وماذا عن القطرة القرآنية ؟؟
الناقل :
mahmoud
| الكاتب الأصلى :
محمد السقا
| المصدر :
www.55a.net
r
حوار مع صاحب الاختراع.
r
آراء الأطباء والعلماء.
r
الأطباء يرفضون
r
المعجزة والإعجاز.
r
توصيات الندوة حول ضوابط الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.
تحدثت الصحف العربية حول هذا الموضوع وهللت لهذا الاختراع الجديد فما هي يا ترى حقيقة هذه القطرة ؟؟ هل هي فرقعة صحفية أم حقيقة واقعة؟ هذا ما سنراه في الصفحات التالية بإذن الله تعالى.
§
بداية سأتناول على عجالة سريعة إحدى المجلات العربية التي أجريت حواراً مع صاحب القطرة القرآنية وسأذكر قصده وحجته في ذلك ثم أسرد بعد ذلك آراء الأطباء الذين يرفضون التعامل مع هذه القطرة وأسبابهم في ذلك.
§
في عددها رقم (224) للسنة العشرين إصدار رمضان 1416هـ - فبراير 1996 طالعتنا "المجلة العربية" السعودية بالعنوان التالي : "
براءة اختراع دولية لأول قطرة عيون قرآنية
" ثم في السطر التالي : عالم مسلم يقوم بتصنيع قطرة لمعالجة المياه البيضاء ومستوفاة من قصة سيدنا يوسف.
وهذا المقال عبارة عن حوار بين صاحب هذا الاختراع وهو الدكتور /
عبد الباسط سيد محمد
الباحث بالمركز القومي للبحوث بالقاهرة ج.م.ع وبين مراسل المجلة العربية. وخلاصة الحوار أن د. عبد الباسط استوحى فكرة هذه القطرة من قوله تعالى في سورة يوسف آية (93) "اذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَـذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ ".
كما فسر بياض عين سيدنا يعقوب عليه السلام في قوله تعالى في سورة يوسف : "وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ" بالمياه البيضاء أو الكتاركتا.
ثم تطرق لشرح علمي مبسط لعملية المياه البيضاء وكيف أن عدسة العين مكونة من كبسولة بها بروتين. هذا البروتين عبارة عما يسمى بـ "الفاكريستالين" و"بيتاكريستالين" و"جاما كريستالين" و "زلال" وأن تغير طبيعة هذا البروتين هي التي تسبب تلك العتامة التي تبدأ ثم تزداد تدريجياً. ووضح أن هذا البروتين الموجود في كبسولة عدسة العين يكون موزعاً ومرتباً ترتيباً متناسقاً في صورة صغيرة مكونة من ذراعين مطويتين حول بعضهما في صورة متناسقة لكي تؤدى وظيفتها في إنفاذ الضوء الساقط على العين ، وأن تغير طبيعة هذا البروتين هو تغير في درجة التناسق والترتيب الدقيق وأن هذا التغير يؤدى إلى توزيع عشوائي وضرب مثلاً لتقريب هذه الصورة بزلال البيض الشفاف الذي يسمح بمرور الضوء أو يمكن رؤية الأشياء من خلاله ، وعند تسخينه فإنه يتجلط "
Coagulation
" ويتحول إلى التوزيع العشوائي ويصبح معتماً لا يمكن رؤية الأشياء من خلاله وهذه هي العتامة.
ثم تطرق الدكتور عبد الباسط إلى أسباب الكتاركتا وعلاقة الحزن بالإصابة بالكتاركتا ووضح أن هناك علاقة بين الحزن والإصابة بالمياه البيضاء حيث أن الحزن يسبب زيادة هرمون "الأدرينالين" وهذا يعتبر مضاداً "للأنسولين" وبالتالي فإن الحزن الشديد أو الفرح الشديد يسبب زيادة مستمرة في هرمون الأدرينالين الذي يسبب بدوره زيادة في سكر الدم وهو أحد أسباب العتامة، هذا بالإضافة إلى تزامن الحزن مع البكاء.
وتطرق الحوار بعد ذلك إلي علاج المياه البيضاء وذكر د. عبد الباسط أن العلاج حتى وقتنا الحالي يتركز في الجراحة بإزالة العدسة المعتمة وزرع عدسة داخل جزء الكبسولة.
وبين أن هذه الجراحات لا تعيد النظر إلى ما كان عليه، كما أن ذلك يتبعه كثير من المضاعفات ... ووضح أن هناك أيضاً بعض قطرات العين ووظيفتها تأخير الوصول إلى العتامة عند ظهور المبادئ الأولية لها.
وتطرق إلى الحديث عن تحويل البروتين إلى حالته بعد تجلطه وبين أنه توجد في المراجع والدوريات العلمية محاولات عامة تركز على تحويل البروتين وخاصة زلال البيض إلى حالته قبل تجلطه ، وقد أمكن بالطريقة الكيميائية هذا التحول لكن بصورة جزئية وليس بصورة كاملة ، ولكن هذا التحويل الكيميائي لا يمكن إجراؤه في بروتين العدسة.
لذلك كان تفكير د. عبد الباسط للوصول إلى مواد تسبب انفراد للبروتين غير المتناسق بتفاعل فيزيائي وليس كيميائي حتى يعود إلى حالة الانطواء الطبيعية المتناسقة. ووضح أنه لما كان هذا الأمر لا يوجد به بحوث سابقة في الدوريات العلمية لذلك كان يمثل صعوبة في كيفية البداية أو الاهتداء إلى أول الطريق. وكان الحل في قميص سيدنا يوسف (قميص الشفاء)
وبعد التفكير في ماذا يمكن أن يوجد في قميص سيدنا يوسف عليه السلام من شفاء ! كان الاهتداء إلى العرق وكان البحث في مكونات عرق الإنسان حيث أخذنا (والكلام على لسان د. عبد الباسط) العدسات المستخرجة من العيون بالعمليات الجراحية التقليدية وتم نقعها في العرق فوجدنا أنه تحدث حالة من الشفافية التدريجية لهذه العدسات المعتمة ، ثم كان السؤال التالي : هل كل مكونات العرق فعالة في هذه الحالة ؟ أم إحدى هذه المكونات ؟ وبالفعل أمكن التوصل إلى إحدى المكونات الرئيسية وهى مركب من مركبات البولينا (الجواندين) والتي أمكن تحضيرها كيميائيا. وبإجراء التجارب على حيوانات التجارب المستحدث بها عتامة أو بياض لعدسة العين عن طريق الإشعاع أو عن طريق ما يسمى (بالعتامة المتسببة بالجلاكتوز) وجد أن وضع هذه المركبات المحضرة كيميائيا تسبب بياضاً لعدسة العين. وظهر هذا أولاً من اتجاه حيوانات التجارب (الأرانب) للبرسيم. كما أظهرت الفحوص الطبية باستخدام المصباح الشقي (
Slit Lamp
)وكذلك التصوير بالموجات فوق الصوتية وانعكاس الضوء الأحمر من عدسة العين.
ويستطرد د. عبد الباسط فيقول :
وتطًّلب الأمر بعد ذلك إجراء الفحوص على عينة فسيولوجية مكونة بالحاسب الآلي والتي يتم حجز نصف الساعة بها بمقدار (ربع مليون دولار) وتم إحداث عتامة لعدسة العين وحساب كمية الضوء النافذ من خلالها قبل وضع القطرة فوجد أنها لا تزيد عن 2% وبوضع القطرة وجد أن كمية الضوء النافذ تزداد من 2% إلى 60% في خلال ربع ساعة ثم 90% خلال عشرين دقيقة ثم 95% خلال ثلاثين دقيقة ثم 99% خلال ساعة.
ووضح د. عبد الباسط أن هذه القطرة ليست لها أية آثار جانبية بالمرة على حيوانات التجارب وكذلك بالنسبة للإنسان سجلت النتائج التي أجريت على 250 متطوعاً زوال هذا البياض ورجوع الإبصار في أكثر من 90%. أما الحالات التي لم تستجب فوجد بالفحص الاكلينيكى أن بروتين العدسة حدث له شفافية لكن توجد أسباب أخرى مثل أمراض الشبكية هي التي تسببت في عدم رجوع قوة الإبصار إلى حالتها الطبيعية.
ويوضح د. عبد الباسط أن هذه القطرة تعالج أيضاً بياض قرنية العين ، فقد ثبت أن وضع هذه القطرة مرتين يومياً لمدة أسبوعين يزيل هذا البياض ويحسن الإبصار. وأعتقد أن هذا أفضل من عملية الترقيع الصعبة والتي قد تنقل أمراضاً فيروسية للمريض منها الإيدز ، علاوة على عدم رجوع البياض إلى صورته الطبيعية.
ثم نختتم كلام د. عبد الباسط بتسجيله براءة هذا الاختراع حيث يقول : أرسلت صورة البحث إلى براءة الاختراع الأوربية ثم الأمريكية وتولى الأمر أحد بيوت الخبرة هناك، ثم شكلت لجنة لامتحان الاختراع وقد أجيز من براءة الاختراع الأوربية عام 1991 ومن براءة الاختراع الأمريكية عام 1993.
هذا هو مجمل كلام د. عبد الباسط عن اختراعه الجديد
(القطرة القرآنية)
.
والآن تعالى معي -عزيزي القارئ- لنناقش هذا الكلام بالمنطق وبالمعقولية العلمية ونعرض لآراء أهل الذكر بالنسبة لهذا الموضوع من أطباء وعلماء ... لنصل معاً إلى حقيقة هذا الاختراع.
وسنستند في مناقشتنا إلى ندوة "الأهرام" حول ضوابط الإعجاز العلمي في القرآن والسنة والتي أثارتها جريدة "الأهرام القاهرية" خلال أسبوعين متتالين على صفحة "الفكر الديني" بعددي الجمعة رقم (40051) للسنة (120) (إصدار 17 ربيع الأول 1417 هـ الموافق الثاني من أغسطس عام 1996م. والعد رقم (40058) للسنة (120) إصدار 24 ربيع الأول 1417 هـ الموافق التاسع من شهر أغسطس عام 1996م.
في البداية وبعد أن قرأنا كلام د. عبد الباسط فإن هناك العديد من التساؤلات وهى :
-
هل العرق الذي بقميص سيدنا يوسف هو الذي شفى والده يعقوب من العمى أو ابيضاض العين ؟؟
-
وهل أي قميص به عرق كان سيلقى على وجه سيدنا يعقوب كان سيؤدى إلى شفائه؟
-
أم لأن سيدنا يوسف نبي؟
-
أم لأنه الابن المفقود الذي تسبب حزن أبيه على فقده إلى فقدان بصره ؟
"وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ "
·
لقد كان سيدنا يعقوب عليه السلام نبياً أيضاً فلماذا لم يستخدم قميصه هو ؟؟
·
هل أي عرق يوضع في أي عين يؤدى إلى شفائها؟ ... إلى آخر تلك التساؤلات.
وحرصاً منا على قدسية الدين والعلم وتقديراً لأهمية إتباع المنهج العلمي السليم عند التدليل على إعجاز الآيات القرآنية. فقد دعت (صفحة الفكر الديني) بجريدة الأهرام المصرية صفوة من أطباء العيون وكبار العلماء إلى ندوة علمية طبية ناقشت على صفحاتها خلال أسبوعين متتالين هذه القضية من أجل الوصول إلى وسيلة تحفظ للعلم والدين قدسيتهما وفى نفس الوقت عدم غلق الأبواب أمام المجتهدين على كافة المستويات.
الأطباء يرفضون !!
بعرض هذا الكلام على الأستاذ الدكتور سيد سيف عميد المعهد القومي لليزر ورئيس أقسام الرمد بطب القصر العيني قال سيادته بأنه لعلاج هذه الحالة (ويقصد المياه البيضاء) ليس هناك سبيل حتى الآن سوي إجراء الجراحة لإزالة العدسة المعتمة ويمكن زرع عدسة بدلاً منها أو استبدالها بعدسة لاصقة تبعاً للحالة.
أما مسألة أن يكون هناك علاج كيماوي، وعن طريق القطرات لهذه الحالة فلم يثبت صحته حتى الآن. وقد قامت بعض شركات الأدوية الألمانية والأمريكية واليا بانية بعمل قطرات من مركبات معروفة لعلاج هذه الحالة لكنها لا تجدي في العلاج. لذلك قررنا (والكلام على لسان د. سيد سيف) في لجنة الأدوية وكنت عضوا بها عدم استيراد تلك القطرات لأنها إهدار للمال العام. ثم يستطرد د. سيد سيف ويقول:
والحقيقة أنني فوجئت بالكلام المنشور عن طريق قطرة من العرق بل ومستوحاة من القرآن الكريم، فهذا كلام غير علمي بالمرة وحتى إثارته لا تكون على صفحات الجرائد العادية لكن له المسارات العلمية المعروفة، لأن عيون الناس أمانة ويجب أن لا نخون الأمانة... والأخطر من ذلك إقحام القرآن على أنه دليل على صدق القرآن وهذا مالا يقبل أبداً.
أما عن مسألة العرق وما به من مادة البولينا – والكلام مازال على لسان د. سيد سيف - فكنت قد قرأت للدكتور (يورك إلدر) وهو صاحب أكبر موسوعة علمية عن الرمد على مستوى العالم عن إمكانية إذابة عدسة العين في البولينا وبدأ التفكير في عمل أبحاث حول تذويب العدسة كيميائياً، وقام بها الدكتور مصطفى نصار وثبت أنها تسبب التهابات شديدة في القرنية والقزحية (
نني العين
) فتوقفنا عن هذه الأبحاث خاصة وأن (الليزر) سوف يحل هذه المسائل قريباً إن شاء الله بشكل أفضل كثيراً وأسرع وأكثر أماناً من الطرق الكيماوية.
وعن إمكانية استخدام العرق لعلاج المياه البيضاء بديلاً عن العمليات الجراحية يضيف الأستاذ الدكتور طه الشيوى رئيس قسم الرمد بكلية طب القصر العيني... من الناحية العلمية هناك ثلاث نقاط:
1-
هذه المواد التي يخرجها الجسم أدخلها في صورة عرق أو غيره هي مواد سامة يتخلص منها الجسم... فكيف أدخلها له مرة أخرى ؟
2-
كيف تدخل القطرة العدسة الداخلية للعين وبالتركيز المطلوب ؟
3-
حتى إذا فرض أننا أذبنا الجزء المعتم من العدسة هل لن تتأثر الشبكية ؟؟ وأين ستذهب الأجزاء المذابة ؟ كما أن الخلايا المتبقية ستكبر مرة أخرى.
ثم يستطرد د. طه الشيوي ويقول:
إنه بمجرد التفكير في الوسيلة تستوقفني مسائل كثيرة... فكيف يصل الأمر إلي تداولها في السوق.
أما الأستاذ الدكتور
معتز المرزوقي
مستشار الرمد وعضو المجلس الأعلى بالشئون الإسلامية فيبدأ في تحليل الموضوع من الناحية المنطقية ثم يسترسل إلى الناحية الطبية فيقول:
من
الناحية المنطقية
:ليس من المعقول أن يظل عرق سيدنا يوسف موجوداً بالقميص طوال هذه الرحلة من مصر إلى الشام، وحتى لو فرض أن القميص مملوء بالعرق فهل دخل العرق كله في عين سيدنا يعقوب ؟ ثم يقول :
ليس هناك أي قطرة تضيع أي مرض في لحظة إطلاقاً ... فالمريض يعالج أسبوعاً أو عشرة أيام أو ثلاثة أيام على الأقل حتى تؤدى إلى أي تأثير علمي أو تأثير كيماوي أو حيوي.
كما أن أكثر البلاد إصابة بالمياه البيضاء هي البلاد الحارة والمفروض أن العرق في أعينهم طوال النهار.
ويكاد يُجمع الأطباء على أنها معجزة بكل المقاييس... وكما نعلم أن المعجزة الإلهية فوق العلوم وفوق كل المقاييس لأنها متعلقة بالله تعالي وبـ "كن فيكون" كما يقول الأستاذ الدكتور أحمد شوقي.
ويستطرد د. معتز المرزوقي قائلاً: إن المعجزات قدرات إلهية يعطيها القادر سبحانه وتعالى بحكمته إلى من يشاء من عباده... ولو استطعنا أن نفسر هذا فكيف نفسر عدم احتراق سيدنا إبراهيم بالنار ؟ فهل منعه العرق من النار؟
ثم يعرض الدكتور معتز المرزوقي تفسيرين لمسألة شفاء سيدنا يعقوب من أثر قميص سيدنا يوسف عليه السلام نذكر منهما الاحتمال الثاني وهو الأقرب إلى الصواب والذي وافق عليه بعض أطباء الندوة وهو: أنه عندما حزن على سيدنا يوسف فقد الإبصار لأسباب نفسية وليست عضوية.
وتعبير "ابيضت عيناه" قد يعنى أنه أصبح يري بياضاً فقط وليس أن عينيه أصبح لونها أبيض. وهذا يحدث في الصدمات النفسية. وعندما ألقى عليه قميص سيدنا يوسف بما فيه من رائحته التي يعرفها جيداً
"وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ" سُّر سروراً شديداً وحدثت له صدمة عصبية مقابلة لصدمة حزنه عليه فأرتد إليه بصره".
وهذا يحدث في حياتنا كثيراً ليس فقط بالنسبة للإبصار وإنما لأعضاء الجسم الأخرى كالشلل العصبي وغيره... ثم ينهى كلامه بقوله: وإن كنت أفضل عدم الدخول في تفسير المعجزات بأية تفسيرات مادية.
المعجزة غير الإعجاز:
يقول أ.د. أحمد شوقي إبراهيم عضو جمعية الأطباء الملكية بلندن واستشاري الأمراض الباطنية والقلب.
هناك فرق هائل بين المعجزة والإعجاز العلمي ... فالمعجزة لا يمكن فهمها وتفسيرها بعلومنا التجريبية. أما مجال الإعجاز العلمي فهو أن يكتشف العلماء حقائق علمية جديدة في أي فرع من فروع العلم لم تكن معروفة للعلماء من قبل فإذا بها موجودة في القرآن والسنة... والذي لا يفهم الفرق بين الإعجاز العلمي والمعجزة يختلط عليه الفهم ويستعصى عليه التفسير الصحيح. نجد ذلك مثلاً في المعجزة التي أجراها الله تعالى على النبي يعقوب عليه السلام.. ففي سورة يوسف آية 84 يقول عز وجل
"
وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ " وحكاية عن النبي يوسف يقو الله تعالى في سورة يوسف آية 93 "اذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَـذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ "
قال الحسن: لولا أن الله تعالى أوحى إلى يوسف بهذا ما علم بأن قميصه سيكون أداة لرد البصر إلى أبيه بإذن الله.
ثم يستطرد أ.د أحمد شوقي ويقول:
ويخرج علينا بين الحين والحين من يتهجم على القرآن بغير علم وهدي... ومن هؤلاء من حاول تفسير المعجزة الإلهية التي أجراها الله تعالى على النبي يعقوب بقوانين علومنا التجريبية... بل وحاول أن يطبق المعجزة في ضخ قطرة كالتي شفى الله بها النبي يعقوب... والله تعالى لم يرد البصر للنبي يعقوب بقطرة من القطرات، بل بكلمة "كن"
فلا هم فسروا الآيات تفسيراً صحيحاً... ولا هم تبينوا الحد الفاصل بين مجال المعجزة والإعجاز العلمي.
ثم يقول د. احمد شوقي :
وفى رأينا أنهم أخطأوا، فالمياه البيضاء لا تُحدث بياضاً في المظهر الخارجي للعين... وتبدوا العين المصابة بهذا للناس وكأنها عين سليمة، وسواد العين واضح وظاهر... فليحذر أي باحث أن يقع في الخطأ الفادح فيحاول أن يفسر أي معجزة إلهية بقوانين علومنا التجريبية.
ويختتم د. أحمد شوقي كلامه بنفي الاعتراض على أي اجتهاد علمي قد يكون فيه الخير للناس. فالإسلام دين العلم ودين التحرر العلمي ولكن مالا يقبله د. أحمد هو الخوض في الكتاب والسنة بدون فهم وبدون منهج علمي صحيح.
ويقول أ.د ممتاز حجازي
أستاذ طب وجراحة العيون بالقصر العيني:
إن القول بأن عرق سيدنا يوسف الذي كان بقميصه هو الذي شفى عيني أبيه يعقوب عليه السلام عندما ألقاه على وجهه قول فيه سذاجة شديدة ويتعارض مع العقل والمنطق، لأنه ليس بالضرورة في قوله تعالى "وابيضت عيناه" أن تكون قد أصيب بالمياه البيضاء فقد يكون تعبيراً مجازياً يفيد الكف عن الإبصار، كما أن الكف عن الإبصار قد يحدث نتيجة الحزن أو الصدمات العصبية، ثم يتساءل د. ممتاز حجازي: ومن أين جاء الافتراض بأن القميص كان به عرق ؟ أو أن العرق ظل طوال هذه الرحلة ؟ وكيف لامس القميص العين بدون أن تغلق الجفون ودون أن تصاب العين بقرحة إصابية ؟ وأي مدة ظل فيها القميص ملامساًَ للعين حتى يصل إلى العدسة الداخلية للعين وبالتركيز الكافي ؟
أما الدكتور
محمد أيوب
أستاذ طب وجراحة العيون بطب القصر العيني فيرى أن ما أصاب عيني سيدنا يعقوب ليس مياهاً بيضاء ، لأن المصريين في ذلك الوقت كانوا ذوي حضارة عظيمة وكانوا يعالجون المياه البيضاء ، ولو كان به هذا المرض لعالجه أولاده ... كما أن مرض المياه البيضاء يأتي لأسباب كثيرة ليس من بينها الحزن، والذي يأتي نتيجة للحزن هو مرض المياه الزرقاء وهو لا علاج له وهنا تكمن المعجزة الحقيقية في الشفاء.
ويقرب لنا الصورة الدكتور
مصطفى نصار
– مدرس طب وجراحة العيون بجامعة المنوفية ج.م.ع فيصف لنا تركيب العدسة الداخلية للعين ويقول: معجزة الله في خلقه أن الأحماض الأمينية التي يتركب منها بروتين العدسة الداخلية للعين ملفوفة ومغلفة داخل بعضها لحمايتها.
والذي يحدث في حالة عتامة العدسة الداخلية للعين أن هذه اللفة تفرد وبذلك تتعرض للأكسدة بفقدها للهيدروجين فتتكون رابطة من مواد جديدة ... هذه الرابطة هي التي تسمى بالمياه البيضاء تتسبب في عتامة العدسة الداخلية.
ولعلاج هذه الحالة بدون جراحة لابد من اكتشاف مركب يستطيع كسر هذه الرابطة وإعادتها إلى حالتها الأولى ، وهو أمر في غاية الصعوبة ، ليس هذا فقط بل لابد من إعادة الخلايا إلى وضعها الأول من الالتفاف بعد أن فتحت ...
وهكذا يتضح لنا استحالة علاج المياه البيضاء وكما يدعى البعض بالعرق الذي يحتوى على اليوريا والجيودين على أساس أنهما قادران على إذابة البروتين ... لأن المطلوب ليس إذابة البروتين وإنما المطلوب هو إعادة ترتيب الخلايا إلى ما كانت عليه وكذلك عودة شكلها الملتف.
ونختتم هذه المناقشة برأي الأستاذ الدكتور/
وحيد غالب
أستاذ الفارمالوجى، وهو أحد كبار العلماء له العديد من المستحضرات المسجلة باسمه. يقول أنه عرض عليه منذ عام (من تاريخ مناقشة هذا الموضوع) عمل مستحضر طبي كقطرة من العرق بصفته مستشاراً لإحدى شركات الأدوية ولكنه لم يقتنع ورفض هذا الأمر لأنه - كما يقول - من عظمة خلق الله أن تلك المواد السامة التي يتخلص منها الجسم لا يعيد امتصاصها، فكيف يُمتص مركب اليوريا كقطرة من خلال أغشية العين وهى نفاية تخلص منها الجسم ؟ إن هذه المواد تسبب احتقان والتهاب للقرنية مما دعا بعض منتجي هذا المستحضر إلى تخفيفه.
يتضح مما سبق افتقار ما يُنسب إلى الدين من المنهجية العلمية أو حتى المنطقية، لذلك فإننا نطالب بما طالبت به الندوة في نهاية انعقادها بأن لا تُصنف هذه الأفكار أو هذه الاجتهادات في أبواب الإعجاز وتُنشر كحجة ويقين إلا بعد أن تمر بجميع مراحل البحث والتحليل العلمي من أهل الذكر المتخصصين ومن علماء الدين وبعد أن يقروا حقيقة ما توصل إليه صاحب الاجتهاد...
كما نطالب مع الباحث العلمي الإسلامي الدكتور أبو الوفا عبد الآخر بأن يتبنى هذه الخواطر والأفكار أساتذة متخصصون، وأن تسير هذه الأفكار في القنوات العلمية والتجريبية حتى تصير علماً.
ونؤكد مع هذا أننا لسنا ضد الاجتهاد وحرية التفكير والتأمل ولا نقصرها على فئة معينة أو نشترط شروطاً مجحفة كما يفعل البعض لأن العلم والحكمة هبة وعطاء من الله تعالى... ونحن لا نهاجم كل جديد كما يظن البعض وإلا قفلنا باب الاجتهاد وباب الإعجاز.
وكما يقول د. سيد سيف رئيس
أقسام طب العيون بطب القصر العيني:
نحن لا نحجر على أحد وإننا نأخذ من الجاهل كما تأخذ من العالم، بل ربما نتعلم من الجاهل أكثر. أما ما نرفضه بشده فهو لي الحقائق والمغالطة، فهذه خطيئة لابد أن يحاكم فاعلها.
والآن : بقى الرأي لك
عزيزي القارئ
بعد أن تابعت معنا رأى الباحث والآراء المعارضة له ... وأترك لك الحكم والرأي