القارئ (س.ع.و) من الرياض بعث بسؤال يقول فيه: ما حكم الصلاة في الحدائق العامة؟ علماً أن هذه الحدائق تسقى بمياه تنبعث منها رائحة كريهة، ولقد فهمت أن هذه المياه مصفاة من مياه المجاري أو من آبار تتسرب إليها مياه البيارات النجسة، وهل يمنع الناس من قبل الهيئة من الصلاة في هذه الحدائق؟ أرجو إيضاح الصواب في هذه المسألة.
ما دامت تنبعث منها الرائحة الكريهة فالصلاة فيها غير صحيحة؛ لأن من شروط صحة الصلاة طهارة البقعة التي يصلي عليها المسلم، فإن وضع عليها حائلاً صفيقاً طاهراً صحت الصلاة عليه. ولا يجوز للمسلم أن يصلي في الحدائق - ولو على حائل صفيق طاهر - بل الواجب عليه أن يصلي مع إخوانه المسلمين في بيوت الله - المساجد - التي قال فيها سبحانه: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ[1]، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر)) رواه ابن ماجة والدار قطني وابن حبان والحاكم وإسناده على شرط مسلم، وسأله صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال: ((يا رسول الله إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب)) أخرجه مسلم في صحيحه، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
والواجب على هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن تمنع الناس من الصلاة في الحدائق، وأن تأمرهم بالصلاة في المساجد؛ عملاً بقول الله عز وجل: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى[2]، وقوله سبحانه: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ[3] الآية، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)) رواه مسلم في صحيحه.
[1] سورة النور الآيات 36 – 38.
[2] سورة المائدة الآية 2.
[3] سورة التوبة الآية 71.