المستقبل سيكون للإعجاز العددي
الناقل :
mahmoud
| الكاتب الأصلى :
الشيخ عبد المجيد الزنداني
| المصدر :
www.55a.net
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد:
فقد يطرح البعض سؤالاً:
يقول تعالى في كتابه المجيد: (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ) [المطففين: 7-9]. ويقول أيضاً: (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ ) [المطففين: 18-20]. فهل هناك معجزة ظهرت أخيراً عندنا كعرب مسلمين وعند الغرب، يعني هل هناك مثلاً معجزة رقمية؟ وهل هناك علاقة رقمية بقرآننا الكريم؟ وهل هناك شيء يعني أخير مثلاً القرآن يكون مرقم وهذه الأرقام تكون نوعاً من المعجزة المحتَّمة التي تكون بين المسلمين والعرب؟
المستقبل سيكون للإعجاز العددي!
ربما تكون هذه الآيات تشير إلى ما عرف الآن في عصرنا الآن شيء جديد يبشر به علماء المسلمين، بعض علماء المسلمين يقولون: فيه معجزة جديدة في القرآن ليست هي الإعجاز العلمي، الإعجاز العلمي هذا كان أصحاب القرن العشرين، لكن أصحاب القرن الواحد والعشرين هم أصحاب الكمبيوتر وما الكمبيوتر، والأرقام وما الأرقام.
يبشرون بنوع آخر جديد وهو المسمى الإعجاز العددي، والحقيقة هناك شواهد كثيرة في الإعجاز العددي ولطيفة، وأنا أتوقع أن
المستقبل سيكون للإعجاز العددي!!
فمثال.. سأذكر مثال فيه إعجاز علمي وفيه إعجاز عددي في آية واحدة، أما الإعجاز العلمي فكنت أقرأ قول الله جل وعلا: ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحديد: 25].
فكنت أقول: الله يخبرنا أن الحديد نزل من السماء، لكن نحن نستخرج الحديد من الأرض، فكان المقدَّر أن يقال (خلقنا الحديد) وليس (أنزلنا الحديد). ووجدنا بعض المفسرين –رضوان الله عليهم- يقولون –جزاهم الله خيراً- (أنزلنا) بمعنى خلقنا، فيرد عليهم آخرون من المفسرين قالوا: لا، لو أراد الله أن يقول (خلقنا) لقال (خلقنا) ولكنه قال (أنزلنا).
فلما قابلت البروفيسور (أرمسترونج) من أميركا وهو أحد أربعة في وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) وسألته هذا السؤال قلت له: أخبرني كيف خلق الحديد في الأرض؟ قال: الحديد يستحيل أن يكون خلق في الأرض، الحديد لابد أن يكون قد خلق في السماء ونزل إلى الأرض، لماذا؟ قال: لأن تكوين ذرة حديد واحدة لما حسبناها وجدنا أنها تحتاج إلى طاقة مثل طاقة المجموعة الشمسية أربع مرات، فالحديد عنصر وافد من الكون!!!
هل هذه مصادفة؟!
الباحثون الآن في الإعجاز العددي يقولون: عندنا معجزة في الحديد، لكن من الناحية الرقمية، فيقولون الحديد له وزن ذري ومعه خمسة أوزان ذرية، الوزن الذري الأوسط 57، وزن الذرة 57، افتح المصحف.. إذا فتحت أي مصحف الآن ستجد سورة الحديد رقمها في المصحف (57)!!!
فيقولون الوزن الذري 57 ورقم سورة الحديد 57، ثم يقولون العدد الذري هو 26 للحديد، آية سورة الحديد، أي آية الحديد في سورة الحديد رقمها (26) إذا حسبنا البسملة آية!! فيقولون هل هذه مصادفة أن يكون رقم السورة هو الوزن الذري ورقم الآية هو العدد الذري؟! ما هي مصادفة، هم يوردون كثيراً من الأمثلة على هذا..
ولكن ما هو الفرق بين الرقم الذري والوزن الذري؟
في رأس الدبوس هنالك عشرين مليون ذرة!! فهم يزنون هذا العدد الضخم بوحدات تتناسب معه ويسمونها بالوزن الذري، ولكن هذا الوزن هو مجموع الجسيمات أي مجموع الأجزاء التي تكون الذرة، النيوترونات والإلكترونات والبروتونات.
أما عددها فهو شيء غير الوزن، فعدد الإلكترونات والبروتونات يكون واحداً، فهم يقولون هل هذه مصادفة؟ ليست مصادفة، ولكن هذا يفضي إلى شيء آخر: إذا كان الإعجاز العلمي يثبت أن القرآن نزل بعلم الله، فإن الإعجاز العددي يثبت أن ترتيب القرآن في السور والآيات نزل بعلم الله أيضاً!!
الرقم 7 والأرض
الأراضين السبع، هناك الأرض تتكون من سبع طبقات.. سبع طبقات ولقد جاء في الحديث الذي رواه البخاري: (من ظلم قيد شبر طوقه من سبع أراضين)، يعني واحد يغتصب أرض على أخيه المسلم مقدار شبر سيطوق به يوم القيامة من سبع أراضين، فأين هذه الأراضين السبع؟ السبع أراضين تقع تحت.. بعضها تحت بعض، وقد ثبت الآن أن الأرض مكونة من سبع طبقات، فهي الأراضين السبع، والله أعلم.
يقول تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا) [الطلاق: 12].
(*) عن لقاء في قناة الجزيرة بتصرف - تم بث اللقاء بتاريخ 24/2/2002.
تعليق بقلم المهندس عبد الدائم الكحيل
بسم الله الرحمن الرحيم
عزيزي القارئ! لقد بحثتُ في الإعجاز العددي منذ سنوات طويلة، وقد سمعتُ قول هذا العالم العملاق-الشيخ الزنداني حفظه الله تعالى، وتأثرتُ به وببعد نظرته، وهذا ما جعلني أنفق وقتاً أكبر في البحث عن المعجزة الرقمية الصحيحة في القرآن الكريم.
وقد أردتُ التعليق على هذه المقالة بسبب مواجهتي للكثير من الانتقادات التي يتساءل أصحابها عن مدى مصداقية الإعجاز العددي، لا سيما أنهم سمعوا محاضرة لعالم كبير هو الأستاذ الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي يؤكد فيها عدم مصداقية هذا النوع من الإعجاز.
ونحن لا نستطيع أن ننكر العلم الموجود لدى الدكتور البوطي، وكذلك العلم الموجود لدى الشيخ الزنداني، إذن لماذا هذا التناقض في التصريحات؟ أقصد أن الشيخ الزنداني يؤكد بشدة على مصداقية هذا العلم، وعلى النقيض نجد الدكتور البوطي يؤكد وبشدة أيضاً على عدم فائدة هذا العلم وأنه قد يصرف المؤمن عن الهدف والغاية التي نزل القرآن من أجلها.
ولكن هنالك موقف ثالث يقدمه الدكتور زغلول النجار في الإعجاز العلمي. فقد سئل هذا العالم المعروف حول قضية الإعجاز العددي مرات عديدة وكان يجيب عن هذا السؤال بحذر شديد مؤكداً أنه يجب التروي والحيطة أثناء البحث في هذا الجانب الشائك أي الإعجاز العددي، وبالتالي فهو لا ينكر الإعجاز العددي وبنفس الوقت لا يؤيده، ولو أنه أحياناً يستشهد بالمثال من سورة الحديد والمتعلق بالإعجاز العددي لهذه السورة.
ولذلك عزيزي القارئ، أنت الآن أمام ثلاثة آراء: مؤيد للإعجاز العددي لدرجة أنه يعتبر أن المستقبل سيكون لهذا العلم الجديد، ورأي ينكر وجود مثل هذا العلم في القرآن الكريم، وآخر يرى احتمال وجود هذا العلم.
إنني أرى بعد تجربتي الطويلة وبحكم اختصاصي في الرياضيات أن القرآن يحتوي على معجزة عددية مذهلة، والدليل على ذلك الأبحاث التي قمتُ بها خلال عدة سنوات-ولا أزال- والتي أثبتت بشكل قاطع أن القرآن منظّم في ترتيب سوره وآياته، ومتناسق في أعداد كلماته وحروفه، بل لا يمكن للبشر أن يؤلفوا ولو سورة واحدة تسير حروفها وكلماته بنظام عددي محكم كالذي نراه في القرآن الكريم.
إن الإعجاز العددي هو وسيلة مهمة وحديثة لردّ دعوى المشككين بهذا القرآن وعندما نقدم لهم هذه الحقائق الرقمية الغزيرة والثابتة، فإنهم لن يجدوا مهرباً من الاعتراف -ولو في قرارة أنفسهم- بأن هذا القرآن ليس من صنع بشر، بل هو كلام رب البشر سبحانه وتعالى.
عندما نظهر للملحدين والمشككين أن القرآن متناسق في كل شيء ومنظم بنظام لا تناقض أو اختلاف فيه، فعندها سوف يدركون أن هذا القرآن لو كان كلام بشر لرأيناه مليئاً بالتناقضات والاختلافات، ولكننا إذا ما تدبرنا كلام الله تعالى لم نعثر فيه على أي اختلاف أو تناقض، يقول عزّ وجل: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) [النساء: 82]. ألا ترى معي أخي الحبيب أن هذه الآية هي دعوة لتأمل التناسق والنظام في كتاب الله تعالى؟
وأخيراً نرجو من الأخوة القراء أن يتفضلوا بزيارة قسم الإعجاز العددي على هذا الموقع والمشاركة في إبداء آرائهم ووجهات نظرهم في هذا العلم الناشئ، وجزاكم الله كل خير، وجعل في هذا العلم النفع والفائدة والخير