نظرية النسبية لآينشتين
الناقل :
elmasry
| الكاتب الأصلى :
Explorer
| المصدر :
www.arabs2day.ws
سرعة الضوء
سرعة الضوء تبلغ 300 ألف كيلو متر في الثانية الواحدة وهذا يعني أنه يمكن للشعاع الضوئي أن يدور سبع مرات حول الكرة الأرضية في الثانية ولذلك لا نستغرب حين نشاهد في احدى المحطات الفضائية برنامجاً تلفزيونيا ويشاهده في نفس اللحظة اناس اخرون على الطرف الثاني من الكرة الارضية لأن الاشارات اللفزيونية تنتقل بسرعة الضوء (لانها اشعة كهرومغناطيسية مثل الضوء). وبالطبع نحن نسمع صوت الرعد بعد لحظات من رؤية ضوء البرق أو نرى ضوء انفجار قذيفة قبل لحظات من سماع صوتها وهذا يعود إلى الاختلاف الكبير بين سرعة الضوء وسرعة الصوت (تبلغ سرعة الصوت 330 متر في الثانية).
أجرى العلماء العديد من التجارب لقياس سرعة الضوء ووصلوا إلى القيمة التي ذكرناه سابقاً (300 ألف كيلومتر في الثانية) وهذه السرعة الكبيرة للضوء استخدمت في تقدير المسافات الفلكية بين النجوم والمجرات لأنه لا يمكن بأي حال من الاحوال الاعتماد على وحدة المتر ومضاعفاته، ولذلك اذا قرأت في كتب الفلك ستجد ان وحدة قياس المسافة هي السنة الضوئية وهي المسافة التي يقطعها الضوء خلال سنة والتي تساوي 9460000000000 كيلومتر. لاحظ هنا أن السنة الضوئية هي وحدة زمن ولكن استخدمت لتقدير المسافة أي أن الزمن بعد يضاف إلى الابعاد الثلاثة x,y,z ولهذا سمي بالبعد الرابع.
الأثير
نعلم أن الصوت ينتقل من خلال موجات اهتزازية تحدث اضطراب في الهواء وبهذا فإن الصوت ينتقل خلال وسط الهواء كما أن الامواج التي يحدثها حجر اسقط في بركة ماء فإن الاضطراب الذي احدثه الحجر ينتقل في صورة امواج اهتزازية خلال جزيئات الماء. الآن ماذا عن الضوء؟ وما هو الوسط الذي ينقله؟ وما هو ذلك الشيئ المكون لأمواج الضوء؟.. هذه اسئلة حيرت العلماء وقادتهم افكارهم إلى افتراض وسط سموه الاثير يملء فراغ الكون وقد اعطى العلماء خصائص للاثير بما يناسب تجاربهم، فالاثير له من الخصائص الكثير فمثلا الاثير يخترق جميع الاجسام والنجوم والكواكب التي تسبح فيه. الاثير ينسحب خلف الاجسام الصلبة وازدادت خصائص الأثير مع كل تجربة لا تتفق نتائجها العملية مع المتوقع من الاثير. بذلك اعتبر العلماء الاثير هو الشيء الثابت والمطلق الذي ينقل الضوء من خلاله وان كل جسم متحرك فهو متحرك بالنسبة للأثير (حتى الضوء) أي أن سرعة الأرض مثلا هي سرعتها بالنسبة للأثير وسرعة الضوء هي سرعته بالنسبة للأثير.
تجربة ميكلسون مورلي
لم يكن العلماء بحاجة إلى تجارب لاثبات فرضية وجود الأثير ولكن تجربة بسيطة تثبت وجود الأثير سيزيد من تثبيت اركان علم الفيزياء. تعتمد فكرة التجربة التي اجراها كلاً من العالمين ميكلسون ومورلي على قياس الفرق في سرعة الضوء بالنسبة للاثير وذلك من خلال جهاز يسير فيه الضوء مسافة معلومة مرة مع تيار الاثير ثم ينعكس على سطح مرآة ويعود ليتداخل مع شعاع ضوئي أخر قد انعكس عن مرآة تبعد نفس المسافة بحيث أن الشعاع الثاني يسير عموديا على اتجاه الاثير. وهذا سوف يحدث تداخل للشعاعين مما ينتج للمشاهد اهداب تداخل عبارة عن مناطق مضيئة ومناطق معتمة تتغير بتغير سرعة الضوء. وباجراء حسابات بسيطة نجد أن الشعاع الضوئي الموازي للأثير يستغرق زمن اطول لاكمال رحلة الذهاب والاياب من الزمن اللازم للشعاع الذي يسير عمودي على الاثير. هذا الاختلاف يتغير اذا اديرت الطاولة التي تحمل التجربة بحيث يصبح الشعاع الموازي للأثير عموديا والشعاع الذي كان عمودي يصبح موازيا للأثير. ما الفائدة من ذلك؟ توقع العلماء عند دوران التجربة بالنسبة للاثير ان يحدث تغيير في الاهداب المتكونة نتيجة للتداخل بين الشعاعين الضوئيين (للاختلاف في الزمن بينهما) بحيث تحل الهدبة المضيئة مكان الهدبة المعتمة وهكذا..
ان الفارق الزمني لرحلة الذهاب والعودة للشعاعين يعود إلى فرضية أن الضوء ينتقل في وسط الأثير وبالتالي فإن سرعة الضوء سوف تعتمد على سرعة الارض بالنسبة للأثير وعلى اعتبار أن الارض تسير بالنسبة للأثير بسرعة مقدارها 30 كيلو متر في الثانية. وعليه يكون من المتوقع أن تختلف سرعة شعاع الضوء الذي يوازي اتجاه الاثير عن الشعاع العمودي عليه...
كانت نتيجة التجربة على غير المتوقع ولم يحدث تغيير في مواقع أهداب التداخل. واعيدت التجربة مرات عديدة في مناطق مختلفة على الارض وفي اوقات مختلفة ولكن دائما لم يكن هناك تغيير في مواقع الاهداب الذي كان يتوقعه العالمين من نتائج التجربة او العلماء الآخرون الذين حاولوا تكرار التجربة.
هذه النتيجة السلبية (عدم اتفاق النتائج العملية مع النظرية تسمى نتيجة سلبية) صدمت العلماء في صحة نظرياتهم الكلاسيكية وتمسك العلماء بفرضية الاثير وجعلتهم يقولون تارة ان الاثير ولا بد وانه يسير مع الارض وتارة يقولون أن الاجسام تنكمش في اتجاه حركتها خلال الاثير وغيره من الاعتقادات وذلك لرفضهم فكرة فشل فرضية الاثير وكل ما بني عليها لسنوات...
وهنا جاء آينشتين وهو في الخامسة والعشرين من عمره ليبني اسس جديدة للفيزياء سماها النظرية النسبية.....
الابعاد الأربعة (المكانية والزمانية)
نحتاج قبل الدخول إلى مفاهيم النظرية النسبية تعريف مفهوم الابعاد المكانية والزمنية حيث أن كثيرا ما تعرف النظرية النسبية على انها نظرية البعد الرابع. فما هي هذا الأبعاد الاربعة وكيف نستخدمها ولماذا اينشتين العالم الأول الذي اكد على ضرورة استخدام البعد الرابع (الزمن) بالاضافة إلى الابعاد الثلاثة التي اعتمد عليها جميع العلماء من قبله...
تطور مفهوم الابعاد مع تطور الانسان واقصد هنا تطوره في الحياة ففي الزمن الأول كان الانسان يتعامل مع بعد واحد في حياته هذا جاء من احتياجه للبحث عن طعامه فكان يستخدم رمحه لاصطياد فريسته وبالتالي كان يقذف رمحه في اتجاه الفريسة حيث ينطلق الرمح في خط مستقيم وحركة الرمح هنا تكون في بعد واحد وسنرمز له بالرمز x. ومن ثم احتاج الانسان ليزرع الارض وبالتالي احتاج إلى التعامل مع مساحة من الأرض تحدد بالطول والعرض وهذا يعد استخدام بعدين هما x و y لأنه بدونهما لايستطيع تقدير مساحة الأرض المزروعة. وعندما احتاج الانسان للبناء أخذ يفكر ويحسب في البعد الثالث وهو الارتفاع. وهذه هي الابعاد الثلاثة x,y,z والتي كانت الاساس في حسابات الانسان الهندسية، وحتى مطلع القرن العشرين اعتبرها الانسان كافية لحل كل المسائل التي تقابله على سطح الكرة الأرضية. وحتى يومنا هذا نعتمد على الابعاد الثلاثة في تنقلاتنا وسفرنا وحساباتنا.
آينشتين هو العالم الوحيد الذي فكر في البعد الرابع (الزمن) وقال ان الكون الذي نعيشه ذو أربعة ابعاد وهي الطول والعرض والارتفاع والزمن. وادخل البعد الرابع في جميع حساباته. يستطيع الانسان تخيل البعد الواحد والبعدين ويمكن رسمهما ولكن البعد الثالث يحتاج منه إلى قدرات تخيلية إضافية ولكن من الصعب التفكير والتخيل بالابعاد الاربعة معا وخصوصا أن البعد الرابع وهو الزمن لايمكن رؤيته ولكننا نعيشه وندركه كمسلّمة من مسلّمات الوجود. فإذا اعتبرنا أن هندسة الكون تعتمد على اربعة ابعاد فإن حساباتها ستكون غاية في التعقيد ونتائجها غير متوقعة وهذا مافعله آينشتين في نظريته النسبية.
الزمان في النسبية
لم يكتف آينشتين بأن أثبت أن المكان نسبي ولكن عمم نسبية المكان على الزمان (البعد الرابع) حيث أنه قال طالما أننا نعيش في عالم ذو أربعة ابعاد ووجد أن الأبعاد المكانية الثلاثة التي تحدد بـ x,y,z هي نسبية لا بد وان يكون الزمان (البعد الرابع) نسبياً أيضا هذا هو أينشتين الذي يفكر ويضع النظريات ويحلل النتائج في عقله ويخرج للناس بمفاهيم جديدة لم يستطيع احد ان ينفيها ولا ان يبطلها ولا ان يصدقها ولكن كانت نسبية المكان والزمان منذ ذلك الوقت وحتي يومنا هذا تبرهن على صحتها من خلال تفسيرها للعديد من الظواهر الفيزيائية التي حيرت العلماء ولم يكن امامهم الا تطبيق نظرية اينشتين ليجدوها تفسر تلك الظواهر وسيأتي شرح تفصيلي لهذه الظواهر..
اعتبر العلماء ومن بينهم العالم نيوتن أن الزمن مطلق ويجري بالتساوي دون أية علاقة بأي مؤثر خارجي. ولكن اينشتين لم يتقيد بما سبقه من العلماء وفكر بالأمر من وجهة نظر مختلفة تشمل الكون الفسيح كيف ذلك؟؟...
تعودنا نحن سكان الكرة الأرضية على تقدير الزمن من خلال اليوم واجزائه (الساعة والدقيقة والثانية) ومضاعفاته (الاسبوع والشهر والسنة والقرن) ويومنا هو مقدار الزمن اللازم للأرض لتدور حول نفسها دورة كاملة والسنة هي مقدار الزمن اللازم للأرض لاكمال دورة كاملة حول الشمس وتساوي 365 يوم وربع اليوم. ولكن ماذا عن اليوم والسنة على كوكب عطارد أو كوكب بلوتو لا شك أن ذلك سيكون مختلف بالنسبة لمقايسنا فالسنة على كوكب عطارد ثلاثة أشهر من الوقت الذي نقيسه على الأرض بينما السنة على كوكب بلوتو فهي اكبر من ذلك بكثير وتساوي 248 سنة من سنوات الأرض.. الأمر عند هذا الحد معقول ولكن ماذا عن المجرات الأخرى كيف تقدر اليوم والسنة عندها؟ وهل يمكن استخدام الازمنة الأرضية كمقياس للزمن على ارجاء هذا الكون الفسيح؟ وتجدر الاشارة هنا إلى أن مصطلح فسيح لا يعبر عن مدى كبر حجم هذا الكون ...لنرى معا المقصود بكلمة فسيح.
مما سبق تبين أن هذا الكون يحتاج إلى طريقة جديدة لتقدير المسافات بين مجراته ونجومه لأن استخدام وحدة المتر أو الميل ستقودنا إلى ارقام كبيرة جدا لا يمكن تخيلها ولهذا فإن العلماء يستخدمون سرعة الضوء لقياس المسافة حيث أن سرعة الضوء 300 ألف كيلومتر في الثانية (الضوء يدور حول الأرض 7 مرات في الثانية أي عندما تقول كلمة واحدة يكون الضوء قد لف حول الارض سبع مرات) واذا حسبنا المسافة التي يقطعها الضوء في السنة نجد انها مسافة كبيرة جدا (الارقام الفلكية) فمثلا نعلم أن اشعة الشمس تصلنا خلال ثمانية دقائق وبهذا يكون بعد الشمس عنا ثماني دقائق ضوئية وهنا استخدمنا وحدة الزمن لقياس المسافة. مثال اخر على اقرب نجم إلى المجموعة الشمسية يسمى الفا قنطورس يبعد عنا اربعة سنوات ضوئية والنجوم البعيدة في مجرتنا تبعد عنا الاف السنوات الضوئية ويقدر قطر درب التبانة بـ 80 الف سنة ضوئية (تخيل ان الضوء الذي يصدر عند احد اطرافها يصل إلى الطرف الآخر بعد ثمانين الف سنة) كل هذا في مجرتنا وبعض التلسكوبات رصدت مجرات تبعد عشرة الف مليون سنة ضوئية ذلك يعني أنه اذا وقع حدث ما في طرف الكون فإنه لا يصل إلى الطرف الاخر قبل مرور عشرة الاف مليون سنة!!! وسنعلم ايضا أن الكون لا زال يتمدد وبسرعات هائلة... سبحان الله ولا نملك إلا أن نقول ذلك..
الارقام والابعاد الفلكية السابقة ضرورية لشرح الموضوع التالي والذي من خلاله سنوضح مفهوم نسبية الزمن لدى آينشتين.
افترض انك في غرفة مظلمة تماماً وتحرك جسم من مكان إلى مكان آخر في هذه الغرفة فإنك لا تعلم بذلك (على افتراض انك لا تعتمد على حاسة السمع) ولكن في وجود الضوء فإن انتقال الجسم او حركته ترصدها من خلال انعكاس الضوء من على الجسم المتحرك إلى العين. الضوء هو الوسيلة الوحيدة التي نعلم من خلالها حدوث حدث ما في الكون وهو اسرع وسيلة لنقل المعلومات بين النجوم والمجرات فحدث ما على الشمس نعلم به على الارض بعد ثمانية دقائق من وقوعه، وانفجار نجم الفا قنطورس يصلنا خبره بعد اربعة سنوات لان الضوء القادم منه سيصل الارض بعد اربعة سنوات وكذلك النجوم التي نراها في الليل قد لا تكون موجودة الان ولكننا نرى الضوء الذي صدر عنها منذ سنوات او الاف السنوات حسب بعدها عنا أما التي تبعد عنا الف مليون سنة ضوئية فإن ضوءها الذي يصلنا الآن يعطينا معلومات عنها قبل ظهور الحياة على الارض!! هذا يقودنا إلى أن كلمة الآن لا وجود لها إلا على الأرض هذا كله يدركه الناس ولا غرابة فيه لأننا نعلم كم هذا الكون واسع وفسيح.. لم تقف النظرية النسبية عند هذا الحديث فقط بل تعدته إلى القول أن الزمن نفسه لا يجري في الكون بشكل متساوي بل يقصر ويطول حسب سرعتنا ومكاننا بالنسبة للحدث. وليس المقصود هنا ان ذلك مجرد شعورنا بان الزمن يمر ببطء أو أنه يمر بسرعة حسب مشاعرنا بالسعادة أو التعاسة عندما نقوم بعمل ما. فنسبية الزمن لا تعتمد على شعورنا ومزاجيتنا انما المقصود في النظرية النسبية أن الساعة الزمنية التي تدل على فترة معينة من الزمن هي التي تطول أو تقصر حسب السرعة والمكان.
لتوضيح هذا الفكرة نفرض ان شخصين لديهما ساعات متماثلة تم ضبطهما بدقة، احد الشخصين قرر البقاء على الارض والشخص الآخر سافر في مركبة فضائية تسير بسرعة كبيرة، فإذا وفرت للشخص الارضي مرصدا يراقب من خلاله ساعة الشخص الفضائي فإنه كلما زادت سرعة الشخص الفضائي كلما تباطئت حركة عقارب ساعته بالنسبة للشخص الأرضي واذا ما وصلت سرعة المركبة الفضائية إلى سرعة الضوء فإن الشخص الارضي سوف يجد ان عقارب ساعة الشخص الفضائي توقفت عن الحركة أي أن الزمن توقف واصبح صفراً وهذا التباطئ في ساعة الفضائي ليس بسبب خلل في الساعة انما نتيجة لسرعته..
إن الامر لا يقف عند هذا الحد في النظرية النسبية لأن ذلك انعكس على مفهومنا للماضي والحاضر والمستقبل فمثلا انفجار نجم ما قد يكون ماضي بالنسبة لشخص في هذا الكون ويكون حاضر لشخص آخر في مكان اخر وقد يكون مستقبلا بالنسبة لشخص ثالث في مكان ثالث. وهذا بسبب تباطئ الزمن. حسب سرعة كل شخص بالنسبة للحدث ومكانه. ولها لا معني للماضي والحاضر والمستقبل إلا على الارض لان الشريط الزمني المعروف لنا يتباطئ بدرجة معينة في مكان معين في الكون ويتباطئ بدرجة مختلفة في مكان آخر وهكذا..
بعيدا عن النسبية
وهنا أود ان اوضح أننا نعيش الزمن من خلال تقسيمه إلى ماضي وحاضر ومستقبل وكلنا يستطيع ان يسبح بخياله في احداث الماضي ويعيش اللحظات الحاضرة بحلوها ومرها ولكن المستقبل فلا قدرة لنا عليه وعلى توقع ماذا سيحدث فيه وذلك لاننا كمخلوقات لله سبحانه وتعالي حجب عنا احداث المستقبل (كما حجب عنا رؤية الاشعة تحت الحمراء والفوق بنفسجية وحجب عن سمعنا ترددات معينا يمكن لمخلوقات اخرى سماعها لاننا بشر محدودين لكوننا مخلوقات) أما الله سبحانه وتعالى فالازمنة والاحداث عنده كالكتاب المفتوح. الله يعلم بالماضي والحاضر والمستقبل فهو يعلم ماذا فعلنا وماذا نفعل وماذا سنفعل في أي وقت وفي اي لحظة.
--------------------