنا...هنا لا وجود إلا للضحايا، حتى الحراس ضحايا، وإلا كيف يقبلون عملاً فظيعاً كهذا! الفظاعة هي الوصف الوحيد الذي يصاحب كل كلمة عن السجن، كل شيء فظيع، وكل شيء فظاعة! أنا لا أبحث عن التعبير الجميل، أنا أتحدث إلى السجن، لا أكتب قصة جمال السجن هو الفظاعة!‏

كيف وصلت إلى هنا؟ من أين أتيت؟ لست أدري !‏

نحن سبعة، أخوة وأخوات، رقم مقدس، مقدس كالسجنّ وأبي وأمي، عالم بكامله، يجمع كل متناقضات البشرية! بيتنا كوخ قصديري، قبالته جامع، هو الجنة في بهائها وعظمتها! كل سكان حينا القصديري، استفادوا من فضائه ونقائه وطهارته! أغلب المصلين فيه همهم أن يستفيدوا ممايوفره لهم من راحة، من جنة! رحابة فسيحة، بيضاء، نقية، الميضأة، ماء حوضها متجدد، باستمرار، "جنة" الجامع كانت مجسدة في زرابيه، في فسيفسائه، في نقوش جدرانه وزخارف سقفه وأقواسه، في الكتابات المزينة لمحرابه، في منبره الأبنوسي الرائع. هو جنة قبل الجنة! وسكان الحي كانوا في حاجة إلى " جنته" قبل الجنة الأخرى! أقول كانوا... كما لو أن وجودي بين هذه الجدران غيرّ الزمان والمكان! لكن بالنسبة إلي! "كان" هي الفعل الملائم!‏

كان الجامع أكثر من مكان للصلاة أو الراحة أو المقر الذي آوي إليه، لأراجع دروسي، أو أعد الفروض. كان مقترناً بكل أحلامي وأوهامي. كم هو جميل صوت المؤذن المصري! لحسن الحظ، كان المكلف بالأذان يعشق الموسيقى المصرية القديمة، ولاسيما ألحان سيد درويش والسنباطي وعبد الوهاب في بداياته. طبعاً، لم يكن سي عباس المؤذن هوالذي يؤذن، كان الذي يقوم بذلك الجهاز الإلكتروني! سي عباس المؤذن رجل طيب، فنان، يضبط الجهاز بحيث لا يتجاوز الصوت حد الحلم والأمل، لا كالمؤذنين في المساجد الأخرى، حيث الصوت يحوله المكبر إلى جعجعة رعد، تتصدع لها الآذان والأرواح!‏

الجامع كان مفخرة الحي، مئذنته شاهقة، باسقة، تشد الأبصار إليها على بعد أميال. أحلامنا ودعاؤنا وتوسلاتنا نحن سكان الحي القصديري كانت قريبة جداً من ملائكة الرحمن في السماء الدنيا، كما قال شيخ الجامع. صحيح، أكواخنا القصديرية تؤذي بشاعتها من لا يعرفنا، أما نحن فتعودنا عليها لم نكن نراها بعيوننا، عيوننا كان الشوق إلى الغيب يلمؤها، حياتنا كلها كانت معلقة بالغيب، بالانتظار!‏

صغيراً، كنت أحلم بالجنة، وكنت أعتقد أن الطريق إليها صعود إلى قمة المئذنة، ثم عروج إلى السماء. كم حيّرتني قضية العروج! ينبغي أن أكون طيراً لكي أحلق لكن ذات يوم سأل أحد السكان شيخ الجامع عن الروح، قال الشيخ" " هي عصافير تحلق في السماء إلى أن يأتي الميعاد. انظروا إلى تلك العصافير الجاثمة فوق المئذنة، إنها أرواح المؤمنين!"‏

منذ ذلك الحين، أدركت أن العروج إلى السماء سهل. حياتي كزملائي وكجميع سكان حينا منذ البدء ارتبطت بالسماء. والجامع كان أقرب محطة للسفر!...‏

ثم تطورت الأمور، كان المفروض، أن ينقل السكان إلى حي سكني بني خصيصاً لذلك، ويُزَال حينا القصديري نهائياً، لكن ماحدث أن السكان لم ينقلوا إلى الحي السكني الجديد، معاً، وجميعاً، في نفس اليوم، بل وقعت مضاربات: من كان حصل على سكن في الحيّ الجديد، أسكن، قبل مغادرته كوخه، أسكن فيه، قريباً أو صديقاً! وهكذا، في كل مرة تبرمج إزالة الحي القصديري، لا يتم التنفيذ لأن المضاربة جعلت السكان متجددين باستمرار في حينا القصديري..‏

أهلي أنا، لم يصل دورهم أيضاً باستمرار. لأن " القرعة" كانت تعرف أصحابها قبل أن تضرب! كان بعض موظفي البلدية أو الدائرة، بل وحتى الولاية لهم وسائطهم ومعارفهم ومضاربوهم!‏

اكتشفت شخصياً ذات يوم أن أحد السكان الجدد في حينا القصديري كان تاجراً، وله أملاك ومساكن في عدة جهات، لا أذكر أسمه، لأنه من المنتوجات البشرية الجديدة في مجتمع حكم عليه أن يكون قاصراً أبداً. لكن هذاالساكن الجديد كان تقياً، يصلى فروضه دائماً مع الجماعة بالمسجد..كان يستشهد دائماً بقول مروي عن الإمام علي بن أبي طالب (ض): " اعمل لديناك كأنك تعيش أبداً واعمل لآخرتك كأنما تموت غداً !"‏

تختلط الأشياء والأحداث والذكريات!، تختلط الأزمنة، يختلط ايقاعها في رأسي، هنا بهذه الزنانة، لا وجود للزمن، بل هو رقم يحدد حكماً، أشياء مجردة. وجودي هنا هو الذي يحققها. طبعاً، لست نادماً على مافعلت، أنا سجين قضية، سجين حلم، سجين مشروع سماوي .........، ليس من صنع البشر، هل تفهم الجدران هذا؟ لا أعتقد، لم أقتل شخصاً، قتلت رمزاً، فرق بين القتل وبين مافعلت، لكن الجدران لا تفهم، كيف يمكن أن أحاور الجدران! لا، لا ... الجدران لا تحاور، ثم على ماذا؟ المشاريع الإلهية غير قابلة للحوار والمساومة، هكذا قال الداعية...‏

آية الله...‏

أنا حلقة في سلسلة. كل حلقة مسؤولة عن الحلقات الأخرى. أغبياء! لست أنا الحلقة الهشة، مدفع يسدد إليّ لايخيفني، لكنني أختنق من هذا الصمت، أختنق! أتكلم بجهر لأسمع نفسي، أنا حي وأتذكر.... كم كانت عيونها تحسن الكلام! لماذا الزواج وحده الذي يحلل العلاقة الجسدية بين المرأة والرجل؟ الشيخ قال : "درءاً لاختلاط الأنساب"، الداعية قال : " حكمة الله لا تفسر، تقبل كماهي :" -" ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها...."‏

صدق الله العظيم‏

زوجتي التي أسكن إليها هي هذه الزنزانة !‏

أعرف أن العذاب في هذه الدنيا كلما اشتد تضاعفت السعادة في الآخرة. حكمت -شاه-يار، كان عالماً كبيراً عندما يتحدث عن الآخرة. كان كمن يتحدث عن أرض ولد فيها ونشأ. أحياناً يبكي وهو يتحدث عن هول عذاب أهل النار، في كل كلمة من كلماته ترى بعينيك أمامك غرفة من غرف الجحيم، أو قطعة ملتهبة من نار، وقودها الشيوعي والكافر والزنديق والمنافق والمسلم المذبذب الذي يتردد في مساندة الثورة الإسلامية...‏

كان عندما يتحدث عن الآخرة يجعلك ترى بكل جوارحك السعادة والنعيم الذي يتنعم فيه مجاهدو أفغانستان وإيران والسودان، وشبان يتأهبون في معسكرت للجهاد في كل مكان! كل من استمع إليه من شباب العرب والإسلام أدرك حقائق الآخرة وغفلة أهل الدنيا وسباتهم. قال عنه بعض الاخوان ممن اكتشفوا أسراره أنه يحيا معنا ومع الشيعة الأولين الذين قتلوا مع الحسين! في روضة تسمى روضة أئمة الرحمان الخالدين ‍!‏

لست أدري أن كان ذلك صحيحاً، حاولت أن أركز تفكيري وأتصور ذلك لكن لم أفلح، يبدو أنني مازلت في المرحلة الأولى من التدريب الروحي، آه، لو أنني اجتزت هذه المرحلة لحولّت الآن هذه الزنزانة إلى روضة من رياض الجنة، بحورها وفواكهها وخمرها ولذاتها! أنسى نفسي، أنسى كوخ القصدير والأمير...‏

قال الأمير : " عندما تطلق النار على الطاغوت والجبروت كبر! لا تفكر في الشخص، فكر في الله، إنك مجاهد، الذين تقتلهم ليسوا أشخاصاً، هم طاغوت! لا تلن، لا تضعف، لا تحّن.أطلق النار ولا تسمع للتوسل ولا للصراخ، الله أكبر من كل صراخ الطاغوت! إنك كلما قتلت شخصاً أزلت شوكة في طريق الاسلام، لا تفكر فيمن قتلت، فكر في الباقين، في الطاغوت الباقين..".‏

قلت له مرة : " وإذا لم يكن كل الآخرين طاغوتاً ؟"، قال: " اسأل نفسك، هل أنت مجاهد أم طاغوت؟ قلت: "مجاهد" قال " إذن هم طاغوت.ثم قال : " لا تدع هذه الأسئلة تقترب من رأسك،كلما أحسست بمثلها، أقرأ " سورة الناس" تذهب عنك وساوس الشيطان.."‏

عذّبني اللئيم، الطاغوت، الغبي، ظن أن التعذيب ينال مني وأخبره بأعضاء المجموعة التي أنشط داخلها .الغبي!‏

قال الأمير :" إذا ألقي القبض على أحدكم لا تصرحوا بأيّ معلومّة تلحق الضرر ببناة الدولة الإسلامية، إذا عذبتم واضطررتم إلى التصريح، اذكروا أسماء بعض رجال الشرطة، والجيش على أنهم يتعاملون معكم سراً، كل مخبر يعطي لمجموعته قائمة بأسماء بعض أعوان الشرطة والجيش.‏

الأسماء الصغيرة فقط، لبث البلبلة والشكوك في صفوفهم، إن ذلك من الأسلحة الهامة في الحروب النفسية. برروا تعامل أعوان الشرطة، معكم بدفع مبالغ مالية هامة لهم. إن الطاغوت يصدقون ذلك، لأن مسائل الرشوة يعرفونها جيداً، لا تصرحوا بهذه الأسماء الكاذبة منذ الوهلة الأولى..إنما بعد أن يستنفد الطاغوت معكم كل أنواع الاستنطاق، وينتقلون إلى التعذيب، وهنا أيضاً لا تعطوا قائمة كاملة، وإنما اسماً بعد اسم. افتعلوا الكتمان والحرص على أقوالكم. إن الطاغوت يعذبونكم إذا قبضوا عليكم. إن معهم خبراء صهاينة، لا تصدقوا أنّهم ضد إسرائيل، كلهم طاغوت، تذكروا دائماً أن المبرر الوحيد لوجود لإنسان في هذه الأرض هو العبادة، والجهاد عبادة. ولا عبادة بدون إسلام، ولا إسلام بدون دولة إسلامية"..‏

كم هو فصيح أميرنا! إن الكلمات تخرج من فمه كعسل الجنة! الحقيقة، أنني كلما أسمعه أشعر كأن همومي والحيرة التي تنتابني أحياناً تأخذ في التبخر، ويصير ضميري صافياً كالمرآة..‏

مصدر حيرتي كان عندما أطلق النار على ملحد من الخلف... في بعض الأحيان أقول : " لعله ليس الملحد أو الشيوعي الذي أمرت بقتله!...".‏

الأمير قال ذات مرة وهو يراني كئيباً، وقد نفذّت عملية مع مجموعة ضد الدرك، لكن رد فعل هؤلاء كان عنيفاً، مما جعلنا نكثف إطلاق النار، فأصابت رصاصة طفلاً في شرفة مقابلة... رأيته يسقط على الأرض، قال الأمير :" أأنت مجاهد أم لا..؟"، قلت :" مجاهد"، قال :" المجاهد لا يفكر، ينفذ أوامر الله!"..‏

كان دائماً يرأف بنا، ويخشى أن يتسرب إلينا الضعف أثناء العمليات، فيقول :" أطلقوا النار على أعدائكم من الخلف، لكي لاتروا وجوههم فتضعفوا !"‏

كان ذا تجربة طويلة وبراعة في تثبيت نفوس المثقفين منا، يقول : " ينبغي أن تعلموا أنكم مجاهدون، جنود الله، ليست لكم ضمائر فردية، ضميركم هو الإسلام، هو الله، هو قائدكم. لو فكر الصحابة، رضوان الله عليهم وهم في جهادهم وفتوحاتهم الكبرى، فيمن كانوا يواجهون ويقتلون لما انتشر الإسلام في أنحاء الأرض، بل لربما كانت قضت عليه الأعراب، بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم مباشرة. كان ضمير كل صحابي مجاهد، يغمره نور الإسلام. لم يكن بحاجة إلى التفكير والتساؤل، الجهاد نور، لا يحتاج إلى إضاءة أخرى..".‏

وجهها كان يشع نوراً، أحببتها أكثر من الجهاد، أكثر من النور! كل شيء فيها يشعّ: بشرّتها، نظراتها، بسماتها، جمعتنا الثانوية، وفرقنا زواجها، أبوه لم يكن غنياً، لكن لا يسكن في حيّ قصديري. محافظ الحزب أخذها منه أخذاً! زوّجها لنفسه بنفسه، كانت تتأهب للجامعة، فوجدت نفسها تتأهب للزواج! قالت: " جاء ذات مساء في سيارة سوداء، بيجو 504، برفقة ابن عمي إلى أبي، وتحدث المحافظ..‏

من أين لأبي أن يرفض. الشقة التي نسكنها هو الذي توسط لنا في الحصول عليها، حاولت أن أرفض، قال أبي: " يابنيتي، من أين لنا أن نستطيع الرفض؟ إنه محافظ في الحزب!" .‏

هي أوصلتها الثانوية إلى الزواج، وأنا ... إلى .... أفغانستان، ثم ... ثم... وهاأنذا بين أربعة جدران.لن ينالوا شيئاً مني ولو أبقوني هنا ألف سنة!‏

لو كان لي حق التصرف لقتلت زوجها قبل أن أصل إلى هنا، لكن الأمير قال : "لا، هؤلاء لايهمنا قتلهم، هم يخدموننا بتصرفاتهم: "لم أرها منذ ذلك الحين، زوجها منع عنها الخروج، كان ينادي بتحرير النساء الأخريات، لا نساءه هو! لا ألومه على منعها من الخروج، لاحق للمرأة في التبرج، مهمتها في المنزل وليست في الشارع، أتذكر كيف كان زوجها يحمس الطالبات للتطوع في الثورة الزراعية!‏

الأمير قال : " لتطهير مدننا من الفساد، والانحلال ينبغي أن نسيل في شوارعنا أنهاراً من دماء الزنادقة والطاغوت!"‏

لكن، لماذا أنا أتحدث؟ لمن ؟‏

قال لي اللعين : " أخبرنا عن أصحابك، ونخفف عنك الحكم، بدل الاعدام المؤبّد!..‏

اللعين! لا حكم ألا حكم الله، أفضل الإعدام، أفضل الجنة، جاهدت من أجل الجنة وانتقاماً لشبابي، لاحكم إلا حكم الله!..‏

محمود، أتح أتعيسى، الصادق، وأنا، أربعة مجاهدين أنجبهم حينا القصديري. لم تكونهم المدرسة وحدها، كونّهم الجامع أيضاً، جامع حيّنا، المدرسة علمتنا أشياء الحياة المادية..‏

في البداية كنا نبقى بعد صلاة العصر في الجامع حتى صلاة المغرب، مرتين في الأسبوع، الاثنين والخميس، لم تكن لنا دروس بعد الظهر ،كسائر التلاميذ، بعد صلاة العصر، كان يأتي إلى الجامع شخص لا نعرفه، ليس من حيّنا ولا يصلي في جامعنا، معه أشرطة كاسيت ومسجلة، نستمع معاً إلى تجويد مقرئ، صوته جميل ورهيب، تخال نفسك وأنت تسمعه أنك مقبل على أهوال جهنم! كثيراً ما اقشعررت وأنا أسمع ذلك المقرئ. اللحن الذي يجوّد به القرآن ليس من ألحان البلاد العربية، لحن أسيوي، يعطي للآيات القرآنية أبعاداً ملكوتية، تمتد في فضاءات غيب بعيد!‏

بعد القرآن، يسمعنا عظة تتحدث عن مسؤولية المسلم وما آل إليه الاسلام..‏

قضينا شهوراً ونحن على هذا المنوال، شيخ الجامع كان يشجعنا ويحثنا على ذلك، وكنا سعداء من حيّ كامل وقع الاختيار علينا!‏

بعد ذلك كلّفنا الشخص الغريب ببيع كاسيتات التجويد والعظات. لم يكن في ذلك مايمس بشرفنا ولا بدراستنا، بل كنا نتقاضى مبالغ مالية تقدر بحوالي 5% مما نبيعه، رفضنا، لكنه ألحّ إلى درجة أن غضب علينا. في الواقع كنا في حاجة إلى تلك المبالغ، لكن أخلاقنا كانت تفرض علينا أن لانتقاضى أجراً على عمل عملناه في سبيل الله، حتى أقنعنا ذات يوم بحديث نبوي:‏

" أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله" حينئذ أذعنّا..‏

سنة أو أكثر على ما أظن، كلّفنا بجمع التبرعات لنباء مسجد في جهات أخرى، ثم توثقت الصلة بيننا وبين الشخص وشيخ الجامع، فسئلنا ذات يوم إذا كنا نرغب في زيارة بعض البلاد الإسلامية للتعرف على أحوال المسلمين فيها...‏

***‏

كانت نهاية التجول فترة من التدريب بطلب منا في معسكر ببشوار، ثم تطوعنا إلى الجهاد في أفغانستان، الله أكبر! بعد المسالك الضيقة والتيه في منعرجاتها بلغنا طريق النور!‏

قال مفتش الشرطة لعنه الله : " إنكم تنتحرون ولا تدرون، غرّروا بكم، استغلوا شبابكم وعواطفكم فألقوا بكم في نفق غير نافذ!"..‏

اللعين! إذا كان الجهاد نفقاً غير نافذ فأيّ الأنفاق ينفذ؟ الرشوة؟ الالحاد، الطغيان؟ إنه نافذ، ياغبي! وسوف ترى ذلك عندما نطهر الأرض من الالحاد والرشوة والزنا والطغيان!‏

الأمير كان يدرك ذلك، يعرف دعاية الملاحدة ومصطلحاتهم، كان يقول :"إذا عارضوكم بالدنيا، عارضوهم بالآخرة، إذا حدثوكم بوهم يسمونه العلم تحدوهم بالقرآن، إذا قالوا لكم قال فلان، قولوا : قال الله...!‏

لكنهم جدران كهذه الجدران، إن الزنزانات التي يحيون فيها أبشع وأرهب من هذه الزنزانة، زنزاناتهم الدنيوية تمنعهم من الأبصار، أمّا هذه فلا تمنعني من الرؤية، بعد أن صافح النور السرمدي بصيرتي! لا، ولن أعترف، لن أخبرهم بشيء لن أندم، هم سوف يندمون، هم يتحدثون عن الوطن ونحن نتحدث عن الدين، لا مصالحة على ديننا، الأرض كلها لنا، والآخرة أيضاً، "دعهم في غيهم يعمهون" صدق الله العظيم.‏

قال الأمير : "لا تكثروا معهم الكلام، فإذا اضطررتم لأن تسمعوا إليهم فلا تعوا مايقولون، أنتم مجاهدون لا مجتهدون، القدر وضعكم حيث أنتم فكونوا أهلاً لرسالة القدر!.."‏

الله أكبر!، أنا مجاهد لا مجتهد! أنا أدّمر لا أحاور! لا أقاسمهم ديني بديناهم، وبدنياهم. سآخذها منهم، إن سجنوا جسدي فلن يسجنوا روحي، أنا أملك الأزل والبندقية..!