ترّجل، رنّت الشناشيل والسلاسل الفضية. صهل الحصان الأبيض بغنج ضارباً بأسفل حوافره أحجار الطريق. صوت يتداخل في السكون. العشرات صغاراً وكباراً يتجهون بصخب ناحية درب (الخرّ) يتفرجون على الرجل الجميل يحدقّون بكل قطعة تغطي أجزاء جسده. الحذاء العجيب الواصل إلى الركبة. بنطال أبيض ضيق مشدود على البطن بزنار مصنوع من المعادن الثقيلة وقبعة مخملية فوق رأسه الأسمر. "عجيب أمركم أنتم الفلاحون.. تروحون وتجيئون في الأزقة والمزارع. تدخلون وتخرجون كأنكم في قطعة ليف كلّكم.. تجتمعون ليستخدمكم رجل واحد يجدد جلده بكم حين يحفو ويتعرى في الحمام...". من تلك الدرب الضيقة نفسها دخل القرية، وكلّ ماكان يملكه أب وأم، وحمار رمادي يحمل فوق ظهره، وسادتين وغطاء. حين فعل الذل بالفقر حكاية نزلوا من الجبل إلى الساحل وتبرّع الخلق في القرية كلّ حسب قدرته. ومن ظهر الحمار جمع والده ثروة، يبيع البيض، يصفّه في سلاسل فوق قش أصفر له رائحة الأرض الدافئة. ثم طور تجارته صار يبيع كل ما تحتاجه الفلاحات، من الإبرة وحتى المناديل وأقمشة الأغطية والستائر. الجميع يهتف من القلب بحياة أحمد عفيف الذي غناه اللّه بمعجزة جعلته في نظرهم في مراتب الأولياء. فأبوه حين مات سقط على وجهه نور من السماء. ثم أمطرت الدنيا بعد انقطاع. وانفرجت الأحوال. يتسابق التجار في بيروت لاستقباله حين ينزل في الفندق الكبير. يؤجلون الصفقات والاجتماعات. تبذل الراقصات جهوداً في الميل والرفع والخفض لتفوز الواحدة منهن بإشارة أو ابتسامة من السيد أحمد. وتضحك- ناتالي- جميلة السهرة والمحظوظة في هذه الأمسية. تمسك يده بحياء مصطنع وتقوده إلى غرفة داخلية يسقط فيها الضوء بشكل موجه إلى طاولة مستديرة. يرتاح لها لأنه اعتاد على مزاحها لاحظ قلة مرونتها وبعض التجاعيد حول عينيها. إنه الزمن يأكل الصبا ويلفظ العظام لم يخذله الحظ في بداية نهايته لكنهم الأصدقاء الذين اتفقوا على أن ينفذوا حكماً بإفقاره. ونفذت الخطة بشكل ذكي، ناتالي تلطف الجلسة. تصب الخمر في الكؤوس، تغير أشرطة الكاسيت ومن خلفه علقت مرآة خلف ستارة. في المرآة يظهر رأسه من الخلف وأوراق اللعب البلاستيكية. من عشر سنين لم يخسر سوى مرة واحدة. وهذه هي المرة الثانية. خسر كل شيء ولم يعترض لأنه يفهم قوانين اللعب. جوزيف مالك السفينة الراسية في ميناء طرابلس يناوله مصاريف الرجوع. -مش كل مرة بتسلم الجرة.. إنت كلمتك بالحزب وبالضيعة ما بتصير اتنين وإلك شعبية بالمدينة.. تصرّف.. تلك آخر زيارة وآخر سهرة له في بيروت باع أراضيه الخضراء حتى لم يبق عنده مسافة بساط يمدّ رجليه فوقه. في محله الكبير الذي يملكه، أضخم محل في البازار ضغط رأسه بقبضتيه، الأفكار حين تجتمع تصبح أقسى من هذا العالم، ينقبض قلبه حين يشذ عن حركته المنتظمة، يشعر بأن الجدران التي فرغت من العلب والفساتين وزجاجات العطر النسائية كأنها القبر الذي يحويه حيّاً. "لبس الجميع من بضائعك يا دكاناً بنيته حجراً حجر وفي كل حجر ألف حبة عرق.. صعب أن يقتل التاجر نفسه بغبائه وبطره...". بيع المحل بالمزاد، لم يقبض ليرة من ثمنه. وتحت المطر الساقط كالسهام فوق ظله الممدود بأسى فوق الرصيف المبلل صار يحكي لوحده كالأبله: -من قال إن الشوارع يشطفها ماء المطر.. الأوساخ وحدها هي التي تقرر أين تجتمع، ساخن هذا المطر... تثاقلت الخطوات، واسترخت الركب.. استطالت أصوات أشباح في الريح وطار ورق الكينا الخريفي في حضن الريح. زوجته الأولى مازالت مصرة على الطلاق، لن يطرق بابها، ستصرخ كما المرة السابقة وتستعيد شريط الماضي كله. خطرت له صورتها وهو يبول في الحديقة العامة. وقف على باب الزوجة الثانية صرخ بقوة ثم بعطف وابتهال حين ردت: -منذ عام لم نحصل على قرش واحد منك.. أولادك لا يشبعون فكيف أطعمك... اذهب قيمة الرجل أمثالك بقدر ما يملك في الجيب. أما الثالثة وهي أصغرهن ورفيقة رحلاته خاطب فيها المشاعر: ... عزيزتي.. تذكري، الرجل لايتزوج الثالثة إلاّ لأنه يضحّي برضى الأولى والثانية وحين طالبت بورقة طلاقها، انهار على السلم باكياً ثملاً بصوت مجروح كنهيق حماره الرمادي حين كان يمرض أو يجوع. وعند الفجر أذّن المؤذن "اللّه أكبر" فانتفض ككبش قطع رأسه بسكين الشيخ فذبلت عيونه قبل الموت بقليل حين تذكّر آخر أمل له.. آخر قشة نجاة، (غازي) قريب زوجته الأولى.. مرة جاء يستجديه وهو يقطع مسافة طويلة فوق بلاط الرخام في الصالون. وكان أحمد بك يدخن سيجاراً فوق كرسيه الهزّاز متأملاً منظر القرية الأخضر والذهبي من النافذة الواسعة وشكل النهر الأزرق المنحني بشكل حرف (اللام). لم يكن مع (غازي) المبلغ المطلوب لثمن أرض صغيرة. أخذ منه المبلغ وتبسّم له: -يارجل نحن أقارب... مبروكة عليك أرض البربر، والحمار أيضاً.. لا تنسنا من خير الأرض.. اعتبر الباقي دين سدّده متى تشاء... مرت على تلك الحادثة سنوات كثيرة لكنّه تذكرها وهو في المقعد الأول من الحافلة.. المتجهة إلى القرية. (غازي) لم يعد فقيراً ربما لأن يده مغلولة إلى عنقه وله أولاد ساهموا في توسيع مساحة أرض (البربر) من الجهة الشرقية، أولاد كالثيران يشتغلون بقدر مايأكلون. واليوم عيد الأضحى، مناسبة جيدة سيضحي (غازي) بعجل أحمر ونعجتين، سيقدّره الجميع وسيجتمع في بيته خمسون شيخاً يصلّون. أخذه (غازي) بالأحضان، جلسا تحت شجرة جوز كبيرة. انتظروا قليلاً ريثما انتهت ضجة الأولاد وهم يحملون صحوناً فارغة كي تملأ بـ(الرز واللحم). ابتسم للحمار المربوط -حماره- وكالبقية. أحضرت له قطعة خبز ملآنة باللحم. شرح السيد أحمد تعثّر الأحوال، تنازل قليلاً طالباً قرضاً. ضرب (غازي) فخذيه النحيلين وقام واقفاً: -الشمس تغيب، اذهب قبل أن يفوتك موعد الحافلة. لم يقبل غازي استضافته هذا مافهمه، دمعت عيناه بحقد: "نسيت ياغازي..؟ كنت تركض أنت وكل عائلتك ورائي لتتفرجوا على الحذاء الذي يصدر أصواتاً عجيبة.. وأنت الذي كنت كالكلب تلهث لتستنشق أكبر كمية من رائحة المسك الباريسية". وبقوة رفع يده في الهواء وقذف في وجهه قطعة اللحمة.. غازي يغضب وأحمد يحزن يفصل بينهما صوت. عمرها الدنيا ماكانت لرجل واحد، شيعت، تزوجت.. أنجبت قبيلة من الأولاد.. فوق الرصيف المطل على الكازينو استند إلى عمود كهرباء حاملاً سلّة ملآنة بالأقلام يتسول بطريقة تحفظ كرامته. توقفت سيارة فخمة، أضاءت جسده الطويل المنحني.. اقترب من الرجال الثلاثة وهمس بقوة: "أقلام، أقلام.. اشتروا.. بليرة فقط..". دخل الاثنان إلى الفندق بينما تسمّر الثالث في مكانه محاولاً أن يرى وجهه: -صوتك مألوف.. أجل أجل.. أنت أحمد عفيف. -القلم بليرة واحدة. ضغط الرجل على زنديه وصرخ بوجهه: -أنت أحمد عفيف.. ادخل لتتعشى واحكي لي قصتك. أجاب بصعوبة هازاً رأسه بيأس -كنت أحمد عفيف ياجوزيف.. صرخ صديقه: -أجننت.. تتحدث مع متسول؟! دمعت عيونه وقال: -هات قلم... أو هات عشرة أقلام -أريد سيجارة -خذ.. العلبة كلّها.. والقداحة أيضاً. -كره (أحمد) عيشته.. عذّب جسده، حكم على نفسه بالموت قهراً.. بالموت خمراً. افترش في الحديقة العامة جريدة وتمدّد فوقها وصار المطر يتكسّر فوق جسده
ترّجل، رنّت الشناشيل والسلاسل الفضية. صهل الحصان الأبيض بغنج ضارباً بأسفل حوافره أحجار الطريق. صوت يتداخل في السكون. العشرات صغاراً وكباراً يتجهون بصخب ناحية درب (الخرّ) يتفرجون على الرجل الجميل يحدقّون بكل قطعة تغطي أجزاء جسده. الحذاء العجيب الواصل إلى الركبة. بنطال أبيض ضيق مشدود على البطن بزنار مصنوع من المعادن الثقيلة وقبعة مخملية فوق رأسه الأسمر.
"عجيب أمركم أنتم الفلاحون.. تروحون وتجيئون في الأزقة والمزارع. تدخلون وتخرجون كأنكم في قطعة ليف كلّكم.. تجتمعون ليستخدمكم رجل واحد يجدد جلده بكم حين يحفو ويتعرى في الحمام...".
من تلك الدرب الضيقة نفسها دخل القرية، وكلّ ماكان يملكه أب وأم، وحمار رمادي يحمل فوق ظهره، وسادتين وغطاء. حين فعل الذل بالفقر حكاية نزلوا من الجبل إلى الساحل وتبرّع الخلق في القرية كلّ حسب قدرته. ومن ظهر الحمار جمع والده ثروة، يبيع البيض، يصفّه في سلاسل فوق قش أصفر له رائحة الأرض الدافئة. ثم طور تجارته صار يبيع كل ما تحتاجه الفلاحات، من الإبرة وحتى المناديل وأقمشة الأغطية والستائر.
الجميع يهتف من القلب بحياة أحمد عفيف الذي غناه اللّه بمعجزة جعلته في نظرهم في مراتب الأولياء. فأبوه حين مات سقط على وجهه نور من السماء.
ثم أمطرت الدنيا بعد انقطاع. وانفرجت الأحوال.
يتسابق التجار في بيروت لاستقباله حين ينزل في الفندق الكبير. يؤجلون الصفقات والاجتماعات. تبذل الراقصات جهوداً في الميل والرفع والخفض لتفوز الواحدة منهن بإشارة أو ابتسامة من السيد أحمد. وتضحك- ناتالي- جميلة السهرة والمحظوظة في هذه الأمسية. تمسك يده بحياء مصطنع وتقوده إلى غرفة داخلية يسقط فيها الضوء بشكل موجه إلى طاولة مستديرة. يرتاح لها لأنه اعتاد على مزاحها لاحظ قلة مرونتها وبعض التجاعيد حول عينيها. إنه الزمن يأكل الصبا ويلفظ العظام لم يخذله الحظ في بداية نهايته لكنهم الأصدقاء الذين اتفقوا على أن ينفذوا حكماً بإفقاره. ونفذت الخطة بشكل ذكي، ناتالي تلطف الجلسة. تصب الخمر في الكؤوس، تغير أشرطة الكاسيت ومن خلفه علقت مرآة خلف ستارة. في المرآة يظهر رأسه من الخلف وأوراق اللعب البلاستيكية. من عشر سنين لم يخسر سوى مرة واحدة. وهذه هي المرة الثانية. خسر كل شيء ولم يعترض لأنه يفهم قوانين اللعب.
جوزيف مالك السفينة الراسية في ميناء طرابلس يناوله مصاريف الرجوع.
-مش كل مرة بتسلم الجرة.. إنت كلمتك بالحزب وبالضيعة ما بتصير اتنين وإلك شعبية بالمدينة.. تصرّف..
تلك آخر زيارة وآخر سهرة له في بيروت باع أراضيه الخضراء حتى لم يبق عنده مسافة بساط يمدّ رجليه فوقه.
في محله الكبير الذي يملكه، أضخم محل في البازار ضغط رأسه بقبضتيه، الأفكار حين تجتمع تصبح أقسى من هذا العالم، ينقبض قلبه حين يشذ عن حركته المنتظمة، يشعر بأن الجدران التي فرغت من العلب والفساتين وزجاجات العطر النسائية كأنها القبر الذي يحويه حيّاً.
"لبس الجميع من بضائعك يا دكاناً بنيته حجراً حجر وفي كل حجر ألف حبة عرق.. صعب أن يقتل التاجر نفسه بغبائه وبطره...".
بيع المحل بالمزاد، لم يقبض ليرة من ثمنه.
وتحت المطر الساقط كالسهام فوق ظله الممدود بأسى فوق الرصيف المبلل صار يحكي لوحده كالأبله:
-من قال إن الشوارع يشطفها ماء المطر.. الأوساخ وحدها هي التي تقرر أين تجتمع، ساخن هذا المطر...
تثاقلت الخطوات، واسترخت الركب.. استطالت أصوات أشباح في الريح وطار ورق الكينا الخريفي في حضن الريح.
زوجته الأولى مازالت مصرة على الطلاق، لن يطرق بابها، ستصرخ كما المرة السابقة وتستعيد شريط الماضي كله. خطرت له صورتها وهو يبول في الحديقة العامة.
وقف على باب الزوجة الثانية صرخ بقوة ثم بعطف وابتهال حين ردت:
-منذ عام لم نحصل على قرش واحد منك.. أولادك لا يشبعون فكيف أطعمك... اذهب قيمة الرجل أمثالك بقدر ما يملك في الجيب.
أما الثالثة وهي أصغرهن ورفيقة رحلاته خاطب فيها المشاعر:
... عزيزتي.. تذكري، الرجل لايتزوج الثالثة إلاّ لأنه يضحّي برضى الأولى والثانية وحين طالبت بورقة طلاقها، انهار على السلم باكياً ثملاً بصوت مجروح كنهيق حماره الرمادي حين كان يمرض أو يجوع. وعند الفجر أذّن المؤذن "اللّه أكبر" فانتفض ككبش قطع رأسه بسكين الشيخ فذبلت عيونه قبل الموت بقليل حين تذكّر آخر أمل له.. آخر قشة نجاة، (غازي) قريب زوجته الأولى.. مرة جاء يستجديه وهو يقطع مسافة طويلة فوق بلاط الرخام في الصالون. وكان أحمد بك يدخن سيجاراً فوق كرسيه الهزّاز متأملاً منظر القرية الأخضر والذهبي من النافذة الواسعة وشكل النهر الأزرق المنحني بشكل حرف (اللام).
لم يكن مع (غازي) المبلغ المطلوب لثمن أرض صغيرة. أخذ منه المبلغ وتبسّم له:
-يارجل نحن أقارب... مبروكة عليك أرض البربر، والحمار أيضاً.. لا تنسنا من خير الأرض.. اعتبر الباقي دين سدّده متى تشاء...
مرت على تلك الحادثة سنوات كثيرة لكنّه تذكرها وهو في المقعد الأول من الحافلة.. المتجهة إلى القرية.
(غازي) لم يعد فقيراً ربما لأن يده مغلولة إلى عنقه وله أولاد ساهموا في توسيع مساحة أرض (البربر) من الجهة الشرقية، أولاد كالثيران يشتغلون بقدر مايأكلون. واليوم عيد الأضحى، مناسبة جيدة سيضحي (غازي) بعجل أحمر ونعجتين، سيقدّره الجميع وسيجتمع في بيته خمسون شيخاً يصلّون.
أخذه (غازي) بالأحضان، جلسا تحت شجرة جوز كبيرة. انتظروا قليلاً ريثما انتهت ضجة الأولاد وهم يحملون صحوناً فارغة كي تملأ بـ(الرز واللحم).
ابتسم للحمار المربوط -حماره- وكالبقية. أحضرت له قطعة خبز ملآنة باللحم.
شرح السيد أحمد تعثّر الأحوال، تنازل قليلاً طالباً قرضاً. ضرب (غازي) فخذيه النحيلين وقام واقفاً:
-الشمس تغيب، اذهب قبل أن يفوتك موعد الحافلة.
لم يقبل غازي استضافته هذا مافهمه، دمعت عيناه بحقد: "نسيت ياغازي..؟ كنت تركض أنت وكل عائلتك ورائي لتتفرجوا على الحذاء الذي يصدر أصواتاً عجيبة.. وأنت الذي كنت كالكلب تلهث لتستنشق أكبر كمية من رائحة المسك الباريسية".
وبقوة رفع يده في الهواء وقذف في وجهه قطعة اللحمة.. غازي يغضب وأحمد يحزن يفصل بينهما صوت.
عمرها الدنيا ماكانت لرجل واحد، شيعت، تزوجت.. أنجبت قبيلة من الأولاد..
فوق الرصيف المطل على الكازينو استند إلى عمود كهرباء حاملاً سلّة ملآنة بالأقلام يتسول بطريقة تحفظ كرامته.
توقفت سيارة فخمة، أضاءت جسده الطويل المنحني.. اقترب من الرجال الثلاثة وهمس بقوة: "أقلام، أقلام.. اشتروا.. بليرة فقط..".
دخل الاثنان إلى الفندق بينما تسمّر الثالث في مكانه محاولاً أن يرى وجهه:
-صوتك مألوف.. أجل أجل.. أنت أحمد عفيف.
-القلم بليرة واحدة.
ضغط الرجل على زنديه وصرخ بوجهه:
-أنت أحمد عفيف.. ادخل لتتعشى واحكي لي قصتك.
أجاب بصعوبة هازاً رأسه بيأس
-كنت أحمد عفيف ياجوزيف..
صرخ صديقه:
-أجننت.. تتحدث مع متسول؟!
دمعت عيونه وقال:
-هات قلم... أو هات عشرة أقلام
-أريد سيجارة
-خذ.. العلبة كلّها.. والقداحة أيضاً.
-كره (أحمد) عيشته.. عذّب جسده، حكم على نفسه بالموت قهراً.. بالموت خمراً. افترش في الحديقة العامة جريدة وتمدّد فوقها وصار المطر يتكسّر فوق جسده