هل هذا رمضان !! لا أظن !! عبدالعزيز الصالح الغميز
قبل دخول رمضان بيومين, تنفجر الأسواق وتزدحم الشوارع وكأن رمضان جاء فجأة الله يهديه! تشاهد الناس في الأسواق فتحلف بأن ماعندهم شيء في البيت! والناس تتضارب أمام المحاسبين وهاتك ياتوت من هنا, وعجينة سمبوسة من هنا والنهاية من كل نوع كرتون!! الأكيد أن كل الأسواق تعيش حالة ازدهار عظيمة قبل رمضان وخلال رمضان وفي نهاية رمضان, ولذلك سمعنا وقرأنا تقرير وزارة التجارة الذي يتوقع بارتفاع الأسعار مع دخول شهر رمضان وكأن وزارة التجارة تمهد لأبناءها التجار (يعني خذو راحتكم ترا ماعندكم أحد)! يبدأ شهر رمضان ومن أول يوم, أكثر الأشخاص ترا على أطراف انوفهم مسدس 9ملم ومجرد أن تتكلم معه قد ينفجر فيك ويسب ويشتم والحجه انه صايم! ماتفهم الله يهديك بس؟! ولذلك لو تعرضت للضرب في نهار رمضان, وعرفت مقاس جزمة الضارب أو احتجت إلى عملية غضروف فهذا ناتج لأنه صائم وأنت السبب الله يهديك!! وقبل آذان المغرب بقليل تنقلب الشوارع ساحات فورملا عالمية, وكل السائقين يصبحون سائقي راليات!! وأذان المغرب هو التصريح لقطع الإشارات والمشكلة أننا نعلم أن الأفطار يجوز وأنت في السيارة حتى لو كان بالنية! أما بالنسبة للأكل, فشهر رمضان شهر التشهوي والتفكير بالأطباق الغريبة, وعندما تجلس لتأكل تجد أنواع لا تراها الا في رمضان, وأكلات تكفي ضعف عدد الجالسين مرتين, وهاتك يا أكل وشرب حتى تفتح المعدة شارع فرعي في الكبد لإستعياب مؤقت للأكل كوزارة الحفريات! أقصد وزارة المواصلات التي تعشق التحويلات والشوارع الفرعية, وبعد الأكل يشرب شاهي أخضر حتى يهضم!!! أذكر أنني رأيت شخصاً في المسجد وقد أسند ظهره إلى العمود بشكل نائم وليس مائل وعندما سألته ليش قاعد كذا قال أخاف تنكب الشوربة من بطني!! مكثر شوي بس!! ياخي نسيت اشرب شاهي أخضر والا بيرة! زود على هم الليالي.....! أما التلفزيون في رمضان فهو حكاية, ويحتاج الأمر إلى مجلدات ومعلقات لشرح حالة الحب العنيفة للتلفزيون! برنامج مسابقات هنا وهناك وطبعاً كله بأرقام الــ700 لسكان السعودية فقط فهم من يستحقون أن يلعب عليهم ويستغفلون ويسرقون! مسلسلات في الليل والنهار حتى أن الشخص يحتاج إلى ذاكرة اضافية لكي يستوعب العدد الجبار من المسلسلات, مسلسل خليجي مخدرات وضياع واغتصاب وتشخيص وفي نهاية المسلسل يموت الكل بما فيهم المخرج, مسلسل مصري رجل أعمال أفلس ومفلس أصبح رجل أعمال وانتقام, ومسلسل سوري وتسلم لي هاي الشنبات!! أما المجازين (الموظفين الحاصلين على إجازة) والطلاب فكثير منهم يتسابقون لتحطيم الرقم القياسي في النوم حتى قبل صلاة المغرب بقليل وعندما يؤذن المغرب يفطر ويقول (اللهم لك صمت وعلى رزقك وفضلك أفطرت)! ياخي والله تعب الصيام!! لم يعد هذا رمضان الذي نعرفه, لم يعد هذا رمضان الذي كان يتميز بالروحانية وطيب النفس والكرم الزائد! لم يعد هذا رمضان الذي كان تربط فيه شياطين الجن وتخجل فيه شياطن الأنس! في السابق كنت أعرف قرب موعد حلول رمضان بـ(القرقيعان) أو (قريش) وهم عادة يفعلونها الكثير من أهل السعودية للإحتفال برمضان! واذا دخل رمضان, تعرفه من الشنب المستعار للأطفال من شرب التوت, تعرفه من العم مشقاص أو من مسابقات شهر رمضان الذي لم ولن أعرف أحداً قد ربح فيها!! تعرفه من الطمأنينة التي حلت على الناس.. تعرفه من الكرم والتسابق لفعل الخيرات والجيران يرسلون لك صحن فيه سمبوسة!! للأسف أصبح شهر رمضان.. شهراً للتلفزيون والأسواق وكثرة النوم وشين النفس.. شهراً تنشط فيه شياطين الأنس.. بل حتى جيراننا لم يعد يرسلون لنا سمبوسة!! لا أنتقد أحداً معيناً أنتقد, فقط أصحاب هذه العادات وأنا منهم للأسف! أعاده الله علينا وعليكم بكل خير ورحمه وكل عام وأنتم بخير, ودمتم بود