نحب كل المسلمين ولو اختلفنا معهم وننصح لجميعهم برهم وفاجرهم ونعادي أعداء الدين كافرهم ومنافقهم

الناقل : elmasry | الكاتب الأصلى : ياسر برهامي | المصدر : www.salafvoice.com

نحب كل المسلمين ولو اختلفنا معهم

وننصح لجميعهم برهم وفاجرهم

ونعادي أعداء الدين كافرهم ومنافقهم

كتبه/ ياسر برهامي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

فهذه الحملة الشرسة التي تشنها بعض المجلات والصحف العلمانية على السلفية محاولة التحريض والتهييج ضدها، ومصورة لها وكأنها الوحش المفترس الذي يزحف ليلتهم الجماعات الإسلامية المخالفة، ثم يـُعـِدُّ للانقضاض على الحكم بعد ذلك، في محاولة لإثارة الجماعات الإسلامية ولأجهزة الدولة كذلك.

فأما مع الجماعات الإسلامية فإنهم يحاولون إيغار الصدور، وبث الأحقاد والفتن، وصب الزيت على نار الاختلاف، في محاولات مستمرة لمنع مجرد حسن التعامل، وعفة اللسان رغم الاختلاف.

أما من ناحية الاختلاف، فلا شك أننا نختلف فهذه سنة الله الكونية، ولا يلزم من ذلك أن نكون أعداءً لبعضنا، فنحن حين نختلف مع غيرنا من الاتجاهات الإسلامية حتى من كان منهم واقعاً في بدعة، لا ننسى أصل الولاء على دين الله.

وكما بيّن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أن المؤمن المطيع الذي لا يـُعلم عنه معصية ولا بدعة يحب من كل وجه، والكافر يبغض من كل وجه، والمسلم الذي عنده فجور وطاعة، وسنة وبدعة، يحب لإسلامه وطاعته، ويبغض لمعصيته وفجوره وبدعته.

وهذه القاعدة لابد معها من التفريق بين النوع والعين، فلابد من إقامة الحجة وإزالة الشبهة، وهذا ليس فقط في التكفير، بل وفي التبديع والتفسيق كذلك.

ونحن إذا تكلمنا عن مخالفات بعض الاتجاهات الإسلامية لا نتكلم من باب العداء لهم والحض على هدمهم -كما يحاول البعض تصويرنا-، بل نتكلم من باب النصح للمسلمين والحرص على مصلحتهم في دينهم ودنياهم.

نعم قد تكون بعض العبارات حادة نوعاً ما حسب درجة المخالفة للكتاب والسنة ومقتضى الدليل؛ ولكنها دائماً تتجنب السب والشتم والبذاءة امتثالاً لهدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم من بعده من صحابته وتابعيهم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

ونحن في نفس الوقت نعرف نوع الخلاف مع المخالف ودرجته، وسبق أن بيّنا مرات أن من الخلاف ما هو اختلاف تنوع يحتاج إلى تكامل واستثمار، وما هو اختلاف تضاد سائغ يحتاج إلى سعة صدر واحتمال كل منا للآخر، تماماً كما وسع السلف هذا النوع من الخلاف، وهناك اختلاف تضاد غير سائغ يحتاج إلى تقويم وإصلاح وإنكار، وإن كان هؤلاء العلمانيون يجتهدون في تشويه صورة هذا النقد الحريص على المصلحة المشفق على المخالف.

 وفي الحقيقة فإن أكثر ذلك النقد إنما قيل أو كتب في ثنايا توضيح موقفنا من قضايا معينة مثل:

مسألة المشاركة السياسة ولماذا نمتنع عنها؟

اتهمنا مخالفونا فيها بالسلبية والانغلاق وعدم الواقعية، وغير ذلك فكان كلامنا توضيحاً للموقف، وتبييناً لأسبابه، ونصيحة للمسلمين؛ عملاً بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الدِّينُ النَّصِيحَةُ. قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ) رواه البخاري ومسلم.

ولم يكن كلامنا حقداً على المسلمين، أو بغضاً لهم، فليست معركتنا معهم، وإنما عداؤنا لمن يعادي الدين من الكفار والمنافقين الذين لا هم لهم إلا الصد عن سبيل الله، والذين شَرِقت حلوقهم بالصحوة الإسلامية، وبإقبال الناس عموماً على الإسلام، والالتزام به في أرجاء العالم.

إن شُغلنا الشاغل الدعوة إلى الله، وإلى دينه وشرعه، وتعليم الناس كتاب ربهم وسنة نبيهم -صلي الله عليه وسلم-، والعمل بذلك ولسنا بالذين نعيش حياتنا للطعن في فلان، والقدح في عِلاَّن، والجرح في غيرهم حتى وإن حاول البعض أن يصورنا على هذا النحو.

والعجيب أنهم في غمار جهلهم وتهييجهم وإثارتهم للفتن أوهموا قراءهم أن كتاب "منة الرحمن في نصيحة الإخوان" موجه لانتقاد الإخوان المسلمين في سبع عشرة نقطة، وهذا والله من المضحك؛ فإن الكتاب موجه إلى كل مسلم، واصطلاح الإخوان هو على معناه الشرعي واللغوي لا الاصطلاحي، ومسائله تقرير لمسائل العقيدة والعمل والسلوك وليس موجهاً لأحد ولا لتيار بعينه كما توهموا بخلاف ما هو واضح لكل ناظر في الكتاب.

أما مع الحكام وأجهزة الدولة: فيحاولون تهييجهم بأن السلفيين يوشكون أن يسيطروا على المجتمع، وأنهم قد زحفوا على قاعدته، ويوشكون أن يقفزوا إلى الحكم.

ونحن نقول لهم: إننا نريد أن يكون الحكم بالإسلام، ولا نسعى أن نَحْكُم نحن، بل نعلم قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي ذر -رضي الله عنه-: (يَا أَبَا ذَرٍّ إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي لاَ تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ) رواه مسلم، وقوله لأبي ذر -رضي الله عنه- أيضاً لما سأله: (أَلاَ تَسْتَعْمِلُنِي قَالَ فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ ضَعِيفٌ وَإِنَّهَا أَمَانَةٌ وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْي وَنَدَامَةٌ إِلاَّ مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا) رواه مسلم، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الإِمَارَةِ، وَسَتَكُونُ نَدَامَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ) رواه البخاري. وقوله -صلى الله عليه وسلم- لعبد الرحمن بن سمرة -رضي الله عنه-: (يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ لاَ تَسْأَلِ الإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُوتِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا) متفق عليه.

وإذا كان عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه- يعد الإمارة مصيبة، وهو من هو في علمه وورعه وزهده وإمكانياته في نفسه وأمته ودولته، وعنده إخوانه من علماء التابعين وعابديهم، يستعملهم ويستنصحهم، وبرغم ذلك فإنه قال حين بلغه أنه صار الخليفة: "إنا لله وإنا إليه راجعون". فكيف تكون الإمارة في زماننا وأحوالنا وأحوال أمتنا وشعوبنا وأحوال نفوسنا وأمراضنا؟!

فهل يسعى ناصح لنفسه في دينه وآخرته إليها؟ وهل يطلب مريد للنجاة ما لو عرض على الصحابة لأشفقوا من العجز عن القيام به؟

وإن من الواجب علينا أن نبين أن سبب هذه الأحوال السيئة هو البعد عن شرع الله علماً وعملاً، ودعوة وتطبيقاً في كل شئون الحياة، وإيثار ما خالفه عليه، ومتابعة أعداء الله على ما يريدون من الصد عن سبيله.

فنسأل الله العافية في الدين والدنيا والآخرة.

أما تلميحهم بأننا نكفر من يخالفنا: فهم وغيرهم يعلمون أننا -بفضل الله- أكثر من تصدى لهذه البدعة ورد عليها بالأدلة الواضحة القوية.

ونحن نقول لهؤلاء المهاجمين للسلفية: إن السلفية تنتشر لأنها توافق الحق والسنة، ولأن رصيدها الهائل في الفطرة التي في قلوب الناس لا يمكن هدمه ولا إغفاله بكافة أنواع المؤثرات. لأنها الإسلام نقياً كما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- فهي ليست فكراً بشرياً يحتاج إلى منظرين ومفكرين -كما يحبون أن يستعملوا هذه الألقاب السخيفة-، بل هي منهج رباني معصوم يتبعه كل مسلم صادق يعمل بالإسلام ويعمل من أجله.

وإن كانت تصرفات الدعاة إليه قابلة للخطأ والصواب فهم بشر على كل الأحوال.

ونقول لإخواننا: يكفينا عزاءً في هذا الهجوم وشرفاً لنا عند الله أن هذه التهم من إرادة الدنيا والرياسة قد اتُهم بها الأنبياءُ فقال قوم نوح -عليه السلام- عنه: (مَا هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ)(المؤمنون:24)، وقال قوم فرعون لموسى -عليه السلام-: (قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الأَرْضِ)(يونس:78)، ولو علم الله صدقنا في عدم سعينا إلى الإمارة والرياسة والعلو في الأرض لجعل ذلك من أسباب زيادة الرفعة والمنزلة عنده -سبحانه-.

"
إن محاولات التشويه والإساءة والتهييج لن تحقق أغراضها، ولن ننشغل بها، بل حسبنا الله ونعم الوكيل
"

ونقول للجميع: إن محاولات التشويه والإساءة والتهييج لن تحقق أغراضها، ولن ننشغل بها، بل حسبنا الله ونعم الوكيل.

وأخيراً أقول لإخواني: لا تحزنوا ولا تنشغلوا بهذه الصحف والمجلات؛ فإنها إنما تسعى لإثارة زوابع وشبهات تزداد بها توزيعاً حين يهجرها أكثر الناس ويعرضوا عنها. فلا تساعدوهم على تحقيق أغراضهم، وسيروا في طريقكم طريق العلم النافع، والعمل الصالح، والدعوة الصادقة؛ فإنها سبيل النجاة (فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلا قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ)(هود:116).