شد انتباهي خلال مشاهدة إحدى الفعاليات النسائية العالمية، يافطة حملت عبارة "" يا نساء العالم اتحدن"" فكانت استجابتي الأولى لما شاهدت .... اتحدن ضد من؟؟ لقد كثرت في الآونة الأخيرة المنتديات والمؤتمرات التي تدعو المرأة لافتراس حقوقها ومساواتها بالرجال ومنحها حريتها. والسؤال الذي يطرح نفسه هل المرأة في هذا الزمن مهضومة الحقوق وهل هي قابعة في بيتها محرومة من التعليم والعمل وحريتها مقيدة وهل القوانين والأنظمة مغفلة لحقوقها؟. ... لا ننكر أن مكانة المرأة تباينت باختلاف العصور والأزمنة التي مرت بها سياسياً واجتماعياً واقتصادياً ودينياً. والحق أنها عانت كثيراً وكانت ضحية لأنظمة وقوانين هضمت حقها واستخفت بانسانيتها. فالقانون الروماني مثلاً كان يتعامل مع المرأة بصفتها كائنا فاقدا للأهلية واعتبرها كالطفل، وهي تحت إمرة ولي أمرها وله الحق في بيعها إن شاء، وفي القانون الهندي كانت مسلوبة الحرية ولا يحق لها أن تتصرف إلا بإمرةِ والدها ولا يحق لها العيش بعد وفاة زوجها بل تحرق معه. أما القانون الصيني فكانت القاعدة فيه أن النساء لا قيمة لهن ومهمتهن فقط خدمة الرجال. وقد كتب الفيلسوف الانجليزي هيربرت سبنسر في كتابه المعروف علم الاجتماع أن الرجال كانوا يبيعون الزوجات في إنجلترا في أواخر القرن الخامس الميلادي وكان القانون يسمح للزوج أن يعطي زوجته لرجل آخر. أما الفرنسيون فقد عقدوا مؤتمراً، في العام 586م يبحث في ماهية المرأة... هل لها روح على مستوى روح الرجل أم أدنى منها. ولم يكن حالها أفضل في العصر الجاهلي فقد كان العرب يقومون بوأد البنات بدفنهن أحياء ليتخلصوا من عارهن. بعد كل هذا الظلم جاء الإسلام المحرر الحقيقي للمرأة لينسف التمييز الخاطئ بين الذكر والإنثى ويمنح الأنثى مكانتها وقد خص كتابنا العظيم المرأة بجملة من الآيات التي تُعلي من شأنها وتعيد لها كرامتها ووجودها قال تعالى ""ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف"". ويأتي البيان القرآني ليفصل بقوله تعالى ""يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله أتقاكم"" فالمرأة في العهد الإسلامي لم تعان من أي مشاكل فيما يتعلق في أمور حياتها من ميراث وزواج أو حقوق وواجبات كزوجة وأم. حتى أن المرأة خُصت ببعض المميزات المعنوية على الرجل حيث قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ""الجنة تحت أقدام الأمهات"" فهذا تكريم كبير ووسام استحقاق لكل أم لأنها تحمل العبء الأكبر في تربية الأبناء ورعايتهم وإخراجهم لمجتمعاتهم بناة حقيقيين. وما يحصل من إساءة للمرأة في بعض المجتمعات العربية فهو خارج الضوابط الدينية بذريعة العرف والتقاليد والعادات التي هي في غالبها لاتتوافق كلياً مع الدين إن مثل هذه النظرات المتخلفة تمتلك وللأسف صفة قانونية تؤكدها دساتير وتدعمها نصوص وأعراف اجتماعية وثقافية بعيدة عن الإسلام . ولكن مايؤخذ على بعض الأصوات النسائية في بعض الدول العربية أنها أصبحت أبواقا لما ينادي به الغرب من التحرر للمرأة وخروجها عن أنوثتها وكسرها لقيود العرف والدين والدعوة إلى الحرية غير المسؤولة. المرأة العربية تعتبر نموذجاً أكثر تطوراً من المرأة الغربية بالمعايير الأخلاقية والإجتماعية وتعيش واقعاً أفضل بكثير. فشقائق الرجال مطالبات ان كان ولابد من الاتحاد أن يتحدن ضد الأمية والتردي الفكري، يتحدن ضد الغزو اللاأخلاقي من خلال الإعلام الهابط الذي يجسد المرأة بأنها سلعة. وبشكل عام فالقضية لاتتعلق بالمرأة بمعزل عن الرجل فالمشكلة هي الإنسان في ظل الوحدة البشرية فيجب أن نتجاوز المشكلات والمعوقات التي تداهمنا من أميه وأمراض وصراعات وانقسامات واضطهاد فكري وأن نتعامل مع المستجدات بنظرة شمولية قوامها الإنسان بشقيه الرجل والمرأة. عن صحيفة الرأي الاردنية