استقبال

الناقل : mahmoud | الكاتب الأصلى : ابراهيم خريط | المصدر : www.awu-dam.org

 

ما إن وَطِئَتْ قدماه أرض البيت حتى فاجأه رنين الهاتف... أجاب بكلمات مقتضبة، وتأفف بصوت غير مسموع، ثم وضع السماعة بنزق، وعاد من حيث أتى.‏

تساءل وهو يقطع الطريق بسيارته الحكومية:‏

- ما الأمر الهام الذي لا يحتمل التأخير؟!.. منذ الصباح كنت معهم... في الساعة العاشرة انطلقنا بسياراتنا نحو مدخل المدينة واستقبلنا وفداً رسمياً قادماً من العاصمة.. وقفنا تحت الشمس المحرقة ساعة أو أكثر.. وفي الثانية عشرة وصل أعضاء الوفد.. استقبلناهم بالمصافحة والعناق والقبل، وكأننا نعرفهم منذ سنين.. وفي الثانية ظهراً تناولنا الغداء بصحبتهم، ثم تركناهم يستريحون في فندق ذي خمس نجوم. والاجتماع الرسمي لمناقشة ماجاؤوا من أجله في الثامنة مساء... فما الجديد في الأمر؟!‏

فكر بكل الاحتمالات ولم يجد جواباً لتساؤلاته: وعندما وصل إلى الفندق، كانت سياراتهم تستعد للانطلاق فأشاروا إليه أن يتبعهم دون أن يدري إلى أين.‏

اتجهوا نحو مدخل المدينة.. إلى ذلك الطريق الذي سلكوه قبل ساعات. ثم توقفت سياراتهم، ،أما سيارات الوفد الضيف فقد تابعت المسير وإن لم تبتعد كثيراً.‏

ترجّلوا من سياراتهم ووقفوا بانتظام على جانب الطريق...‏

توقفت حركة السير، فقد حجزت دراجات نارية كل السيارات القادمة والمغادرة.‏

استدارت سيارات الوفد التي لم تبتعد كثيراً، وعادت مرّة أخرى. وعندما وصلت إليهم توقفت وترجّل الأعضاء.‏

استقبلوهم بالمصافحة والعناق والقبل... احتضنوهم كأنهم يلتقون بهم أول مرّة، أو كأنهم لم يكونوا بصحبتهم ويتناولوا الغداء معهم منذ ساعة واحدة فقط.‏

أفقدته الدهشة صوابه، فبدا شارد الذهن ذاهلاً، لا يفقه شيئاً مما يدور حوله.‏

وعندما انتهت مراسم الاستقبال، وقبل أن ينطلقوا بسياراتهم عائدين إلى المدينة، التفت إلى أحد أصدقائه، وقال هامساً:‏

- أنا لا أفهم مايجري.. هل أنا أحلم؟!‏

- قال الصديق: لا.. أنت لا تحلم.. إنها الحقيقة.‏

- أية حقيقة.؟! وكيف؟! ولماذا؟!!‏

أجاب: المسألة بسيطة. كل مافي الأمر أن البعثة التلفزيونية قد تأخرت في الوصول، وتمّت مراسم الاستقبال الأولى دون تصوير وفيديو وتلفزيون.. وهذا لا يليق. هل فهمت ياعزيزي؟!‏

هز رأسه وقلب شفتيه ولم ينطق بكلمة