يحكى أن أحد الملوك سمع بجمال زوجة وزيره، وحسنها الباهر، فثارت في نفسه الرغبة في لقائها، فادعى ذات يوم المرض، وأرسل إلى الوزير يسند إليه أمور الحكم، ويعتذر عن النزول إلى الديوان، ثم خرج من القصر سراً، ومضى إلى بيت الوزير. ودهشت زوجة الوزير لزيارة الملك، ولكنها مضطرة إلى الترحيب به، وهمت أن تطلب من الخدم أن يهيئوا له جناحاً خاصاً به، ولكنه رجاها أن تبقي زيارته سراً، وألا تخبر بها أحداً، ثم طلب منها أن تضيفه في غرفة زوجها، فقادته إلى حيث طلب، وهيأت له أطايب الطعام والشراب. وأخذ الملك يتبّسط شيئاً فشيئاً في الحديث معها، ويثني على أثاث غرفة زوجها، وحسن إعدادها الطعام، ثم أخذ يثني عليها هي نفسها، ويعرب عن حسده لوزيره على تنعمه بجمالها. ثم طلب منها أن تسمح له بالاتكاء على فراش زوجها، فاضطرت إلى السماح له بذلك، فاتكأ عليه، وأخذت تقدم له مالذ من الفواكه، تريد إشغاله بالطعام، عما في نفسه من غرض، أدركت أنه يسعى إليه. ثم طلب منها أن تحضر له كأس شراب، مشعشع بالثلج، فأحضرت له كأس من زجاج فخم رقيق شفاف، فأبدى إعجاباً شديداً بالكأس، وقد تناوله منها بمنديله الخاص، ثم أعاده إليها، فتناولته، ورمت به على الفور إلى الأرض، فتحطم، وتناثر زجاجه. ودهش الملك لما فعلت، وسألها عن سبب ذلك، فأجابت: "بعد أن تشرب منه السباع، لا يجوز أن تلغ فيه الكلاب"، فثار غضب الملك، ونهض على الفور، ومضى خارجاً، لا يلوي على شيء. وبعيد العصر، فض الديوان في القصر، ورجع الوزير إلى بيته، فطلب الطعام والشراب ثم قصد إلى فراشه لينام، فعثر بمنديل الملك، فدهش، ولكنه كظم مابنفسه، وخبأ المنديل في مكان أمين، وقرر أن يهجر زوجته، ولم يصارح بالأمر أحداً. ومرت الأيام، والوزير والملك في القصر يلتقيان، يسيّران معاً أمور البلاد، ويتجنب كل منهما نظرات الآخر. وامتدت الأيام، فإذا هي أشهر، تكاد تصير إلى عام، ضاقت فيها نفس الزوجة، فشكت أمرها إلى أخيها، وحدثته بماكان من زيارة الملك، كما حدثته عن هجر زوجها لها، ورجته أن يرفع الأمر إلى الملك والوزير، وهي لا تعلم من أمر المنديل شيئاً، وقد أكدت لأخيها براءتها. وقصد شقيق الزوجة القصر، وطلب الإذن في المثول أمام الملك والوزير، ولما صار أمامهما وجد رجال القصر حاضرين، وفيهم كبار القضاة والعلماء والقادة، فحار في أمره، كيف يعرض الموضوع على الملأ، وتردد، ولكنه لم يلبث أن تحدث إلى الملك، فقال: " لقد أجّرت الوزير أفضل بستان، كثير الأشجار، طيب الثمار، فصد عنه، وقابله بالهجران.". وأدرك الوزير مراده، فرد على الفور، قائلاً له: "بستانك داسه من داس، فخرّب فيه الأساس.". وفطن الملك إلى المقصود بذلك كله، فقال: "ماداسه أحد، ولكن مرّ في سمائه نسر، والبستان مافسد". وانتهى اللقاء، وعاد كل إلى بيته. وواصل الوزير زوجته، واطمأن إلى براءتها، ووصفت نفسه نحو الملك، وأخذت نظرات كل منهما تلتقي بنظرات الآخر، ولا ترتد، ولاسيما بعد أن أعاد الوزير إلى الملك المنديل. تعليق: تدل الحكاية على براءة المرأة ونقائها، وقدرتها على صون نفسها، ودرء كل مايحيط بها من مكر، بفضل ذكائها وحسن تدبيرها، كما تدل على مافي قصور الحكام من فساد، إذ لا يتورع الملك عن محاولة تدنيس عرض وزيره، بل يسعى إلى ذلك عن قصد، وسبق إصرار. والحكاية تعتمد على الرمز، واضحة مباشرة سواء بين زوجة الوزير والملك، أو بين شقيق الزوجة وكل من الملك والوزير. والحكاية ذات هدف تربوي تعليمي، فهي تزرع الثقة في نفس المرأة، كما تنبه الذهن على الرموز وطرق استخدامها
يحكى أن أحد الملوك سمع بجمال زوجة وزيره، وحسنها الباهر، فثارت في نفسه الرغبة في لقائها، فادعى ذات يوم المرض، وأرسل إلى الوزير يسند إليه أمور الحكم، ويعتذر عن النزول إلى الديوان، ثم خرج من القصر سراً، ومضى إلى بيت الوزير.
ودهشت زوجة الوزير لزيارة الملك، ولكنها مضطرة إلى الترحيب به، وهمت أن تطلب من الخدم أن يهيئوا له جناحاً خاصاً به، ولكنه رجاها أن تبقي زيارته سراً، وألا تخبر بها أحداً، ثم طلب منها أن تضيفه في غرفة زوجها، فقادته إلى حيث طلب، وهيأت له أطايب الطعام والشراب.
وأخذ الملك يتبّسط شيئاً فشيئاً في الحديث معها، ويثني على أثاث غرفة زوجها، وحسن إعدادها الطعام، ثم أخذ يثني عليها هي نفسها، ويعرب عن حسده لوزيره على تنعمه بجمالها.
ثم طلب منها أن تسمح له بالاتكاء على فراش زوجها، فاضطرت إلى السماح له بذلك، فاتكأ عليه، وأخذت تقدم له مالذ من الفواكه، تريد إشغاله بالطعام، عما في نفسه من غرض، أدركت أنه يسعى إليه.
ثم طلب منها أن تحضر له كأس شراب، مشعشع بالثلج، فأحضرت له كأس من زجاج فخم رقيق شفاف، فأبدى إعجاباً شديداً بالكأس، وقد تناوله منها بمنديله الخاص، ثم أعاده إليها، فتناولته، ورمت به على الفور إلى الأرض، فتحطم، وتناثر زجاجه.
ودهش الملك لما فعلت، وسألها عن سبب ذلك، فأجابت: "بعد أن تشرب منه السباع، لا يجوز أن تلغ فيه الكلاب"، فثار غضب الملك، ونهض على الفور، ومضى خارجاً، لا يلوي على شيء.
وبعيد العصر، فض الديوان في القصر، ورجع الوزير إلى بيته، فطلب الطعام والشراب ثم قصد إلى فراشه لينام، فعثر بمنديل الملك، فدهش، ولكنه كظم مابنفسه، وخبأ المنديل في مكان أمين، وقرر أن يهجر زوجته، ولم يصارح بالأمر أحداً.
ومرت الأيام، والوزير والملك في القصر يلتقيان، يسيّران معاً أمور البلاد، ويتجنب كل منهما نظرات الآخر.
وامتدت الأيام، فإذا هي أشهر، تكاد تصير إلى عام، ضاقت فيها نفس الزوجة، فشكت أمرها إلى أخيها، وحدثته بماكان من زيارة الملك، كما حدثته عن هجر زوجها لها، ورجته أن يرفع الأمر إلى الملك والوزير، وهي لا تعلم من أمر المنديل شيئاً، وقد أكدت لأخيها براءتها.
وقصد شقيق الزوجة القصر، وطلب الإذن في المثول أمام الملك والوزير، ولما صار أمامهما وجد رجال القصر حاضرين، وفيهم كبار القضاة والعلماء والقادة، فحار في أمره، كيف يعرض الموضوع على الملأ، وتردد، ولكنه لم يلبث أن تحدث إلى الملك، فقال: " لقد أجّرت الوزير أفضل بستان، كثير الأشجار، طيب الثمار، فصد عنه، وقابله بالهجران.".
وأدرك الوزير مراده، فرد على الفور، قائلاً له: "بستانك داسه من داس، فخرّب فيه الأساس.".
وفطن الملك إلى المقصود بذلك كله، فقال: "ماداسه أحد، ولكن مرّ في سمائه نسر، والبستان مافسد".
وانتهى اللقاء، وعاد كل إلى بيته.
وواصل الوزير زوجته، واطمأن إلى براءتها، ووصفت نفسه نحو الملك، وأخذت نظرات كل منهما تلتقي بنظرات الآخر، ولا ترتد، ولاسيما بعد أن أعاد الوزير إلى الملك المنديل.
تعليق:
تدل الحكاية على براءة المرأة ونقائها، وقدرتها على صون نفسها، ودرء كل مايحيط بها من مكر، بفضل ذكائها وحسن تدبيرها، كما تدل على مافي قصور الحكام من فساد، إذ لا يتورع الملك عن محاولة تدنيس عرض وزيره، بل يسعى إلى ذلك عن قصد، وسبق إصرار.
والحكاية تعتمد على الرمز، واضحة مباشرة سواء بين زوجة الوزير والملك، أو بين شقيق الزوجة وكل من الملك والوزير.
والحكاية ذات هدف تربوي تعليمي، فهي تزرع الثقة في نفس المرأة، كما تنبه الذهن على الرموز وطرق استخدامها