حكم المجاهرة بالمعاصي
الناقل :
heba
| الكاتب الأصلى :
ابن باز
| المصدر :
www.binbaz.org.sa
أخونا يشكو من أخٍ له ويقول: إنه يقترف بعض المعاصي، وقد نصحه كثيراً إلا أن الأمر آل به إلى المجاهرة، ويرجو من سماحة الشيخ التوجيه في هذا الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد. فإن الواجب على المسلمين فيما بينهم هو التناصح، والتعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق كما قال الله عز وجل في كتابه المبين: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)، وقال سبحانه: (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)، وقال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: (الدين النصيحة ، قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه ورسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم) خرجه الإمام مسلم في صحيحه، هاتان الآيتان مع الحديث الشريف كلها تدل على وجوب التناصح والتعاون على الخير والتواصي بالحق، فإذا رأى المسلم من أخيه تكاسلاً عما أوجب الله، أو ارتكاباً لما حرم الله وجب نصحه، وجب أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر حتى يصلح المجتمع، وحتى يظهر الخير وحتى يختفي الشر، كما قال سبحانه: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ)، وقال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) خرجه الإمام مسلم في صحيحه. فأنت أيها السائل مادمت نصحته ووجهته إلى الخير ولكنه ما زاده ذلك إلا إظهاراً للمعصية؛ فينبغي لك هجره وعدم اتخاذه صاحباً ولا صديقاً، وينبغي لك أن تشجع غيرك من الذين قد يؤثرون عليه وقد يحترمهم أكثر على نصيحته ودعوته إلى الله لعل الله ينفع بذلك، وإن رأيت أن الهجر يزيده شراً وأن اتصالك به أنفع له في دينه وأقل في شره فلا تهجره؛ لأن الهجر يقصد منه العلاج فهو دواء فإذا كان لا ينفع بل يزيد الداء داءً فأنت تعمل معه الأصلح من الاتصال به، وتكرار النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من غير اتخاذه صاحباً ولا صديقاً لعل الله ينفع بذلك، وهذا هو أحسن ما قيل في هذا من كلام أهل العلم رحمهم الله.