أمهات يبعن أطفالهن.. ورجل يؤجر بناته ليحملن ثم يبيع الإنتاج!! طفل أو أكثر يتم بيعهم سنويا مقابل 10 مليارات دولار في شتي انحاء العالم!... ووفقا لتقارير الأمم المتحدة أصبحت تجارة الأطفال ثالث أكبر مصدر للربح السريع بعد تجارة السلاح والمخدرات وقد حذرت منظمة الطفولة والأمومة اليونيسيف من ظاهرة بدأت تجتاح العالم في الآونة الأخيرة يطلق عليها التبني الكاذب.. لحظة من فضلك: فما قرأته في السطور السابقة ليس تقريرا خارجيا وإنما في مصر أيضا هناك أطفال للبيع, وأمهات يعرضن فلذات أكبادهن في سوق العرض والطلب.. تخيلوا! فإن لم تتخيلوا فلكم العذر, ولكن للأسف سنضطر لأن نصدمكم بهذا التحقيق!!. رضا عواد عبدالمنعم خميس البالغة من العمر 22 عاما تحكي قصتها قائلة: تزوجت بجابر سعد عبدالقادر وهو في نفس عمري تقريبا وكان يسكن معنا في نفس المنزل وبعد زواجنا بشهر واحد علم أنني حامل فتركني وبعد أن انجبت توءما عمرو ومحمود لم أستطع استخراج شهادتي ميلاديهما لعدم وجود الأب, فاقترح علي زوج أمي بيع أحد الطفلين ووعدني أن من يشتريه سيستخرج له شهادة ميلاد. ويقوم بتطعيمه.. ويوفر له حياة كريمة وأمام إلحاحه المستمر.. وسوء أحوالي المادية بعت محمود بعشرة آلاف جنيه بعد أن وعدني السمسار الذي اشتراه بأنني سأراه في الوقت الذي أريده, فلما لم يف بوعده حررت محضرا في قسم الشرطة وفضحت القصة حتي استعدت ابني. أما الحالة الأخري فهي لم تبع ابنتها.. ولكن جارتها تطوعت وباعت إحدي بناتها دون علمها!! تقول رشدية الشيمي حسيب 36 سنة.. المتزوجة بمحمد المهدي بهلول البالغ 48 سنة: إن ما حدث لم يخطر ببالها يوما.. فقد كانت تعطي الأمان لجارتها.. وتترك أولادها يذهبون اليها مطمئنة بينما هي تعمل طوال اليوم من السابعة صباحا حتي السابعة مساء عاملة نظافة بمستشفي اليوم الواحد بالمعادي الجديدة.. وتركت بناتها الأربع صباحا ذاهبة الي العمل مثل كل يوم.. إلي أن عادت فلم تجد ابنتها زينب (4 سنوات) وسألت الجيران والمارة عنها لكن أحدا لم يعرف شيئا.. فأبلغت الشرطة.. وفي صباح اليوم التالي عثروا عليها بعد أن دلتهم التحريات علي أن ابن عم زوجها قام بالاشتراك مع جارتها ببيعها دون علمها بعشرة آلاف جنيه. د. الهامي عبدالعزيز أستاذ الأطفال بمعهد الطفولة بجامعة عين شمس ورئيس قسم علم النفس يقول: انتشار ظاهرة بيع الأطفال والعدوان والعنف الموجه لهم في الآونة الأخيرة دفع كل دول العالم إلي توقيع اتفاقية حقوق الطفل.. بالإضافة إلي عقد حماية الطفل المصري الأول والثاني فضلا عن صدور قوانين خاصة بحماية الأطفال من كل أشكال الإساءة لهم سواء الجسمانية أو النفسية.. ومن بين تلك الظواهر كانت بيع الأطفال بعد أن انتشرت قبلها ظاهرة ترك الامهات لأطفالهن بجوار المساجد وبالطرقات لخوفهن من عار السفاح.. ولكن مازالت حالات البيع هي حالات فردية تعبر عن أمهات لا يتسمن بأدني درجات الإنسانية ولا يمكننا أن نطلق عليهن لقب أمهات أو آباء... ولكن يمكن القول بأننا أمام ظاهرة بدأت تطل برأسها نتيجة حالة الفقر والزيادة السكانية الهائلة والبطالة.. فضلا عن تفكك القيم الاجتماعية والروابط الأسرية. وقد بدأت هذه الظاهرة بتأجير الأطفال ومادام هناك تأجير فكان من الطبيعي أن نتوقع وجود أطفال تمليك أيضا!! ويضيف د. علي ليلة أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة عين شمس أن هذه الظاهرة نتيجة لأمرين.. أولهما يرجع للمناخ الاقتصادي بشكل عام ووجود أكثر من 50% من السكان تحت خط الفقر وأن 25% من هؤلاء السكان.. يعتبرون تحت خط الفقر المدقع.. وهي دراسة للدكتور إبراهيم العيسوي.. وهنا طبعا يمكن تفسير أن الجوع القاتل والظروف الحياتية القاهرة للأسر قد يدفعها للتخلي عن أي شيء.. وتقوم حتي ببيع أبنائها.. وقد تنظر الأم الي راحة ابنها.. وأنه سيتم تربيته بشكل أفضل وفي جو آمن بعيدا عن شبح الفقر.. وفي واقعة ترددت إلي أذني أنه يوجد رجل بمنطقة دار السلام يقف علي كشك للسجائر لديه ابنتان جاهزتان للحمل سواء بطريقة شرعية أو غير شرعية ويقوم ببيع أولادهما! فنحن أمام انهيار في المجتمع.. أما السبب الثاني فجاء نتيجة تفكك الروابط الأسرية وانتزاع عواطف الأمومة لدي البعض نتيجة سوء الحالة الاقتصادية وإذا ما سكتنا وتغافلنا عما يحدث من بيع الأطفال وإهمالهم سنجد تداعيات وتطورات سلبية وبشعة يشهدها المجتمع وسيظهر لنا آلاف من التوربيني وانتشار الجريمة في الفترة الأخيرة يعتبر مؤشرا لهذا الإهمال. ولأنه لا يوجد قانون يحمي الطفل ويجرم بيعه.. فنسأل د. نبيل مدحت سالم أستاذ ورئيس قسم القانون الجنائي بجامعة عين شمس عن أسباب عدم وجوده فيقول: في الحقيقة لا يوجد قانون بشأن بيع الأطفال ليعاقب الأم أو الأب اللذين يقومان ببيعه لأن القانون لم يكن يتخيل في يوم ما أن الأم ستقوم ببيع ابنها وأقصي شيء أن تهمل رعايته أو قد يحدث له مكروه.. فبصفة عامة فإن الإنسان لا يمكن أن يعتبر محلا للتعامل بيعا أو شراء لأن البيع أو الشراء لا يجوز الا بالنسبة للأموال وبالتالي فالإنسان سواء طفلا أم رجلا يعتبر خارج دائرة التعامل. وبالرغم من وجود قانون للطفل الذي يعتبر من أفضل المدونات التشريعية التي عرفتها مصر في الآونة الأخيرة.. ولكن مازال الأطفال بحاجة الي سن تشريع يجرم بيعهم.. مهما كان العامل الاقتصادي الضاغط علي الأسر المصرية والذي يدفعها أحيانا للاستهانة بالقيمة الغالية للطفل والتخلص منه رغبة في تحسين أوضاعها.. وأعتقد أنه بوجود هذا القانون سيحول دون انتشار هذه الظاهرة والحد منها.. ولا شك أن تكرار حدوث عمليات البيع والشراء ستجبر المشرع علي صياغة نص لتحريم وتجريم مثل هذه الممارسات بطبيعة الحال.. أما عن عقوبة التبني.. فمن المعروف ان التبني حرام شرعا ويعتبر من قبيل التزوير ويعاقب عليها بأشد العقوبات إما بالسجن المؤبد أو بالسجن المشدد الذي يصل إلي 15 سنة. ويؤكد فضيلة الشيخ عبدالحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوي بالأزهر الشريف أن الإسلام حرم الرق كما حرم التبني.. ولقد فرض علي من يقتل مؤمنا أن يعتق رقبة.. وقد جعل الكفارات بعتق رقبة.. فكيف يجوز للإنسان أن يبيع ولده.. والنبي صلي الله عليه وسلم أمرنا بتربية أبنائنا تربية حسنة ودينية أما من يقصر في تربية أبنائه فيعتبر عاقا لهم.. والله عز وجل سيحاسبه علي هذا العقوق... والمرأة التي تبيع طفلها فهي عديمة الإحساس والأمومة.. لأن الأمومة عطاء.. فالذي يبيع ولده.. فقد ضيع الأمانة التي استأمنه الله عليها. ومهما وقع الإنسان في ضائقة مالية فلا يحق له أن يرتكب هذه الجريمة النكراء.. فالإسلام حرم علي المسلم أن يبيع عضوا من أعضائه.. فكيف يكون من يبيع فلذة كبده! أما دور المجلس القومي فقد عبرت عنه الدكتورة منال شاهين قائلة: المجلس لم يقم بأي ندوات ولم يتوصل إلي أي معلومات أو بيانات واضحة عن مدي وجود هذه الظاهرة وانتشارها داخل مجتمعنا المصري!! نقلا عن مجلة الشباب العدد358للعام 2007م فيا هل ترى كم بالدول العربية يصير مثل هذا الجرم لاحول ولا قوة الا بالله