اكتشفت متأخرا كم هو قاسي هذا الزمن الذي نعيش فيه، ففي هذا الزمان لايقام أي وزن أو أهمية للعلاقات الإنسانية، زمن يتنكر فيه الأخ لأخيه و الإبن لأبيه، زمن يتحول فيه رفيق الدرب و صديق الأمس إلى شخص غريب عنك تماما و كأنك تقابله لأول مرة، زمن شريعة الغاب فيه هي السائدة و النظام و الاحترام لامكان لهما وسط الغوغاء المحيطة. زمان مادي بحت يقاس فيه المرء لا بـدينه لا بخلقه و لكن بما في جيبه و نوع سيارته و ثمن النعال (أكرمكم الله) الذي يرتديه، زمان العري و التعري و الابتذال و سوبرستار و ستار أكاديمي، زمن الذل و الخضوع و طأطأة الرأس و الركوع زمان غيبت فيه العقول و صار أغلب الناس يفكرون بما تحت البطون. أحيانا كثيرة أتمنى لو كنت (نذلا) لكي أفهم الأسلوب الذي يتعامل به الأنذال مع من حولهم، (وقحا) لأرد على الوقاحات التي تصدر من البعض ممن أعدهم (أصدقاء) قبل أن أكتشف خلاف ذلك، (أنانيا) لأعرف السر في عدم حب البعض مقاسمة الخير مع غيرهم، (منافقا) أجيد إظهار خلاف ما أخفي، (حسودا حاقدا) على نجاحات الآخرين، (متفلسفا) حتى لو كنت جاهلا لهذه الفلسفة، فللأسف المظاهر الكذابة صارت هي المقياس للحكم على الأشخاص و (الفاهم) مهما كان فاهما إذا لم يخلط فهمه بقليل من (الفلسفة) و حب الظهور لن يكون له أي قيمة في المجتمع، و الأمثلة على ذلك كثيرة. لا أستطيع أن أحكم على نفسي بالطيبة و لكن من حولي هم من يحددون مدى وجود هذه الطيبة من عدمها، لكن قد أستطيع أن أطلق على نفسي لقب (مغفل) لأني أعامل الناس دوما بطيبة و بحسن نية و ليس عندي ما أخفيه و هو ما يعتبر في هذا الزمن أكبر عيب!