نص الحديث في صحيح البخاري: حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن مطرف الشعبي عن عدي بن حاتم ـ رضي الله عنهم ـ قال قلت يا رسول الله ما الخيط الأبيض من الخيط الأسود، أهما الخيطان قال: (إنك لعريض القفا إن أبصرت الخيطين ثم قال لا بل هو سواد الليل وبياض النهار) رقم الحديث في سنن أبي داود 2002
نص الحديث في سنن أبي داود : حدثنا مسدد حدثنا حصين بن نميرح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا ابن إدريس المعنى عن حصين عن الشعبي عن عدي بن حاتم قال لما نزلت هذه الآية:
( حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَد ) (البقرة: 187)
قال أخذت عقالا أبيض وعقالا أسود فوضعتهما تحت وسادتي فنظرت فلم أتبين فذكرت ذلك لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فضحك، قال إن وسادك لعريض طويل إنما هو الليل والنهار وقال عثمان إنما هو سواد الليل وبياض النهار.
الحقائق العلمية:
1ـ مركز الإبصار يقع في القفا من القشرة الدماغية (الشكل رقم 1).
2 ـ أعضاء الإحساس ممثلة بمساحة على القشرة الدماغية (الشكل رقم 2) وتمثيل العين هنا فقط للإحساس (كاللمس)
أما تمثيل العين فيما يخص النظر فهو في القفا (الشكل رقم 1).
3 ـ هذه المساحة من القشرة الدماغية تتناسب مع المهارة المطلوبة (جدول رقم 1).
4 ـ الرؤية تقدر بالزاوية التي تقابل الجسم المرئي على الشبكية (شكل رقم 3).
5 ـ خلايا الشبكية نوعان (قضبانية ومخروطية) قضبانية الشكل هي وحدها المسؤولة عن الرؤية الليلية ولا تستطيع أن ترى سوى الأبيض والأسود. أما المخروطية فهى المسؤولة عن رؤية الألوان ولكنها لا ترى في الليل على الإطلاق.
جدول رقم (1) مقدرة العضو والمساحة النسبية من القشرة الدماغية
التمهيد:
تبدأ الرؤية عندما تسقط أشعة الضوء المنكسرة من الجسم المرئي فتكــون صورة على شبكية العين (الشكل رقم 2) فتقوم خلايا الشـــبكية (قضبـانية ومخروطية) بتحويل هذه الصورة إلى موجات أو إشارات عصبية التي تنقل عن طريق عصب العين إلى القشرة الدماغية (مركز النظر) الموجودة في القفا (الشكل رقم 1) حيث يقوم هذا المركز بتحويل هذه الإشارات مرة أخرى إلى صورة تعكس تماما الجسم المرئي بكل تفاصيله الدقيقة.
شكل رقم (1) موقع العين ومركز النظر
في كل شبكية عين 105 مليون خلية منها 5 مليون فقط مخروطية الشكل. أما عدد ألياف عصب العين فهو واحد مليون فقط التي تنقل إلى مليون خلية في القشرة الدماغية (مركز النظر) مع العلم أن القشرة الدماغية بكاملها تتكون من 20 بليون خلية تنتشر على حوالي 2 متر مربع.
شكل رقم (2) تمثيل الأعضاء على القشرة الدماغية
مركز النظر يقوم بوظائف كثيرة إلى جانب حدة النظر منها تحديد شكل الجسم المرئي واللون والبعد والموقع والاسم وكذلك التنسيق مع المراكز الدماغية الأخرى وهلم جرا. ولذلك فإن مساحة مركز النظر لابد أن تكون أعرض من ناتج العملية الحسابية للمعطيات السابقة.
شكل رقم (3) زاوية الرؤية
التعليق:
أولا: الحديث قال: (إنك لعريض القفا) ولم يقل كبير القفا لأن المساحة وليس الحجم هي الأهم وفي ذلك إعجاز.
ثانيا: الحديث قال: (الخيط الأبيض من الخيط الأسود) ولم يقل مثل الخيط الأحمر من الخيط الأصفر ولو قال ذلك لما كان هنا إعجاز لأنه لا يمكن أن يراهما ولو كان قفاه بعرض السماء والأرض وفي ذلك إعجاز أيضا.
ثالثا: لزيدة الرؤية في النهار فإنه لا يحتاج لعرض القفا كما يحتاجه للرؤية الليلية حيث إن كل خلية مخروطية يقابلها 20 خلية قضيبية (الرؤية الليلية). فهذا فإننا نجد أن بعض الكائنات البحرية (مثل الأخطبوط) فإن مركز النظر يحتل لديها أكثر من نصف مساحة القشرة الدماغية لأنها تعيش في ظلام دامس كما وصف ذلك القرآن الكريم بقوله:
( أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِى بَحْرٍ لُّجِّىٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَآ أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ ) (النور: 40).
رابعا: ما هي المساحة اللازمة التي تمكننا من رؤية الخيط الأبيض من الخيط الأسود؟ وهل يمكن أن نخمن؟ يبدو لي أن ذالك بالإمكان. اللفظ الثاني للحديث يقول: (إن وسادك لعريض طويل) وهو يتكلم أيضا عن مساحة. فمتوسط الوسادة هو 90 سم إلى متر في 40 سم إلى 50سم وبعملية حسابية بسيطة فإن ذلك يساوي حوالي 18 ـ 25% من القشرة الدماغية وهذه النسبة ربما تكون كافية ذلك أن الأخطبوط الذي يرى في قعر البحار مع تلكم الظلمات فمركز النظر لديه يشكل حوالي 50% من القشرة الدماغية.
الخلاصة:
الحديث يبدو لفظه نشاز (وحاشا لله أن يكون كذلك) وذلك لمن يجهل معناه فما علاقة العين بالقفا،
حتى أن بعض من فسر الحديث ذهب إلى القول بأن عرض القفا كناية عن الغباء
والحقيقة أنه كلام من يعني ما يقول ويعلم ما يعني
وهو الذي لا ينطق عن الهوى بل هو وحي يوحى