تم التأكد من الخبر من موقع الجريدة علي الانترنت و لكن لن نشهر الوصلة لأن الجريدة بها صور غير لائقة
هلاك إعلامي سويدي تفرد بنشر كاريكاتير مسئ للنبي صلى الله عليه وسلم في السويد
بقلم عثمان الطوالبة - السويد / مدينة هلسنغبوري.
في يوم الأربعاء الماضي 13فبراير 2008 أقدمت أكثر من اثنتي عشرة صحيفة دنمركية على إعادة نشر كاريكاتير مسيء للنبي صلى الله عليه وسلم وهو احد الكاريكاتيرات المثيرة للجدل والمسيئة للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم والتي نشرتها صحيفة اليلاندبوستن خريف عام 2005 والذي يظهر النبي الكريم بعمامة فيها قنبلة، وتدعي هذه الصحف أن سبب إعادة نشرها لهذا الكاريكاتير هو ما كشفته الشرطة الدنمركية يوم الثلاثاء الماضي 12 فبراير عن مخططات لاغتيال أحد الرسامين لتلك الرسومات المسيئة وهو المدعو كورت ويسترقارد من قبل مجموعة من الشباب المسلم في الدنمرك. وأشارت الشرطة الدنمركية أن المتهمين وجدت لديهم خرائط أيضاً عن بيت الرسام السويدي لارش فيلكس والذي قام بنشر رسومات مسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم في فترة سابقة في السويد من العام الماضي. ولا زالت أعمال الشغب والعنف تمتد من حي إلى آخر داخل الدنمرك في حين ترفض الشرطة الدنمركية لحد الآن الإفصاح عن أسباب العنف ودوافعها، ويرى محللون أن أحداث العنف الأخيرة لا دخل لها بإعادة نشر الكاريكاتير المثير للجدل حيث أنها سبقت عملية النشر بعدة ليال.
إنفراد بإعادة النشر في إحدى كبريات الصحف السويدية
بحجة التضامن مع مبدأ حرية التعبير والتأكيد على مبدأ عدم الخوف وكذا حق القارئ في الفهم والمعرفة أقدمت كبرى الصحف السويدية في جنوب السويد صحيفة السيدسفنسكا على نشر ذاك الكاريكاتير المسئ ، في خطوة انفردت بها عن باقي الصحف السويدية، وصاحب ذلك إثارة جدل واسع في الأوساط السويدية المختلفة وخاصة المسلم منها. ويعود قرار النشر للصحفي المرموق بيتر مالين رئيس تحرير الصحيفة المذكورة، حيث تم نشر الكاريكاتير المسئ للنبي صلى الله عليه وسلم في الصحيفة تلك بتاريخ 13 فبراير 2008. ومن جانبها اعتبرت الجالية المسلمة في السويد الأمر انتهاكاً لحرمة النبي صلى الله عليه وسلم ناهيك عن فقدان الكاريكاتير لأي معنى فني أو رسالة معبرة. ومن ناحيته دافع بيتر مالم عن قرار النشر بقوله "نحن لم ننشر شيئاً في المرة الأولى لما قامت اليلاند بوستن بالنشر لأننا لم نشأ دعم الاستفزاز حينها، ولكن يوجد الآن أسباب صحفية للنشر ولذا فمن المعقول لقارئنا أن يرى كيف يبدو الوضع". .ومالين عرف بموقفه المدافع عن حق الصحف الدنمركية في نشر الكاريكاتيرات المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم صيف عام 2005، ولكنه أكد رفض نشر الكاريكاتيرات وقتها مؤكداً "أن تلك الكاريكاتيرات هدفها الإثارة المتعمدة" حسبما أفادت صحيفة السيدسنفنسكا.
موت مفاجئ
بعد ساعات من قيام صحيفة السيدسفنسكا من نشر الكاريكاتير المسئ ذاك، فوجئ المجتمع السويدي بخبر إعلان وفاة بيتر مالين حيث نعي على صفحات الجريدة السويدية نفسها حوالي الساعة الرابعة عصراً من نفس اليوم. فبينما كان جالساً في اجتماع عمل في مقر الصحيفة المذكورة سقط الإعلامي السويدي بيتر مالين ميتاً وبشكل مفاجئ وسريع في مبنى الصحيفة الواقع في الجنوب السويدي المحاذي للدنمرك. لقد كان المشهد مفاجئاً للجميع بشكل أصابهم بالذهول حيث عبر بعض الحاضرين عن الأسى بقوله "هذا شئ غير مفهوم". هذا وقد هرع رجال الإسعاف إلى مبنى الصحيفة في محاولات يائسة لإنقاذ حياة مالين بلا جدوى حيث كان قد فارق الحياة.
بيتر مالم في سطور
ولد بيتر مالين في العاصمة السويدية استوكهلم في الثاني عشر من مارس 1948. وتقلد عدة وظائف إعلامية بارزة في السويد حيث شغل منصب عضو وكالة الأنباء السويدية منذ عام 2005 إضافة إلى خبرته الصحفية الطويلة والتي اكتسبها من عمله كصحفي لأكثر من عشرين عاماً في صحيفة السفنسكا داقبلادت والتي ترقى فيها لعدة مناصب كان من أهمها موقع رئيس التحرير ما بين عامي 1994ـ 2000، شغل مالين أيضاً منصب رئيس التحرير في صحيفة كريستيان ستاد ما بين عامي 2000ـ 2005. و تفرغ أخيراً للعمل في صحيفة السيد سفنسكا كرئيس للتحرير ومشرف أول للنشر منذ عام 2005.
آخر حدث لبيتر في حياته
شاءت الأقدار أن يكون حدث نشر ذاك الكاريكاتير المسئ آخر عمل يقوم به الصحفي المذكور، وأن يرتبط خبر تفرد الصحيفة بنشر الكاريكاتير المسئ ذاك في السويد بخبر نعي صاحب القرار الذي سمح بالنشر نفسه وفي الصحيفة نفسها. لقد كن بيتر منهمكاً ومنذ الصباح الباكر في يوم الوفاة الأربعاء 13/1/2008 في تبرير قراره بنشر الكاريكاتير المسئ، حيث أضاف في مقابلة إذاعية صباحية معه "اعتقد أن نشر الصورة يتعلق بأسباب صحفية واضحة حيث أنه توجد رغبة كبيرة لدى القراء برؤية الكاريكاتير. ما هو الكاريكاتير الذي نتج عنه هذا الوضع؟ فهذه مسئولية أمام القراء، وإن لم ينشرها المرء اليوم فيمكن أن يعتقد أن دافع ذلك هو الخوف" كما صرح في آخر حديث إذاعي له للإذاعة السويدية. وفي تعليق رسمي للإذاعة السويدية يوم الخميس 14/1/2008 أفادت الإذاعية التي أجرت معه المقابلة الأخيرة بأنه وصلهم "أن أحد ضيوفنا البارحة توفي بعد فترة وجيزة من مشاركته في أحد برامجنا، هو رئيس التحرير في صحيفة السيدسفنسكا بيتر مالين". ونوهت الصَحَفيَّة التي أجرت المقابلة الإذاعية معه إلى "إن حديثي وحديثه ربما كانا آخر حدث له في حياته. إن الحياة هشيشة".
نوم لا صباح بعده
لقد استفاق بيتر وذهب إلى عمله ظاناً أن هذا اليوم سيكون كباقي أيام العمل المعتادة، ولم يكن على علم بأنه لن يكون كذلك، حيث أن الموت كان بانتظاره في فترة ما بعد الظهيرة، وآخر كلام كتب له وسمع عنه هو دفاعه عن التفرد بنشر الكاريكاتير المسئ للنبي صلى الله عليه وسلم وذلك في حوالي الساعة التاسعة والنصف صباحاً من يوم الوفاة المذكور."نلتقي في الصباح، سأذهب ماشياً للبيت لأتمكن من لقاء نيكلاس (ابن بيتر) قبل أن نخلد للنوم" هكذا كانت آخر كلمات بيتر لبعض زملائه في الصحيفة المذكورة، ولكنه لم يدر أن لا صباح بعد صباح اليوم وأن لا فرصة أخرى للقاء الابن نيكلاس. فبيتر خلد إلى نوم أبدي ليس بعده صباح. وبهذا تختم مسيرة الإعلامي بيتر مالين بتفرده بنشر الكاريكاتير المسئ للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم ووفاته في ظروف ستبقى عالقةً في أذهان الكثيرين من مسلمين وغير مسلمين.