بصمات على جدار الزمن بقلمـ / قلب الأمة كتبته / الثـلاثاء 2 / 1 / 1430 هـ صباحا ً . منذ يومين و شرعنا في الثالث .. و لا ندري إلى متى و نحن نرقب أحداث غـزة الجريحة بعين ، و العين الأخرى تواسيها ! نرقب الأحداث ، نسمع و نشاهد عبر الشاشات و القلوب يمزقها الألم على قطعة من جسد الأمة يتمزق ! و للأسف أغلبنا يتمتم و يقول : وما ينفعهم إن تألمنا ؟ فنحن لم نتحرك من مكاننا و بلادنا ؟! ما ينفعهم أن نكتب أو نرسم التواقيع أو نسمع الأناشيد الحماسية و الأهازيج و هم في كل ثانية يقتلون و دمائهم من أرخص الدماء ! و الكبار صامتون بلا حراك ؟! نحن شعب .. ماذا علينا ؟! و تساؤلات كثيرة أرهقت الفكر ,, و من يرصد الأحداث و يتأملها بعمق يجد أن كل فرد منا قادر .. قادر بأقل القليل .. و قليل فوق قليل .. يصبح كثير و متين ! إخوتي .. لا أعرف ماذا عساي أن أبدأ به فقد جئت محمّلة بالكثير في خاطري لكنها بعثرات و قد يكون في طيها بشارات لأمة باتت في وهن و الضعف ينهشها من كل جانب ! بل المخذّلون الذين يثبطون من العزائم كثيرون قد نسمعهم و يجعلوننا نصدق .. أننا لا نستطيع ! لكن بدت لي بشائر الأمل حين سمعت الأستاذ الدكتور عبدالكريم بكار يدعو لرفع شعار من أجمل الشعارات التي تزيد الروح ايمانا ً أن كل فرد من هذه الأمة من الأصغر إلى الأكبر قادر أن يساهم في هذه القضية الكبرى ! كان شعار الدكتور يقول : (( أقل القليــل من كل مسلـم )) فلتتأملوها جيدا ً .. أقل القليل من كل مسلم .. ! وقال : ( قليل دائم خير من كثير منقطع ) و هذه عبارة نبوية شريفة يجب أن لا يغفل عنها المسلم . و أصّـل الدكتور بكار في حديثه حول القضية ما يجب على الأفراد و المؤسسات الخيرية عمله في هذه الآونة و مختصر حديثه . . أنني و أنت و هي و الأمة يجب أن نشعر أننا لنا أهمية في كل زاوية . هذا بالدعاء و ذاك بالمال و الدواء و آخر بالدعوة و البذل .. و كل حسب استطاعته .. و لو بالقليل .. القليل .. كما أنه لفت انتباهي من كلام الدكتور بكار حين قال أن قضية غزة هي جزء من قضية فلسطين التي مضى عليها قرابة الستون عاما ً و لعل ستون عاما ً آخرين في الانتظار لا نعلم ! لكن للأسف أغلبنا يتناسى الجراح طوال العام و لا يتذكر القضية إلا في حالة انتفاضة كهذه ! و إلا فغزة محاصرة منذ سنتين تقريبا ً .. فما لنا لم ننتفض إلا الآن ؟! لذا فقد وجه الدكتور إلى ما يجب علينا مع الإخوة طوال العام و أقلها " استقطاع شهري " من رواتبنا و أموالنا لأجلهم .. و لو ريالا ً واحدا ً فهل فكر أحدنا أن يكفل أسرة فلسطينية طوال العام ؟ أو فكر أحدنا أن يكفل طفلا يتيما ً منهم ؟ أو يعلّمه ؟ أو يبني بيته الذي هُدِم ؟! أم أن الدور لا يأتي إلا في حالة الأزمة الكبرى و ننسى أنهم طوال العام يعانون ؟! الحديث ذو شجون ... و لم أكتب هنا إلا لأخبركم أن البشائر كثيرة .. لكن ببذل الأسباب .. فنحن غالبا ً ننصح بعضنا بالدعاء لهم .. لكن .. ما رأيكم بمن يدعو الله تعالى و يلح ّ عليه بالدعاء أن يرزقه إبنـا ً و هو لم يتـزوج ؟!! أترونه عاقلا ً ؟ تماما ً هذا ما نواجه في قضيتنا .. ندعو و ندعو .. لكن ماذا عملنا ليستجاب لنا ؟!! هنا نتذكر الشعار (( أقل القليل من كل مسلم )) على الأقل من باب العمل _ في رأيي _ أن نناصح الكبار و المؤسسات أو حتى نبذل الدموع و نظهر صدق حرقتنا لأجلهم أمام ربنا لأنه القائل في كتابه ( أمّن يجيب المظطر إذا دعاه ) و نحن اضطرارنا أننا بودنا الفعل لكنا نجهل الطريق .. ! و لعل الطريق الذي نطمح به مغلق ..! المهم ... أن لا ننسى هذا الشعار و لا نيأس من رحمة الله فالوعد من الله بالنصر و التمكين و الله لا يخلف الميعاد .. لكن .. لن ننسى ( إن تنصروا الله ينصركم ) فلنجتهد لننصر الدين .. فالله ناصرنا .. لا محالة . و لن تقوم الساعة حتى ينتصر الحق على الباطل .. و لنتذكر لكل شيء ثمن .. ! و لن أنسى هنا أيضا ً أن أشير إلى روعة الاستشهاد الذي جاء به الدكتور زيد العمر الأستاذ في جامعة الملك سعود تعليقا ً على شعار الدكتور بكار (( أقل القليل من كل مسلم )) إذ أنه شبه الأوضاع الراهنة في غزة و الشدة العظيمة التي يواجهون من حصار و دمار و ظلام .. بما حدث في زمن النبي صلى الله عليه وسلم في " غزوة الخندق " و بالفعل المتتبع للسيرة و لأحداث هذه الغزوة بالذات يجد العجب ،، فأنا شخصيا ً حين سمعت شرح للسيرة في باب هذه الغزوة شعرت بمدى حاجة الأمة لمثل هذه البشائر .. لكن ما وجه الشبه بين أحداث غـزة و غزو الأحزاب ؟! في غزوة الأحزاب تألّب كل أعداء الدين في ذاك الوقت على اختلاف وجهاتهم ضد الاسلام و المسلمين فقد اجتمع كفار قريش و اليهود بكل قبائلهم و قبائل العرب الأخرى من بكر و غطفان و غيرهم و شكلوا قوة كبرى ضد الرسول و أصحابه .. و قد بلغ من الصحابة في ذاك الوقت من الخوف و الهلع ما بلغ و كان أيام شدة برد و جدب ! مع ذلك .. و في تلك الأحداث و قمة الشدة يظهر من بينهم رجل حديث عهد بإسلام و هو نعيم بن مسعود و قد أسلم في الأزمة و لم يمض ساعات على اسلامة و يذهب للرسول ليسأله : ماذا علي ّ أن أفعل ؟ فماذا قال له رسولنا الكريم في وسط المعمعة و الأزمة ؟! قال له : [ إنما أنت واحد منا ، فخـذّل عنـّـا ما استطعت ] . و فورا ً ,, كان لسانه و فكره هما اللذان يعملان و دخل بين صفوف أهل الكفر _ كونه حديث عهد بإسلام فلا يعرفون أنه مسلم _ و خذل بينهم و زادهم رعبا ً من المسلمين في قصة مشهورة ليس هنا معرض حديثها .. إنما الشاهد أحبتي ... كيف أن هذا الفرد الواحد بقوة فكره و لسانه استطاع أن يفعل الكثير الكثير في تلك الأحداث .. و هو واحد ، و ما قال أنا فرد ماذا عساي أن أفعل ؟! ثم أن بالتأمل في عبارة رسولنا الكريم لنعيم بن مسعود [ إنما أنت واحد منا ، ........ ] إشعار له بالانتماء للأمة ,, فمن ينتمي للدين يفعل و لو القليل .. القليل القليل من كل مسلم أظن أن بعده سيحصل ما يظنه الناس معجزات ! أ .هـ --------------------