ذات مساء هادئ ، ضمتنا روضة من رياض بلادي في رحلة بريّة . كانت السماء ملبدة بالغيوم ، و الهواء عليل و منعش ، و قد اكتست الأرض حلة خضراء ، و بدت الأزهار الملونة منسقة تنسيقا بديعا ، كأنما نقشت بريشة فنان !! و لكنها صنع البديع المنان ، نمت بفعل الأمطار التي أنزلها الرحيم الرحمن . رائحة الخزامى تعطر الأجواء !! جداول وأنهار متفرقة هنا وهناك !! أطلقت عنان بصري لأشاهد كيف أصبحت الأراضي القاحلة ( بقدرة البارئ المصور ) حدائق غناء تبارك الرحمن !! .. الطيور تلّق مغردة ، و البشر يقبلون من كل مكان ؛ للاستمتاع بهذه الأجواء الجميلة ! إذ أننا دومـًا نبحث عن الطبيعة الخلابة والجو البديع .. لنشعر ولو بالشيء القليل من الراحة النفسية و الاسترخاء . حدثتني نفسي : إذا كان هذا الجمال البسيط في الدنيا , يجذب الكل فيأتي من مسافات بعيدة ؛ ليمتع بصره , و يريح أعصابه , و يستشعر جمال الطبيعة , بل يسعد إذا وجد بقعة صغيرة خضراء , أو ما تبقى من مياه الأمطار !! يا إلهي إذن كيف ستكون الجنة ؟ الجنة التي بناؤها لبنة من ذهب ولبنة من فضة ! والجنة التي حصباؤها اللؤلؤ والياقوت و ترابها الزعفران ! والجنة التي سيقان أشجارها من ذهب ! و جذوع نخلها من زمرد أخضر, وكربها ذهب أحمر ! وسعفها كسوة أهل الجنة ! أما أنهارها فهي تجري من غير أخدود تحت القصور , و المنازل , والغرف , والأشجار ! و أثناء جلوسي في الخيمة تذكرت خيام الجنة !!! التي هي من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها ستون ميلا في السماء !! سبحان الله ! كل ما نحبه في الطبيعة سيكون بصورة أجمل و شكل أعظم في الجنة !!! إذن فلِمَ لا نعمل للجنة ؟؟ تلك الجنة التي فيها ما لا عين رأت و لا أذن سمعت ، و لا خطر على قلب بشر !! قال الله تعالى : ( وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأوتوا به متشابها ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون ) البقرة آية 25 ( اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل , وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل, وأسألك ما قضيت لي من قضاء أن تجعل عاقبته رشدا) أخواتي إن الحياة سفر دائم فهل ترانا نتبع الطريق المستقيم ، ونشتري التذكرة بأعمالنا الصالحة ثمنـا لها ؛ لنصعد القطار , و نسير في أجمل وأرقى وأعظم رحلة إلى الجنة ؟