كتبه/ ياسر عبد التواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
عندما تقام المؤتمرات لمكافحة الإرهاب، لابد وأن ينتبه المسلمون إلى تلك الحقيقة المفزعة، ألا وهي أن الغربيين يعتبرون الإرهاب إسلامياً، حتى ولو ادعوا غير ذلك؛ ولذا فهم يسعون لتقويض الإسلام ذاته، ويحاولون إخراج المسلمين منه ليتخلصوا من الإرهاب. وعلى هذا ينبغي أن نحذر أشد الحذر من توصيات شديدة العمومية، تبرز وكأنها منضبطة بضوابط العقل والشرع، فإذا بهم يقصدون تمييع الإسلام، وتعبيد أهله لهم. وتأمل معي في توصيات من قبيل (التأكيد على أهمية دور وسائل الإعلام، والمؤسسات المدنية، ونظم التعليم في بلورة إستراتيجيات للتصدي لمزاعم الإرهابيين، وتشجيع وسائل الإعلام لوضع قواعد إرشادية للتقارير الإعلامية والصحفية، بما يحول دون استفادة الإرهابيين منها في الاتصال أو التجنيد أو غير ذلك).
ومثل قولهم: (نؤكد على أهمية نشر القيم الإنسانية الفاضلة، وإشاعة روح التسامح والتعايش، وحث وسائل الإعلام على الامتناع عن نشر المواد الإعلامية الداعية للتطرف والعنف)، فإنها تعني فيما تعني الدعوة إلى تغيير التعليم وترويض الإعلام؛ ليصبح في وضعية التهاون مع ممارساتهم السياسية الظالمة، واحتلالهم لبلادنا، وسرقة خيراتنا، ثم يطلب من هؤلاء في الإعلام والتعليم عدم فضحهم، والتعمية على ممارساتهم، وإخماد كل نص شرعي أو غيره يقف مع المظلوم أو ينكر على الظالم.
ومثل قوهم: ( تطلب من الأمم المتحدة تطوير معايير لمساعدة قيام الهيئات الخيرية والإنسانية غير الربحية بدورها في تنظيم أعمالها الإغاثية والإنسانية ولمنع استغلالها في أنشطة غير مشروعة).
وفي الوقت الذي يتلاعبون فيه بالأمم المتحدة، ويتجاهلون قراراتها، أو تعليقات مسئوليها - ما عدا بالطبع ما يوافق هواهم وهو كثير-.
وفي المقالة السابقة ذكرت أمثلة على وضعية الفكر الذي يعتبر الإسلام إرهابياً، ولا يجد غضاضة في استخدام مصطلح (الإرهاب الإسلامي) في صفاقة وعمومية جرأهم عليها تغافلُ المسلمين عن الرد، وأزيد الأمر بياناً فأشير إلى ما نشر في موقع البي بي سي، عندما أشار بوتين إلى مزاعم روسية بأن (الإرهاب الإسلامي) له علاقة بالهجوم على المدرسة وبهجمات أخرى، ويضيف الخبر: "هذا يشير ضمناً إلى أن الإرهاب الإسلامي، وليس القومية الشيشانية هو العدو الحقيقي".
ولا ينتهي الأمر عند حدود السياسة، بل دخل الفكرُ الحلبةَ من قديم، خذ مثالاً: "المفكر الأمريكي بول بيرمان، الذي ينتمي إلى مجموعة نادرة من المعلقين، فهو ليبرالي مؤيد للحرب على العراق"
في كتابه "الإرهاب والليبرالية" يقدم بيرمان تحليله الخاص لتلك الاتجاهات في التاريخ القريب التي قادت إلى وقوع أحداث سبتمبر/أيلول بهدف وضع "بيان" لما يدعوه بـ "الإجراء التقدمي" ضد الإرهاب والديكتاتورية، أو بكلمة أخرى "التدخل الأميركي الليبرالي"، فيدلل بكتابه – زعم - الإرهاب الإسلامي والشمولية ليسا سوى وجهين مختلفين لنفس العملة المعادية لليبرالية.
أما بنيامين نيتنياهو - المتطرف اليهودي رئيس الوزراء السابق - فقد سبق وأعد كتاباً حول نظرية مضادة للإرهاب بعنوان الإرهاب: كيف يمكن للغرب أن ينتصر؟ صدر عام 1986، وكان نتاج المؤتمر الثاني لمعهد جوناثان لدراسة الإرهاب ( وهو المعهد الذي يرأسه ) الذي عقد في واشنطن عام 1984، وساهم في ت، وينصح بإستراتيجية عامة لمحاربة الإرهاب الدولي، وإن كثيراً من المبادئ الواردة في ذلك الكتاب تبنتها الولايات المتحدة في عهد إدارة ريغان، وساهمت في الحد من الإرهاب الدولي.
ويتجه نيتنياهو للقول بأن وجود جاليات إسلامية كبيرة في الولايات المتحدة والدول الأوروبية يعتبر بيئة جيدة( للإرهاب الإسلامي) الذي يهدد هذه الدول، وينصح بقوة بأن تقوم هذه الدول بحماية نفسها مسبقاً بتضييق الحريات المدنية التي يجب ألا تكون مطلقة، على حد قوله.
يقول نيتنياهو بوضوح: "إن الاختراق الإسلامي لأوروبا بكلا اتجاهيه السني والشيعي تم تجاهله في النقاش العام، ومعظم الحكومات الأوروبية مترددة، وغير راغبة في مواجهة المشكلة، ولا تفعل ذلك إلا في حالة حدوث عمل عنف معين"
والأهم بالنسبة له: أنه لكسب الغرب المعركة ضد الإرهاب الإسلامي، لابد من كسب الولايات المتحدة التي تنفرد وحدها بالقدرة على جر بقية الدول وراءها في هذه الحرب، ولكنه يرى أن أمريكا لن تقتنع بضرورة محاربة الإرهاب الدولي إلا إذا تعرضت مصالحها لخطر هجمات مباشرة.
ويقول: إنه اجتهد لإقناع الحكومة الأمريكية بتحويل سياستها إلى معارضة أكثر عنفاً للإرهاب، ويفتخر بما حققته من إنجازات في هذا الخصوص، حيث يدعي أن الرئيس رونالد ريغان قرأ كتابه الإرهاب: كيف يمكن للغرب أن ينتصر؟ عندما كان في طريقه لحضور قمة طوكيو حول الإرهاب، وبناءً على توصياته باتخاذ إجراءات عسكرية ضد الدول الإرهابية، فإن الولايات المتحدة وبريطانيا تعاونتا في عملهما العسكري ضد ليبيا عام 1986.
وهو يشدد على أثر القنبلة الإسلامية في ميزان القوى في الشرق الأوسط، لأن الإسلام في رأيه هو أيديولوجية غير عقلانية. وفي مقارنة بين الإسلام والشيوعية يرى أن الشيوعية أيديولوجية غير عقلانية، ولكنها اتبعت بأسلوب عقلاني، أما الإسلام فهو أيديولوجية غير عقلانية وتتبع بأسلوب غير عقلاني، ولذلك فهو أشد خطراً لأنه يضع الأيديولوجية قبل الحياة نفسها.
وهكذا فإن خلاصة أفكار نيتنياهو المطروحة في كتبه هي أن الإسلام يشكل تهديداً لإسرائيل، وأنه لهزيمة الإرهاب الإسلامي الدولي لابد من إشراك الغرب في الحرب ضده، وإن إشراك الغرب لن يتم إلا بدخول أمريكا كقائد لهذه المعركة، وإن أمريكا لن تدخل هذه الحرب إلا ذا تعرضت مصالحها لهجمات إرهابية مباشرة.