متابعة لسلسلة الاعجاز العلمي اقدم لكم هذا الموضوع الشيق...... الموضوع منقول من موسوعة الاعجاز العلمي في القران..................
[1] قبل قرن مضى كان خلق الكون مفهوماً غامضاً ومهملاً لدى الفلكيين، والسبب في ذلك هو القبول العام لفكرة أن الكون أزلي في القدم وموجود منذ زمن لا نهائي وبفحص الكون افترض العلماء أنه كان مزيجاً من مادة ما ويظن أنها لم تكن ذات بداية، كما أنه لا توجد لحظة خلق . تلك اللحظة التي أتى فيها الكون وكل شيء للوجود . تتلاءم هذه الفكرة وهي " سرمدية الوجود " تماماً مع الأفكار الأوربية المقتبسة من الفلسفة المادية، وهذه الفلسفة نمت وتقدمت أصلاً في العالم الإغريقي القديم . و تضمنت أن المادة كانت الشيء الوحيد الموجود في الكون، وأن الكون وجد في الزمن اللانهائي، وسوف يبقى إلى الأبد. هذه الفلسفة عاشت في أشكال مختلفة خلال الأزمنة الرومانية، لكن في فترة الإمبراطورية الرومانية القريبة والعصور الوسطى صارت المادية تنحدر نتيجة تأثير الكنيسة الكاثوليكية والفلسفة المسيحية علي يد رينايسانس ثم بدأت تجد قبولاً واسعاً بين علماء أوروبا ومثقفيها، وكان سبب ذلك الاتساع هو الحب الشديد للفلسفة الإغريقية القديمة . ثم ما لبث الفيلسوف ( إيمانويل كانت ) في عصر النهضة الأوربية أن أعاد مزاعم المادية ودافع عنها، وأعلن ( كانت ) أن الكون موجود في كل الأزمان، وأن كل احتمالية ( إن كانت موجودة ) فسوف ينظر إليها على أنها ممكنة . و استمر أتباع ( كانت ) في الدفاع عن فكرته في أن الكون لا نهائي ومتماشٍ مع النظرية المادية، ومع بداية القرن التاسع عشر صارت فكرة أزلية الكون وعدم وجود لحظة لبدايته مقبولة بشكل واسع، وتم نقل تلك الفكرة إلى القرن العشرين من خلال أعمال الماديين الجدليين من أمثال ( كارل ماركس) و( فريدريك أنجلز ) . تتلاءم هذه الفكرة عن الكون اللامتناهي تماماً مع الإلحاد، وليس من الصعب معرفة السبب لأن فكرة أن للكون بداية تقتضي أنه مخلوق، وطبعاً هذا يتطلب الإقرار بوجود خالق وهو الله، لذلك كان من المريح جداً وأكثر سلامة بأن يدار العرض بطريقة خادعة فتوضع أولاً فكرة أن " الكون موجود سرمدي " حتى ولو لم يكن هناك قاعدة علمية ولو كانت ضعيفة لتأكيد تلك الفكرة . أعتنق ( جورج بوليتزر ) تلك الفكرة ودافع عنها في كتبة المنشورة في أوائل القرن العشرين، وكان النصير الغيور لكلا النظريتين الماركسية والمادية، وآمن بفكرة الكون اللامتناهي وعارض بولتزر فكرة الخلق في كتابه " المبادئ الأساسية في الفلسفة " حيث كتب : " الكون ليس شيئاً مخلوقاً، فإذا كان كذلك فهذا يقتضي أنه خلق في لحظة ما من قبل إله، وبالتالي ظهر إلى الوجود من لا شيء، ولقبول الخلق يجب على الإنسان أن يقبل في المقام الأول أنه كانت توجد لحظة لم يكن فيها الكون موجوداً، ثم انبثق شيء من العدم، وهذا أمر لا يمكن للعلم أن يقبل به" . كان بوليتزر يتصور أن العلم يقف إلى جانبه في رفضه لفكرة الخلق ودفاعه عن فكرة الكون السرمدي، بيد أنه لم يمض زمن طويل حتى أثبت العلم الحقيقة التي افترضها بوليتزر بقوله " .. وإذا كان الأمر كذلك فإنه ينبغي القبول بفكرة الخالق .." بمعنى أنه أثبت حقيقة أن للكون بداية . تمدد الكون واكتشاف الانفجار الكبير : كانت الأعوام التي تلت 1920هامة في تطور علم الفلك الحديث، ففي عام 1922 كشف الفيزيائي الروسي ألكسندر فريدمان حسابات بين فيها أن تركيب الكون ليس ساكناً . حتى أن أصغر اندفاع فيه ربما كان كافياً ليسبب تمدد التركيب بأكمله أو لتقلصه وذلك طبقاً لنظرية أينشتاين في النسبية . وكان جروج لوميتر أول من أدرك أهمية الأعمال التي كان فريدمان يقوم بها وبناء على تلك الحسابات أعلن الفلكي البلجيكي لوميتر أن للكون بداية، وأنه في تمدد متواصل، وصرح أيضاً أن معدل الإشعاع يمكن استخدامه كمقياس عقب حدوث ذلك الشيء . لم تحض التأملات النظرية لهذين العالمين في تلك الفترة باهتمام يذكر، غير أن الأدلة التي نتجت عن الملاحظات العلمية في عام 1929كان لها وقع الصاعقة في دنيا العلم، ففي ذلك العام توصل الفكي الأمريكي الذي يعمل في مرصد جبل ويلسون في كاليفورنيا إلى واحد من أعظم الاكتشافات في تاريخ علم الفلك . فمن رصد لعدد من النجوم من خلال تلسكوبه العملاق اكتشف أن ضوءها كان منحرفاً نحو الطرف الأحمر من الطيف وبشكل حاسم، وأن ذلك الانحراف كان مرتبطاً مباشرة مع بعد النجوم عن الأرض، وهذا الاكتشاف هز قواعد المفهوم الذي كان شائعاً للكون . وفق القوانين الفيزيائية المميّزة إن أطياف الحزم الضوئية المسافرة نحو نقطة الرصد تميل نحو الطرف البنفسجي من الطيف، بينما أطياف حزم الضوء المسافرة بعيداً عن نقطة الرصد تميل نحو الأحمر، تماماً مثل صوت صفارة القطار أثناء حركته بعيداً عن الرصد فإن ذلك الصوت يكون خشناً غليظاً أما إذا كان القطار مقترباً فإن الصوت المسموع يكون حاداً ورفيعاً . و قد أظهرت أرصاد هابل وفق هذا المبدأ أن الأجرام السماوية تتحرك بعيداً عنا، وبعد فترة وجيزة توصل هابل إلى اكتشاف آخر مهم، وهو أن النجوم لم تكن تتباعد عن الأرض بل كانت تتباعد عن بعضها البعض أيضاً، والاستنتاج الوحيد لتلك الظاهرة هو أن كل شيء في الكون يتحرك بعيداً عن كل شيء فيه، وبالتالي فالكون يتمدد بانتظام وتؤدة . و جد هابل دليلاً رصدياً لشيء ما كان جورج لوميتر تنبأ به قبل فترة قصيرة من الزمن، وأحد أعظم عقول عصرنا كان قد ميز ذلك الأمر قبل خمس عشرة سنة بعده، ففي عام 1915 استنتج العالم ألبرت أنشتاين أن الكون لا يمكن أن يكون ساكناً لأن حساباته المبنية على نظريته المكتشفة حديثاً وهي النسبية تشير إلى ذلك … ( وهكذا تحققت استنتاجات فريدمان ولوميتر) ولقد صدم أنيشتاين ذاته باكتشافاته فأضاف ثابتاً كونياً لمعادلاته لكي يجعل إجاباتها الناتجة عنها صحيحة، لأن الفلكيين أكدوا له أن الكون ثابت وأنه لا توجد طريقة أخرى لجعل معادلاته تتطابق مع مثل ذلك النموذج، وبعد سنوات اعترف أنيشتاين أن ذلك الثابت الكوني الذي أضافه كان أكبر خطأ ارتكبه في أعماله .