حين صدرت "ذلك الشتاء البعيد" كنت مديراً للمكتب الصحفي لدار الجماهير في المنطقة الجنوبية بالبصرة. لم أكن قد عرفت مدى وسع هذه النعمة -كان ذلك في عام 1986 أيام كانت الحرب في أوجها ومدينة البصرة تتلقى يومياً مئات القذائف الثقيلة- إلا بعد أن وصلتني رسالة من العم كمال خط فيها كلمتين: "أنت وغد" منذ أن وصلني هذا النَعت أخذت أتنقل في بغداد كلما ذهبت إليها بحذر لئلا ألتقي بالعم الغاضب. ومع ذلك وقعت بين يديه يوماً...هكذا التقيت به وجهاً لوجه في شارع الرشيد.. -هكذا أصبحت أسيره الذي ينبغي عليه أن يلاقي الذل والهوان.. في البيت- أعني في بيت العم كمال وأمام أولاده وبناته- جلجل صوته: -أنا أكبر كذاب في طول البلاد وعرضها؟.. أنا أنسى نصف الحكاية فأختلق النصف الآخر؟ أيها الوغد لقد أتلفت حكاياتي الجميلة باعتراضاتك التي اختلقتها ووضعتها على لسان أبيك.. ثم من أين أتيت بتلك البغال التي حشرتها في حكاياتي؟ ..آه... آه.. أيها الوغد إن والدك لا يعرف البغل حتى لو رآه، لأن لا بغال في مدينتنا أيها الوغد. شرحت له أن بناء القصة يوجب أن تُحذف الكثير من التفاصيل، وتُضاف لمسات فنية إليها بالمقابل، أيها العم من الضروري أن يشارك القارئ في تخيل ما لم يذكره الكاتب صراحة، من الضروري أن تحدث تقابلات واعتراضات بين الشخصيات حتى لو كانت هامشية.. -وبغالك تلك كانت هامشية؟ إن ذلك اللقاء العاصف ظل عاصفاً حتى النهاية، وانتهى الأمر بإنقاذي من الأسر بتدخل أولاد وبنات عمي.. واكتفى العم بأن صرخ ورائي: -أيها الوغد الذي أتلف حكاياتي.
حين صدرت "ذلك الشتاء البعيد" كنت مديراً للمكتب الصحفي لدار الجماهير في المنطقة الجنوبية بالبصرة. لم أكن قد عرفت مدى وسع هذه النعمة -كان ذلك في عام 1986 أيام كانت الحرب في أوجها ومدينة البصرة تتلقى يومياً مئات القذائف الثقيلة- إلا بعد أن وصلتني رسالة من العم كمال خط فيها كلمتين: "أنت وغد"
منذ أن وصلني هذا النَعت أخذت أتنقل في بغداد كلما ذهبت إليها بحذر لئلا ألتقي بالعم الغاضب. ومع ذلك وقعت بين يديه يوماً...هكذا التقيت به وجهاً لوجه في شارع الرشيد.. -هكذا أصبحت أسيره الذي ينبغي عليه أن يلاقي الذل والهوان.. في البيت- أعني في بيت العم كمال وأمام أولاده وبناته- جلجل صوته:
-أنا أكبر كذاب في طول البلاد وعرضها؟.. أنا أنسى نصف الحكاية فأختلق النصف الآخر؟
أيها الوغد لقد أتلفت حكاياتي الجميلة باعتراضاتك التي اختلقتها ووضعتها على لسان أبيك.. ثم من أين أتيت بتلك البغال التي حشرتها في حكاياتي؟ ..آه... آه.. أيها الوغد إن والدك لا يعرف البغل حتى لو رآه، لأن لا بغال في مدينتنا أيها الوغد.
شرحت له أن بناء القصة يوجب أن تُحذف الكثير من التفاصيل، وتُضاف لمسات فنية إليها بالمقابل، أيها العم من الضروري أن يشارك القارئ في تخيل ما لم يذكره الكاتب صراحة، من الضروري أن تحدث تقابلات واعتراضات بين الشخصيات حتى لو كانت هامشية..
-وبغالك تلك كانت هامشية؟
إن ذلك اللقاء العاصف ظل عاصفاً حتى النهاية، وانتهى الأمر بإنقاذي من الأسر بتدخل أولاد وبنات عمي.. واكتفى العم بأن صرخ ورائي:
-أيها الوغد الذي أتلف حكاياتي.