القاعدة الأولى في المحاكمات في زمن الحمورابي كانت (الأصل براءة الذمة)، فالمتهم برئ حتى تثبت ادانته، وغدت هذه القاعدة في التصور الإسلامي قاعدة فقهية وتطبق في المحاكمات. وحسب الروايات فان حمورابي يعني الأمير الذي يخاف الله، أو الأمير الذي نادته السماء من أجل تجسيد العدالة، أياً كان معناه وطبيعته فهو يعتبر مؤسس القانون، وهذه القاعدة سامية في المحاكمات. من أجل تطبيق العدالة، وابعاد الظلم، لابد من الإلتجاء الى الدليل والحجج، وعدم اتباع الهوى، ولوي النصوص ظلماَ وعدواناَ، واخفاء الحق والحقيقة، أو الباس الحق لباس الباطل والظلم. تابعت الحلقة الثامنة حول حياة الزهراء رضي الله عنها بين روايات السنة والشيعة في قناة المستقلة وكان الحديث حول نبش وفحص الروايات القديمة حول موضوع كسر ضلع واسقاط جنين فاطمة الزهراء رضي الله عنها من قبل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، رغم غرابة الموضوع وموضوعية الروايات التي تشير الى حادثة مثل هذه، احسست بعدم الرغبة في الوصول الى الحقيقة من قبل البعض، وهذا لشئ في نفس يعقوب لا يعلمها الا الله والذي لا يخضع للحق والحقيقة. حادثة مثل هذه لم ترد في كتب الصحاح، وبداية الحديث حولها كانت في القرن الرابع الهجري، وعليه نستطيع ان نقطع بعدم صحة خبر ورواية تتحدث عن أمر كهذا. (أحب الناس اليَّ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة) قاله عمر رضي الله عنه، فكيف يفعل هذا، وهذا يخالف كل ما عرف عنه وعرف به، فهذا كله افتراء، وأنهما براء من كل ما يرمون به، فكما برأ الله أم المؤمنين عائشة في سورة البراءة في قضية الإفك، فرغم براءتها بقرآن يتلى الى قيام الساعة، فلم تمحى التهمة عنها عند البعض. المقصد من ايراد هذا الحدث وهذه القضية أن الحوار في أية قضية اذا لم تستند الى الحجج والبراهين العقلية والمنطقية فهو حوار أبتر لا يوصل الى شئٍ، ناهيك عن تحريف الحقائق وتضليل الأفهام، وغرس بذور الحقد والضغينة، بدل روح التسامح والعفو والبحث عن الحقيقة، فمنطق العقل يقول بأن الإنصاف يكون في تحكيم العقل مع الخضوع للدليل الصحيح، حتى وان كان الدليل ضدي، والأمل ان يجعل من القاعدة التي ذكرناها (الأصل براءة الذمة) حكماَ وفيصلاً في بداية الشروع لأية قضية.