إن الحمد لله نحمده ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين. أما بعد:
فمن نعم الله على عباده أن أحل البيع وأباحه لهم، وحرم عليهم الربا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة:275].
وفي البيع تحصيل لمنافع عظيمة يحتاجها الناس في حياتهم، لأن الناس لابد وأن تتعلق نفوسهم بما في يد الغير، فكان البيع هو الوسيلة التي أباحها الله لعباده لكي يصلوا إلى ما يريدون، وهو بذل الثمن لتملك المثمن.
وحديثنا هنا نخص به التاجر المسلم: الذي اختار البيع والشراء وسيلة لكسب المال، وأنعم بها من وسيلة، فالنبي اشتغل بالتجارة مدة من الزمن، وكثيرٌ من الصحابة كانوا تجاراً كأبي بكر الصديق وعثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وغيرهم. ولم تكن تلك التجارة أو الأموال التي اكتسبوها مانعة لهم من إقامة شعائر الله أو التفريط فيها، بل بذلوها رخيصة لدين الله وفي سبيله، فلم تكن الدنيا قطٌ في قلوبهم بل كانت في أيديهم، ولا أدل على ذلك إلا فعل أبي بكر عندما جاء بكل ماله لرسول الله متصدقاً به يرجو الثواب من الله عز وجل، فقال له رسول الله : { ماذا تركت لأهلك؟ } قال: تركت لهم الله ورسوله [رواه أبو داود:1678].
وكذلك عثمان له في هذا قصص مشهورة ومن أعظمها بذل كثير من ماله لتجهيز جيش العسرة، حتى قال له رسول الله : { ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم } مرتين [رواه الترمذي وقال: حسن غريب من هذا الوجه].
أخي التاجر المسلم: لما أُخاطبك بالتاجر المسلم، أعني أنك لست كالتاجر الكافر همّه كيف الحصول على المال بأي وسيلة كانت، وكيف يخرج المال من جيوب الناس.. ولما أُخاطبك بالتاجر المسلم فإنني أخاطب فيك إسلامك وإيمانك، لأن الشواهد والتجارب أكدت على أن من لم يكن عنده دين، لا يتوانى عن ركوب كل طريق حتى يحصل على المال، مهما كانت الوسيلة وهل هي مشروعة أو غير مشروعة، وهل هي مفسدة للقيم والأخلاق أو غير مفسدة، المهم عنده الحصول على المال بأي ثمن.
ولذا فإننا نوجه لإخواننا التجار نصيحة نرجو أن تنير لهم الطريق، وتقوم المعوج، وترشد الضال إلى سواء السبيل. فأقول مستعيناً بالله:
أيها التاجر المسلم عليك بالنصيحة للمسلمين، وعدم غشهم، ومن صور النصيحة التي تبذلها للناس. الربح المعقول الذي لا يشق على المشتري، وإخباره عن جودة السلعة وعدم المبالغة فيها، وعدم كتمان عيوبها، فإن كتمان العيب في السلعة غشٌ لا يرضي الله عز وجل، وهو ممحق لبركة البيع، نازعٌ لها، قال : { البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعها } [رواه البخاري:2110، ومسلم:1532].
وقم بالدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإنها من أعظم القرب، وليكن أمرك ونهيك ودعوتك بالحسنى وبالقول الحسن، وعليك بلين الكلام فإنه طريق لفتح قلوب الأبواب المغلقة. وطرق الدعوة كثيرة، كالتذكير بالله لمن يأتيك في متجرك، أو توزيع الكتب والأشرطة... إلخ.
وعليك بصدق الحديث، وحسن المعاملة: فإن من اتقى الله، وصدق الناس، وأحسن إليهم نال رضا الله، وجعله الله محبوباً إلى الخلق، ورزقه من حيث لا يحتسب.
وأقل الناس إن هم اشتروا من عندك سلعة ثم ندموا فإن كثيراً من الناس قد يشترون شيئاً ثم يندمون عليه، ويتحسرون، ويتمنون أنهم لم يشتروه، فإن جاءوك ليردوا ما أخذوه وكان سليماً، فاعذرهم واردد لهم أموالهم، ولا تجبرهم على الشراء مما عندك فقد لا يريدونه، ولا يغلبنك حب الدنيا على نفع الناس، والحق أنك تنفع نفسك. قال : { من أقال مسلماً أقال الله عثرته } [رواه أبو داود:3460].
وكن سمحاً في البيع والشراء، وأنظر المعسر، وتجاوز عنه لعل الله أن يتجاوز عنك في وقت أنت أحوج ما تكون إلى تجاوز الله عنك. قال : { رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى } [رواه البخاري:2076]. وقال : { كان تاجر يداين الناس فإذا رأى معسراً قال لفتيانه تجاوزوا عنه لعل الله أن يتجاوز عنا فتجاوز الله عنه } [رواه البخاري:2078، ومسلم: 1562] وقال : { من أنظر معسراً أو وضع عنه أظله الله في ظله.. } الحديث. [رواه مسلم:3014].
أد زكاة مالك. فهو حق الله لا لك، فإنك إن فعلت أطعت ربك، وبارك لك في مالك، وإن عصيته وحبست حق الله عليك، نزعت البركة منه، ويكون وبالاً عليك في الدنيا والآخرة، ونالك ما نال الذي يكنز الذهب والفضة، قال تعالى: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ [التوبة:35،34].
ثم إنك بمنعك زكاة مالك - حق الله عليك - تكون قد أسأت إلى خلق الله، لأنك كنت سبباً في منع الغيث من السماء، قال {.. ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا..} [رواه ابن ماجه:4019، وقال الألباني حسن: برقم 3262].
إنفع نفسك بالإنفاق في سبيل الله، فإنك إن بذلت مالك لوجه الله، وأنفقته في سبيله، تنفع نفسك ويقربك عند مولاك، وليس لك من مالك إلا ما أنفقته في سبيله. فعن عبد الله بن الشخير قال: ( أتيت النبي وهو يقرأ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ )، قال: ( يقول ابن آدم: مالي، مالي ) قال: { وهل لك يا ابن آدم من مالك، إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت } [رواه مسلم:1631].
واحذر: من إضاعة الصلاة لأجل كسب بضعة ريالات، فإن الدنيا لا تسوى عند الله جناح بعوضة، فإذا أُذن للصلاة فاترك الدنيا الزائلة وراء ظهرك، واطلب الآخرة الدائمة التي لا تزول. ومن تشاغل عن الصلاة بالبيع والشراء فقد أثم ووقع في المحرم. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [الجمعة:9] وهذا الحكم ليس في الجمعة فحسب، بل أي تجارة ألهت عن صلاة فهي محرمة.
واحذر: من الغش فإنه مقيت، والغاش متوعد على لسان رسولنا { من غش فليس مني } [رواه مسلم:102].
ولا شك أن الغش من كبائر الذنوب. وصور الغش كثيرة، والتجار أعلم بها من غيرهم، والله مطلع على السرائر، فليحذر التاجر من يوم تبلى فيه السرائر، فما كان مخفياً في الدنيا يظهره الله يوم القيامة.
واحذر الربا فإنه بئس المكسب وبئس المنقلب: يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ [البقرة:276].
وقال تعالى: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:275].
وعن جابر قال: ( لعن رسول الله : آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه وقال: هم سواء ) [رواه مسلم:1598]. وصور الربا كثيرة، ولا تقل من عندك نفسك هذه الوسيلة الفلانية جائزة ولا شيء فيها أو نحو ذلك، بل ارجع الى أهل العلم الراسخين فيه، واسألهم: فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ [الأنبياء:7]. ولا تتشبث بفتوى أنصاف العلماء وأحذرهم، وأنجو بنفسك ان أردت لها الفلاح.
واحذر: من بيع العينة فإنها محرمة على لسان رسول الله فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله يقول: { إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذُلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم } [رواه ابو داود:3462وصححه الألباني].
وصورة العينة: أن يبيع شخص سلعة على شخص آخر بثمن مؤجل، ثم يشتريها منه بثمن حال أقل من المؤجل. مثال ذلك: أن يبيع شخص على آخر سيارة بعشرين ألفا الى أجل، ثم يشتريها منه بخمسة عشر ألفاً حالة يسلمها له، وتبقى العشرون الألف في ذمته الى حلول الأجل، فيحرم ذلك، لأنه حيلة يتوصل بها الى الربا، فكأنه باع دراهم مؤجلة بدراهم حالة مع التفاضل، وجعل السلعة حيلة فقط. [الملخص الفقهي:2/13 للشيخ صالح الفوزان].
واحذر: من بيع محرم النفع، أو مما يستعان به على معصية الله، فإن هذا البيع محرم، وهو من التعاون على الإثم والعدوان: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2].
وهذا البيع، كبيع الخمر، وبيع آلات اللهو، والدخان، ومن كان مثلها في التحريم.
ولا تبع على بيع أخيك، أو تشتري على شراءه، فإن هذا يجلب العداوة والبغضاء بين المسلمين، ويفرق فيما بينهم، وفوق ذلك أنه محرم، فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله قال: { لا يبيع بعضكم على بيع أخيه } [رواه البخاري:2139].
ومثال البيع على البيع: أن يشتري زيد من عمرو سيارة بعشرة آلاف، فيذهب رجل إلى زيد ويقول له أنا أعطيك أحسن منها بتسعة، أو مثلها بثمانية، ونحو ذلك.
ومثال الشراء على الشراء: أن يبيع زيد على عمرو سلعة بتسعة، فيأتي رجل آخر ويقول لزيد - البائع: أنا أعطيك فيها عشرة، أو نحو ذلك. وكل هذا محرم، والشراء داخل في البيع.
واحذر من النجش: فهو ظلم وعدوان، قال رسول الله : { إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تناجشوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا } [البخاري:6066].
والنجش: هو الزيادة في قيمة السلعة مع عدم الرغبة في الشراء، حتى ترتفع قيمة السلعة. وهذا فيه تغرير بالمشتري وخديعته وإضرار به. وهذا يقع كثيراً اليوم وخصوصاً في ( حراج السيارات ).
ومن صور النجش المحرم أن يقول صاحب السلعة: ( أُعطيت بها كذا وكذا ) وهو كاذب، أو يقول: ( اشتريتها بكذا ) وهو كاذب.
ومن صور النجش المحرم أن يقول صاحب السلعة: ( لا أبيعها إلا بكذا أو كذا ) لأجل أن يأخذها المشتري بقريب مما قال، كأن يقول في سلعة ثمنها خمسة: ( أبيعها بعشرة، ليأخذها المشتري بقريب من العشرة ) [انظر الملخص الفقهي:2/19 للشيخ: صالح الفوزان] قلت: وهذا منتشر الآن بين البائعين إلا من رحم الله.
ولا تحلف بالله كذباً وزوراً، من أجل متاع من الدنيا قليل، فإنه أكل لأموال الناس بالباطل، وظلم لهم، وجنب نفسك سخط ربك عليك قال : { من حلف على يمين يقتطع بها مال امريء مسلم هو عليها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان } [رواه البخاري:2357، ومسلم:138]، وقال : { إياكم وكثرة الحلف في البيع فإنه ينفق ثم يمحق } [رواه مسلم:1067] وقال : { ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر اليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم } قال: فقرأها رسول الله ثلاث مرات. قال أبو ذر رضي الله عنه: خابوا وخسروا من هم يا رسول الله؟ قال: { المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب } [رواه مسلم:106].
واحذر من التعرض لأعراض المسلمين، فإنه بئس البضاعة عند العرض على الله. فإن من الباعة من لا يخاف الله في نساء المسلمين، فيحاول التغرير بهم، أو إستدراجهم، حتى ينال منهن ما يريد، وليحذر سخط الجبار فإنه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور. ألا فليتق الله ذلك البائع، وليعلم أن أعراض المسلمين حرام عليه، قال : { فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا.. } [رواه البخاري:67، ومسلم:1679]. وأن أذيتهم محرمة قال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً [الأحزاب:58].
ولا تجلب الفساد والشر إلى بلاد المسلمين. فإن إثمها ووزرها عليك، وهو من غش المسلمين وعدم النصيحة لهم. كاستيراد الملابس التي تكشف العورات والسوآت، أو جلب المشروبات أو المطعومات المحرمة، أو جلب الأفلام الخليعة والصور الماجنة... إلخ.
واحذر من بيع المباح إذا علمت أنه يستعمل في معصية الله: كبيع العصير لمن يتخذه خمراً، أو بيع السلاح لمن يقتل نفساً معصومة، أو بيع ( الأشرطة ) لمن ( ينسخ ) عليها الأغاني أو الكلام الخليع. وهذا كله داخل في قوله تعالى: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2].
وإياك والتطفيف في الميزان، فإن فيه نزلت سورة قال الله تعالى في مطلعها: وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ [المطففين:1-6].
والتطفيف هنا هو بخس الناس حقوقهم في المكيال والميزان ظلماً وعدواناً، فتوعدهم الله بهذا الوعيد الشديد.
واحذر من التغرير بالناس، بأي نوع من أنواع التغرير، وكثير من المسابقات التي تعمل الآن من قبل المحلات التجارية، هو خداع للناس، وأكل لأموالهم بالزور، لأن المشتري ما اندفع لشراء السلعة إلا طمعاً في نيل الجوائز المعروضة فيجتهد هذا المسكين مخرجاً ما في جيبه لشراء شيئاً قد لا يحتاجه، أملاً في حلم قد يتحقق وقد لا يتحقق فاتقوا الله يا أيها التجار في خلق الله.
وقد سئل فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين - رحمه الله - سؤال هذا نصه: هل يجوز أن أعلن للجميع أن من يشتري من عندي سيارة يحصل على رقم ولمدة محدودة، وبعدها يجعل سحب على هذه الأرقام، فالذي يسحب رقمه يحصل على جائزة قيمة، وبذلك أرغب في بضاعتي ويكثر زبائني. أفتونا عن هذه الطريقة جزاكم الله خيراً؟
فأجاب: هذا لا يجوز لأنه إما قمار أو شبيه به، والله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:90]. والميسر هو القمار الذي يكون الداخل فيه بين غانم وغارم [فقه وفتاوى البيوع:ص414].
ما أتتك هذه الأموال إلا من فضل الله ومنَّه وتوفيقه وتسديده فاشكر الله على هذه النعمة ولا تكفر بها ولا تكن كمن قال: إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي [القصص:78] ومن أعظم شكر هذه النعمة جمعها من حلال ووضعها في حلال وصرفها في الحلال.
وختاماً: أسأل مولانا الجليل، أن يغفر لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة وأن يجعل ما بيدك من زينة الدنيا عوناً لك على الطاعة وأن يبارك في أموالك وأولادك، إنه ولي ذلك وهو على كل شيء قدير.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت، استغفرك وأتوب إليك، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين