المقصود بالنهام هوَ وجودُ اضطرابٍ في الأكل يتميزُ بحدوثِ نوبات من الإفراط في الأكل تسمى بنوبات الدقر(الأكل الشره Binge Eating)يشعرُ الشخصُ خلالها بعدم القدرة على التحكم في سلوك الأكل أو وقفه، إضافةً إلى اللجوء إلى أساليبَ معدلةٍ Compensatory Behaviors لتلافى زيادةَ الوزن التي تنتجُ عن تلك النوبات، والأساليبُ المعدلةُ تندرجُ تحتَ نوعين أولهما هو: السلوكيات التفريغيةPurging Behaviors سواءً بالاستقاءة(تعمد التقيؤ) أو ابتلاع المسهلات(أو الشربة) أو مدرات البول، أو باللجوء إلى الحقن الشرجية من أجل إفراغ ما تمَّ التهامهُ أثناءَ النوبة سواءً من الفم أو من الشرج.
وأما النوع الثاني من الأساليب المعدلة فهوَ السلوكيات غير التفريغيةNon-Purging Behaviors وتشملُ الصومَ المتواصلَ وتناول مثبطات الشهية،والتريضَ المفرط Excessive Exercising وتعدُّ الاستقاءةُ أكثرَ الأساليب المعدلة شيوعًا. ومريضةُ النهام مثلها مثل مريضة القهم تعاني من الانشغال الزائد بالأكل ووزن الجسد وصورته وترى نفسها بدينةً حتى وإن لم تكن كذلك ومعظمُ المريضات يعانين من الاكتئاب والقلق ولديهنَّ احتياجٌ شديدٌ للاستحسان من الآخرين. وأما فيما يتعلقُ بتسمية هذا الاضطراب فالاسم الإنجليزيَّ بوليميا نيرفوزا Bulimia Nervosa يعودُ أصله إلى اليونانية القديمة، وقد ترجمَ أولَ ما ترجمَ إلى العربية بفرط الشهية العصبي، إلا أن فرطَ الشهية العصبي له كلمةٌ واحدةٌ في اللغة العربية هيَ كلمةُ النَّهَم فقد جاءَ في مختار الصحاح"النهم بفتحتين إفراط الشهوة في الطعام" كما جاءَ فيه"وقد نهم بكذا نهمة فهو منهوم أي مولع به وفي الحديث منهومان لا يشبعان منهوم بالمال ومنهوم بالعلم" كما جاء في القاموس المحيط "والنهامة كسحابة إفراط الشهوة في الطعام وأن لا تمتلئ عين الآكل ولا يشبع، نهم كفرح وعني فهو نهم ونهيم ومنهوم والنهمة الحاجة وبلوغ الهمة والشهوة في الشيء وهو منهوم بكذا مولع به"، واستخدامُ لفظٍ واحدٍ أفضلُ بالطبع من استخدام لفظين لترجمة لفظ واحد، وإن كنتُ لا أدري لماذا لم يستخدم النهم بدل النهام في ترجمة تصنيف منظمة الصحة العالمية العاشر إلى العربية؟ أي بحيثُ يكونُ الاسم النهم العصبي، والكلمتان العربيتان نهم ومنهوم تعبران في حقيقة الأمر عن حال المريضة بالنهام العصبي لأن الذي يحدثُ ليسَ فقط هوَ الإسراف في التهام الطعام أثناءَ نوبة الأكل الشره وإنما الاستمتاع المصاحب للشعور بالنهم وكذلك هناكَ الولع الذي تبديه المريضةُ بالأكل بوجهٍ عام، إلا أنهُ لا بأسَ من استخدام النهام من نهم في التسمية العربية على اعتبار أنها لفظةٌ توحي بالمبالغة وإن لم تكن(على حد علمي) اشتقاقًا صحيحًا. الصورة المرضية للنهام العصبي: يتميزُ اضطراب النهام العصبي بحدوثِ نوباتٍ من الدقر(نوباتُ الأكل الشره) يشعرُ الفرد أثناءَها أنهُ لا يتحكمُ في عملية الأكل، وكأنها تخرجُ خارجَ نطاق قدرته على ضبط النفس، فيأكلُ كما كبيرًا من الطعام وبسرعةٍ غير التي يأكلُ بها عادةً، وتستمرُّ النوبةُ على مدى ما بينَ الساعةِ والساعتين من الزمان، ثم تشعرُ المريضةُ بعد ذلك برغبةٍ ملحةٍ في التخلص مما أكلته، وتقوم بعمل شيء ما لكي تتجنبَ زيادةَ الوزن التي ستنجمُ عن ما تناولتهُ أثناءَ النوبة من طعامٍ وأكثرُ الخيارات يكونُ التقيؤ وإن كانَ البعضُ يلجأنَ إلى طرقٍ أخرى كابتلاع كمياتٍ متفاوتةٍ من المسهلات (الملينات) أو إلى الإفراط في القيام بالتمارين العضلية، أو إلى تجويع النفس لفترةٍ ما، وقد يستعملن بالطبع عددا من هذه الخيارات مجتمعات في نفس الوقت، فهناكَ مثلاً من تتقيأ بعد نوبة الدقر، وتأخذُ بعض المسهلات، وتستكملُ تجويع نفسها بعد ذلك أيضًا! وعادةً ما نجدُ أغلبَ مريضات النهام العصبي يحافظنَ على وزنهن بينَ الطبيعي والأكثر قليلاً من الطبيعي، إذن فبينما تخافُ مريضةُ القهم العصبي من البدانة الناتجة عن فقد تحكمٍ متوقعٍ في شهيتها للأكل، تخافُ مريضةُ النهام العصبي البدانةَ الناتجة عن فقد تحكمٍ فعليٍّ في شهيتها يحدثُ من حينٍ لآخر. ولعلَّ وزن الجسد هوَ ما يساعدُ في التفريق بينَ الحالة التي تشخصُ على أنها نهامٌ عصبي فقط(حيثُ يكونُ الوزنُ في الحدود الطبيعية أو أكثرَ قليلاً) والحالة التي تشخص على أنها قهمٌ عصبي(حيثُ يكونُ الوزنُ أقل من 85% من الحد الأدنى للوزن الطبيعي) أو قهم عصبي ونهامٌ عصبي في نفس المريضة وقد وصفَت نوبات الدقر(الأكل الشره) أول ما وصفت في أواخر الخمسينات كنوعٍ من السلوكيات الموجودة عند بعض مرضى السمنة، وفي أواخر الستينات وأوائل السبعينات وصفت كتطورٍ يحدثُ في ما يقارب50 %من حالات القهم في المراحل المتأخرة بعد ما يزيدُ على العامين من تجويع الذات المستمر الذي يتميزُ به اضطراب القهم العصبي(Norman , 1995)، ومنذ نهاية السبعينات(Russell,1979)عندما وصفها راسل Russel بدأت تدريجيا تأخذُ وضعَ الاضطراب النفسي الذي يمكنُ أن يكونَ قائما بذاته، وأنها يمكنُ أن توجدَ في غير مريضات القهم، والحديثُ هنا يتعلقُ بتلك الحالات التي يكونُ النهام العصبي فيها اضطرابًا قائمًا بذاته، إذن فالعلامة الجوهريةُ للنهام العصبي هيَ نوباتٌ من الالتهام القهري لكميات ضخمةٍ من الغذاء خلال فترةٍ قصيرةٍ من الوقت، وتكونُ النوبات مصحوبةً بالشعور بعدم القدرة على التحكم في أو التوقف عن الأكل ومتبوعةً بسلوكٍ ما يجنبُ المريضَةَ أو المريضَ زيادةَ الوزن نتيجةً لما تم التهامهُ أثناء النوبة، وتسببُ النوباتُ ضيقًا وقلقًا وخجلاً وإحساسًا بالذنب لدى معظم المريضات مما يدفعهنَّ إلى إخفائها وجعلها سرًّا حتى بالنسبة لأقرب المقربين قدر استطاعتهن، وعادةً ما ينجحنَ في ذلك لسنوات ولعلَّ مظهر أجسادهن الذي يظل داخل الحدود الطبيعية يساعدهن كثيرًا في ذلك. والمقصودُ بالالتهام القهري هنا هوَ ما تصفهُ معظمُ المريضات من أنهن يشعرنَ بعدم القدرة على التحكم في هذا الالتهام وعدم القدرة على وقفه، ففي معظم الأحوال تنتهي النوبةُ فقط عندما يحدثُ غثيانٌ أو ألمٌ شديدٌ في البطن أو عندما يتواجدُ شخصٌ آخرُ لا تريدُ المريضُةُ أن يعرفَ شيئًا عن نوبات أكلها تلك أو عندما يَسْتَقِئْن أو عندما يحدثُ قيئ تلقائيٌّ، وبعضهن يعبرنَ عن خوفهن من أن لا تنتهي النوبة في مرةٍ من المرات فيجدنَ أنفسهن مستمرات في الأكل وغير قادرات على وقفه إلى أن تنفجرَ بطونهن، وعادةً ما تكونُ نوبةُ الأكل مسبوقةً بمزاجٍ كئيبٍ وإحساسٍ بالحزن والوحدة والانعزال والفراغ الشعوري والنفسي إلا من الشعور بالضجر أو القلق أو الضيق المتزايد، وكل هذه المشاعرُ السيئةُ تزولُ عادةً بمجرد الانخراط في نوبة الدقر، لكنَّ زوالها وقتيٌّ وعابر، فسرعان ما تحسُّ المريضةُ بعودة المزاج الكئيب ولوم الذات والشعور بالذنب والقلق والضيق من جديد! *تحدثُ نوباتُ الدقر عادةً في السر، ويمكنُ أن تستمرَّ من دقائق إلى عدةِ ساعات وإن كانت نادرًا ما تزيدُ عن الساعة أو أكثرَ بقليل، وتحدثُ النوبةُ تلقائيًّا في معظم الحالات إلا أنها في الحالات المزمنة قد تكون مُعَدًّا لها. وأما معدلات حدوث النوبات فتختلف من نوبةٍ واحدةٍ كل شهرين أو ثلاثةٍ إلى نوبةٍ أو أكثرَ كل يوم، إلا أن معدل حدوث هذه النوبات ومعدل حدوث التقيؤ المتعمد يختلفُ بشكل كبيرٍ بينَ مريضةٍ وأخرى كما يختلفُ في المريضة نفسها من وقت لآخرَ بشكلٍ يجعلُ التنبُّؤَ بمعدلٍ معينٍ غير ناجحٍ في معظم الأحوال(APA,1993). وأما كميةُ الأكل التي يتمُّ التهامها ونوعيتها فإنها أيضًا تختلفُ من مريضةٍ إلى أخرى وأحيانًا من نوبةٍ إلى أخرى، لكن كميةَ الطعام تكونُ عادةً كبيرةً جدا والنوعيةُ غالبًا ما تكونُ من السكريات والنشويات الخفيفة الهضم العالية في محتواها من السعرات الحرارية ففي27% من الحالات يصل محتوى السعرات الحرارية إلى20000 سعر حراري، وفي33% يصل إلى حوالي60000 سعر ويمكنُ اعتبار متوسط محتوى ما يتم التهامه أثناء النوبة15000 سعر حراري وهو ما يعادل خمسة أضعاف محتوى الوجبة الطبيعية المفترض أن يكونَ 3210 سعر حراري (Johnson , 2001)، وإن كانَ شكلُ ونوعُ الأكل ليسَ هوَ المهم، لأن أهم ما في النوبة هوَ ما يسبقها ويصاحبها ويعقبها من أفكارٍ ومن مشاعر تجاه ما تفعلهُ المريضة حيثُ تحسُّ باليأس من نفسها وبالعجز عن التحكم في سلوكها. *وفيما يتعلقُ بالاستقاءة فهي على ما يبدو ظاهرةٌ جدتْ على مريضات النهام العصبي في القرن العشرين، فرغم الإشارة المتكررة للقيء في حالات النهام الموصوفة على مرَّ التاريخ، إلا أنه لا توجدُ إشارةٌ واحدةٌ إلى كونه قيئًا متعمدًا من الشخص المتقيئ، ويمكن بالطبع أن يحدثُ القيءُ تلقائيًّا بسبب اضطراب وظيفة المعدة أو استثارة جدارها بعد نوبة أكل يتمُّ فيها التهام كميةِ طعامٍ لا تتحملها المعدة أو طعام ذي نوعيةٍ تثيرُ جدار المعدة، وعدم وجودِ القيء المتعمد في الحالات التاريخية التي تظهر فيها أعراض تشبه أعراض النهم العصبي يشككُ في كونها تمثلُ نفس الاضطراب النفسي الموصوف حديثًا كما تشكك في مصداقية اعتباره اضطراباً قائمًا بذاته، ويعتبرُ التقيؤ أكثرَ السلوكيات المعدلة شيوعًا حيثُ يلجأ إليه ما بين81% إلى 94%من المريضات، و50% منهن يلجأن إليه يوميا، وأما ابتلاع المسهلات فهو السلوك المُعَدِّلُ التالي من ناحيةِ معدل اللجوء إليه حيثٌ تستخدمه حوالي 50% من المريضات ونصفهنَّ تقريبًا يلجأنَ إليه يوميا، أما السلوكيات المعدلة الأخرى سواءً التفريغية أو غير التفريغية فأقلُّ شيوعًا(Weiss et al.,1990). ومنَ الظواهر الملفتة للنظرَ في كثيرات من مريضات النهام ظاهرةُ التَّوْقِ المُلحِّ Craving حيثُ تعاني معظمُهن بالرغبة الملحة في أكل أنواع الحلوى المختلفة كالشيكولاته والكراميل والكعك، ولما كانَ معروفا علميا أن أكل السكريات يزيدُ من تخليق السيروتونين(alsh & Devlin, 1992)،وللسيروتونين كناقل عصبي دور كبير في الشهية وفي سلوكيات الأكل، فقد أدى ذلك إلى افتراض وجود اختلالٍ ما في وظيفة السيروتونين في مناطق معينة من مخ مريضة النهام وأدى إلى محاولات العلاج باستخدام الأدوية التي تزيد تركيز السيروتونين في المشابك العصبية والتي تسمى بمثبطات استرجاع السيروتونين الانتقائية أو الماسا، إلا أن ظاهرةَ التوق الملح للحلويات هذه غيرُ موجودةٍ في بعض مريضات النهام (APA,1993)ولعل هذا هوَ السبب في عدم اعتمادها كواحدة من علامات النهام في كل من التصنيف الأمريكي وتصنيف منظمة الصحة العالمية. ومريضةُ النهام مثلها مثلُ مريضة القهم يشغلُ الاهتمامُ بوزنها وبصورة بدنها، كما يحتلُّ خوفها من أن تصبحَ امرأةً بدينةً، جزءًا كبيرًا إن لم يكن كل تفكيرها، ولكنَّ نوعيةَ شخصيتها وسلوكياتها قبلَ وأثناءَ مرضها تختلفُ نوعيا عن مريضة القهم. فبينما تخافُ مريضةُ القهم من الجنس وتحاولُ تجنبه قدر استطاعتها نجدُ مريضةَ النهام على النقيض من ذلك أميل إلى أن تكونَ أكثرَ شهوانيةً واندفاعًا في رغباتها وعادةً ما نجدُ لديها علامات عدم التحكم في نزواتها كاستعمال العقاقير والمواد النفسانية التأثير، والسرقة، ونجدُ صفات كثيرة من صفات صاحبة اضطراب الشخصية الحديةBorderline Personality Disorderكتشويه الجسد والتهديد المتكرر بالانتحار ومحاولات الانتحار التي لا يقصدُ أن تكتمل، وإن كان ذلك لا ينطبقُ على كل الحالات خاصةً تلك التي تحمل تاريخا مرضيا للقهم. وهذا هو ما دفع البعض إلى افتراض وجود نوعٍ من مريضات النهام العصبي هو النهام المتعدد النزوات Multi-Impulsive Bulimia، حيثُ نجدُ المريضةَ منساقةً وراء شهواتها ونزواتها في الأكل والجنس والشراب وابتلاع العقاقير نفسانية التأثير وغير ذلك من سمات الاندفاعية في الشخصية والتي غالبًا ما تكونُ ظاهرةً في حياة المريضة قبل أعراض النهام. كيفَ يشخصُ الطبيبُ النفسي النهام العصبي: نعرض هنا معايير تشخيص منظمة الصحة العالمية في تصنيفها الأخير، ونعرض ترجمةً للمعايير الأمريكية المستمدة من التصنيف الأمريكي الرابع، مع الإشارة إلى أن هناكَ حالاتٍ ليس فيها انشغالٌ بالوزن ولا بصورة الجسد ولكنها تظهرُ بقيةَ أعراض النهام، كما أن هناكَ حالاتٍ لا تكونُ الأعراضُ فيها بالشدة والكثافة التي تسمحُ بالتشخيص، وهذه الحالات الأخيرة هيَ الأكثر حدوثًا وانتشارًا ليس فقط في بلادنا وإنما على مستوى العالم. معايير تشخيص النهام العصبي،حسب التصنيف الدولي العاشر للاضطرابات النفسية والسلوكيةICD-10: 0 النهام العصبي Bulimia Nervosa: وهوَ متلازمةٌ تتميزُ بنُوَبٍ متكررةٍ من الإفراط في الأكل وانشغالٍ شديدٍ بالتحكم في وزن الجسد، يؤدي بالمريض إلى اتخاذ أساليبَ متطرفة من أجل تخفيف الآثار المؤدية إلى السمنة في ما يتناوله من طعام، وينبغي قصر استعمال هذا المصطلح على شكل الاضطراب الذي يرتبطُ بالقهم العصبي على أساس الاشتراك في السيكوباثولوجيا، وتشابه توزع السن والجنس بين الاضطرابين، وإن كانَت السن التي يبدأ فيها ظهور أعراض النهام العصبي تميلُ إلى أن تكونَ أكثرَ تأخرًا منها في حالة القهم العصبي، ويمكنُ النظرُ إلى هذا الاضطراب باعتباره عاقبةً لحالةٍ مستديمةٍ من القهم العصبي(وإن كانَ الترتيبُ العكسي يمكنُ أن يحدثَ أيضًا)، فقد يبدو لأول وهلةٍ وكأن مريضَ القهم العصبي يتحسن، ذلك أن وزنه يزيد، وتعود الدورةُ الشهرية إلى الانتظام لدى المريضات، ولكن الواقعَ أن الحالةَ تتحول إلى نمطٍ خبيثٍ من فرطِ الأكل والقيء، والقيء المتكرر يؤدي غالبًا إلى اضطراباتٍ في شوارد أو كهارل الجسد ومضاعفات جسمية (مثل التكزز Tetany، النوبات الصرعية، الاضطراباتُ في نظم القلب، الضعفُ العضلي)، وإلى مزيدٍ من فقد الوزن الشديد. الدلائل التشخيصية للنهام العصبي: لكي يكونَ التشخيصُ قاطعًا يجبُ وجودُ جميع النقاط التالية: (أ) انشغالٌ دائمٌ بالأكل، وشهوةٌ لا تقاومُ للطعام ويقعُ المريضُ فريسةَ نوباتٍ من الأكل المفرط، يلتهمُ فيها كمياتٍ مفرطةٍ من الطعام في فتراتٍ قصيرةٍ من الوقت. (ب) يحاولُ المريضُ مقاومةَ زيادة الوزن المترتبة على الطعام بواحدٍ أو أكثرَ من الأساليب التالية: افتعال القيء، سوء استخدام المسهلات(الملينات)، فترات متباينة من التجويع، استخدام الأدوية كمثبطات الشهية، أو المستحضرات الدرقية أو مُدِرَّات البول، وحينَ تحدثُ حالةُ النهام في مرضى السكر فقد يختارُ بعضهم إهمال تعاطيه للإنسولين. (ج) وسيكوباثولوجية هذه الفئة تتكونُ من خوفٍ مرضيٍّ من البدانة، فتحدد المريضةُ لنفسها عتبةً للوزن محددةً بشكلٍ دقيق، تقل كثيرًا عن وزنها السابق على المرض الذي يعتبر في نظر الطبيب الوزن المناسب أو "الصحي"، وهناكَ عادةً وإن لم يكنْ دائمًا، تاريخٌ لنائبةٍ سابقةٍ من القهم العصبي مرت عليها فترةٌ تتراوح بين بضعةِ شهورٍ وعدةَ سنوات، وقد تكونُ النوبةُ واضحةً وكاملةً، أو قد تأخذُ شكلاً متموجًا يصاحبهُ فقدُ وزنٍ متوسطٍ مع أو بدون فترةٍ عابرةٍ من انقطاع الدورة الشهرية. المسار والمآلُ المرضي للنهام العصبي: بينما يبدأ القهم في مرحلة المراهقة المبكرة، يبدأ النهام العصبي عادةً في المراهقة المتأخرة أو بعد ذلك، وأحيانًا يحدثُ النهامُ بعد تاريخ معاناةٍ مع اضطراب القهم العصبي، لكنه يحدثُ أيضًا دون وجود أي تاريخٍ للقهم العصبي، والحجم الحقيقي لمشكلة النهام غير معروفٍ لأن الحالةَ العامة للجسد لا يظهرُ تأثرها بشكلٍ واضحٍ لفترةٍ طويلة. ويبدأُ النهامِ العصبي في معظم الأحيان على خلفيةٍ نفسيةٍ معرفيةٍ مفادها: "أريدُ أن أحافظَ على جسدي بالصورةِ التي هو عليها الآن "أو" حبذا لو استطعتُ أن أنقِصَ من وزني قليلاَ"، وعندَ معظمهنَّ خبرةٌ أسريةٌ أو اجتماعيةٌ أو حتى إعلامية عن مساوئ البدانة وعن الريجيم وعن مقاييس الجسد الجميل وبينما تعيشُ كثيراتٌ من البنات والنساء بهذه الخلفية المعرفية يحدثُ لبعضهنَّ أحداثٌ حياتيةٌ تتسمُّ بشيءٍ من التغيير الذي يجعلُ البنتَ أو السيدةَ محطَّ أنظارِ فئةٍ اجتماعيةٍ جديدةٍ عليها كأن تبدأ مثلاً مرحلة الجامعة أو أن تبدأ العمل في وظيفةٍ تحبها وتعتمدُّ في الاحتفاظ بها على مظهرها، وهكذا، تجدُ نفسها مضطرةً لمقاومة رغبتها في أكل ما تحب أو في التخلص بشكلٍ أو بآخرَ مما قد ينجمُ عن استسلامها لرغبتها في الأكل. وعادةً ما يكونُ مسار النهام العصبي مزمنًا، وعادةً أيضًا ما تظلُّ المريضةُ تمارسُ سلوكيات المرض سرًّا لفترة طويلة قد تصل إلى عدة أعوام قبل اللجوء إلى الطبيب لطلب العلاج، ولعل ما يساعد الكثيرات منهن على ذلك هو اتخاذ أعراض النهام لمسارٍ نوبيٍّ في أغلب الحالات بحيثُ تحدثُ فتراتُ هدأةٍ وتفاقم للأعراض على مدار الشهور، ولعل هذا هوَ ما يساعد على تأخير تفاقم المضاعفات الجسدية العديدة الخطيرة التي تنتجُ عن كثرة التقيؤ مثل انخفاض نسبة البوتاسيوم في الجسد، واضطرابات نسب الشوارد أو الكهارل Electrolytes بكل ما لذلك من تأثيرات سلبيةٍ على وظائف القلب وعلى الجهاز الدوري بصفةٍ عامة إضافةً إلى إمكانية حدوث نوبات تشنجات كبرى، وهناكَ بالطبع تأثيراتٌ مباشرةٌ على المعدة التي يمكنُ أن تلتهبَ ويمكنُ حتى أن تنفجرَ أثناءَ نوبات الدقر وإن كان انفجار المعدة نادرًا ما يحدثُ، كما يمكنُ أن يلتهبَ المريء وتحدثُ كذلك مضاعفاتٌ في الأسنان وفي تجويف الفم بسبب حموضة محتويات المعدة التي يتعرضُ لها الفم والأسنان أثناءَ القيء المتكرر. وأما الدراسات التي عنيت بموضوع المآل المرضي للنهام فقليلةٌ بوجهٍ عام وحتى وقتٍ قريبٍ لم تكن هناكَ تقاريرُ واضحة عن مآله، وهذا متوقعٌ بالطبع في حالة اضطرابٍ وصفَ أول ما وصفَ كاضطرابٍ قائمٍ بذاته ومنفصلٍ عن القهم العصبي منذ ثلاثة عقود ونصف العقد، ورغم ذلك أجريت عدةُ دراساتٍ في الفترة الأخيرة، واحدةٌ منها بينت حدوثَ الشفاء في نسبةٍ تصل إلى 46% في المريضات اللاتي يتمُّ علاجهنَّ خارج المستشفى وإلى 38% في المريضات اللاتي تعالجن داخل المستشفى لأن الحالة العامة لأجسادهن تكونُ متدهورةً بشكلٍ يستلزمُ دخول المستشفى(Gwirtsman , 1993)، بينما بينت دراسةٌ أخرى أجريت في إنجلترا تمت فيها متابعة الحالات 10 سنوات حدوثَ الشفاء التام في 52% من الحالات، والتحسنَ الجزئيَّ في 39%، واستمرارُ أعراض الاضطراب كاملةً في 9% من الحالات(Collings & King , 1994)، كما أن نوبات الدقر قد تتوقفُ عن الحدوث وتتحول الحالةُ إلى قهم عصبي في 5% من الحالات(Kaye et al.,2000). 0ومن الواضح أن المآل المرضي للنهام العصبي يتأثر بشكلٍ كبيرٍ بنوعية الاضطرابات النفسية المواكبة له وأسوأ هذه الاضطرابات المواكبة هي اضطرابات الشخصية خاصةً في حالات النهام متعدد النزوات (Fichter et al.,1994)، ويلاحظ أيضًا أن تعريف الشفاء من النهام ليسَ محددَ المعالم بشكل واضح متفقٍ عليه بينَ الدراسات المختلفة(Russell,1979). 1. Norman , K. (1995) : Eating Disorders. In : Goldmann, H.H., Review of General Psychiatry, 4th edition (middle east).p. 355-367, Librairie Du Liban, Beirut Lebanon. 2. Russell G. (1979) : Bulimia Nervosa: an ominous variant of anorexia nervosa. Psychological Med 1979 Aug;9(3):429-48. 3. APA (American Psychiatric Association (1993).Practice Guideline for Eating Disorders. Washington, D.C. 4. Johnson ,D.L. (2001) : Eating and Sleep Disorders . Quoted From http://www.uh.edu/~psycp2/ lecture_8.htm 5. Weiss, L., Katzman, M. & Wolchik, S. (1990) : Bulimia Nervosa ,Definition, Diagnostic Criteria & Associated Psychological. In : L. Alexander–Mott B. Lumsden(eds)Understanding Eating Disorders,Anorexia Nervosa & Bulimia Nervosa, New York,Taylor&Francis Inc. 6. Walsh, B. T. & Devlin, M. J. (1992). The pharmacologic treatment of eating disorders. Psychiatric Clinics of N. Am. 15 (1), 149-160. 7. Gwirtsman , H.E. (1993) : Bulimic Disorders : Psychotherapeutic and Biological Studies Psychopharmacol Bull., V. 24 , P : 91. 8. Collings, S. & King, M. (1994) : Ten Years Follow-Up of 50 patiens with Bulimia Nervosa. British J. Psychiatry, V.164, P.: 80-87. 9. Kaye, W.H., Klump, K.L., Frank, G.K.W. & Strober, M.(2000) : Anorexia and Bulimia Nervosa. Annu. Rev. Med. 2000. 51:299–313 10. Fichter, M.M., Quadflieg, N. & Rief, W. (1994) : Course of multi-impulsive bulimia. Psychological Medicine, 24, 591-604