لا أعرف لماذا "نقز" قلبي من حكاية "الرقم الوطني" الذي ستعمل به دائرة الجوازات العامة والأحوال المدنية، ولا أعرف لماذا ألهبت الفكرة خيالي، وجعلتني "أهلوس" بالرقم المتوقع لشخصي، الذي سيعطي الجهات المعنية بداية الخيط لكل تفاصيل حياتي، ولا أعرف لماذا نمت قرير العين، بعد أرق طويل، ولماذا رأيت أحلاماً زاهية، بعد ليلة مضنية من القيام والقعود والذهاب والإياب إلى الثلاجة في ساعات ليست مخصصة للمشي أو الأكل أو الصحو. وكان أول ما خطر ببالي، أن منافسة شديدة ستنشأ بين المواطنين للحصول على "أرقام صغيرة"، وهذه المنافسة ستؤدي إلى ازدحام ملحوظ هذا الصيف على أبواب الجوازات والأحوال المدنية، وستكون النتيجة أن أصحاب الأرقام الوطنية الصغيرة هم أنفسهم أصحاب الأرقام الصغيرة المدونة على لوحات سياراتهم، ولذلك، فان رقمي سيكون بالثلاثمائة ألف وطالع! ولذلك أيضاً فإنني لا أعتزم التدافع مع المتدافعين، وسأنتظر حظي العاثر كي يأتي إلي، حتى لو كان حاملاً رقماً وطنياً لا يقبل القسمة على غير نفسه! ومن الطبيعي، وهذا ما خطر ببالي ثانياً، أن تقوم الجهة المختصة بتطوير مشروع "الرقم الوطني" الريادي في المنطقة، بحيث يؤدي خدمات جلى للموظفين العموميين، بمجرد ضغطة زر، أو ضغطة صغيرة على عدد من الكبسات التي ينبثق عنها الرقم الوطني للمواطن، فالموظف العمومي يحتاج بالتأكيد لمعرفة عمر المراجع ومكان ميلاده واسم السيدة والدته وأسماء السادة أفراد أسرته، ونوع وثيقة إثبات الشخصية التي في حوزته، ونوع وثيقة إثبات الشخصية التي ليست في حوزته، وينبغي الحصول عليها، إلى غير ذلك من المعلومات المفيدة والمريحة للمواطن والموظف سواء بسواء.. ولعل هذا الذي خطر ببالي، لا يزيد عما هو مطلوب من مشروع الرقم الوطني، وربما كان أقل من الحقيقة. ومن هنا جاءت الإضافات المنوعة، وتواردت الاقتراحات الكثيرة، التي تحمست لها، وتمنيت لو ألتقي بالرجل الذي سيكون شغله الشاغل ضغط الأزرار واستخراج أرقام عباد الله الوطنية، كي أبثه إضافاتي واقتراحاتي ليقوم بدوره بإلقامها للكمبيوتر، وإن كنت أعتقد أنه سيقول لي، بعد الشرح المستفيض: وما الجديد في هذا؟ كنت أحب أن أقول للرجل المسؤول عن الضغط على أزرار الأرقام الوطنية، إنه من المناسب أن تسجلوا عندكم على "الدسك" تاريخ ميلادي بالدقيقة والساعة واليوم والشهر والسنة، وأن تقيسوا طول قامتي بواسطة متر محطوط دائماً حول رقبة أحد المساعدين، كي تدونوا كل ميليمتر وكل سنتيمتر يتألف منه طولي، ولابأس من تسجيل بعض الملاحظات، في الخانة المخصصة لهذا الغرض، فقد أكون غزير الشعر وقد أكون نزير الشعر، وقد أكون ذا رأس أصلع، وقد أكون ذا رأس مكسو بالشعر، وقد أكون عريضاً، وقد أكون دقيقاً، وقد أكون ذا عينين ذابلتين، وقد أكون ذا عينين مبحلقتين، وقد أكون من عشاق مايكل جاكسون، وقد أكون من عشاق فيصل حلمي، وقد أكون من أنصار المسلسل العربي، وقد أكون من أنصار القناة الثانية، وقد أكون محباً للقراءة ومتابعة الفكر الجاد، وقد أكون لاعب بلياردو لا يشق له غبار، وقد أكون ثرياً من أصحاب البيوت الوارفة، وقد أكون ممن يعملون كل أيام السنة، من أجل الحصول على بدل الإجازة السنوية كي أسد ثقباً فاغراً. لم لا نضع كل هذا الكم من المعلومات في جوف الحاسوب؟ ولم لا نذكر أيضاً كم سناً تساقط من فم المواطن، وكم سناً بقي منها، وإذا كانت الأسنان المتبقية غير كافية لمضغ الطعام وفصفصة البذور، فان من حق المواطن المكفول بموجب قانون الضمان الاجتماعي، أن يحصل بالمجان على طقم أسنان؟ فمن غير المناسب لهيبة مشروع الرقم الوطني أن يأخذ كل شيء يريده، ولا يعطي للمرقومين شيئاً مما يريدون! ولم لا نطور من عمل الحاسوب، بحيث يكون قادراً على تأدية مهمات الثواب والعقاب، ومهمات تعديل "المايل" في حياة أصحاب الأرقام الوطنية؟ لم لا نخترع وسيلة لضرب المواطن على أم رأسه بهراوة تخرج أوتوماتيكياً من الجهاز، إذا نهر ابنه أو حذر زوجته من مغبة نسيان صينية الكفتة في الفرن؟ ولم لا يقوم الجهاز بفض المشاجرات وتوزيع الوظائف وإنشاء المصانع واعالة الأسر المستورة ومنح الجوائز السنوية لكل مواطن (ذي رقم طبعاً) لا يدوس على نملة، ولا يقول أف لموظف عمومي، ولا يرفع عينه في عين مسؤول، ويقول في سره وعلنه، وفي فقره وغناه: الحمد لله؟ إن إمكانات تطوير مشروع الرقم الوطني متاحة، إذا عقدت الجهات المتخصصة العزم على توسيع قاعدة المعلومات، وأضافت إليها فصيلة الدم ولون البشرة والميول العاطفية والأغنية المفضلة، وعدد دقات القلب في الدقيقة الواحدة، وشيئاً عن ذلك الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس!
لا أعرف لماذا "نقز" قلبي من حكاية "الرقم الوطني" الذي ستعمل به دائرة الجوازات العامة والأحوال المدنية، ولا أعرف لماذا ألهبت الفكرة خيالي، وجعلتني "أهلوس" بالرقم المتوقع لشخصي، الذي سيعطي الجهات المعنية بداية الخيط لكل تفاصيل حياتي، ولا أعرف لماذا نمت قرير العين، بعد أرق طويل، ولماذا رأيت أحلاماً زاهية، بعد ليلة مضنية من القيام والقعود والذهاب والإياب إلى الثلاجة في ساعات ليست مخصصة للمشي أو الأكل أو الصحو.
وكان أول ما خطر ببالي، أن منافسة شديدة ستنشأ بين المواطنين للحصول على "أرقام صغيرة"، وهذه المنافسة ستؤدي إلى ازدحام ملحوظ هذا الصيف على أبواب الجوازات والأحوال المدنية، وستكون النتيجة أن أصحاب الأرقام الوطنية الصغيرة هم أنفسهم أصحاب الأرقام الصغيرة المدونة على لوحات سياراتهم، ولذلك، فان رقمي سيكون بالثلاثمائة ألف وطالع! ولذلك أيضاً فإنني لا أعتزم التدافع مع المتدافعين، وسأنتظر حظي العاثر كي يأتي إلي، حتى لو كان حاملاً رقماً وطنياً لا يقبل القسمة على غير نفسه!
ومن الطبيعي، وهذا ما خطر ببالي ثانياً، أن تقوم الجهة المختصة بتطوير مشروع "الرقم الوطني" الريادي في المنطقة، بحيث يؤدي خدمات جلى للموظفين العموميين، بمجرد ضغطة زر، أو ضغطة صغيرة على عدد من الكبسات التي ينبثق عنها الرقم الوطني للمواطن، فالموظف العمومي يحتاج بالتأكيد لمعرفة عمر المراجع ومكان ميلاده واسم السيدة والدته وأسماء السادة أفراد أسرته، ونوع وثيقة إثبات الشخصية التي في حوزته، ونوع وثيقة إثبات الشخصية التي ليست في حوزته، وينبغي الحصول عليها، إلى غير ذلك من المعلومات المفيدة والمريحة للمواطن والموظف سواء بسواء.. ولعل هذا الذي خطر ببالي، لا يزيد عما هو مطلوب من مشروع الرقم الوطني، وربما كان أقل من الحقيقة. ومن هنا جاءت الإضافات المنوعة، وتواردت الاقتراحات الكثيرة، التي تحمست لها، وتمنيت لو ألتقي بالرجل الذي سيكون شغله الشاغل ضغط الأزرار واستخراج أرقام عباد الله الوطنية، كي أبثه إضافاتي واقتراحاتي ليقوم بدوره بإلقامها للكمبيوتر، وإن كنت أعتقد أنه سيقول لي، بعد الشرح المستفيض: وما الجديد في هذا؟
كنت أحب أن أقول للرجل المسؤول عن الضغط على أزرار الأرقام الوطنية، إنه من المناسب أن تسجلوا عندكم على "الدسك" تاريخ ميلادي بالدقيقة والساعة واليوم والشهر والسنة، وأن تقيسوا طول قامتي بواسطة متر محطوط دائماً حول رقبة أحد المساعدين، كي تدونوا كل ميليمتر وكل سنتيمتر يتألف منه طولي، ولابأس من تسجيل بعض الملاحظات، في الخانة المخصصة لهذا الغرض، فقد أكون غزير الشعر وقد أكون نزير الشعر، وقد أكون ذا رأس أصلع، وقد أكون ذا رأس مكسو بالشعر، وقد أكون عريضاً، وقد أكون دقيقاً، وقد أكون ذا عينين ذابلتين، وقد أكون ذا عينين مبحلقتين، وقد أكون من عشاق مايكل جاكسون، وقد أكون من عشاق فيصل حلمي، وقد أكون من أنصار المسلسل العربي، وقد أكون من أنصار القناة الثانية، وقد أكون محباً للقراءة ومتابعة الفكر الجاد، وقد أكون لاعب بلياردو لا يشق له غبار، وقد أكون ثرياً من أصحاب البيوت الوارفة، وقد أكون ممن يعملون كل أيام السنة، من أجل الحصول على بدل الإجازة السنوية كي أسد ثقباً فاغراً.
لم لا نضع كل هذا الكم من المعلومات في جوف الحاسوب؟ ولم لا نذكر أيضاً كم سناً تساقط من فم المواطن، وكم سناً بقي منها، وإذا كانت الأسنان المتبقية غير كافية لمضغ الطعام وفصفصة البذور، فان من حق المواطن المكفول بموجب قانون الضمان الاجتماعي، أن يحصل بالمجان على طقم أسنان؟ فمن غير المناسب لهيبة مشروع الرقم الوطني أن يأخذ كل شيء يريده، ولا يعطي للمرقومين شيئاً مما يريدون! ولم لا نطور من عمل الحاسوب، بحيث يكون قادراً على تأدية مهمات الثواب والعقاب، ومهمات تعديل "المايل" في حياة أصحاب الأرقام الوطنية؟ لم لا نخترع وسيلة لضرب المواطن على أم رأسه بهراوة تخرج أوتوماتيكياً من الجهاز، إذا نهر ابنه أو حذر زوجته من مغبة نسيان صينية الكفتة في الفرن؟ ولم لا يقوم الجهاز بفض المشاجرات وتوزيع الوظائف وإنشاء المصانع واعالة الأسر المستورة ومنح الجوائز السنوية لكل مواطن (ذي رقم طبعاً) لا يدوس على نملة، ولا يقول أف لموظف عمومي، ولا يرفع عينه في عين مسؤول، ويقول في سره وعلنه، وفي فقره وغناه: الحمد لله؟
إن إمكانات تطوير مشروع الرقم الوطني متاحة، إذا عقدت الجهات المتخصصة العزم على توسيع قاعدة المعلومات، وأضافت إليها فصيلة الدم ولون البشرة والميول العاطفية والأغنية المفضلة، وعدد دقات القلب في الدقيقة الواحدة، وشيئاً عن ذلك الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس!