احدى المشكلات التي تأصلت في شباب اليوم هي الإختلاط الزائد بين الشباب والفتيات والعلاقات الغير شرعية بينهما والمشكلة الأكبر في ذلك هي أنها أصبحت شكل طبيعي يقبله المجتمع في كثير من الأحيان على أساس أنه جزء من التحضر والتمدن تقليدا للمجتمعات الغربية ولكن للأسف في سلبياتها فقط اما الإيجابيات فلا نعرف عنها شئ، ومن هذه المشكلة تنطلق أخريات أكبر أو أصغر منها بداية من الكذب وعقوق الوالدين والخروج عن نطاق سيطرتهما إلى مرحلة الزواج العرفي أو الزنا المقنن. وقد حاول بعض الدعاة أن يصلوا إلى قلوب هؤلاء الشباب لإقناعهم بالترفع عما يغضب الله ويقوي عزيمتهم على الإنتظار والإختيار بما يرضي الله وبما حلله سبحانه عز وجل، ولكن هناك نقطة أريد أن أتناولها وأرى أنها سببا رئيسيا في تلك المشكلة ومشكلات اجتماعية أسرية أخرى متعددة.
الأسرة جعلها الله لنا الإطار الشرعي الذي يستقي منه جميع أفراده (الزوج والزوجة والأبناء) الحب والاهتمام وإختلال هذه العناصر في الأسرة لأي فرد منها يجعله تلقائيا يبحث عن العنصر المفقود في خارج الأسرة سواء كان ذلك في العمل أو الجامعة أو النادي أو أي مكان آخر، وليس معنى أن هذا هو السلوك الطبيعي لخلل عناصر الترابط الأسري أنه مقبول شرعا، لأن الله أعطانا الحلول والبدائل الحلال التي تعين على الإستقرار النفسي لأفراد الأسرة بكل مستوياتها ولكن ما يحدث أننا نقاوم ما شرعه لنا الله ونختار الطريق الصعب الذي يعلم الله أننا لن نقدر عليه، لذا فمن الطبيعي أن تختل النفس البشرية وتنحرف إلى طريق مظلم.
الزوج مثلا إن لم يجد الاهتمام والتقدير الذي يحتاجه من زوجته وأبناءه سوف يبحث عنهما مع زميلة له في العمل وكذلك الزوجة والفتاة التي تنشأ في أسرة لا تسمع فيها كلمات تقدير واحترام لها ولشخصها أو تشعر فيها بأي حب، هذه الفتاة سوف تقع عند أول كلمة حلوة سواء كان محتوى هذه الكلمة تقدير أو احترام أو شكر أو حب مفتعل، فهي في احتياج إنساني طبيعي لسماع مثل هذه الكلمات وفي احتياج للمعاملة الطيبة، وهذا للأسف غير موجود في أسرنا العربية، بل إننا أيضا نربي الأخ على قهر أخته، ولو علمناه أن يعاملها بالحسنى وبما يرضي الله لسد احتياجها ولجعلها أقوى من أن تحركها كلمة حب سطحية تافهة وغير صادقة ولا ترضي الله (وهي على يقين بذلك) ولكن من شدة احتياجها لهذا الحب الذي تفتقده في أسرتها ولو بكلمة يستجيب قلبها وتميل دون عقل ويصبح عالمها كله داخل كلمة حب خرجت من شاب لا تعلم عنه شيئا ولا تريد أن تعلم، بل تريد فقط أن تعيش بخيالها في عالم من الوهم لا تعترف فيه بحدود الله من شدة هذا الاحتياج.
إن الحب والاحترام والكلمات الجميلة المشجعة الطيبة هي احتياج أساسي في حياة كل منا لذا اعلم أيها الأخ أو الأب أن أختك أو ابنتك إذا تعرفت بشاب فجزء من الوزر يقع عليك، لأنك لم يكن لك وجود حين احتاجتك ولم تجدك.
ولكن إن وقعت الكارثة فإن الأسوأ منها رد فعل الأب أو الأخ عند العلم بعلاقة ابنته أو أخته، فالمعاملة تكون أفظع كأنهما بعد أن كانا يدفعا الفتاة للبحث عن الحب خارج البيت هم الآن يطردونها شر طردة من هذه الأسرة ويجبرونها على البحث فورا عن بيت جديد – أي بيت به أي زوج – لترتبط بأي شخص أمامها لأنه سيوفر لها بيت آخر ترتاح فيه بعيدا عن الإرهاب والمعاناة التي تعيشها في بيت أبيها.
هناك ملحوظة مهمة، ليس معنى كلامي أنني أشجع الفتاة على ذلك أو أجد لها مبررات أو أصرح لها بأن تقوم بما يحلو لها ولكني أريد أن أجعلها تعي احتياجاتها لتكون أقوى في مواجهة المغريات ولا تندفع بتلقائية وتضع احتياجها في مكانه الصحيح وتختار أكثر الناس قدرة على تلبية هذا الاحتياج في الوقت المناسب بما يرضي الله تعالى