تبشر بعض الأبحاث التي جرت قبل فترة بأن «الزنك» من الممكن أن يكون له دور فعّال ومؤثر في مقاومة نزلات البرد. إن الزنك، ذلك المركب الطبيعي، لا يعالج نزلات البرد الشائعة، بمعنى أنه ليس دواءً يشفي المريض المصاب بها. ولكن عند استخراج بعض المركبات الطبيعية الموجودة في الزنك، وتناولها بشكل محدد- فبالإمكان التقليل من ظهور الأعراض المصاحبة لنزلات البرد الشائعة، كما يساهم في تقليص الفترة التي يحتاج إليها المريض حتى يتخلص من نزلة البرد. مقاومة الفيروسات من المعروف أن هناك الآلاف من الفيروسات المختلفة التي يمكن أن تكون سبباً في الإصابة بنزلات البرد، إلا أن معظم نزلات البرد تحدث عندما تهاجم تلك الفيروسات أجزاء الجهاز التنفسي العلوي، الأنف والفم والحلق، وتناول الزنك بالشكل السليم، قد يساهم في مقاومة الفيروسات والحد من نشاطها. فهو يعمل على منع الفيروسات من إعادة التكاثر ومن ثم يقلل من تزايدها وانتشارها فتقل فترة إصابة المريض بنزلة البرد، كما أن هناك اعتقاداً سائداً بأن الزنك يساعد على منع الفيروسات من مهاجمة أغشية الجهاز التنفسي العلوي والالتصاق بها، مما يحد من نشاطها ويجعلها خامدة لا تأثير لها، وهذا بالطبع يؤدي إلى تقليل ظهور الأعراض المصاحبة لنزلات البرد مثل الرشح والكحة والتهاب الحلق. *********** ومن فوائد الزنك أيضاً أنه يساعد على إنتاج الإنترفيرون (Interferon) وهو من الأجسام الطبيعية المضادة التي يفرزها الجسم من أجل مقاومة المرض. ورغم تفاوت درجة فعالية الزنك في مقاومة نزلات البرد الشائعة من شخص لآخر، إلا أن عدداً من الباحثين خلصوا إلى أن الزنك يمكن أن يقلل من حدة ظهور أعراض الإصابة بنزلات البرد الشائعة، وكذلك من طول الفترة التي يحتاج إليها المريض حتى يتعافى بنسبة النصف تقريباً، ولا سيّما إذا تناول المريض الزنك بعد إصابته بنزلة البرد مباشرة. كما أن إحدى الدراسات الطبية كشفت أيضاً أن تناول الزنك على شكل أقراص دوائية ممتصة يمكن أن ينقص من فترة الإصابة بنزلات البرد من (7.6) يوم إلى (4.4) يوم في المتوسط. ويعتقد الباحثون أن مدى فعالية الزنك في المساعدة على مقاومة المرض يعتمد في الأساس على كيفية إعداده وطريقة تناوله. فيما أن الفيروسات المسببة لنزلات البرد الشائعة تركز عملها ونشاطها على مهاجمة أغشية الجهاز التنفسي العلوي، فإنه يفضل تناوله بطريقة تتيح تحوله مباشرة إلى موقع الإصابة بالمرض حتى يتفاعل مع الفيروسات، غير أن ابتلاع الزنك على شكل حبوب أو أقراص مضغوطة لن يكون فعّالاً في مقاومة نزلات البرد الشائعة، لذلك يجب أن يتم تناوله على هيئة أقراص (ممتصة) لتتفكك وتصل مركباته الطبيعية الفعالة إلى أغشية الجهاز التنفسي العلوي. رب صدفة وقد ظهر هذا الاكتشاف، في بداية الأمر عن طريق الصدفة، عندما كانت طفلة صغيرة تعالج كيماوياً لإصابتها باللوكيميا. وكان والدها يعطيها جرعة محددة من الفيتامينات لمساعدتها على مقاومة نزلات البرد (التي تُعد أحد الأعراض الجانبية للعلاج الكيماوي)، وذات يوم أُصيبت تلك الطفلة بنزلة برد شديدة، وفي فأعطاها والدها في المساء واحدة من حبوب الزنك التي تؤخذ عن طريق البلع، إلا أن النوم غلبها وحبة الزنك كانت لا تزال في فمها، لم تبتلعها. وهكذا، ذابت في فمها خلال نومها، لتستيقظ صباحاً، وقد ظهر تماماً مفعول الزنك على شكل انخفاض كبير في آثار نزلة البرد الذي كانت تعاني منه الفتاة سلفاً، ومن هنا لاحظ الأب أن ابتلاع حبوب الزنك لم يكن له نفس تأثير تناوله عن طريق الامتصاص بالفم. وعلى الرغم من أن الأطباء المعالجين تأكدوا من صحة هذه الملاحظة إلا أنهم لم يتوصلوا حتى الآن لمعرفة أي من المركبات الموجودة داخل الزنك هو الذي يقاوم نزلات البرد، إلا أنهم اكتشفوا أن إضافة أي من مكسبات الطعم لأقراص الزنك تقلل من تأثيرها لأنها تتفاعل مع الزنك وتوقف تأثيره. ويُنصح بتجنب تناوله مع أي نوع من أنواع العصائر. غير أنه في الوقت الذي يقل فيه تأثير الزنك عند خلطه مع مكسبات طعم أخرى، فإن فعاليته لا تتأثر إذا خُلط مع بعض الإضافات الأخرى مثل سكر الفاكهة (الفركتوز)، والسكريد (مركب سكري)، وسكر العنب (الدكتروز). فهذه الأنواع تعطي مذاقاً أفضل للزنك دون أن تقلل من تأثيره ومفعوله في مقاومة نزلات البرد الشائعة.