حييت- في سري طبعا- محمد عبد القدوس، عندما قرأت نبأ قيامه بتقديم مذكرة إلى النائب العام في القاهرة، طالباً التحقيق في سرقة قلم والده المرحوم أحسان عبد القدوس، وأشياء أخرى كانت موجودة في سيارته أثناء قيام مجهول بكسر زجاجها والسطو على محتوياتها! حييت الرجل، وحييت النائب العام أيضاً، لأنه أبدى حماسا، ووعد بالإشراف شخصياً على التحقيق، لأنه كان من أشد المعجبين بالكاتب الراحل! حييت محمد عبد القدوس ، وأنا أرى فيه أمنية، أرجو أن تتحقق في ابنائنا، الذين لا يعرفون على وجه الدقة ماذا نفعل ، ولا يعرفون حتى الآن على الأقل، قسوة كفاحنا وشراسة واقعنا ، وربما لا يعرفون ذلك في المستقبل ، لأنهم مهما تخيلوا أو راجعوا أوراقنا ومؤلفاتنا وكتاباتنا، فلن يعرفوا عنا الكثير مما نعرف عن عبد الله بن المقفع، وربما بديع الزمان الهمذاني ! وإذا ضاع منهم قلم أحدنا، فقد لا يعثرون على متسع من الوقت كي يقدموا مذكرة للنائب العام، بغية البحث عنه واستعادته! سيأتي يوم قريب أو بعيد ، لا يبقى منا فيه سوى بضعة براويز معلقة على الجدران، وذكريات مندثرة في غياهب الردى، وملفات تحوي أوراقاً ورسائل وقصاصات جرائد ومجلات، وبضعة كتب، ومكتبة طويلة عريضة، ومخطوطات لم يعرف بأمرها أحد، لأن موعدها مع الضياء لم يحن بعد! في هذا اليوم، سوف ينظر الورثة إلى هذ1الركام من الورق، وقد يبادرون إلى التبرع به إلى مكتبة عامة، لأن المنزل سيبدو أجمل إذا وضعت فيه نباتات زينة خضراء فارعة! وقد يتركون كل شيء على حاله، إلى أن يفرغ "السياح" من مشاهدة آثار المرحوم، ثم تبدأ إجراءات التنظيف! لكن ذلك لن يدوم طويلاً، فالملفات سوف ترفع على السدة، بذريعة أن الذي كان " يستعملها " قد رحل ، ولن يعود إلى استعمالها ثانية! وعندما يطول بها العهد فوق السدة، وفي أول جولة تنظيفات ، سوف تكتشف أرملة الفقيد، ان ثمة رائحة كريهة ينبغي التخلص منها.. وان هذه الرائحة تنبعث من ملفات المرحوم! هل سيعتني أبناؤنا بمخلفات آبائهم؟ أم أنهم سينظرون إليها كتركة مزعجة؟ وهل سيعتزون بأي أثر نتركه لهم، أم أنهم لن يجدوا فرقاً بين قلم الوالد وأي قلم من المكتبة؟
حييت- في سري طبعا- محمد عبد القدوس، عندما قرأت نبأ قيامه بتقديم مذكرة إلى النائب العام في القاهرة، طالباً التحقيق في سرقة قلم والده المرحوم أحسان عبد القدوس، وأشياء أخرى كانت موجودة في سيارته أثناء قيام مجهول بكسر زجاجها والسطو على محتوياتها!
حييت الرجل، وحييت النائب العام أيضاً، لأنه أبدى حماسا، ووعد بالإشراف شخصياً على التحقيق، لأنه كان من أشد المعجبين بالكاتب الراحل!
حييت محمد عبد القدوس ، وأنا أرى فيه أمنية، أرجو أن تتحقق في ابنائنا، الذين لا يعرفون على وجه الدقة ماذا نفعل ، ولا يعرفون حتى الآن على الأقل، قسوة كفاحنا وشراسة واقعنا ، وربما لا يعرفون ذلك في المستقبل ، لأنهم مهما تخيلوا أو راجعوا أوراقنا ومؤلفاتنا وكتاباتنا، فلن يعرفوا عنا الكثير مما نعرف عن عبد الله بن المقفع، وربما بديع الزمان الهمذاني ! وإذا ضاع منهم قلم أحدنا، فقد لا يعثرون على متسع من الوقت كي يقدموا مذكرة للنائب العام، بغية البحث عنه واستعادته!
سيأتي يوم قريب أو بعيد ، لا يبقى منا فيه سوى بضعة براويز معلقة على الجدران، وذكريات مندثرة في غياهب الردى، وملفات تحوي أوراقاً ورسائل وقصاصات جرائد ومجلات، وبضعة كتب، ومكتبة طويلة عريضة، ومخطوطات لم يعرف بأمرها أحد، لأن موعدها مع الضياء لم يحن بعد!
في هذا اليوم، سوف ينظر الورثة إلى هذ1الركام من الورق، وقد يبادرون إلى التبرع به إلى مكتبة عامة، لأن المنزل سيبدو أجمل إذا وضعت فيه نباتات زينة خضراء فارعة! وقد يتركون كل شيء على حاله، إلى أن يفرغ "السياح" من مشاهدة آثار المرحوم، ثم تبدأ إجراءات التنظيف! لكن ذلك لن يدوم طويلاً، فالملفات سوف ترفع على السدة، بذريعة أن الذي كان " يستعملها " قد رحل ، ولن يعود إلى استعمالها ثانية! وعندما يطول بها العهد فوق السدة، وفي أول جولة تنظيفات ، سوف تكتشف أرملة الفقيد، ان ثمة رائحة كريهة ينبغي التخلص منها.. وان هذه الرائحة تنبعث من ملفات المرحوم!
هل سيعتني أبناؤنا بمخلفات آبائهم؟ أم أنهم سينظرون إليها كتركة مزعجة؟ وهل سيعتزون بأي أثر نتركه لهم، أم أنهم لن يجدوا فرقاً بين قلم الوالد وأي قلم من المكتبة؟