.:: فوق تـِـلال الأمـاني ّ ::. وقفت ُ وحدي فوقَ تـِـلال الأمَـانـِـي أرقب رحيل إحدى الليالي ! كانت ليلتي مثقلة ، تجر ّ خطوها كأنها مترددة : أ أرحـل ؟ أم أبقى ؟ فــلا مكان للصبح بينهم !! : لكن خيالات الصبح ِ تراءت .. فهاجت ليلتي و ماجت ..! فشدت الرحال مُطرِقة ً ذليلة و ابتعدت ! وقد التفتت نحو أرض قلوبنا عيناها تبرقان و كأنها استصعبت الرحيل عن أرض ٍ طال مكثها فيها ! رَحَلَتْ .. فالصبح أبلج .. أشرق و قد سار نحونا يشد ّ معه يــد ُ العيـــد المديدة .. أشرق الصبح و قد أهدانا عيــــــده الجديد ، يحط متاعه بهجة ً و أنسا ً على قلوب ٍ هدها التعب و أضناها الحزن و لفتها موجات الألم _ و هيهات أن يفعل _ ............!! وكأن نافذة الغرفة الرمادية أمامي أرقبها .. أسمع فيها بقايا أنفاس ..! جسد ٌ نحيل .. شاب ٌ في الثلاثين .. هدّه المرض و قد استوطنه بلا رحيل ! أترى العيــــــــــد سيدخل تلك الغرفة ؟ سيُشعل فيها الفرحة ؟ سيلوّن الجدران بالألوان ؟ أتــرى العيد سيداعب ثغره ؟ سنــرى منه البسمة ؟ ! إيـــــــــــه يا عيد .. كيف َ أسرعت َ المجيء ؟ ! كيف أسرعت المجيء ؟ ! : و على تــلال الأماني .. و أنا أسامر حسي و كياني .. هتف العيــد القادم : لي في قلوبكم مكان .. فـــلا تضيــقـوه بالأحــــزان ..! فالرب واحد .. و الفرحة ليست في جسد .. بل في روح الإيمان .. فـ افـــرحوا .. فقد أتيت لأجل قلوب ٍ حرّى كقلوبكم .. أحييها .. أُطربها .. همـّـا ً أُنسيها .. تلاشت حينها صورة الغرفة الرمادية و الجسد النحيل .. و رأيت ُ الشمس الدافئة تطرق نافذتها بــلا دليــل .. : : ..:: وجـاء َ العيد ُ للدنيـا ::.. و دخلت الغرفة ( الرمادية ) .. وفي الزاوية سريره الطبي المقيت ! و هو يلتصق به و قد بنى بينه و بينه جسور الود التي لا يحب الفكاك منها ..! لمحني بطرْف عينه و اغمضها ككل مرة يريد فيها الهروب من الحديث معنا ! ابتسمت و مددت كفي أصافحه و قبلت رأسه _ كل عام و أنتَ بخير_ يا خالد .. اليوم عيـــد و ما أجمل لباسك الجديد ! ابتسم و هو ينظر لملابسه التي لا يدري أجديدة هي ّ أو قديمة ! و هز ّ رأسه بالجواب ! ثم جلست و حدي و إياه .. بقيت صامته لا أعرف ما أقول .. ! خالد ، هل تذوقت حلاوة العيد ؟ ! هاك َ واحدة . لا أريـــد ..! هزني برفضه العنيف و حزنه المستفيض من قسماته ! جمعت أنفاسي و ذهبت أحمل طفة حلوة هي بسمة البيت .. خالد ، هذه بسمة أنظر إليها لقد كبرت و أصبحت عروس هيا يا بسمة قبلي جبين خالك .. إحملها يا خالد .. و ابتسم و هو يتحسس يديها الناعمتين .. جلست بجواره ألاطفها و أحاول قتل جو الصمت و استجماع ذرات الفرح المتطايرة هنا و هناك كي أبعثرها على جسده لعله يستنشقها فيتبدل المحيا ! شرعت أستار الغرفة كي تتسلل رائحة الأضاحي نحونا .. خالد ، أنظر هاهم يذبحون الأضاحي تعال و انظر ..! قال : رأيتهم ..! بقيت في حيرتي .. إلى أن قال لي : هيـا اخرجي .. اخرجي .. !! -------------------------------------------- ليتني لم أنزل من فوق تـلال الأماني .. وبقيت فوق كثيبها أرقب الكون بألوان أخرى تبدد الألم ..! و خرجت ..!