الرسوم الكاريكاتيرية الدنماركية ضد الرسول الكريم (عليه الصلاة والسلام)، والتي أعادت نشرها صحف ألمانية وفرنسية واسبانية وايطالية تبين أن أوروبا لا تحترم المسلمين، وأنها قد تستغل ردود الأفعال في العالم الاسلامي كي تستفز المسلمين لديها وتضيق عليهم بحجة أنهم متطرفون متشددون وعليهم احترام الرأي الآخر, هم يستفزوننا ونحن نتهم بالتعصب والتشدد في الوقت الذي تزعم فيه هذه الدول احترام الأديان والمعتقدات ومعاداة السامية, ألا يعتبر من يهين رسول المسلمين ويتهكم عليه معاديا للسامية؟
وكيف يعاقب من يشكك في عدد اليهود الذين قتلهم هتلر، وتمنع كتبه من النشر في فرنسا، وفي أنحاء أوروبا، ويسمح لمن يهاجم رمز المسلمين محمد (عليه أفضل الصلاة والسلام) بالتعبير عن رأيه، لأن أوروبا تدعو الى حرية التعبير عن الرأي؟ كيف يُهاجم الرئيس الايراني على تصريحاته عن محرقة اليهود وتقوم الدنيا ولا تقعد مع أنه يتكلم عن جريمة قام بها أوروبي مسيحي هو هتلر ضد اليهود في أوروبا، ولم يحرض هو على قتل اليهود أو يقوم هو بقتلهم، بينما تدافع ملكة الدنمارك ورئيس الوزراء الدنماركي عن الرسوم الكاريكاتيرية باعتبارها «حرية شخصية»؟
وملكة الدنمارك مارغريت الثانية والملقبة «الملكة منفضة السجائر» كناية عن أنها مدمنة على التدخين بشراهة، لأنها تدخن نحو ستين سيجارة في اليوم، وتقوم باشعال السيجارة من السيجارة التي بيدها واحدة تلو الأخرى, هذه الملكة التي انتقدت لأنها في يوم من الأيام قامت بزيارة مأوى للعجزة المصابين بالربو ورغم أن الدخان يضر بصحتهم، الا أنها قامت بالتدخين بين مرضى الربو, هذه الملكة التي ذكر أحد الباحثين العلميين أنها السبب في ارتفاع نسبة الوفيات بين النساء في الدنمارك لأنها منذ وصولها الى العرش في بداية السبعينات ارتفع عدد النسوة المدخنات في الدنمارك, هذه الملكة تأتي اليوم وتقول لنا ان ما قامت به الصحيفة هو حرية تعبير عن الرأي مع أن الملكة نفسها هددت شركة أديداس في عام 2005 بسبب انتاجها ملابس تحمل شعارا يشبه الشعار الملكي للدنمارك وأرغمت الشركة على سحب منتجاتها من السوق الدنماركية.
لب الموضوع يتمحور في نقطة واحدة هي أن الدول الأوروبية تخلو من القيم والأخلاق، لانها في أوروبا يتهكمون على المسيح (عليه السلام) وعلى موسى وعلى ابراهيم (عليهما الصلاة والسلام) وعلى محمد (عليه الصلاة والسلام) وحتى أنهم يتهكمون ويسخرون من المولى عز وجل ومن الملائكة فقط لأن أوروبا بلا قيم, وعدم قيام أوروبا بالتهكم على اليهود، وعدم السماح بالتشكيك في حادثة المحرقة ليس حبا في اليهود، لان أوروبا هي التي أحرقتهم، ومصطلح «الغيتو» وهي الأزقة القذرة التي كان يرغم اليهود على العيش فيها في أوروبا والمعاملة اللاانسانية لهم على يد الأوروبيين هي من دفعهم للهجرة الى أميركا اللاتينية والعالم الجديد وليس نحن, لقد قامت محاكم التفتيش في الأندلس بالتضييق على اليهود، بعدما كانوا يعيشون في ظل سماحة الاسلام زمنا طويلا واليهود يشهدون بهذا.
المشكلة في أننا نخاطب مجموعة من الساسة المنافقين الأوروبيين الذين ضجت حياتهم بالتجاوزات الأخلاقية والاجتماعية والانسانية، لكنهم يحاولون الظهور أمام الناس بالمظهر المثالي الذي يدعو الى الرحمة والرفق والانسانية في الوقت الذي يقتلون فيه الأطفال والنساء والأبرياء في أنحاء الأرض، ماداموا يعملون تحت مظلة «الشرعية الدولية».
اننا لا نقول الا ان لله المنة والحمد في الانتفاضة الاسلامية الشعبية في أنحاء الأرض كافة، لأن المسلم لا يرضى على نبيه والغرب مشدوه لا يفهم ولا يستوعب كيف ينتفض مليار مسلم للنبي (عليه الصلاة والسلام) بينما لا تتحرك مليارات البشر، عندما يتم التهكم على المسيح والأنبياء, ان المسلمين في انتفاضتهم وفي مقاطعتهم للمنتجات الدنماركية والنرويجية ليسوا سخفاء، ولا هم يهدرون وقتهم وجهدهم، لكنهم يثبتون للعالم أجمع أن الاسلام باق وقائم الى قيام الساعة، رغم أنف جميع الطواغيت على وجه الأرض.
يقول الشاعر أحمد مطر في قصيدته «ورثة ابليس»: وجوهكم أقنعة بالغة المرونة، طلاؤها حصافة، وقعرها رعونة، صفق ابليس لها مندهشا، وباعكم فنونه، وقال: «اني راحل، ماعاد لي دور هنا، دوري أنا أنتم ستلعبونه».
ودارت الأدوار فوق أوجه قاسية، تعدلها من تحتكم ليونة، فكلما نام العدو بينكم رحتم تقرعونه، لكنكم تجرون ألف قرعة لمن ينام دونه، وغاية الخشونة، أن تندبوا: «قم ياصلاح الدين، قم»، حتى اشتكى مرقده من حوله العفونة، كم مرة في العام توقظونه، كم مرة على جدار الجبن تجلدونه، أيطلب الأحياء من أمواتهم معونة، دعوا صلاح الدين في ترابه واحترموا سكونه، لأنه لو قام حقاً بينكم فسوف تقتلونه
بقلم: د. إبراهيم الهدبان