الرجل الذي أقام العالم وأقعده بنظريته .. اصل الانواع .. هو عالم حيوان، انجليزي الجنسية ، اشتهر بنظرية التطور ومبدأ الانتخاب الطبيعي ، حول نشأة الإنسان . Charles Robert Darwin تشارلز روبرت داروين شخصية علمية وصاحب "نظرية التطور" هذه النظرية التي استحوذت على تفكير العديد من العلماء والمفكرين، وقد استخلص داروين هذه النظرية بناء على تعمق شديد في دراسة التاريخ الطبيعي لكل من الإنسان والحيوان والنبات، وعلى الرغم من ذيوع صيت نظريات داروين الخاصة بالنشوء والارتقاء إلا أنها واجهت الكثير من الجدل فكانت دائماً محل نقاش سواء من الناحية العلمية أو الناحية الدينية، فخضعت دائماً للمعارضين والمؤيدين من رجال الدين والعلماء. النشأة ولد تشارلز داروين في الثاني عشر من فبراير عام 1809م بـ شرو سبوري بإنجلترا لعائلة علمية، والده هو الدكتور روبرت وارنج داروين، وكان جده "ارازموس داروين" عالماً ومؤلفاً بدوره، وضع كتاب " قوانين الحياة الحيوانية" هذا الكتاب الذي وضع الأساس في نظرية التطور . كان داروين منذ طفولته منصرفاً إلى عالم الطبيعة متأملاً له جامعاً لنماذج الحشرات والنباتات، وفي سن السادسة عشر أنتقل داروين إلى أدنبرة لدراسة الطب هذه الدراسة التي لم يحبها حينها، ولم يمكث بها سوى عامين، وعلى الرغم من عدم حبه لدراسة الطب إلا انه أظهر ندم بعد ذلك على عدم إكماله لها وذلك نظراً لما كانت ستوفره له من معرفة بعلم التشريح. بعد أن ترك داروين دراسة الطب رأى والده أن يلحقه بدراسة اللاهوت وذلك لكي يصبح رجلاً من رجال الكنيسة، ولكن لا تسير الأمور دائماً كما يخطط لها الإنسان فبدلاً من أن يصبح داروين أحد رجال الكنيسة المخلصين، جاءت نظريته عن خلق الكائنات وتطورها لتقلب رجال الدين ضده كما تقلب نظريات اللاهوت نفسها، ويتم اتهامه بالكفر والإلحاد. داروين يتجه للطبيعة أنتقل داروين إلى كامبريدج في أوائل عام 1828م ، وقضى في هذه المدينة ثلاث سنوات، وعمل على الإطلاع وتثقيف نفسه في العلوم الخاصة بالطبيعة، وتخرج من جامعة كامبريدج حاملاً درجته العلمية عام 1831م. عمل داروين على دعم حبه للعلوم الطبيعية من خلال الإطلاع وخوض تجارب عديدة، فعمد إلى قراءة أخبار همبولت هذا الفليسوف والرحالة والذي قام بالعديد من الأبحاث الخاصة بعالم البحار بما فيه من نباتات وحيوانات، كما أضاف له الكثير صداقته لأستاذ متخصص في علم النباتات يدعى "هنسلو"، إلى جانب انضمامه لنادي الذواقين حيث كان يقوم أعضاء هذا النادي بإجراء التجارب على كل من النباتات والحيوانات من أجل ابتكار وصفات جديدة لطهي الطعام غير ما هو متعارف عليه. كان داروين متأملاً لحياة الكائنات من الحيوانات والنباتات، يسعى دائماً لاكتشاف المزيد فكان يقوم بجمع أنواع مختلفة من الحشرات، شغوفاً بمعرفة المزيد عن عالم الطبيعة وما تحويه من أسرار. هيئت لداروين فرصة متميزة يتمكن من خلالها من إجراء البحوث وجمع المعلومات المختلفة عن الطبيعة وتطور الكائنات، وذلك حينما قام أستاذ النباتات " هنسلو" بترشيح داروين لأحد أساتذة الفلك بجامعة كامبريدج وذلك لمرافقة بعثة علمية إلى " أرض النار" والأرخبيل الهندي، وجاء ترشيح هنسلو لداروين بناء على إلمام داروين وولعه بدراسة التاريخ الطبيعي. وجاء في رسالة هنسلو إلى داروين ما يلي " إنني لم أخترك لأنني أعتبرك عالماً طبيعياً بلغ منتهى الكمال، ولكني أعرف أنك تستطيع أن تستغل هوايتك أحسن استغلال في جمع النماذج وملاحظة الأشياء وتدوين الملاحظات بدقة وعناية، ولاشك أنك ستسجل كل ما يستحق أن يسجل بالقياس للتاريخ الطبيعي". رحلته لأرض النار استغرقت البعثة العلمية التي صحبها داروين لأرض النار خمس سنوات وذلك على متن السفينة "بيجل" في الفترة ما بين 1831- 1836م، استثمرها داروين في إجراء الأبحاث وتدوين المعلومات والنتائج التي يصل إليها، وكان أعضاء البعثة مكلفين بدراسة أجواء وتضاريس ارض بتاجونيا وأرض النار وشيلي وبيرو وعدد من جزر المحيط الهادي، بينما أختص داروين بدراسة النباتات والحيوانات في هذه المناطق، وبدأت المعلومات تتجمع في عقلية داروين شيئاً فشيئاً عن أصل الكائنات وتطورها، وهو الأمر الذي ساعده بعد ذلك على وضع نظريته الخاصة بالتطور. وأثناء الرحلة عمل داروين على تحليل الأتربة التي حملها الهواء وكون من خلال النتائج فكرة عن أنواع الحيوانات والنباتات الموجودة بالمنطقة، كما عمل على دراسة حفريات الحيوانات بسهول " البمباس" وسعى لمحاولة التعرف علي الفروق البسيطة بين الحيوانات من الأنواع المتقاربة، الأمر الذي وجه نظره نحو فكرة التغير التدريجي للأنواع، وكانت جميع التجارب والأبحاث التي قام بها داروين والنتائج التي توصل إليها والملاحظات التي سجلها خلال رحلته عامل أساسي في تكوين نظريته في النهاية. عاد داروين من رحلته عام 1836م حاملاً معه ما قام بجمعه من أبحاث وملاحظات عمل على جمعها على مدار خمس سنوات، واستقر بعد ذلك في لندن ثم انتقل منها إلى كامبريدج فعمل على تجميع أبحاثه وترتيبها بالإضافة للمجموعات النباتية والحيوانية التي جمعها، وعمد إلى تأليف كتابه " رحلة إلى عالم طبيعي" عام 1839م . نظرية " أصل الأنواع " تولدت نظرية أصل الأنواع في فكر داروين بعد سلسلة الأبحاث والظواهر والمشاهدات التي سجلها على مدار سنوات عديدة، وقام بالربط بينها ليتضح من خلالها التسلسل التدريجي والعلاقات المختلفة بين أنواع الكائنات، ظهر كتاب " أصل الأنواع" عام 1859م ، وذلك في محاولة لإظهار فكرة الأصل المشترك للكائنات وتفسير التنوع الموجود بالطبيعة. قال داروين لأحد أصدقائه " لقد ملأت كراسات بعد كراسات بالملاحظات ودهشت للظواهر التي كانت تتجمع من تلقاء نفسها بوضوح بحيث يسهل وصفها تحت قوانين ثانوية". وأثارت هذه النظرية ردود فعل غاضبة ومعارضة حيث جاءت نظريته معارضة مع نظرية الخلق في الكتب الدينية فثارت عليه الكنيسة، ولاقت آراؤه معارضة في الفكر الإسلامي حيث جاءت أفكاره معارضة للعقائد السماوية والتي يأتي بها أن الله سبحانه وتعالي هو الخالق لجميع الكائنات الحية المختلفة وان لكل نوع استقلاله عن غيره. داروين والمواقف المعارضة له قوبلت أراء داروين في أصول الكائنات وتطورها بهجوم شديد من قبل رجال الدين وعدد من العلماء، فقد تم اتهامه بالكفر والإلحاد وذلك لما جاء في نظريته من أن الوجود نشأ بدون خالق - تعالى الله عز وجل - وان الإنسان جاء تطوره من القرود، وان جميع المخلوقات نشأت من خلية واحدة انقسمت لعدد من الخلايا وتطورت نتيجة لعدد من العوامل البيئية والمناخية، وبدأت تتطور وتتعدد خلاياها حتى تكونت النباتات والحشرات والحيوانات والإنسان فتطورت الكائنات وتنوعت حتى أصبحت في شكلها الحالي . ومما جاء به داروين في نظريته أن غالبية البشر بالعالم هم من أصل القرود ومروا بمراحل من التطور، وأنهم يتسلسلون بحسب قربهم لأصلهم الحيواني فيتدرجون في ست عشرة مرتبة، ويأتي الزنوج، ثم الهنود، ثم الماويون ثم العرب في أسفل السلسلة، والآريون في المرتبة العاشرة، بينما يمثل الأوربيون (البيض) أعلى المراتب في السلسلة وهي الخامسة عشرة والسادسة عشرة، وأن هناك حلقة مفقودة بين كل من القرد والإنسان. وان الأجناس في أعلى السلسلة السابقة يكون لديهم القدرة على السيطرة والتسخير للأجناس الأقل في الترتيب في السلسلة، وكلما كان الفارق بينهما في الترتيب كبيراً كلما زادت السيطرة، وطبقاً لذلك يكون الأوربيون هم أقدر على السيطرة على الزنوج أكثر من قدرتهم على السيطرة على من هم موازيين لهم في السلسلة، وأن بعض الشعوب لديها القدرة على الاستعباد وفرض السيطرة بينما تكون الفئة الأخرى قابلة للاستعباد والسيطرة عليها. وقد أغفل داروين خلال نظريته أن جميع البشر جاءوا من أصل واحد وهو ادم وحواء، وان الله سبحانه وتعالي خلقهم من طين، وان الله هو الخالق المصور لجميع الكائنات على وجه الأرض، وخالق الكون . مؤلفاته وأبحاثه ظهرت العديد من الأبحاث والمؤلفات لداروين في علوم النبات والحيوان والجيولوجيا نذكر من هذه المؤلفات : .. أصل الأنواع .. سلالة الإنسان .. الشعب المرجانية 1842م .. رحلة عالم طبيعي 1854م .. وصف حياة المحار .. النباتات آكلة لحوم البشر .. ملاحظات عن حركة وعادات النباتات المتسلقة .. دراسته للإخصاب بالطريق المباشر وبطريق التهجين .. قدرة النباتات على الحركة . توفى داروين في التاسع عشر من إبريل عام 1882م ، وذلك بعد أن أثار العالم بنظرياته والتي واجهت المعارضة والرفض من قبل الكثيرين، وظلت حتى اليوم محلاً للمجادلة والنقاش . دفن داروين في كاثدرائية وستمنستر آبي في لندن إلى جانب كل من وليم هرتشل وإسحق نيوتن تكريمًا لتميّزه في هذا المجال. --------------------