الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، أما بعد..
فقد انتشرت بين طلاب المدارس في الفترة الأخيرة لعبة تعرف بـ(البوكيمون)، هذه اللعبة التي استحوذت على عقول شريحة كبيرة من أبنائنا الطلاب فأسرت قلوبهم، وأصبحت شغلهم الشاغل ينفقون ما لديهم من نقود في شراء بطاقاتها - يتراوح سعرها بين 10- 600 ريال بل إن بعضها يصل إلى 2000 أو 3000 ريال للكرت الواحدة - يقضون معظم أوقاتهم في متابعة تطوراتها والبحث عن جديدها في كل مكان. ولرواجها ولشدّة الإقبال عليها أصبح لها أسواق خاصة وأماكن محددة لبيعها وشرائها وتبادلها، حتى وصل الأمر إلى إقامة مباريات لهذه البطاقات يتنافس فيها عدد كبير من الطلاب لكسب المزيد منها والأدهى من ذلك كله أن عدداً ليس بالقليل من الآباء والأمهات أصبح مهتماً بتطورات هذه اللعبة ولا يبخل على أبنائه بتقديم الدعم والمساندة، بل أصبحت هذه الكروت تستخدم للثواب والعقاب بعدما اقتنعوا أن هذه اللعبة لها مفعول عجيب في التأثير على أبنائهم. ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولأن لعبة البوكيمون لا تقتصر على الكروت وإنما تشتمل على أفلام كرتونية مدبلجة مليئة بالمحاذير الشرعية.
ولإيضاح بعض الحقائق عن هذه اللعبة وما تخفيه من أخطار جسيمة سواء كانت عقدية أو تربوية أو سلوكية تستهدف بشكل مباشر فئة معينة من أبنائنا، نوجز لمحة عن هذه اللعبة مع التركيز على مخاطرها العقدية المفجعة وآثارها التربوية السلبية لنضع أمام الغيورين والمهتمين بتربية طلابنا تربية عقدية سليمة بعض ما وصلت إليه من هذه اللعبة، بعد أن استفحل أمرها داخل مجتمعنا.
نشأتها: لعبة البوكي أو ما يُعرف بالبوكيمون قدمت من أقصى بلاد الشرق وتحديداً من اليابان وتعود هذه اللعبة إلى التسعينات عندما تخيل رجل ياباني اسمه ساتوشي تاجيري وهو من المهتمين بجمع أنواع الحشرات، تخيل هذا الرجل أن العالم سوف يغزوه عدد هائل من الحشرات والحيوانات الغريبة الأشكال، قادمة من الفضاء ومن ثم يبدأ الإنسان بالتقاطها. وهذه الحشرات والوحوش قابلة للتطور والإرتقاء نحو الأفضل وفي كل مرحلة يتغير شكلها فمثلاً الحيوان ذو الرأس الواحد قد يتطور ويصبح له ثلاثة رؤوس أو قد يخرج له أيد وأرجل في مرحلة ما.
هذه الفكرة راقت لشركة يابانية عملاقة تدعى (ننتندو) حيث تبنت الفكرة فطورتها وجنّدت لها إمكانيات هائلة، واستقطبت عدداً كبيراً من المصممين والرسامين للقيام برسم نماذج لهذه اللعبة وفرضت رقابة مشددة على عملهم، حيث أنها منعت الصحفيين من الدخول إلى الأماكن التي تصمم بها هذه الرسومات ( كما حصل ذلك مع إحدى محطات التلفزيون الأمريكية التي أرادت إجراء تقرير عن تصميم هذه الرسومات ) [جريدة االشرق الأوسط]، وما لبثت هذه اللعبة أن انتشرت انتشار النار في الهشيم في معظم أرجاء العالم وحققت الشركة المنتجة أرباحاً خيالية بلغت مليارات الدولارات. وأنشأت لها مقرات في كثير من عواصم العالم، وأصبح لها مطبوعات ودوريات وأشرطة فيديو وأنواع متعددة من أشكال اللعبات التي تناسب كل مرحلة سنية بدءاً من الرضع حتى الكبار، بل وتنافست المطاعم والمحلات التجارية على تقديم صور اللعبة المختلفة، وتبنّت بث برامجها محطات تلفزيونية عديدة، واستحدثت لها مواقع عديدة على شبكة المعلومات ( الإنترنت ).
لقد وضع منتجو البوكيمون قواعد وضوابط محددة لممارسة هذه اللعبة مراعين في ذلك منهج الاستمرارية، بحيث يبقى اللاعب يبحث عن الجديد لاهثاً بلا نهاية. وهي تأخذ عدة أشكال منها المعقد والتي يستخدم فيها الزهر والأوسمة، ولها طاولة معينة وهي تحتاج إلى وقت طويل لتعلم مهاراتها. ومنها ما هو المبسط والتي تتلخص باستحواذ الكرت القوي على الكرت الأقل قوة وما يميز الكرت القوي أنه يحتوي على رموز وإشارات وأرقام معينة ترفع من قيمته.
1 - القمار والميسر: حيث أنها تشتمل على القمار المحرم إذ يتنافس اثنان بعدد من الكروت المختلفة الأثمان لكل كرت منهما قيمة متعارف عليها ويكون أحدهما يملك كرتاً قوياً يكسب به كروت الشخص الآخر الأقل قوة. فإذا لم يرد الطرف الخاسر أن يفقد الكرت فإنه يدفع بدلاً عنه قيمته وقد يزيد في السعر حسبما يحدده الكاسب.
وهذه إحدى صور المقامرة في الجاهلية حيث كان الرجل يقامر غيره على ماله وأهله فأيهما كسب أخذ مال الآخر وحتى أهله بسبب هذه المقامرة، وهذا مذكور عند تفسير قوله تعالى: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:90]. وهذه المقامرة هي ما يقع من الطلاب في مدارسنا من خلال هذه اللعبة حيث يقامر الطالب بكروته ذات القيمة المالية، والكاسب يأخذ كروت صاحبه ذات القيمة المالية وإذا أراد الخاسر أن يبقي على كروته وجب عليه أن يدفع مقابلها قيمة مالية ليبقي عليها.
2 - تبنيها لنظرية التطور والارتقاء: لعل أهم ما يجعل المرء يستنكر هذه اللعبة هو أنها تتبنى نظرية النشوء والارتقاء التي نادى بها العالم اليهودي (داروين) والتي تقوم على تطور المخلوقات والتي تُرجع أصل الإنسان إلى سلسلة من الكائنات الحية المتطورة التي كان من آخرها القرد.
والعجب أن كلمة تطور أصبحت كثيرة التردد على ألسنة الأطفال حيث إنك تسمع من الطلاب أن هذا الحيوان الموجود في الكرت قد تطور وأصبح بشكل مختلف ويتابعون تطوره بشغف شديد.
3 - إشتمالها على رموز وشعارات لديانات ومنظمات منحرفة: إن المتأمل لبعض هذه البطاقات يُُصدم ويتفطر قلبه مما يراه ويجده من رموز وشعارات وصور جزئية مشوهة ذات مدلولات خطيرة جداً تثبت أن هذه اللعبة لم تنشأ بهدف التسلية والترفيه كما يزعم منتجوها ومروجوها بل إن وراءها أيد خفية، ومنظمة تعمل بدقة لنشر أفكارها المنحرفة عبر الكثير من هذه الرموز والشعارات - الموجودة في هذه اللعبة - والتي تستخدمها أكثر الحركات الهدامة في العالم، حيث تترك هذه الرمزية مساحة واسعة للمناورة على من يريدون تضليله حيث يفسرون له الأمور وفق ما يهوى وما يحب لجعلها عالقة في الأذهان وليتعلق بها من يستخدمها وهذا ما حدث فعلاً لدى شريحة كبيرة من أبنائنا.
ولعلنا نورد هنا بعض المقتطفات عما تعطيه المنظمات المنحرفة من أهمية للرموز والرسومات والشعارات فهم يقولون: ( إن السر ينتقل عبر الكلمة والصورة والكتابة، والكتابة هي شعائر وهي لم تنشر إلا بصورة جزئية مشوهة ) [انظر الماسونية نشأتها وأهدافها].
أ - النجمة السداسية: حيث قل أن تجد كرتاً يخلو من هذه النجمة التي لا يخفى على الجميع ارتباطها بالصهيونية العالمية، كما أنها تمثل شعار دولة إسرائيل ورمزها المقدس. كما أنها الرمز الأول للمنظمات الماسونية في العالم.
ب - الصليب: يوجد في هذه اللعبة العديد من الصلبان المختلفة الأشكال وهو الشعار المقدس لدى النصارى.
ج - المثلثات والزوايا: وهي رموز لها مدلولات هامة عند الكثير من المنظمات المنحرفة كالماسونية.
د - رموز من المعتقد الشنتوي: الشنتوية عقيدة سكان اليابان، والتي تقوم على تعدد الآلهة فالشمس والأرض والكثير من الحيوانات والنباتات مقدسة لديهم وهي تأخذ صفة الآلهة. وقد احتوت اللعبة على الكثير من هذه الصور.