الله عليه و سلم يُصلي فيه.. لم يكن أحد من السلف يستلمه.., ولا المواضع التي صلى فيها بمكة وغيرها.., وإذا كان هذا ليس بمشروع في موضع قدميه للصلاة فكيف بالنعل الذي هو موضع قدميه للمشي وغيره!, هذا إذا كان النقل صحيحًا فكيف بما لا يُعلم صحته أو بما لا يُعلم أنه كذب؛ كحجارة كثيرة يأخذها الكذابون وينحتون فيها موضع قدم ويزعمون عند الجهال أن هذا موضع قدم النبي صلى الله عليه وسلم, وإذا كان هذا غير مشروع في موضع قدميه.., فكيف بما يُقال أنه موضع قدميه كذبًا وافتراءً عليه!.., لم يُشرِّع النبي صلى الله عليه وسلم قصد شيء من هذه البقاع لصلاة ولا دعاء ولا غير ذلك, وأما تقبيل شيء من ذلك والتمسح به فالأمر فيه أظهر, إذ قد علم العلماء بالاضطرار من دين الإسلام أن هذا ليس من شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم". وشاول اليهودي المسمى بولس لم ير المسيح عليه السلام قط واضطهد أتباعه من بعده بعنف, ولما أعيته الحيل ادعى أنه رآه عيانًا وحَمَّلَه وصايا؛ قد حَرَّفت رسالته إلى اعتقادات وطقوس وثنية, ونُسبت بالمثل رؤيا مزعومة لخادم الحجرة النبوية زعمت أنه رأى النبي محمد صلى الله عليه وسلم عيانًا وأوصاه أن يُبلغ الناس بترك المعاصي, وأن من يكتب وصيته ويرسلها من بلد إلى بلد بُني له قصر في الجنة وإلا حُرِّمت عليه الشفاعة النبوية, ولكن سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى كذَّبها وبين زيفها وجهل مفتريها بقوله: "مُفتري هذه الوصية قد جاء في القرن الرابع عشر يريد أن يلبّس على الناس دينهم ويشرع لهم دينا جديدا يترتب عليه دخول الجنة لمن أخذ بتشريعه وحرمان الجنة ودخوله النار لمن لم يأخذ بتشريعه، ويريد أن يجعل هذه الوصية التي افتراها أعظم من القرآن.., لأن من كتب القرآن الكريم وأرسله من بلد إلى بلد.. لم يحصل له هذا الفضل.., ومن لم يكتب القرآن ولم يرسله من بلد إلى بلد لم يُحْرم شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم.., وهذه الفرية الواحدة في هذه الوصية تكفي وحدها للدلالة على بطلانها وكذب ناشرها ووقاحته وغباوته وبعده عن معرفة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الهدى..، ولو أقسم مفتريها ألف قسم أو أكثر على صحتها ولو دعا على نفسه بأعظم العذاب وأشد النكال على أنه صادق لم يكن صادقا ولم تكن صحيحة، بل هي؛ والله ثم والله, من أعظم الكذب وأقبح الباطل، ونحن نُشْهِدُ اللهَ سبحانه.. أن هذه الوصية كذب وافتراء على رسول الله صلى الله عليه وسلم", فهل ترى أن مدعي الوصية تلميذ نجيب لليهودي شاول وأن الحيل قد أعيته بالمثل لكن مهمته في مواجهة الإسلام أصعب!. وقصة رجل طلع من قبره وآخر التَفَّت عليه حية في قبره؛ أنكرها فضيلة الشيخ صالح الفوزان بقوله: "نحن يعيش معنا دجالون وكذابون, يعيشون معنا إما بداخل بلادنا وإما يندسون من الخارج ويروجون هذه الأمور، في المدينة.. ميت (التفت) عليه حية..، و(لكن) قد أبطل أهل المدينة هذه الحكاية وقالوا ما رأيناها ولا لها أصل ولا حصلت وإنما هي كذب، ثم الآن (زعموا أن) واحد طلع من القبر..، (ولكن).. هذا من الكذب ومن التدجيل ومن جملة طريق الموعظة (المبنية على الكذب)..، هذا مثل (من كانوا) يضعون الحديث يكذبون على الرسول صلى الله عليه وسلم ويقولون هذا من باب الترقيق والموعظة ولا يضر, (ولكن).. هذا من الكذب على الله عز وجل والكذب على رسوله صلى الله عليه وسلم". ومن الغريب الادعاء بأن جزيئات الماء تسمع وتفهم الحديث بكل اللغات فتتشكل البللورات تبعًا للمعنى: مع الثناء تلمع ومع السباب تبدو مُشَوَّهة, ومع القرآن تتألق مأخوذة من الوَجْد!, لكن هذا الوَجْد المزعوم تغطية بدهاء لمبدأ الطاقة الكونية في الأديان الشرقية الوثنية والتي يعتبرونها بديلا عن الإله في طلاقة المعرفة, ولم تؤكد المراجع العلمية الخبر وظنه أحدهم حقيقة علمية فاعتبره سببًا للبسملة عند المسلمين حين الشرب لأن جزيئات الماء واعية تسمع وتعقل!, فقال فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم: "هذا قول لا أصل له؛ بل هو من الظّن ومن القول على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بِغير عِلْم". وقد كشف ابن تيمية (رحمه الله تعالى) سر بعض الخوارق المزعومة بقوله (الجواب الصحيح ج3ص324): "إن كثيرا من الناس بل أكثرهم تدهشهم الخوارق حتى يصدقوا صاحبها قبل النظر (شرعا وعقلا) في إمكان دعواه", و(المنار المنيف ج1ص150): "بين يدي الدجال الأكبر صاحب الخوارق دجالين كذابين", و(الجواب الصحيح ج2ص339): "قد صنف بعض الناس مصنفا في حيل الرهبان مثل الحيلة المحكية عن أحدهم في جعل الماء زيتا بأن يكون الزيت في جوف منارة فإذا نقص صب فيها ماء فيطفو الزيت على الماء فيظن الحاضرون أن نفس الماء انقلب زيتا, ومثل الحيلة المحكية عنهم في ارتفاع النخلة؛ وهو أن بعضهم مر بدير راهب وأسفل منه نخلة فأراه النخلة صعدت شيئا شيئا حتى حاذت الدير, فأخذ من رطبها ثم نزلت حتى عادت كما كانت, فكشف الرجل الحيلة فوجد النخلة في سفينة في مكان منخفض إذا أرسل عليه الماء امتلأ حتى تصعد السفينة, وإذا صرف الماء إلى موضع آخر هبطت السفينة, ومثل الحيلة المحكية عنهم في التكحل بدموع السيدة يضعون كحلا في ماء متحرك حركة لطيفة فيسيل حتى ينزل من تلك الصورة فيخرج من عينها فيظن أنه دموع, ومثل الحيلة التي صنعوها بالصورة.. (فقالوا) هذه صورة السيدة مريم, وأصلها خشبة نخلة سقيت (بالدهن).., وصار الدهن يخرج منها دهنًا مصنوعا يُظن أنه من بركة الصورة, ومن حيلهم الكثيرة النار.., نار مصنوعة يضلون بها عوامهم يظنون أنها نزلت من السماء ويتبركون بها وإنما هي (صنيعة).. وتلبيس, ومثل ذلك كثير من حيل النصارى", وقد تناقلت المواقع النصرانية الزعم بزيارة السيدة مريم العذراء عليها السلام لحفيد مذيعة مصرية مُصاب بسرطان الدماغ مع قسيس مُعاون, وباستخدام أدوات حديثة أزالت الورم بعملية جراحية أمام دهشة المذيعة ومن حضر من الأقارب, لكن الخبر بلغ المذيعة فكَذَّبَته وفضحت الحيلة في الصحافة بقولها: "المواقع المسيحية كاذبة, وليس لي حفيد؛ وإِنَّما حفيدة مُعافاة", والمفارقة أن القسيس نفسه قد أصابته لاحقًا جلطة في الدماغ فلم يستنجد بالسيدة العذراء وفَضَّل الانتقال إلى المستشفى"!. وظهر في حماة نبع أكدوا قدرته على شفاء كل الأمراض المستعصية, فمَثَّل فرجًا لمن ينتظر معجزة فابتنى الآمال على الرمال؛ وتقاطر الناس من كل صوب كأنه الحج ليفيقوا على وهم لا وجود له, وعاطل أصبح فجأة شيخًا بلا عبء دراسة؛ يُعالج السحر, ومع ذيوع صيته كيف يَشُك فيه أحد!, فللتشخيص يكفيه النظر للمرأة واسم الأم بلا حاجة لمعامل, ولا يضع يده على موضع الداء إلا للعلاج, ولا يقبل إلا الهدية عملا بالسنة النبوية, والمؤشرات عديدة على تراجع المنهج العلمي المنطقي والعقلي عملا بتعاليم الدين فانحطت بعض أنماط التفكير إلى ما يُشبه عصر الجاهلية, وحتى لو ثبت تشابه نقش على شيء كحجر أصم مع لفظ بأي لغة فلن يعدو كونه لطيفة فحسب, والإسلام ليس كغيره محتاجًا لشعوذة وافتعال كرامات كظهور العذراء بمصر أو روما وإنما يتحدى العالمين ويُوقظ النابهين بكتابه المُعجز وتشريعه الوافي الموافق للفطرة, ولا مجال فيه لشعار الكهنوت الكنسي: (لا تحل البركة إلا على ابن الطاعة العمياء, ومن يطلب دليلا مطرود من الجَنَّة), وانتشال التائهين واستنهاض منهج التَحَرِّي والتحقيق مَنُوط بالنُّبهاء والمحققين حتى تعود للدين السيادة في حياة المسلمين.