لكَ الحمدُ ربَّنا على ما أنعمْتَ به عليْنا. والصّلاةُ والسلامُ على سيّدِنا وحبيبِنا وعظيمِنا وقُرَّةِ أعيُنِنَا أحمدْ بَعَثَهُ اللهُ رحمةً للعالمينَ هادياً ومُبَشِّراً ونذيراً وداعياً إلى اللهِ بإذنِهِ سِراجاً وهّاجاً وَقَمَراً مُنيراً فهدى اللهُ بِهِ الأمَّةَ وكَشَفَ بهِ عنها الغُمَّةَ وَبَلَّغَ الرِّسالةَ وأدّى الأمانَةَ وَنَصَحَ الأمَةَ فجزاهُ اللهُ عنَّا خيرَ ما جزى نبياً من أنبيائِهِ وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ الملكُ الحقُّ المبينُ وأشهدُ أنَّ سيدَنَا محمّداً رسولُ اللهِ الصّادقُ الوعدِ الأمينُ صَلَواتُ ربي وسلامُهُ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ الطيبينَ الطّاهرينَ. أمّا بعدُ مَعْشَرَ الأخْوَةِ المُؤمِنِينَ، هَا نحنُ اليومَ نَعُدُّ الأيامَ البَاقِيَةَ في شَهْرِ شَعْبانَ المُعظَّمِ لِنَسْتَقْبِلَ شهراً عظيماً مُبَاركاً، شَهرَ رَمضانَ المُكرَّمْ. يَقُولُ اللهُ تعالى في القرءانِ الكَرِيمِ: {يا أيُّها الذينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِيامُ كَمَا كُتِبَ على الذينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَقُونْ} وَصِيامُ رَمَضَانَ فُرِضَ في شهرِ شَعبانَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ لِلْهِجْرَةِ، وَبِنَصِ حَديثِ رَسولِ اللهِ صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَرَفْنَا كَيْفَ يَكونُ إثْبَاتُ صِيامِ رَمَضَانَ كَمَا عَرَفْنَا مَتَى يكونُ انتِهاؤُهُ. قَالَ عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: {صُومُوا لِرُؤيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤيَتِهِ فَإنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبانَ ثَلاثينَ يَوْماً}. إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ إثنا عَشَرَ شَهراً وكُلٌ مِنْ هَذِهِ الشُّهُورِ يُعْرَفُ بِدْؤُهُ وَيُعْرَفُ انتِهَاؤُهُ بِمُرَاقَبَةِ الهِلالِ، والمُسْلِمُونَ سَلَفُهُم وخَلَفُهُم على هذا هُمْ ثَابِتُونَ وقَدْ نَصَّ الفُقَهاءُ على أنَّهُ لا يجوزُ اعتِمَادُ قَولِ فَلَكِيٍ في إثْباتِ هِلالِ رَمَضَانَ وبالتّالي، فلا بدَّ في ليلةِ الثّلاثينَ مِنْ شَعبانَ أن يُرَاقَبَ هِلالُ رَمَضَانَ فَإنْ بَانَ ثَبَتَ صِيَامُهُ وإلا فإنْ غُمَّ عَلَيْكُم فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعبانَ ثَلاثينَ يَوماً. وفي مَذْهَبِ الإمامِ أبي حَنيفَةَ النُّعمانِ فُسْحَةٌ للمُسْلِمينَ بِحَيثُ لَوْ بَانَ هِلالُ رَمَضَانَ في المَشْرِقِ جَازَ لأهلِ المغْرِبِ والشمَالِ والجنُوبِ أنْ يَصُومُوا بِناءً على رُؤيَةِ أَهْلِ المشْرِقِ وَكَذلِكَ لَوْ رَأَى مُسْلِمٌ عَدْلٌ ثِقَةٌ هِلالَ رَمَضَانَ في أيِ بُقْعَةٍ من بِقَاعِ الدُّنْيا جَازَ لَنَا أنْ نَصُومَ في مَذْهَبِ الإمامِ أبي حَنِيفَةَ النُّعمانِ بِنَاءً على رُؤيَتِهِ. وَهَكذا لا بُدَّ مِنْ مُرَاقَبَةِ هِلالِ رَمَضَانَ، وَلَيْلَةَ الثَّلاثينَ ينبغي التَّيَقُّنُ مِنْ رُؤيَةِ الهِلالِ قَبْلَ النَّومِ أمّا مَنِ اسْتَيْقَظَ صَبِيحَةَ رَمَضَانَ وَوَجَدَ المُسْلِمِينَ صَائِمِينَ وَهُوَ لَمْ يَنْوِ اللَّيْلَةَ المَاضِيَةَ، لَمْ يُبَيّتِ النّيّةَ، مَا ثَبَتَ لَهُ صِيَامٌ، فَلا بُدَّ إذًَا مِنَ الإهْتِمَامِ بِرُؤيَةِ هِلالِ رَمَضَانَ والاعتِمَادُ يَكُونُ عَلَى قَوْلِ ثِقَةٍ، أمّا الإعتِمَادُ على الفَلَكِ في تحديدِ أَوَائِلِ الشُّهُورِ العَرَبِيَّةِ فَتِلْكَ مُخَالَفَةٌ واضِحَةٌ وَصَرِيحةٌ لما قَالَهُ رَسُولُ اللهِ صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ: {صُومُوا لِرُؤيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤيَتِهِ}. هَا هُوَ شهْرُ الصّومِ يُعَاوِدُنَا وعَظيمٌ أنْ يَتُوبَ الإنسانُ إلى اللهِ تَعَالى في رَمَضَانَ وفي شَعْبَانَ وفي بَقِيَّةِ أيّامِ السَنَةِ مِنْ عُمُرِهِ. عَظِيمٌ أنْ يَنْتَهِيَ عَنِ المُنْكَرَاتِ والمُحَرَّمَاتِ وَيَثْبُتَ عَلَى تَجَنُّبِهَا، ويَعْزِمَ عَلَى أنّهُ لَنْ يَعُودَ إليْهَا كيْ يَسْتَوْفِيَ شُرُوطَ التَّوْبَةِ، شَهْرُ رَمَضَانَ يُقْبِلُ فيهِ النّاسُ على التّوبَةِ وَحَرِيٌّ بِمَنْ أَقْبَلَ عَلَى التَّوبَةِ أَنْ يَثْبُتَ فَإنَّ عَذَابَ اللهِ شَديدٌ وإنَّ جَهَنَّمَ حَرُّهَا شَديدٌ وَقَعْرُهَا بَعِيدٌ. فإذا كُنّا لا نُطِيقُ حَرَّ الدُّنيا ولا زَمْهَرِيرَهَا فَكَيفَ بِنَا بِحَرِ جَهَنَّمَ وَزَمْهَرِيرِهَا. فَيَا أخي المؤمِنُ، يَا مَنْ أَقْبَلْتَ إلى المَسْجِدِ طَائِعاً تائباً أُثْبُتْ على الطّاعَةِ فَإنَّهَا نُورٌ لَكَ وَبُرْهَانٌ، أُثْبُتْ على التَّوْبَةِ، واعْزِمْ في قَلْبِكَ أنَّكَ لَنْ تَعُودَ إلى الفَحْشاءِ والمُنْكَرِ بعدَ انقِضَاءِ شَهرِ الصِيامِ. مَعْشَرَ الأخوَةِ المؤمِنِينَ، كَيْفَ يَكُونُ حَالُنَا في شهرِ رَمَضَانَ شَهرِ الخيرِ شَهرِ الطَاعَةِ شَهرِ الجِهَادِ، وفِيهِ غَزْوَةُ بَدْرٍ الكُبرى وفيهِ فَتْحُ مَكَّةَ، إذًا رَمَضَانُ لَيسَ شهرَ الكَسَلِ لَيسَ شَهرَ التَّقَاعُسِ عَنْ أَدَاءِ الوَاجِبَاتِ بِدَعْوى الجُوعِ والتَّعَبِ وإلا فَحَالُ الصَّحَابَةِ يَومَ فَتْحِ مَكَةَ وَغَزْوَةِ بَدْرٍ الكُبرى جَلِيٌّ ظَاهِرٌ أولئِكَ هُمُ الرِجالُ الأبْطَالُ. حَالُ المُسْلِمِ الذي يُريدُ رِضَا اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى لا بُدَّ أنْ يَكُونَ طَلَبَ العِلْمِ، يَتَعَلَّمُ ما فَرَضَ اللهُ عَلَيْهِ تَعَلُّمَهُ ثُمَّ يُمَارِسُ وَيُؤدّي وَيَلْتَزِمُ بِالفَرَائِضِ. فالمُسْلِمُ في رَمَضَانَ إنْ أَرَادَ أَنْ يَشْغَلَ أَوْقَاتَهُ بالطَّاعَةِ لا بُدَّ أنْ يَحْضُرَ مَجَالِسَ عِلْمِ الدّينِ، لا بُدَّ أنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُؤدّي الواجِبَاتِ قَبلَ أنْ يَشتَغِلَ بَالنَّوافِلِ وَعَلَيْهِ فَوَائِتُ صَلَواتٍ مَفْرُوضَاتٍ فَوَّتَهَا عَلَى نَفْسِهِ بِلا عُذْرٍ. أمّا مَنْ أَتَمَّ الواجِبَاتِ فَلْيَكُنْ في ذكْرٍ مِنْهُ تِلاوةُ القُرءانِ الكريمِ في شَهرِ الطَّاعَةِ، في الشَّهْرِ الذي أُنْزِلَ فيهِ القُرءانُ الكريمُ. فَأَدِيمُوا النَّظَرَ في القُرءانِ ولا تَهْجُرُوهُ وَحَافِظُوا على الفَرَائِضِ بِتَمَامِهَا وَبَعْدَ الفَرَائِضِ عَلَى السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ، وَمَجَالِسُ عِلمِ الدينِ إنْ هِيَ إلا زادٌ لَكَ قَبلَ انتِقَالِكَ إلى قَبْرِكَ، فَالعَمَلُ بِالفَرْضِ يُقَرِّبُ إلى اللهِ تَعَالى أَكثرَ مِنَ العَمَلِ بِالنَّوَافِلِ، فَعَلَيْكُمْ بِتَقْدِيمِ الفَرْضِ على النَّفْلِ عَمَلاً بالقَاعِدةِ الشَرعيَّةِ: مَنْ شَغَلَهُ الفَرْضُ عَنِ النَّفْلِ فَهُوَ مَعْذُورْ وَمَنْ شَغَلَهُ النَّفْلُ عَنِ الفَرْضِ فَهُوَ مَغْرُورْ، فَاشْغُلُوا أَوْقَاتَكُمْ رَحِمَكُمُ اللهُ بِطَاعَةِ اللهِ وَتَحْصِيلِ العِلمِ الضَّرُورِيِّ إذ لا بُدَّ لِمُريدِ رِضَا اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى وَسَلامَةِ دينِهِ أنْ يَتَعَلَّمَ ضَرُورِيَّاتِ عِلْمِ الدِّينِ وَمِنْهَا أَحْكَامُ الصِّيامِ حَتّى يَكُونَ صِيَامُهُ صَحيحاً، حتّى يَكُونَ صِيَامُهُ مَقْبُولاً وإلا فَلَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إلا الجوعُ والعَطَشُ، وللصّيامِ فَرَائِضُ، فلا بُدَّ مِنَ النيّةَ المُبَيَّتَةِ، في كلِ لَيْلَةٍ تَقُولُ بِقَلْبِكَ نَوَيْتُ صِيَامَ يَوْمِ غَدٍ عَنْ رَمَضَانَ هَذِهِ السَّنَةَ إيماناً واحتِسَاباً للهِ تَعَالى، والنِيَّةُ مَحَلُّهَا القّلبُ، وَلا بُدَّ مِنَ الإمْسَاكِ عَنِ المُفَطِّرَاتِ مَا كَانَ مِنْهَا مُغَذِياً أوغَيرَ مُغَذٍ، مَا كانَ منها طَعَاماً أو دَوَاءً، مَا كانَ مِنْهَا نَافِعاً أو غَيرَ نَافِعٍ فإدخالُ شئٍ لَهُ حَجْمٌ مِنْ مَنْفَذٍ مَفْتُوحٍ إلى الرأسِ أوِ الجوفِ بِطَرِيقِ الإحتِقَانِ أو الشَّرَابِ أو الطَّعَامِ فَإنَّهُ مُفْسِدٌ للصّيامِ، وَلا بُدَّ مِنْ تَجَنُّبِ الرِدَةِ في رَمَضَانَ وفي غَيرِهِ مَنْ أَشْهُرِ السَّنَةِ، لأنَّ الرِدَةَ تُخرِجُ صَاحِبَهَا مِنَ الإيمانِ واللهُ تَعَالى يَقُولُ في القُرْءانِ الكَرِيمِ: {يَا أيُّها الذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} فَيَا أَخِي الصَّائِمُ غَاضِباً كُنْتَ أمْ مَازِحاً إيّاكَ أنْ تَقْتِرِبَ مِن مَسَبَّةِ اللهِ أوِ النّبيِ أوِ الرّبِ أوِ القُرءانِ أوِ الدّينِ، فَإنَّ مَنِ ارتَكَبَ نَوعاً من أنْوَاعِ الكُفْرِ في الصّيامِ وَجَبَ عَلَيْهِ العَوْدُ فَوْراً إلى الإسلامِ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَيُمْسِكُ بَقِيَّةَ النَّهَارِ عَنِ المُفَطِراتِ وَعَليهِ قَضَاءُ هَذا اليومِ في اليومِ الثاني من شوالَ بَعدَ رَمَضَانَ والعيدِ. وللصِيامِ أحكامٌ، فلا بُدَ مِنْ حُضُورِ مَجَالِسِ عِلْمِ الدِينِ لِتَعَلُّمِ أَحْكَامِ الصيامِ لِمَعْرِفَةِ أَحكَامِ الفِطْرِ، أيُّ فطرٍ فِيهِ القَضَاءُ فَقَط، أيُّ فِطْرٍ فيهِ الفِدْيَةُ فَقَطْ، أيُّ فِطْرٍ فيهِ القَضَاءُ والفِدْيَةُ مَعاً، أيُّ فِطْرٍ فيهِ القَضَاءُ والكَفَّارَةُ مَعاً، لا بُدَّ مِنْ حُضُورِ مَجَالِسِ عِلْمِ الدِينِ. وَقَدْ قَالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وَسَلَمَ: {مَنْ سَلَكَ طَريقاً يَلْتَمِسُ فيهِ عِلْماً سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَريقاً إلى الجنّةِ}. لا بُد من حُضُورِ مَجَالِسِ عِلْمِ الدينِ لأنَّ اللهَ تَعَالى إنَّمَا أَنْزَلَ القُرءانَ الكَريمَ ليُعْمَلَ بِهِ، لِتُطَبَّقَ ءاياتُهُ، أمّا مُجَرَّدُ الإكتِفَاءِ بِتَعْلِيقِهِ على الجُدْرانِ مُزَيَّناً وَمُذَهَّباً مِنْ غَيرِ التِزامٍ بِآياتِهِ البيّنَاتِ فَهَذا لا يَكْفِي. إعْمَلْ لآخِرَتِكَ كَأنَّكَ تَمُوتُ غَداً واحْفَظْ لِسَانَكَ وَجَوارِحَكَ مِنَ الذُّنُوبِ والآثامِ، كثيرٌ منَ الناسِ تَصُومُ بُطُونُهُم عَنِ الطَّعَامِ والشَّرابِ ولكنْ لا يُجَنبُونَ جَوارِحَهُمُ الذُّنُوبَ والآثامَ، يَتَلَوَّثُونَ بِمَا حَرَّمَ اللهُ تَعَالى مِنْ آفاتِ اللِّسانِ، ومِنْ آفاتِهِ الغيبَةُ والنَّميمَةُ وقَوْلُ الزورِ والكَذِبُ والبُهْتَانُ، فَمَنْ لَمْ يَتْرُكِ النَّميمَةَ في نَهَارِ الصّيامِ لا ثوابَ لَهُ في صِيامِهِ. فَاحْرِصْ أخِي المُسْلِمُ في هَذا الشَهْرِ العظيمِ المُبَارَكِ، إحْرِصْ على أنْ تَكُونَ مِنْ عُتَقَاءِ شَهرِ الصِيامِ شَهرِ رَمضَانَ. وتَذَكَّرْ أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانَ أجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ في رَمَضَانَ، تَذَكَّرْ إخْوَانَكَ الفُقَراءَ، تَذَكَّرْ أَبَوَيْكَ وَحَاجَتَهُمَا إلَيْكَ، تَذَكَّرْ أَبَويْكَ وَمَا أَعْظَمَ إحْسَانَكَ إلَيْهِمَا وَلَوْ لَمْ يَكُونَا بِحَاجَةٍ إلَيْكَ، تَذَكَّرْ أَقْرِبَاءَكَ، تَذَكَّرْ صِلَةَ الرَّحِمِ، تَذَكَّرْ سُنَنَ الصِيامِ وَآدابَ الصِيامِ، فَمِنَ السُّنَنِ تَعْجِيلُ الفِطْرِ إذا ما تَحَقَّقَ غُرُوبُ الشّمسِ، فلا تَسْتَعْجِلْ بِتَنَاوُلِ المُفَطِّرِ بِمُجَرَدِ الإعلانِ في الإذَاعَاتِ قَبْلَ التَّحَقُّقِ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ، ولا تُؤَخِّرِ السَّحُورَ لِمَا بَعْدَ طُلُوعِ الفَجْرِ، فمن أَكَلَ بَعْدَ طُلُوعِ الفَجْرِ ظَانّاً أنّ الوَقْتَ سَحُورٌ عليهِ الإمْسَاكُ بَقِيَّةَ النّهارِ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ هذا اليومِ، واحْرِصْ أخي المُؤْمِنَ كَذَلِكَ عَلَى صِلَةِ الرَّحِمِ، ولا تنسَ بِرَّ الوَالِدَيْنِ وتذكّرْ حُضُورَ مَجَالِسِ عِلْمِ الدينِ. وأَظْهِرِ البَهْجَةَ والسُّرُورَ ولا يَكُونُ ذَلك بِمُجَرَّدِ الزِينَةِ الحَسَنَةِ بَلْ يَكُونُ ذَلكَ بِأَنْ تُزَيِنَ نَفْسَكَ بِالطّاعَةِ التّامّةِ الكَامِلَةِ، واحْرِصْ على حُضُورِ مَجَالِسِ القُرءانِ، واحْرِصْ على أَدَاءِ صَلَوَاتِ القَضَاءِ إنْ كَانَ عَلَيْكَ قَضَاءُ فَوَائِتٍ وَمَنْ لَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءُ فَوَائِتٍ لِيَحْرِصْ عَلى قِيامِ رَمَضَانَ عَلى صَلاةِ التَراويحِ، وَمَنْ وَفَّقَهُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالى وَتَابَ تَوْبَةً نَصُوحاً فَلْيَلْتَزِمْ وَلْيُجَالِسْ أَهْلَ التَّقْوى والعِلمِ ولا يُجَالِسْ أَهْلَ الفِسْقِ والفُجُورِ. وَمَنْ كَانَ مَريضاً أو مُسَافِراً أو حَائِضاً أو نُفَسَاءَ أو حَامِلاً أوْ مُرْضِعاً خَافَتَا على نَفْسَيْهِمَا فَعَلَيْهِمَا القَضَاءُ فَقَطْ وَلا فِدْيَةَ. والحامِلُ والمُرْضِعُ إذا خَافَتَا على وَلَدَيْهِمَا عَلَيْهِمَا القَضَاءُ والفِدْيَةُ، والعَجُوزُ الفاني الشيخُ الهَرِمُ الذي يَخَافُ على نَفْسِهِ الموْتَ والتَّلَفَ إذا لَمْ يَصُمْ هذا ليسَ عَليْهِ قَضَاءٌ وإنّمَا عَلَيْهِ الفِدْيَةُ يُخْرِجُهَا عَنْ كُلِ يومٍ بِيَوْمِهِ ولا يُؤخِرُهَا إلى آخِرِ رَمَضَانَ، مَنْ كَانَ لَهُ أَبٌ هَرِمٌ، مَنْ كَانَتْ لَهُ أُمٌ عَجُوزٌ فَلْيَتَذَكَّرْ هَذا الحُكْمَ: إنَّ مَنْ لا يَسْتطيعُ صومَ الأداءِ وَلا صَومَ القَضَاءِ يُخَرِجُ عَنْ كُلِ يومٍ بِيَوْمِهِ مُداً من غالِبِ قُوتِ أهْلِ البَلَدِ وَهُوَ القَمْحُ في بَلَدِنَا، هذا في مَذْهَبِ الشافعيِ رَضِيَ اللهُ عنهُ، وفي مَذْهَبِ الإمامِ أبي حَنيفَةَ النُّعمانِ رَضِيَ اللهُ عنهُ يُخْرِجُ مِقْدَارَ ما يُغَدّي أوْ يُعَشّي أوْ قِيمَتَهُ بالنُّقُودِ يَدْفَعُهَا عَنْ كُلِ يَوْمٍ بِيَوْمِهِ، فاحْرُصُوا على حُضُورِ مَجَالِسِ عِلْمِ الدينِ للتّزَوُّدِ مِنْ دُنْيَاكُمْ لآخِرَتِكُم فإنَّ الجَهْلَ لَيْسَ عُذْراً لِلْوُقُوعِ فِيمَا حَرَّمَ اللهُ،