دعوة النبي صحابته للحياء من الله

الناقل : mahmoud | الكاتب الأصلى : د مصطفى السعدني | المصدر : www.maganin.com

والآن اسمحوا لي أن أتحدث عن بعض ما ورد عن حياء نبينا صلى الله عليه وسلم، ودعوته صلى الله عليه وسلم صحابته للحياء من الله.

حياء النبي صلى الله عليه وسلم

كان صلى الله عليه وسلم لطيف البشرة، رقيق الظاهر، لا يُشافِه أحداً بما يكرهه حياءً وكرم نفس. وعن عائشة رضي الله عنهما: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بلغه عن أحد ما يكرهه لم يقل: ما بالُ فُلان يقُولُ كَذا؟، ولَكِن يقولُ: ما بالُ أقوامٍ يصنعون، أو يقولون كذا؟!، يَنهى عنه، ولا يُسمِّى فاعله.

وروى أنس أنه دخل عليه رجل به أثر صفرة، فلم يقل له شيئاً ـوكان لا يواجه أحداً بما يكرهـ فلما خرج قال: لو قلتم له: يغسل هذا ويروى: ينزعها.
قالت عائشة في الصحيح: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا مُتفحِشاً ولا سخابا (مرتفع الصوت) بالأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح.
وروي عنه أنه كان من حيائه لا يُثبِّت بصره في وجه أحد. وأنه كان يُكنِّي عما اضطره الكلام إليه مما يكره. وسألته جارية طعاماً، وهو يأكل، فناولها من بين يديه، وكانت قليلة الحياء، فقالت إنما أريد من الذي في فيك، فناولها ما في فيه، ولم يكن يُسأل شيئاً فيمنعه. فلما استقر في جوفها ألقي عليها من الحياء ما لم تكن امرأة بالمدينة أشد حياء منها.

الخجل شلل انفعالي
لقد تم كتابة مؤلفات عديدة عن الخجل الذي يشل الحركة، وعن الشعور بالذنب الذي قد يمنع الشخص الخجول حتى عن أداء عمله، ولقد ذكرنا الانفعالين (الخجل والشعور بالذنب) هنا، لأن الخجل هو أحد المشاعر الأساسية، ودائما ما يخلط الكثيرون بينه وبين الشعور بالذنب.

يتعلق الشعور بالذنب بامتلاك ضمير حي، فعندما ندرك الفارق بين الصواب والخطأ فإن الشعور بالذنب هو النتيجة الطبيعية لارتكابنا أي خطأ - وقد يكون من السهل تصحيح أغلب الأخطاء التي نرتكبها، حيث نعترف بأننا ارتكبناها، ثم نعتذر للآخرين ونحاول تعويضَهم إن أمكن. فبإمكاننا طلب الصفح وأيضا العفو عن الآخرين، وفي أغلب الأحيان نقوم بتغيير سلوكنا. ويتطلب الشعور بالذنب منا الاعتراف بأننا جرحنا مشاعر الآخرين، وعندما نفعل ذلك فإننا سنحرر أنفسنا من الماضي ومن الشعور بالذنب، ولكن الخجل لا يعتبر شعورا عابرا أو يسهل التخلص منه كما سنرى.

مسلسل الشعور بالذنب
منزعج
مرتبك
متردد
مستاء
معترف بالذنب
متواضع
راض
متغير
مسلسل الخجل
التسبب في الخجل
الإنكار
الإسقاط
الشعور بالانزعاج
إلقاء اللوم
التبرير المنطقي
الكذب
القسوة
الشعور بالرضا
التحايل
الشعور بالقوة

أعراض الشعور بالخجل

منزعج
حساس
محرج
مرتبك
عاجز
محبط
مشلول الحركة
الشعور بعدم الراحة

عن الشعور بالخجل

لا يعد الشعور بالخجل ناتجا عن قيامنا بأحد الأفعال السيئة ثم الشعور بالاستياء البالغ لقيامنا به، لكنه يأتي لشعورنا بالمسئولية تجاه شيء لم نفعله، لذا فإنه يعوقنا تماما عن فعل أي شيء، فكيف نطلب العفو أو نسعى لتغيير أشياء لم نرتكبها، ولماذا نشعر بالاستياء تجاه ما لم نفعله، على سبيل المثال:

المتسبب في الخجل الشخص الخجول
يقول الشخص المتسبب في الخجل: هل ما زلت طفلة؟!، لقد أصبحت كبيرة جدا على أن تبللي فراشك!، ما الذي تعتقدين أن يقوله أصدقاؤك إذا علموا بهذا الأمر؟!، في المرة القادمة ستُعاقبين على ذلك، سوف أمسح وجهك بهذه الملاءات والشراشف المبتلة ببولك!. تشعر الطفلة بأن هناك خطأ ما في شخصيتها وبأنها لن تستطيع التغير، وتشعر بالعجز والغضب من نفسها لأنها لا تستطيع التغلب على هذا الأمر، وتخشى الجميع، وليس لديها من تلجأ إليه، وتعتقد أنها ليست محبوبة من الآخرين.

دوافع الشخص المتسبب في الخجل ما تتعلمه الطفلة من خجلها؛
يشعر الشخص المتسبب في الشعور بالخجل بأنه في موقع السيطرة الكاملة، وقد يكون تصرفه هذا نتيجة ما نشأ عليه وتعلمه من ماضيه حيث حان دوره الآن ليتولى زمام الأمور؛ فيُسقِط مشاعر الخجل التي يشعر بها على ابنته التي تبلل الفراش، وستشعر ذاته الداخلية بالسعادة!، ولكن قلبه لن يشعر بالسعادة. ينشأ لدى الطفلة شعور بعدم الثقة في نفسها لأنها لا تستطيع تنفيذ ما طلبه منها البالغون، حيث ترى نفسها عاجزة تماما عن فعل ذلك، وبالفعل هي كذلك، فإنها في الواقع قليلة الحيلة، وبالتالي ستشعر بالمعاناة نتيجة لتبولها الليلي اللاإرادي.

التصرف المعاكس ما ستتعلمه الطفلة من عدم الشعور بالخجل؛
قد يقول الشخص الذي لا يريد أن يتسبب في الشعور بالخجل: يبدو أنك قد بللت فراشك الليلة الماضية، هل هذا شيء صائب؟!، بماذا تشعرين؟، ربما نستطيع إيجاد طرق لمساعدتك في التغلب على هذا الأمر يا حبيبتي!. هل كل شيء على ما يرام؟!، أعلم أن هذا الأمر خارج عن إرادتك، وبإمكاننا أن نحل المشكلة سويا. تشعر الطفلة بأن الطرف الآخر يقف بجانبها، فليست مضطرة لأن تحل المشكلة بمفردها، وتأمل أن يتمكنا من إيجاد حلاً للمشكلة، وعلى الرغم من أنها لا تقبل عملية التبول اللاإرادي، إلا أنها تُدرِك أنها ستلقى المساعدة، فإنها تأمن أن شخصاً آخر سيساعدها في حل مشكلتها.

الطاقة المصاحبة للشعور بالخجل؛
يتم استبدال طاقة الخجل عندما نلوم الآخرين على مشاكلنا، أو عندما يلومنا أحد على أخطاء غيرنا. عندما نرفض أن نتحمل مسئولية مشاعرنا وأفعالنا من خلال اتهام الآخرين بارتكابها، فإننا بذلك نوجه طاقتنا المكبوتة تجاههم. فإذا كانوا ساذجين أو غير منتبهين أو عاجزين عن الدفاع عن أنفسهم، ففي هذه الحالة سينجح تحويل الطاقة. بهذا نكون قد انتصرنا ونجحنا في جعل الآخرين يتلقون اللوم بدلا منا، ولن ينتابهم الشعور بالخجل فقط، ولكن سينتابهم شعور بالغضب الشديد والإحساس بالظلم، وربما يَشُكُون في أنفسهم. وعندما نتسبب في أن يشعر الآخرون بالخجل، فإننا بذلك لا ننفس عن الطاقة المتراكمة والمكبوتة فحسب ولكن نُسقِط حالة النفور من الذات أو الانزعاج بداخلنا على شخص آخر بشكلٍ مؤقت.

عادة ما يحدث الخجل في مرحلة البلوغ، والكثير منا ممن كانت طفولتهم تتسم بالتعرض لمواقف الخجل بكثرة يكرهون التعرض لمواقف مشابهة تنكأ جراحهم القديمة.

الأحكام الخاطئة على الناس والخجل
ينشأ الكثير منا على تكوين آراء عن الآخرين، وقد تكون تلك الآراء خطأ!، ولكننا نظن أننا إذا لم نحكم على الآخرين فإننا سنعرض أنفسنا للمخاطرة!.
تنبع الأحكام الخاطئة من خوف انتقاد الذات. قد تكون هذه الأحكام متطابقة مع شخصيتنا، ونثق في صحتها وتعكس تماما ما نشعر به. ونصدر هذه الأحكام على الأشخاص أو الأشياء سواء كانت أعلى أو أقل مما نتمتع به. وتشتمل هذه الأحكام على أفكار أو عبارات مثل: "إنها ليست جميلة"، أو "لاعب كرة القدم هذا ليس ماهراً كما يعتقد في نفسه!"، أو "أنا أفضل منه بكثير".

الأحكام اللازمة تأتي من الفهم الشامل للحقيقة ومن مقارنتها واختراقها. وهذا النوع من الأحكام مهم لفهم طبيعة من يتسببون في شعورنا بالخجل، فعندما لا تتطابق كلماتهم مع الحقيقة فإننا سنصدر حكما بأن هناك شيئا غير صحيح، وحينما يكون المصدر غير صادق فإننا سنبني ردود أفعالنا على هذا الأساس، فيجب أن نحكم على المواقف بحرص وألا نتسرع في إصدار الأحكام.

تحمل المسئولية الانفعالية
عندما يتحمل الآباء مسئولية آمالهم الخاصة وأحلامهم وإخفاقاتهم، فإنهم سينظرون إلى ابنهم أو ابنتهم على أنه مجرد طفل وليس البطل الذي سيحقق أحلامهم. وعندما يتحمل الآباء المسئولية عن فشلهم فإنهم سيحررون أطفالهم من عبء تحقيق أحلامهم الضائعة.

إن المعاملة الصادقة بين الأفراد تمثل ملاذا آمنا، فالإنسان يكتسب الحكمة من خلال ارتكاب أخطاء قليلة، والتعلم من تلك الأخطاء، ومن تعلم و سائل أكثر فاعلية للتعامل مع مشكلات الحياة اليومية بصورة أفضل، ولكن الخجل يشوه ويعطل هذه العملية الطبيعية. الخجل عبارة عن دائرة، فعندما نشعر بالخجل فإننا ننزع إلى إخجال الآخرين.

عندما نتسبب في إخجال الآخرين فإننا نصدر أحكاما بهدف تجنب مشاعر الخجل الأصلية المؤلمة!. فنحن نخجلهم حتى لا نتعرض نحن للخجل، ونخجلهم كي لا نعلمهم أننا تعرضنا لمشاعر الخجل، ونخجلهم حتى نخرج من تلك الدائرة وفي نفس الوقت نسلط عليهم دائرة الضوء التي تشعرهم بالخجل.

عندما نتعرض لمشاعر الخجل فقد ينتهي بنا الأمر إلى أن نكره أنفسنا. حيث سيلازمنا الشعور بأننا مخطئون، وقد يتسبب الخجل في إشعارنا بأننا تافهون و عاجزون عن تحقيق أهدافنا الأساسية أو عاجزون عن استغلال إمكانياتنا.

بمساعدة الآخرين سنتمكن من أن نتعلم حقيقة عجزنا عن تغيير ما يعتقده الآخرون فينا. سيصبح بإمكاننا التمييز بسهولة بين عيوبنا الحقيقية التي يجب تغييرها وعيوب الآخرين التي يسقطونـــها علينا. وسوف نتمكن من وضع الحدود في تعاملاتنا مع الآخرين ونعرف أن كل حكم متوقف على أشياء معينة، كما سيحل تقدير الذات وحسن التصرف والرضا محل الخجل.

تدريبات الخجل

سوف تساعدك التدريبات التالية على أن تصبح واعيا بمشاعر خجلك الحالية، وإذا أردت استكمال العمل بمفراداتك الانفعالية، فاقرأ التدريبات التالية وابدأ العمل بها، واستمر في الكتابة في المفكرة التي خصصتها لتعلم المزيد من مشاعرك. ضع تدريباتك في مكان واحد حتى تستطيع ملاحظة كل أنماطك السلوكية وحلولك لها بمضي الوقت. خصص فترة زمنية لمدة يومين لتدوين كل المرات التي شعرت فيها بالخجل، أو تحملت فيها مسئولية تصرف قام به شخص آخر.

ارسم ثلاثة أعمدة في مفكرتك وضع فيها العناوين كما في المثال التالي واملأ كل عمود بمواقف من خبراتك السابقة.

(تنبيه هام: عند تعرضك للمسائل المتعلقة بالخجل، قد تفهم كلمات أو تصرفات الآخرين خطأ على أنها مسببة للخجل. فمثلا إذا كنت تشعر بالخجل من مظهرك فيجب أن تتفهم أنه ليست كل التعليقات المثارة حول مظهرك يُقصَد منها إشعارك بالخجل، ولفهم أعمق لحقيقة الأمر تحدث مع أحد أصدقائك حول أفكارك وردود أفعالك).

الأشياء التي قيلت الرسالة التي تلقيتها المشاعر التي تنتابني، وصفني معلم الرياضيات بالغباء إنني غبي وغير كفء، وإنني فاشل ولن أتمكن من النجاح في الدراسة!. لا زلت أشعر بالحرج؛ لأن كل التلاميذ سخروا مني، ولا زلت أشعر بالحزن؛ لأن ذلك جرح مشاعري، ولا زلت غاضباً لأنني لم أتمكن من فهم مسألة الرياضيات.

وصفني والدي بالحمق هناك خطأ في شخصيتي، وهناك خطأ في أسلوب تفكيري لا زلت أشعر بالحزن. لقد جُرِحت مشاعري؛ لأن والدي هو الذي قال هذا الكلام. لقد كنت غاضبا وكرهت نفسي وكنت خائفا لعدم وجود من يحميني، وكنت خائفا لأن والدي لا يبدو عليه أنه يحبني ولأنني لم أكن أدري كيف أصلح نفسي.

بمجرد معرفتك لمضمون الرسالة، عليك بالتفكير في أي شخص تنطبق عليه هذه الرسالة، ثم أعد صياغة المعلومات المسببة للخجل لتحولها إلى رسالة أكثر واقعية ومطابقة للواقع، كما في المثال التالي:

عمن كانت الرسالة؟ إعادة الرسالة إلى صاحبها إعادة صياغة الرسالة
لم يتمكن المعلم من السيطرة على أعصابه، حيث وجه إلي إهانة لفظية. كانت هذه الرسالة تتعلق بالمعلم ولم تكن تتعلق بي، فأنا على ما يرام، وبإمكاني أن أتناسى هذه الرسالة وأن أسامح المعلم. أنا ذكي و كفء و ناجح بطريقتي الخاصة.

كان والدي يشعر بالتعاسة، وكان قاسياً علي. كانت هذه الرسالة تتعلق بوالدي حيث أراد أن يلتحق بالجامعة و لكنه لم يتمكن من ذلك، وهذه الرسالة لا تتعلق بي ومن الممكن أن أنساها و سوف أعمل على التخلص من رغبتي في الانتقام. أستطيع أن أسرد المجالات التي أتفوق فيها فأنا أتمتع بصحة جيدة ويحبني الناس و أستطيع أن أحمي نفسي من قسوة الآخرين، وأنا أتبع ميولي الفكرية وأستمتع بها.

استمر في سرد قائمة بأي شخص كانت الرسالة تقصده في الأصل، ودوِّن شعورك تجاه هذا الشخص، وتجاه الرسالة، وتجاه نفسك، واسرد مشاعرك، ولاحظ الوقت الذي فشلت فيه في حماية نفسك ثم نفَّس عن مشاعر الغضب والخوف وخطط لتغيير سلوكك في المرة القادمة.

عندما تتعرض لهجوم مسبب للخجل ويشعرك بالعجز اتصل بأحد أصدقائك، وناقش معه التجربة التي تعرضت لها حتى تبتعد عنها قليلا، ثم ارجع إلى تدريبات الخجل والتزم بها حسبما يتطلب الموقف