مقدمة : لقد برزت الأهمية الإقتصادية لقطاع السياحة بعد أن أصبح هذا القطاع في النصف الثاني من القرن العشرين أحد المكونات الهامة فى الهيكل الاقتصادي لدى الكثير من دول العالم . و بعد أن أصبحت السياحة تمثل أكثر من 6 % من الناتج العالمي حيث تلعب دوراً هاماً فى اقتصاديات بعض الدول إذ تعتمد عليها بعض الدول اعتماداً رئيسياً كمصدر هام من مصادر الدخل القومي و قد كان لحادث الحادي عشر من سبتمبر 2001 (ضرب مركز التجارة العالمي) بأمريكا و ما أعقب ذلك من ضرب أمريكا لأفغانستان أدى إلى حدوث حالة من الركود السياحي ليس على مستوى مصر فقط و إنما على مستوى العالم ككل . و قد جاءت الأحداث الأخيرة فى ظل وجود ازمة ركود فعلية كانت تواجة الاقتصادات العالمية و الناشئة مما جعل الأمر يزداد قسوة على تلك الدول . و قد أشارت أحدث تقارير منظمة التجارة العالمية إلى أن الأحداث التى وقعت فى الولايات المتحدة لم تكن مسبوقة من حيث وقعها على العالم كلة و أنة من أكثر القطاعات تضرراً من الحادث قطاع السياحة و الطيران . و لقد القت الأزمة الأخيرة بظلالها على مصر إذ شهد قطاع السياحة انخفاضاً فى حجم ايراداتة و انخفاضاً فى حجم الاشغال الفندقى بالاضافة إلى الغاء رحلات كثيرة و الغاء الحجز لرحلات سياحية أيضاً مما جعل المسئولين عن السياحة فى مصر يفكرون فى البدائل لتعويض خسائر السياحة المصرية
المشكلة موضوع الدراسة: السياحة المصرية تواجه أزمة عالمية شاملة أثرت بشكل ملحوظ على اقتصاديات صناعتي الطيران المدنى و السياحة فى العالم .* الظواهر الدالة على المشكلة : كان هناك بعض الظواهر الدالة على هذة المشكلة أهمها ما يلى : انخفاض الحركة السياحية الوافدة خلال شهر سبتمبر 2001 و هو الشهر الذى حدثت فية الأزمة بمقدار 18.2 %(1)مقارنا بشهر سبتمبر المماثل من العام الماضى فى حين أنة انخفضت الليالى السياحية المحققة بنفس المقدار تقريباً خلال سبتمبر الحالى عنة فى سبتمبر المماثل من العام الماضى و من المتوقع خلال الفترة القادمة أن يقل تدفق عدد السائحين بمعدل أكثر من ال 18 % حيث أنة قد أضطر بعض السائحين إلى السفر نظراً لعدم موافقة الشركات على الغاء الحجوزات و طبقاً للبيانات المبدئية الواردة من إدارة الجوازات حتى 31/10/2001 أنة انخفضت حركة قدوم السائحين بنسبة 34 % خلال الفترة من 11/ 9/2001 و إلى 23 /10 /2001 و ذلك مقارنة بنفس الفترة من العام السابق . نجد أن المتوسط العام لنسب الإشغال الفندقى بلغ 56 % خلال سبتمبر 2001 بنسبة انخفاض قدرها 16 % مقارناً بالشهر المناظر من عام 2000 (يلاحظ اختلاف نسبة الإنخفاض فى الليالى السياحية و نسبة الإنخفاض فى الإشغال الفندقى و ذلك يرجع إلى الاعتبارات التى تتخذها وزارة السياحة عند حساب نسب الإشغال حيث أنها لا تأخذ فى اعتبارها الفنادق النجمتين و النجمة الواحدة و الشقق المفروشة ……… إلخ . (1)وزارة السياحة (تقرير تحليلى لإحصائيا ت الحركة السياحية الوافدة خلال شهر سبتمبر 2001 ) تأثرت حركة الطيران تأثراً شديد بأحداث الحادى عشر من سبتمبر حيث أنة لازال هناك احجام من المسافرين على استخدام الطيران و ذلك على مستوى العالم كلة و ذلك بدافع الخوف الإنسانى من ركوب الطائرات و قد صرحت شركة مصر للطيران أنة هناك انخفاض كبير فى عدد الرحلات المتجهة إلى العالم أو القادمة إلى مصر و خاصة من أوربا و آسيا . انخفاض حركة الملاحة السياحية لمصر فقد قامت شركات التأمينLIOYDSوHSBC بادراج مصر ضمن قائمة الدول التى قد يحدث بها حروب مما يترتب علية قيام العديد من شركات الملاحة الالمانية و اليونانية بالغاء رحلاتها البحرية إلى مصر تجنباً لتحمل نسبة زيادة قدرها 300 % فى رسوم التأمين (1). قيام العديد من شركات الطيران العالمية بالغاء كل أو بعض رحلاتها إلى الشرق الأوسط و مصر (السويسرية – الكورية- البلجيكية- السنغافورية – الخليج – الدنماركية ) . تأجيل عدد من المؤتمرا ت الدولية التى كان من المقرر عقدها بمصر مثل مؤتمر جمعية Cimpa الأميريكية , مؤتمر الإتحاد الدولى للمعارض …….إلخ . التساؤلات : هل لقطاع السياحة أثر ملموس على الناتج المحلى الإجمالى و من ثم على توازن ميزان المدفوعات . هل يساهم قطاع السياحة بشكل فعلى فى توظيف العاملين و بالتالى الحد من البطالة . هل من الممكن مقارنة الآثار و الظروف الخاصة بكل من حادثى الأقصر و حرب الخليج بحادث الحادى عشر من سبتمبر2001 . هل هناك استراتيجية موضوعة من جانب وزارة السياحة لمواجهة الأزمة . هل من الممكن أن نتوقع فترة امتداد الأزمة السياحية التى تمر بها مصر و ما هى التاثيرات المحتملة فى ظل سيناريوهات بديلة للإنحسار السياحى . تعتبر السياحة المصرية قاطرة التنمية الإقتصادية فهى تعتبر أهم بنود صادراتنا حيث أنها تمثل أحد المصادر الهامة للاقتصاد القومى من العملات الأجنبية بواقع 4.3 مليار دولار عام 2000 .1 و طبقاً للدراسة الأخيرة التى قام بها المركز المصرى للدراسات الإقتصادية فانه اتضح أن السياحة تمثل حوالى 11 % من الناتج المحلى الإجمالى (عند الأخذ فى الاعتبار الأثر المباشر و الغير مباشر لإنفاق السائحين ) و هذة النسبة ليست بالهينة إذ أنها تساعد على معالجة العجز في ميزان المدفوعات المصرى و ذلك يبرز لنا الأهمية الكبيرة لهذا القطاع كمصدر من أهم مصادر تدفق العملة الأجنبية إلينا ( 2). فضلا عن ذلك نجد ان للسياحة 70 صناعة و خدمة مغذية لها فانتعاش السياحة ينعكس على تلك الصناعات و نجد أنة من أهم الصناعات ارتباطاً بالسياحة صناعة الطعام , المشروبات , الملابس و الأحذية و الجلود( 3). مساهمة السياحة فى حل مشكلة البطالة : لقد تلاحظ أن السياحة فى مصر قد يترتب عليها توظيف حوالى 2.70 مليون مواطن بشكل مباشر و غير مباشر( 2). و نتيجة للآثار السلبية لأحداث الحادى عشر من سبتمبر فقد استغنت بعض شركات الطيران و السياحة العالمية عن بعض العاملين فيه (Laying off Workers ) مما يؤدى إلى ارتفاع معدل البطالة على مستوى العالم . بالنسبة للوضع فى مصر فقد أستغنت بعض شركات السياحة و الفنادق عن بعض العاملين فيها و قد تركزت نسبة من تم الاستغناء عنهم فى ال (Extra’s) أى الذين يعملون بصفة مؤقتة فى أوقات الذروة السياحية مثل ( بعض الأشهر فى الأقصر و أسوان و الإسكندرية ) . و غالبية من تم الاستغناء عنهم كانوا بعقود مؤقتة محددة المدة و قصيرة الأجل لا تتعدى ستة أشهر و من شروط هذا النوع من التعاقد أنة فى غالبية الأحيان يتم سداد قيمة العقد عند الاستغناء عن العاملين . و نجد أنة من الصعب تحديد عدد الموظفين الذين تم الاستغناء عنهم حتى الآن حيث أنة لا يوجد احصائية أو اجراء معين يحدد هذا العدد بالضبط إلا أنة تم تقدير عدد العاملين المؤقتين الذين تم الاستغناء عنهم بحوالى6000 موظف على الأقل( تقدير مبدئى )(1). أما بالنسبة للوضع للعمالة الدائمة (Permenant Staff) و هم من يعملون بعقود عادية و مؤمن عليهم فى التأمينات فمنهم من أخذ إجازة بمرتب منخفض و منهم من تم تخفيض مرتبة بنسبة 25 – 50 % و ذلك فى طبقة المديرين( (Managerial Level( 1). (1)المصدر : الأستاذ أحمد الخادم (مدير الاتحاد المصرى للغرف السياحية ) و فى محاولة للحد من تخفيض مرتبات العاملين فى مجال السياحة و الفنادق و المطاعم فقد عقد اجتماع عقب أحداث الحادى عشر من سبتمبر مباشراً يضم كل الغرف السياحية و قد أصدر هذا الاجتماع توصية هامة و هى ألا يتم تخفيض مرتب أى شخص يقل راتبة عن 500 جنية إلا أنة لم يكن لهذة التوصية صفة الالزام حيث أنة من حق كل شركة أن تتخد الاجراءات المناسبة حتى لا تتعرض للإفلاس(1) . فضلاً عن ذلك نجد أن معظم شركات السياحة و الفنادق لازالت متمسكة بالعاملين فيها خاصاً بعد قرار السيد رئيس مجلس الوزراء الذى أشترط للاستفادة من خدمات الحكومة عدم قيام الشركات بتسريح العاملين فيها . و من مطالب القائمين على السياحةأن تسرع الحكومة (مجلس الوزراء ) فى تنفيذ الاجراءات اللازمة لمساندة قطاع السياحة مثل (تأجيل أقساط التأمينات , الإعفاء الضريبى , تقسيط المرافق العامة للفنادق …..إلخ ) حيث أن تأخر الحكومة فى مساندة هذا القطاع سوف يترتب علية أن شركات السياحة و الفنادق سيصعب عليها سداد مستحقات العاملين فيها فيما بعد . (1) المصدر : أستاذ أحمد الخادم مدير الاتحاد المصرى للغرف التجارية (عقد هذا الاجتماع عقب الأزمة الأمريكية مباشرة و كان برئاسة الأستاذ أحمد المغربى رئيس الاتحاد المصرى للغرف التجارية مقارنة بين حادثى الأقصر و حرب الخليج بأحداث سبتمبر 2001 : و فى محاولة لمقارنة الأزمة السياحية التى تمر بها مصر حالياً بالأزمات السياحية التى مرت بها من قبل مثل حادث الأقصر و حرب الخليج نجد أنة يوجد صعوبة كبيرة فى المقارنة حيث أن حادث الأقصر مثلاً كان حادثاً داخلياً و لكن ما نمر بة الآن عقب أحداث الحادى عشر من سبتمبر فهو أزمة تواجة السياحة العالمية ككل (International Crisis) . فالسياحة العالمية تمر بأزمة عالمية مرتبطة بالعزوف العام عن السفر و الخوف من الطيران حتى على مستوى الطيران الداخلى فى بعض البلدان أى أن السياحة القادمة إلى مصر لم تغير مسارها إلى مصر أو أتجهت إلى دولة أخرى و إنما امتنعت عن السفر نهائياً . و الأمر أيضاً ليس أنخفاضاً نهائياً من نصيب مصر فى السياحة و لكنة بمجرد انتهاء الأزمة سوف تستعيد مصر نصيبها من الرحلات السياحية .فقرار السفر نفسة أصبح يتوقف على مدى رغبة الشخص فى السفر و قدرتة على المغامرة فنجد مثلاً أنة خلال سبتمبر الحالى 2001 كان هناك عدد من الدول الأوروبية حقق زيادة نسبية فى الليالى السياحية مقارناً بسبتمبر 2000 رغم كل مظاهر الأزمة العالمية فقد بلغت نسبة الزيادة لروسيا و دول الكومنولث 34 % و 56 % لدول الاسكندنافيا و ذلك يرجع فى المقام الأول إلى رغبة السائحين أنفسهم فى السفر . و فى حقيقة الأمر لا يمكن الجزم حتى الآن أى الدول يتسم سوقها بالإستقرار حيث أنة كان هناك العديد من الحجوزات المستقبلية قبل أحداث الحادى عشر من سبتمبر و عن طريق الحديث مع منظمى الرحلات السياحية و اقناعهم بعدم وجود مبرر لإلغاء الرحلات استكملت الرحلات بشكل عادى فى بعض الدول . و لكن حتى يكون الحكم واقعيا على الأسواق التى لم تتأثر بالأزمة فأنة يجب اتباع مبدأ (( wait and see أى أنة علينا أن ننتظر فترة من الوقت حتى نعرف أى الدول لم تتأثر بالأزمة فعلاً.