بسم الله الرحمن الرحيم .. الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . أيها الإخوة المشاهدون الكرام في كل مكان .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، ومرحباً بكم في حلقة جديدة من حلقات برنامجكم الأسبوعي (التفسير المباشر) الذي يأتيكم على الهواء مباشرة من استديوهات (قناة دليل الفضائية) بمدينة الرياض .
اليوم أيها الإخوة المشاهدون سوف يكون حديثنا - بإذن الله تعالى - عن موضوع من موضوعات (سورة الأحزاب) .. هذه السورة المدنية التي نزلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - في أحداث في السنة الرابعة من الهجرة أو الخامسة من الهجرة - على خلاف بين المفسرين - وسوف يكون حديثنا - بإذن الله تعالى - في هذه الحلقة حول (غزة الأحزاب) ، وبالتحديد حول قصة هذه الغزوة في (سورة الأحزاب) من سور القرآن الكريم .
وأنا أدعوكم في بداية هذا اللقاء أيها الإخوة المشاهدون إلى تناول المصحف وفتحه على (سورة الأحزاب) على الآية التاسعة تحديداً حتى يكون الحديث حاضراً في أذهانكم ونحن نتحدث عن آيات القرآن وعن هذه الآيات .
في بداية هذا اللقاء أيها الإخوة المشاهدون باسمكم جميعاً أرحب بضيفنا في هذا اللقاء .. وهو فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور / زيد بن عمر العيص - الأستاذ بـ (جامعة الملك سعود) ، المتخصص في الدراسات القرآنية - فحياكم الله أبا أسامة .
دكتور زيد : حياكم الله أنتم والمشاهدون الكرام .
مقدم البرنامج : الله يحييك .. ولمشاهدينا الراغبين في المشاركة يمكنهم الاتصال بالأرقام التالية من داخل السعودية : 012085444 أو 014459666 ، وللتواصل بالرسائل القصيرة يمكن التواصل عن طريق الرقم : 0532277111 أو عن طريق الإيميل live@tafseer.net ، وسوف تظهر تباعاً - بإذن الله - على الشاشة .
وقفات مع (غزوة الأحزاب) .. هذه الأحداث التي نمر بها يا أبا أسامة كما تلاحظ ويمر بها إخواننا في فلسطين تستدعي منا وقفة مع هذه الآيات .. التي كأنها نزلت في هذه الأحداث ، فكمدخل لهذا اللقاء يا دكتور زيد عن قصة الأحزاب وآياته في هذه السورة .
دكتور زيد : بسم الله ، والحمد لله ، والسلام على عباد الله الذين اصطفى ، وسلام الله عليكم أيها المشاهدون الكرام . مقدم البرنامج : وعليكم السلام ورحمة الله .
دكتور زيد : سبق أن تكلمنا في لقاء سابق عن مجالات التفسير الموضوعي ، وقلنا : إن من هذه المجالات الموضوع في السورة .. وهو المجال الثالث كما ذكرنا . بين أيدينا الآن موضوع من سورة .. وهو (غزوة الأحزاب) التي وردت في (سورة الأحزاب)، حيث إن هذه السورة المدنية - كما تفضلت - عرضت لموضوعات متعددة .. من أبرزها غزوة الأحزاب ، وسميت السورة باسمها ؛ يعني سبحان الله .. الذي يتصفح كتاب الله - تعالى - ويتأمل كتاب الله - تعالى - يظن أنه متجدد النزول كلما نزلت بالأمة نازلة ، وتنظر في كتاب الله كأن هذه الآيات نزلت فيها ..
والذي أقوله هذا ليس بمعترض عليه علمياً ؛ فإن مصطلح (سبب النزول) والسعة التي تعامل معها مع هذا المصطلح السلف .. تأذن لي أن أقول كأن هذه الآيات نزلت في هذه الأحداث ، وقد سبق أن اختلفوا في ذلك .. لا شك أن غزوة الأحزاب كانت غزوة متميزة وكانت بداية عهد جديد وكانت تحويلاً للصراع بين المسلمين والكفار .. يدل على هذا كله قوله - صلى الله عليه وسلم - : " إن قريشاً لن تغزوكم بعد اليوم ، بل أنتم تغزوهم " ، وقد كان هذا .
مقدم البرنامج : بعد غزوة الأحزاب والخندق هذه ؟ دكتور زيد : بعد غزوة الأحزاب تحول المسلمون إلى مهاجمين والكفار إلى مدافعين ، بعد هذه الغزوة .. بل بعد هذه المحنة التي تولدت منها هذه المنحة الربانية من الله - سبحانه وتعالى - .
لو تحدثنا بإيجاز عن بدايات هذه الغزوة .. عن أسبابها ودواعيها ، أقول بإيجاز شديد : اليهود كانت لهم صولة وجولة ومكانة في الجزيرة العربية لأسباب .. منها أنهم أهل كتاب ، وكانوا يمتنون على الناس ويتطاولون على الناس ، ويفضلون أنفسهم على أهل الجزيرة باعتبار أنهم أهل كتاب وأن العرب في الجزيرة أميون وثنيون لا كتاب لهم ..
وكانت هذه المنزلة الحقيقة لها أثر في نفوس العرب .. كانوا يهابونهم ويحسبون لهم ألف حساب ، لم يكن للعرب مرجعية آنذاك فكان اليهود يسيطرون عليهم بأفكارهم وطروحاتهم ، نتج عن هذا نفوذ اقتصادي واجتماعي أيضاً .. هذا النفوذ الديني المعنوي الروحي وظفه اليهود وصار لهم نفوذٌ اقتصاديٌّ واجتماعي ؛ فصار اليهود على قلتهم عنصراً فاعلاً ونافذاً في الجزيرة العربية ..
ثم بعث الله نبيه محمداً - عليه الصلاة والسلام - وهاجر وأصحابه إلى المدينة ، فكشفت أوراق اليهود .. بدأ القرآن يكشف أوراقهم ؛ حرفوا كتاب الله .. جاءت الآيات المعروفة : تحرفون وتقتلون وتفعلون وتفعلون .. فلما واجههم الرسول بهذه الأحداث التي لا يعرفها إلا أحبارهم ، قالوا : جاءنا الخطر .. مكانتنا في الجزيرة في خطر .. لا بد من التحرك ؛ فبدأوا بالتحريض بغية الاستئصال ، وهو ما يصنعه يهود اليوم بالتحريض على المقاومة في فلسطين وعلى الصامدين في فلسطين ، وعلى الإسلام في فلسطين .. يحرضون .
وأنت - يعني سبحان الله - تتعجب حين تتذكر هذه المواقف ، ثم تستحضر بعض زعماء العرب من بعض العواصم العربية .. يقولون : إن المقاومة في فلسطين مقاومة إسلامية ، وهذه تشكل خطراً مشتركاً علينا جميعاً ينبغي أن نتعاون في مقاومته .
مقدم البرنامج : الله أكبر ، وكمعلومة يا دكتور زيد أيضاً تاريخية للإخوان المشاهدين ؛ وهي أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - في بداية هجرته للمدينة حاول أن يمد جسور المهادنة المعاقدة مع اليهود ؛ ولذلك حتى لما وصل إلى المدينة وجد أنهم يصومون عاشوراء فسألهم : لماذا تصومونه ؟ فقالوا : هذا يوم نجى الله فيه موسى ، قال : نحن أولى بموسى منكم - كان فيه حلقات - .. ثم أيضاً في بداية (سورة البقرة) يلاحظ أنه : { يا بني إسرائيل اذكروا نعمة الله عليكم .... } ، { يابني إسرائيل اذكروا نعمة الله عليكم ......... } ، ففي الخطاب نوع من مد الجسور للتعاون ، لكن لما رأوا هذا الذي تذكره بدأت المكائد التي سيترتب عليها ما سنذكره اليوم .
دكتور زيد : هذا صحيح ؛ فالتاريخ يعيد نفسه .. التحريض ، ذهب زعماء اليهود اللذين ذكرت أسماءهم - لا علينا منهم .. عليهم من الله ما يستحقون - خمسة من زعماء اليهود ذهبوا إلى قريش وخوفوهم من قوة المسلمين المتنامية ، ووعدوهم أن يتعاونوا معهم ، ثم ذهبوا إلى غطفان وقالوا القول نفسه ؛ فحزبوا الناس ضد النبي - صلى الله عليه وسلم - كما يصنع يهود اليوم في تحزيب الناس ضد الفئة المؤمنة في فلسطين .. مقدم البرنامج : الله أكبر ..
دكتور زيد : يدرسون تاريخهم .. ولكن يبدو أننا نغفل عن دراسة تاريخنا ، نجحوا في التحريض بغية الاستئصال .. واللافت للنظر أيضاً أن اليهود استطاعوا أن يجتمعوا مع هذه الفئات على الرغم مما بينها من اختلاف وجهات النظر .. يهود وغطفان وقريش ليسوا على قلب رجل واحد .. بينهم خلافات لكنهم اتفقوا على الاتحاد على عدوٍّ واحدٍ مشترك كما هو الحال الآن .. وجهات النظر قد تتباين بين كثير من أعداء الفئة المؤمنة في فلسطين فيما بينهم .. لكنهم على هذه النقطة قد اتفقوا .. فهذه الحقيقة البداية هي مفتاح هذه القصة أو هذه الغزوة العجيبة ، والتي وصفها القرآن وصفاً دقيقاً.
مقدم البرنامج : جميل .. أنا أريد أن أذكر الآيات التي هي مقصودنا.. في أولها يا دكتور زيد يقول الله - سبحانه وتعالى - في الآية التاسعة من سورة الأحزاب: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا)، ثم بدأ في سرد هذه الأحداث ، ( إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم ) . دكتور زيد: يعني بداية بيان منة الله على خلقه على هذه الفئة المؤمنة جاءتكم جنود ، فأرسل الله جنوده لكن لم تروها .. وهم الملائكة والريح ، جنود من جنود الله - سبحانه وتعالى - : { وما يعلم جنود ربك إلا هو } .. هذه البداية تبدأ بذكر هذه المنة ، والآية الأولى كأنها اختصرت القصة كاملة ، والغزوة كلها في هذه الآية .. جاءوكم فجئنا .. مكروا فمكرنا .. فعلوا ففعلنا .. رموا فرمينا ، وانتهت المسألة ، ثم بعد ذلك يأتي التفصيل لهم ولمن بعدهم .
مقدم البرنامج : وأنا أعجبني قولك في بداية حديثك يا دكتور أن القرآن يتجدد نزوله بتجدد الأحداث ، وهذه فعلا حقيقة كثير منا يغفل عن ربط هذه الآيات بواقع الناس اليوم ، يعني هذه الأحداث التي تقع على المسلمين اليوم - سواء في فلسطين أو غيرها - فهي قد سبق أن وقعت ونزلت آيات في معالجتها ، وهذه الصور التي تظهر اليوم - خاصة مع تمايز المواقف - سيظهر المنافقون ويظهر الأعداء المتربصون ويظهر الصادقون ، كما قال قبل هذه الآية ليسأل الصادقين عن صدقهم، وأعد للكافرين عذاباً أليماً .
في قوله - سبحانه وتعالى - يا دكتور زيد : {إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} هذا يصور موقف الفئة المؤمنة وشدة وقع هذه الحوادث عليها في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لو تبين لنا هذا وربطه بالواقع .
دكتور زيد : القرآن واقعي .. هذا الحديث لمن؟ مقدم البرنامج : للمؤمنين . دكتور زيد : لخيرة المؤمنين على وجه الأرض ، يقول لهم : خفتم وكاد الظن يعصف بكم للإشارة إلى أن الخوف جزء من طبيعة النفس البشرية .. تخاف وتجفل وتحسد ، وفي لحظة قد يضعف المسلم ويدب به الخور ـ إن صح التعبير ـ وهذه رسالة لمن بعدهم ؛ يعني إن رأيت أحداً الآن من المسلمين في جبهات المقاومة والمقارعة يخاف .. لحظة ضعف يجبن فيها .. يتسلل إليه الشك ، هذه ليست غريبة وليست منقصة .. فإن من كانوا حول النبي - صلى الله عليه وسلم - واللي كانوا يرون المعجزات الحسية أصابهم هذا الوصف : زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا .. سبحان الله العظيم ! هذا خطير .. فئة قليلة ما سبق لها أن واجهت العالم كله .. غطفان عشرة آلاف .. قريش مثلها عشرة آلاف واليهود ، فئة قليلة من المسلمين أحاطوا بها كما يحاط العقال بالرأس ، وهنا كان الهدف الاستئصال .. حصار.. والله هذا الذي نراه في غزة .. حصار .. ومجلس الأمن الآن ، ألا يفهم ما يصنعه مجلس الأمن ؟..إن هذا المجلس تحزب كله على أهل غزة .
مقدم البرنامج : بلى والله واضح .. هذا ظاهر ليس فيه أي شك . دكتور زيد : فتحزب الناس عليهم إن خافوا وإن أصابهم ما أصابهم .. طبيعة النفس البشرية. مقدم البرنامج : ولكن بالرغم من هذا - ولله الحمد - نرى من الثبات ومن الصمود .. دكتور زيد : صحيح .
مقدم البرنامج : قبل أن نسترسل في الحديث معنا الأخ محمود من السعودية .. تفضل ياأخ محمود . محمود : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. مقدم البرنامج : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته . حياك الله شيخ عبد الرحمن ، وأحيي ضيفك الكريم فضيلة الشيخ زيد ، وأسأل الله - عزّ وجل - أن ينفع به .. في الحقيقة لا يزال يتردد في مخيلتي ما قاله في اللقاء الماضي لنربط به الواقع المعاش الآن ؛ وهي أن بني إسرائيل منعوا الله بقرة .. فكيف يطلب منهم بيت المقدس ؟! في الحقيقة عندي ثلاث نقاط : الأولى : أنه في ظل هذا التقاعس عن النصرة الواجبة .. في (سورة الأحزاب) نجد إشارة خفية إلى جميع الناس أن الله - عز وجل - أحل الضيق وشدة الكرب بعباده المؤمنين في غزة ابتلاء لهم وابتلاء بهم ، وأن المبتلين بهم - وهم عموم الأمة - إن لم يقوموا بالواجب فإن الله لم يكل إليهم المستضعفين العزل ، وأن له جنوداً لا يراها الناس نصر بها قبله المؤمنين في الأحزاب ، ونصر بها نبيه - صلى الله عليه وسلم - في الغار . الأمر الثاني : أيضاً في قصة الأحزاب وفي حديث حذيفة - رضي الله عنه - كما في صحيح مسلم ، لما أرسله النبي - صلى الله عليه وسلم - يستعلم خبر المشركين جاء في آخر الحديث : أنه جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالخبر وهو قائم يصلي ، وهذه سنة في الكروب والمحن أحسب أنها غائبة عن حال كثير من الناس ، وهي الفزع إلى الصلاة إذا حزبنا أمر من أمور الدين أو الدنيا أو الآخرة ، وهذا الأمر ينبغي أن يظهر على أفراد المسلمين الآن في قيام الليل أو في أوقات النوافل عموماً . الأمر الثالث : أنه يتكرر المشهد ذاته في الأحزاب اليوم كذلك في غزة ؛ فقد زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر ، وظن الجبناء المخذلون بالله الظنونا ، ورأوا أن لا حل إلا بالذل والخضوع والاستسلام لأعداء الله ورسوله والمؤمنين .. وهم اليهود . بعد أن ابتلي المسلمون في غزة وزلزلوا زلزالاً شديداً وقال المنافقون من المخذلين هؤلاء : { ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً } ، فنقول لهم كما قال الله - عز وجل - : لن ينفعكم صراخكم إلى الملهيات والمغريات والملذات ، ولئن استؤصل أهل غزة بالموت فسيتأصل غيرهم إما بالتخمة أو غيرها، وإذن لا تمتعون إلا قليلاً .
مقدم البرنامج : بارك الله فيك ، شكراً يا أخ أحمد .. حياكم الله .. شكراً جزيلاً لك .
دكتور زيد : يعني - جزاه الله خيرًا - .. كلام جميل ومرتب ومختصر ، وأشار إلى مسألة جديرة بأن نكررها خلفه ؛ وهي أن هذه الأحداث لم تنزل بهم .. هي ابتلاء لهم وابتلاء بهم ، هذا كلام جميل ، وهذا ما حصل في (غزوة الأحزاب) .. تمايزت الصفوف .. لما رأينا من المسلمين ما رأينا من هول انكشف النفاق : { إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً } أعلنوها صراحة .. تحدٍّ للنبوة وإظهار أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طوال هذه الفترة وهو يخدعنا ، والصنف الذي بعده ماذا قالوا : مقدم البرنامج : { وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا } . دكتور زيد : هذه طائفة من المنافقين تدعو للانسحاب والعودة .. هذا تحريض على عدم الصمود ..
مقدم البرنامج : الله أكبر .. ما أكثر هذه الطائفة اليوم ! دكتور زيد : نعم .. وفي وسائل الإعلام هؤلاء الذين يصفون أنفسهم بالعقلاء أصحاب الفكر العميق والفكر الهادئ : يعني انسحبوا .. لماذا الصمود في وجه هذه الآلة العسكرية .. لا مقام لكم .. كل واحد يروح على بيته .. ارجعوا ؛ لأنه الجبان دائماً يحاول أن يفلسف هزيمته ، والبخيل أيضاً يحاول أن يفلسف هزيمته .. الصمود الذي ينبغي أن يحث عليه ، وهنا بدأ التمايز ، والأخ محمود - جزاه الله خيرًا - لولا هذه الغزوة ما ظهر هؤلاء وما انكشفت أمورهم .
مقدم البرنامج : يقولون : يقول سعد بن معاذ في هذه الغزوة عندما جاءت هذه الطائفة للنبي - صلى الله عليه وسلم - تستأذن يقولون : إن بيوتنا عورة وأهلنا نخاف عليهم من اليهود ، فقال سعد بن معاذ : لا تأذن لهم يا رسول الله ؛ فهم دائماً حتى في الجاهلية كانوا يصنعون معنا هذا في المضايق .. إذا احتد الأمر وتجمعت علينا الشدائد ينسحبون بمثل هذه الأعذار الواهية ؛ فيبدو أن النفاق حتى من الجاهلية . دكتور زيد : ولكل قوم وارث ، أنت ذكرت قول سعد بن عبادة وأنا أذكر قول محمد بن مسلمة - قول لطيف ومعبر - قال : كنا في الخندق كان ليلنا في الخندق نهاراً بسبب تعاقب الكافرين علينا ؛ فقد كان يغدو علينا أبو سفيان ثم يذهب ، فيغدو خالد ثم يذهب ، فيغدو عمرو بن العاص – رضي الله عنهم أجمعين - ثم يذهب ، وكانوا مقسمين أنفسهم على مدى 24 ساعة ليشاغلوا المسلمين ؛فكان ليل الخندق نهاراً .. بمعنى أنهم كانوا يربطون الليل بالأحداث المتتابعة حتى ما يرتاحون .. وهذا ما نراه اليوم في غزة .. القصف على غزة 24 ساعة لأجل إنهاك هؤلاء ، في هذه الأحداث تتمايز الأمة ، وهذه مسألة كانت يعني مقصودة من هذه الآيات حتى يتمايز الناس فيظهر المؤمنون ويظهر المنافقون ويظهر الحلفاء الكاذبون .. وهم اليهود .
مقدم البرنامج : قبل أن نكمل دكتور زيد لدينا اتصال من الأخ عيسي من السعودية .. تفضل أستاذ عيسى : عيسي : السلام عليكم . المقدم : عليكم السلام . المتصل : أخوكم عيسى الدراجلي . مقدم البرنامج : حياكم الله المتصل : الله يحيك .. أحيي الدكتور / زيد عمر في هذا اللقاء المبارك للحديث عن نكبة وأزمة إخواننا في غزة ، وأنا شاكر لك ولأستاذي الفاضل الدكتور زيد على هذا الحديث وربط الواقع بالقرآن الكريم ، وهذا ما تحتاجه الأمة في مثل هذه الأحداث .. أخي الكريم وضيفك الفاضل والإخوة المستمعين والمستمعات ، ما أشرت إليه أن المؤمنين في (غزوة الأحزاب) قد بلغ بهم أنهم يظنون بالله الظنونا هو هذا ما يقع في مثل وقت الأزمات الذي نعيشه ، وهي سنة قد حكاها القرآن الكريم في قوله - سبحانه وتعالى - : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء } .. وهذه مرحلة خطيرة يمتحن الله - عز وجل - بها عباده ، وقد أشار إليه قوله - سبحانه وتعالى - : { أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ } .. والله إننا في مثل هذه الأيام في مثل أحداث إخواننا في غزة إنا نعيش مثل هذا الواقع الذي تحدثت عنه هذه الآيات .. نحن نقول : متى نصر الله ؟ وهذا الامتحان والابتلاء الذي شاء الله - عز وجل - به عباده - سبحانه وتعالى - .
فياأيها الإخوة الكرام المستمعون والمستمعات .. أي نصر لهذه الأمة لا بد له من ثمن ، إخواننا في غزة يقدمون هذا الثمن ويروون أرض غزة الطاهرة بتلك الدماء الزكية ، يبقى نصرتنا نحن .. ماذا قدمنا لهم .. لا بد أن ننصرهم .. لا بد أن ننصر دين الله - عز وجل - ولا أقول : إن النصرة فقط في النواحي المالية ، وأقول هذا شيء مما يستطيع المسلمون الآن في شرق الأرض وغربها .. لا يمكن أن ننصر إخواننا بفضول أموالنا ولا ببعض ما تجود به أنفسنا .. لا والله، بل إن هذا النصر لا بد له من ثمن : أن نبذل من غالي ما نستطيع .. من أموالنا ومن إمكاناتنا المالية وإمكاناتنا المعنوية ؛ فأحدنا إذا سجد يقدم في مثل هذه الأيام الدعاء لإخوانه غزة قبل أن يقدم الدعاء لنفسه ولأهله .. هذا شيء من الثمن الذي ينبغي نحن أن نقدمه لإخواننا ، ولعل الله - عز وجل - أن يعذرنا .
وأنا أختم - وأنا لا أريد أن أقاطع ونحن نستمع إلى فضيلة الشيخ / زيد عمر وإلى حديثكم الفاضل أيضاً - أن هذا النصر مرة أخرى يحتاج إلى ثمن .. وإخواننا في غزة يدفعون أغلى الثمن ، السؤال : هل نحن على مستوى هذا النصر في أنفسنا وفي بيوتنا وفي تعاوننا مع إخواننا في غزة ؟ أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن ينصر دينه ، وأن يثبت قلوب إخواننا في فلسطين وفي غزة ، وأن يربط على قلوبهم ، وأن ينصر هذا الدين ، وشكر الله لكم .
مقدم البرنامج : بارك الله فيك ، شكراً جزيلاً لك . نعود يا دكتور زيد إلى حديثنا عن : { وإذ قالت طائفة منهم } ، أنا ألاحظ يا دكتور زيد أنه طال الحديث عن المنافقين في هذا الموقف .. فمنذ أن قال : { وإذ يقول المنافقون } .. { وإذ قالت طائفة منهم } .. { ولو دخلت عليهم من أقطارها } إلى قوله : { يحسبون الأحزاب لم يذهبوا } .. فأكثر الآيات التي وردت في قصة الأحزاب هي تركيز على المنافقين وموقفهم وشرحٌ لأسباب ودوافع هذا التخذيل . دكتور زيد : طبعا .. شوف يادكتور عبد الرحمن .. المسلمون في هذا المقام كانوا يواجهون عدوين شرسين : عدواً يملك إمكانيات مادية ويحارب في الجانب المادي وهم الأحزاب خارج المدينة ، وعدواً في الداخل يضرب في المشروع الإسلامي .. يستهدف العقيدة .. يستهدف المبدأ ، أنت قد تصاب .. أصحاب المبدأ قد يصابون بأنفسهم ويبقى المبدأ ، بل لا يمكن أن يبقى مبدأ وأن يحيا مبدأ إذا لم يصب أهله ، كلنا يعرف قصة أصحاب الأخدود ..ماتوا جميعاً . مقدم البرنامج : ولكن انتصر مبدأهم.. دكتور زيد : وانتصر دينهم ، والله - سبحانه وتعالى - في النهاية قال : { ذلك الفوز الكبير } .. هذه مسألة ما تغيب عن أصحابنا المتابعين لنا ممن يعايشون كتاب الله - سبحانه وتعالى - .
فالحقيقة في اعتقادي أن خطر المنافقين كان أشد خطراً من اليهود .. لماذا ؟ أحياناً خطر المقاتل خارج الحدود يكون خطره محدوداً وموجهاً إلى سين وصاد من الناس إلى المقاتلين ، لكن الذي يمشي بالتهوين والتخذيل داخل الصف المسلم بطريقة غير مباشرة .. هذا تنتشر سمومه في المجتمع كله .. يصيب الصغير والكبير والمقاتل وغير المقاتل ، نعم .. ثم إن أسلحته غير مباشرة .. أسلحة الشفقة .. هؤلاء : { يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا } .. { إن بيوتنا عورة } .. دعوى لحماية البيوت ، هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله ، ليه ؟ حتى تبقى أموالكم بين أيديكم ، لا تنفروا في الحر .. الجو حر ، كلها أعذار .. دعوات في ظاهرها تقول المنافقون يحرصون على الناس حتى لا يخرجوا في الحر .. على كذا .. على بيوتهم .. على أموالهم ، لكنها دعوات مبطنة بالخبث والمكر ؛ ولهذا فعلًا القرآن الكريم أعطى هذه القضية أكثر مما أعطى الأحزاب (كلمتين) : جاءوكم فجئناهم .. وانتهى الموضوع ، ما يستحقوا أكثر من هذا .. انتهى أمرهم ، نفخت عليهم الريح طيرتهم ، لكن بالنسبة لليهود لا .. للمنافقين لا .. داخل الصف لهم دور كبير ، هؤلاء هم الذين يبتغوا أن يواجهوا ركز عليهم القرآن الكريم .
فأنا في اعتقادي أن في مثل هذه الحالات أن المنافقين والمخذلين والذين في قلوبهم مرض .. شوف تعبير القرآن .. لاحظ نقف قليلاً : { وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله } هذه لفتة دقيقة ، اعتدنا نحن في دراساتنا القرآنية وفي قراءتنا لكتب التفسير أنهم دائماً يفسرون {الذين في قلوبهم مرض } هم المنافقون ، هذه الآية تجعلنا نعيد النظر في هذا التفسير . مقدم البرنامج : وأنهما متمايزان . دكتور زيد : لأن العطف يقتضي .... مقدم البرنامج : المغايرة . دكتور : إذن هما فئتان ، في عندنا منافقين معلومو النفاق كفار ، وفي عندنا أناس في قلوبهم مرض ليسوا منافقين مسلمين .. لكنهم أذن . مقدم البرنامج : يسمع لكل منافق . دكتور زيد : يسمع للمنافق ، هذا الفريق في هذه الأوقات العصيبة خطير ، فالقرآن هنا لاحظ ما قال : { وإذ يقول المنافقون } فقط ، ألحق بهم الذين في قلوبهم مرض .. أنت الآن - يا أخي الكريم - تجد أناساً يعني تتوسم فيهم الخير يقولوا كلاماً أشد على المسلمين مما يقوله المنافقين جهلاً – حقيقة - وهذه مشكلة ؛ لهذا القرآن الكريم ذكر : { والذين في قلوبهم مرض } .
مقدم البرنامج : وأنا أتوقع .. الدكتور زيد : دقيقة .. المقدم : تفضل .. تفضل . الدكتور زيد : مرض .. مرض ماذا ؟ نكرة يشمل مرض الشبهة ومرض الشهوة .. مرض الشهوة ومرض الشبهة له صور كثيرة جدًّا ؛ فحذر الله - تعالى - من المنافقين وممن في قلوبهم مرض - كمرض الشبهة أو الشهوة - لأن لهم أثراً عميقاً في الصف في هذه الأيام . مقدم البرنامج : صحيح .. فتح الله عليك .
معنا الأخ أبو عبد الرحمن من السعودية . أبو عبد الرحمن : سلام عليكم . المقدم : عليكم السلام . أبو عبد الرحمن : حيا الله شيوخنا الأفاضل .. ما شاء الله على هذا الدرس . دكتور زيد .. أريد أن أسمع الربط بين الآيات التي تقرأها والآيات من (سورة التوبة) إذ يقول الله – تعالى - : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ } إلى الآية : { وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً } .. هذه الآيات يا شيخ هذه تبين جداً طريقة المنافقين ، ولكن يا شيخ الآن ليست بين يدي الشعب أي حيلة .. حتى الدعاء في بعض الأماكن ممنوع .. حتى القنوت .. الآن هؤلاء الحكام المسلمين كل يبحث عن العذر .. أنا لا أستطيع .. أنا عندي عهد مع اليهود .. أنا عندي عقد مع بوش ....... إلى آخره .. مع أمريكا ، لو أرادوا الخروج فعلاً لأعدوا له العدة .. ماذا ينتظرون الآن من الناس ؟ والله يا شيخ لو قام الشعوب ...... مقدم البرنامج : بارك الله فيك يا أبو عبد الرحمن .. شكر الله لك ، وضحت فكرتك - حفظك الله - . دكتور زيد : كلام جيد ..
مقدم البرنامج : معنا الأخ ماجد من السعودية .. تفضل ياأخ ماجد . ماجد : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . مقدم البرنامج : وعليكم السلام ورحمة الله . ماجد : كيف حالكم ياشيخ عبد الرحمن ؟ مقدم البرنامج : الله يحييك . ماجد : كيف حالكم يادكتور زيد ؟ دكتور زيد : حياك الله ياأخي . ماجد : حياكم الله وبارك فيكم ، وكل عام وأنتم بخير - إن شاء الله - والأمة الإسلامية بخير وصحة وأمان . لدي مداخلة بسيطة - بإذن الله - بما أن الموضوع يتحدث عن (غزوة الأحزاب) وما ظهر فيها من علامات انتصار المسلمين .. أولاً موقف النعمان بن بشير .. الدكتور زيد : نعيم بن مسعود . ماجد : نعيم بن مسعود . دكتور زيد : سنشير إليها بعد قليل - إن شاء الله - . ماجد : هذا الموقف أنا أريد أن أستشف منه أمراً ؛ وهو : من قد لعب في عقله أو أمراً قد شككه في دينه أو بمال قد أغراه ، فها هو الوقت الآن - إن كنت تسمعني الآن - ها هو الوقت لكي ترجع ولكي تنصر إخوانك المسلمين كما كنت تخونهم .. الآن تأتي بالمعلومات لهم وتنصرهم بهذا الطريق ، وبإذن الله لا أحد يعلم بك ، وبإذن الله سوف يغفر الله لكم .. هذا موقف . الموقف الثاني : الموقف الذي أشار إلى حفر الخندق .. نحن الآن مفكرين نريد ناس يفكرون تفكيراً عسكري .. نحتاج الآن تفكير عسكري لكي يهدي هذه الأفكار إلى إخواننا المجاهدون هناك (حماس) أو (فتح) كلهم فيهم خير . هذه بعض الوقفات من الغزوة ، ولكن هذه بعض الحلول قصيرة الأمد ، أما الحلول بعيدة الأمد : أنا أقول نحتاج إلى علماء تاريخ ، كما أن الأمة قد دب فيها الوهن كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - فكما دخل الوهن في الأمة على أمد طويل نريد مفكرين ينظرون في تاريخنا كيف قد سقطنا بالوهن .. أن نعيد المجد للأمة بخطوات بنظرات في التاريخ لكي نعود كما كنا في عزة وكما وعدنا - صلى الله عليه وسلم - في حديث : " إنكم لتقاتلون اليهود فيذهبون خلف الحجارة ، فيقول : يامسلم ياعبد الله .. هذا يهودي خلفي فاقتله " هذا هو وقت إزالة الوهن الذي سوف يكون - بإذن الله - في العهد القريب مع أنه حل لأمد بعيد ، هذه مداخلتي . مقدم البرنامج : بارك الله فيك .. شكراً ياأخ ماجد .. شكراً جزيلاً لك ..
الحقيقة مداخلات الإخوة اليوم هي أشبه بمداخلات أكثر منها أسئلة ، وليس فيها أسئلة . دكتور زيد : مداخلات طيبة .
مقدم البرنامج : نعود إلى الحديث يادكتور عن قوله - سبحانه وتعالى - هنا : { وإذ قالت طائفة منهم ياأهل يثرب } التي كنا نتحدث عنها في قضية اعتذارات المنافقين ، والتي فندها الله - سبحانه وتعالى - في الآية كما ذكر : قالوا { إن بيوتنا عورة } ، فقال الله : { وما هي بعورة } . دكتور زيد : { إن يريدون إلا فرارا } .. مقدم البرنامج : ذكر السبب الحقيقي الذي يدفع المنافقين .
دكتور زيد : هذه إشارة إلى أن كثيراً من الأعذار والمسوغات والتحليلات التي يقدمها أعداء هذا الدين وإن بدت في ظاهرها أنها منطقية مقنعة تحمل في ثناياها الغيرة على المصلحة العامة .. هي في الحقيقة فرار .. فرار من مواجهة العدو .. لماذا ؟ الحقيقة الحق : الحسن ما حسنه الله والقبح ما قبحه الله - سبحانه وتعالى- لأنه لا بد لهذه الأمة من مرجعية تحتكم إليها حين تختلف ، مرجعيتنا هذه النصوص الشرعية، وهي النصوص التي فيها مواجهة واضحة مع العدو في هذا المقام ، هذا الطرح للأسف ، يتكرر في كل زمان وفي كل مكان، الذين يعتقدون أنهم هم الذين يمكن أن يحسنون ويقبحون ، فجاء الرد لا، الذي يحدد ما المناسب لهذا الموقف في هذه المعركة ، هو القرآن الكريم ، هو الله - سبحانه وتعالى- هنا في دعوة للانسحاب إلى التخذيل، إلى عدم الصمود، جاء القرآن بين أن هذه الحقيقة كلها وإن كانت في ظاهرها دعوات قد تبدو منطقية، لا تخفي وراءها صفة خبيثة، وهي الجبن والفرار.
مقدم البرنامج : وأيضاً الآية التي بعدها تؤكد هذا (ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لآتوها).. يعني هم سريعو الردة والاستجابة للأعداء .
دكتور زيد : هي تفسير لما قبلها، إن يريدون إلا فراراً، باختصار عدم الثبات، عدم الصمود، عدم الاستعداد للتضحية من أجل هذا الدين . هذه الآيات كلها تدور حول هذا المعني ، بخاصة أن المنافقين هنا كتب عليهم أن يحاصروا مع المسلمين ؛ ولهذا تمنوا أنهم ما كانوا في المدينة ولا عرفوا المدينة وأنهم ما سكنوها أصلاً .. يعني هنا في مسألة ذكرها أحد الإخوة الكرام .. المقدم : وهي ؟ دكتور زيد : وهي ماذا نفعل ؟ والتطبيق : في موقف في (غزة الأحزاب) ينبغي ألا يفوتنا .. موقف معين لمسعود بن عامر من غطفان .. كان حديث عهد بالإسلام لا يعرف أحد بإسلامه ، ويبدو أنه أسلم في أثناء الغزوة لأن الناس تتفاعل مع الأحداث .. الناس من حيث هم فيهم خير .. لما يرى الناس تتحزب ، يعني أنا أعتقد ربما عدد كبير من الناس في الغرب يتعاطفون مع المسلمين ، بل يسلمون مما يرون ، ويسألون عن هذه الفئة الصابرة المتحدية : من هم ؟ ماذا وراءهم ؟.. وبالتالي يقودهم هذا إلي الإسلام .
فنعيم بن مسعود كأنه يبدو ـ والله أعلم ـ أسلم في تلك الأيام .. لا أحد يعلم بإسلامه ، رغم أنه حديث عهد بالإسلام ذهب إلي الرسول - صلى الله عليه وسلم - : يارسول الله أسلمت .. مرني لا أحد يعلم بإسلامي ، ماذا أفعل ؟ شوف إيمان ساعة أو ساعات قذف به في الصف الأول وفي المواجهة الأولى وهو بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم- ويقدم نفسه ليكون جندياً ينفذ الأوامر .. إسلام ساعات ، ما بالنا نرى إسلام سنوات لا يخرج مائة ريال من جيوب الناس .. لا حول ولا قوة إلا بالله .. هنا يعني حديث عهد ما أحد يعلم بإسلامه ، ثم .. لاحظ العظمة .. كان بإمكاننا أن نقول نعيم معذور لأن بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - كبار المهاجرين والأنصار الذين سبقوه إلى الإيمان وأنت يانعيم حديث عهد .. اصبر في ناس أولى منك ، قال :لا .. أنا أسلمت خلاص ، ذهب مباشرة : يا رسول الله مرني ، شوف الجواب : يانعيم أسلمت ؟ نعم ، إنما أنت واحدٌ منا فخذِّل عنا ما استطعت ، انتهينا ، الوقت لا يحتمل تخطيط واجلس يا نعيم ، والرأي تعمل كذا ، وأنت ما هي مشروعاتك؟ وما هي إمكاناتك ؟ وماذا يمكن أن تقدم ؟ لا لا ، النار مشتعلة في البيت ، اللي يستطيع يشارك في إطفائها يشارك ، إنما أنت واحد منا ، ذكره بالانتماء .. الانتماء مهم ، حين يشعر المسلم بالانتماء لهذا الدين تتحرك مشاعره وعواطفه .ز تتحرك كوامن القوة في نفسه ؛ فخذل عنا ما استطعت ، ما حدد له خذل ، وهذا من لطف الله بخلقه .
{ ولا ينالون من عدو نيلاً ولا يطئون موطأ يغيظ الكفار } ، هنا التنكير للتقليل ، أي موطن ؟ أي نيل ؟ .. { إلا كتب له بهم عمل صالح } .. هذه رسالة لكل نفس ، يا أخي ماذا أصنع ؟ نل نيل .. يطأ موطئاً .. خذل عنا ما استطعت ، فلاحظ الارتباط بين "إنما أنت واحد منا" ، و"خذل" ؟ لماذا قال له : " أنت واحد منا " ؟ لماذا ما قال له : أنت أسلمت خذل عنا ما استطعت ؟ يريد أن يربط بين التشريف والتكليف .
مقدم البرنامج : أنت واحدٌ منا .. هذا تشريف ؟ دكتور زيد : تشريف ما عندنا انتساب شرفي للإسلام .. عضوية شرف في الإسلام ما في ، هذي في النوادي فقط .. عندنا ما في . تشريف يعني (تكليف) واحد منا فخذل ، ماذا أخذل ؟ ما استطعت ..
ندخل موضوعاً بموضوع .. تذكر في الحلقة الماضية لما تكلمنا عن مجالات التفسير الموضوعي وتكلمنا عن المقالة التفسيرية ، وأنت - ما شاء الله - أعجبت بفكرة المقالة التفسيرية . مقدم البرنامج : نعم صحيح . دكتور زيد : تذكر مثلنا بأي آية . مقدم البرنامج : بآية النملة .. دكتور زيد : النملة .. يرحم والديك .. نستحضر قصة النملة مرة ثانية الآن . مقدم البرنامج : { يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم } . دكتور زيد: يا أخي نملة ورأت .. ورأت من ؟ مقدم البرنامج : سليمان عليه السلام . دكتور زيد: أنا بعتقد رأت أكبر قوة في العالم .. سليمان - عليه السلام- وجنود من الإنس والجن والطير .. وعد ما شئت . مقدم البرنامج :لا إله إلا الله . دكتور زيد : تصور أنت معي أمامك الآن مشهدان : سليمان وكل من معه ، ونملة وقفت ، ماذا صنعت ؟ هربت ؟ قالت هؤلاء قدر لا راد له ؟ { يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم .. } إذن استطاعت النملة بصرخة أن تدفع ما قد يصدر عن هذا الجيش من تدمير عن قومها .. يا ريت الناس تستحضر ما نستحضر أنا وإياك الآن والمشاهدين .. قوة هائلة ونملة ، يمكن نملة صغيرة ردت هذا الخطر وهذا التدمير .. التدمير غير المقصود ، بنداء ، لا أقل أن نرفع أصواتنا .. الشاهد : يقدم الإنسان ما استطاع.. ما يقول : والله أنا ضعيف ، والله ما من مسلم أضعف من نملة! مقدم البرنامج : صدقت .. أي والله صحيح . دكتور زيد : أياً كان هذا المسلم ليس أضعف من النملة . مقدم البرنامج : ويستطيع أن يقدم شيئاً . دكتور زيد : فليقدم شيئاً .. نعم.. هذه الناس ينبغي ألا تتثاقل ..
الأخ قبل قليل ...... مقدم البرنامج : الأخ عبد الرحمن .. نعم . الدكتور زيد : أبو محمود طلب قبل دقيقة - جزاه الله خيراً أيهم - نحن نستجيب له بإيجاز عشان الوقت .. الآيات .. آيات (سورة الأحزاب) تبين لنا حقيقة التثاقل والهروب من المواجهة عند المنافقين ، الله - تعالى - دائماً يحذر المؤمنين من أوصاف المنافقين . مقدم البرنامج : ولذلك يفيض فيها . دكتور زيد : وتعال نقف مع الآية : { يا أيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتكم .... }.. طلعها معي . مقدم البرنامج : حتى اللفظة صعبة . دكتور زيد : لما تقول : (اثاقلتكم) كأنك ترفع هذه الطاولة بإصبعك .. ما تقدر .. يعني كلمة (اثاقلتكم) توزن تقريباً ألف كيلو .. (اثاقلتكم) .. مقدم البرنامج : أتريدون الحياة الدنيا ؟
دكتور زيد : تثاقل .. الآن نحن نعاني من التثاقل .. الأمة أصابها ما أصابها .. الخور .. والثقل إلى الأرض . مقدم البرنامج : وإن كانت الأمة الآن يا دكتور زيد فيها خير كثير ، وتتداعى - بإذن الله - ولله الحمد . دكتور زيد : أنا الحقيقة دائماً أنا ضد الذين يهولون من أمر الأمة ، وأنا دائماً أستحضر قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "من قال هلك المسلمون فهو أهلكُهم " أو أهلكَهم - على المعنيين - فهو أهلكُهم : أي أشدهم هلاكاً ، وهو أهلكَهم : هو سبب هلاكهم .. الآن الأمة بحاجة إلى التذكير بالثقة بالله - سبحانه وتعالى - .
في قصة (الأحزاب) التي بين أيدينا لما بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن اليهود نقضوا عهدهم مع النبي أرسل سعد بن عبادة وسعد بن معاذ ، قال لهم : إن كان الأمر كما سمعنا أنهم نقضوا العهد فألحنوا لي . مقدم البرنامج : اللي هم بنو قريظة ؟ دكتور زيد : بنو قريظة ؛ يعني بلغوني . مقدم البرنامج : بس بطريقة غير مباشرة .. دكتور زيد : بطريقة غير مباشرة حتى ما يسمع الناس ... مقدم البرنامج : فيفت ذلك في عضدهم .. دكتور زيد : في عضدهم ، وقالها حتى لا يفت ذلك في أعضاد الناس هذا النص .. حتى لا يفت ذلك في أعضاد ، قال : ألحنوا لي لحناً أعرفه ، ولا تفتوا في أعضاد الناس ، وإن كان الوفاء - يعني ما زال موجوداً - فأعلنوا به بين الناس ..
هذا درس ؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - تهمه هذه المسألة ، ونحن قلنا في بداية الآية : { تظنون بالله الظنونا } ، { وزلزلوا زلزالاً شديداً } ، { وبلغت القلوب الحناجر } .. الرسول - صلى الله عليه وسلم – واقعي .. هذا الدين واقعي ، الناس قد أصيبوا مما أصابهم .. لكن ماذا قال بعدها لما لحنوا له وقالوا له : عضلوا القارة ؛ يعني فهم أن اليهود قد نقضوا العهد ، قال بعدها : الله أكبر .. أبشروا يامعاشر المسلمين .. مقدم البرنامج : الله أكبر مع أنهم نقضوا العهد ؟ دكتور زيد : نقضوا العهد .. اعتبر أن هذا بداية النصر لما بلغوه ؛ يعني استكملت الحلقات .. مقدم البرنامج : حتى تنفرج إن شاء الله .. دكتور زيد : كفار قريش من هنا وغطفان من هنا والمنافقين من الداخل .. كان بقي فقط زاوية اليهود .. اكتملت على المسلمين ، قالوا نقضوا العهد ، فلما اكتملت عليه هذه الزاوية وأغلق الحصار من كل ناحية صنع من هذه المحنة منحة . مقدم البرنامج : اللهم صلِّ وسلم عليه ، وتفاءل بالنصر .. دكتور زيد : مباشرة .. تفاءل بالنصر .. ضاقت .. مقدم البرنامج : فلما استحكمت حلقاتها ... دكتور زيد : فرجت .. وكنت أظنها لا تفرج . لا بد من رفع معنويات الأمة حقيقة ؛ لأن نحن نظرتنا لمعنى الانتصار تختلف عن نظرة غيرنا .. الهزيمة عندنا والانتصار ليس بالمفهوم المادي : إذا مات فقد خسر وإذا بقي فقد انتصر ، لا .. ماذا قال الصحابي الكريم لما طُعن ؟ قال : فزت ... مقدم البرنامج : ورب الكعبة . دكتور : ورب الكعبة ، لما قال : فزت وسمعها واحد قال : هذا مجنون ، فلما درسها وناقشها بعد ذلك أسلم هذا الشخص .. فنحن مفهوم النصر .. ينبغي أن نتوسع في مفهوم النصر ونتوسع في مفهوم الهزيمة ؛ حتى لا نحصر أنفسنا في زاوية أن استشهاد مائة .. مائتين .. خمسمائة .. تدمير بيوت .. جرحى ، إذا نحن انهزمنا عدونا انتصر .. لا .
مقدم البرنامج : بقي معنا يادكتور زيد خمس دقائق فقط ، وأنا أريد أن لا نغادر فكرتين : الفكرة الأولى : وصف الله المنافقين بأنهم أشحة على المسلمين .. قال : { أشحة عليكم } : أشحة عليكم في النصر .. أشحة عليكم في الدعم المعنوي .. أشحة عليكم في المال .. أشحة عليكم حتى بكلمة التأييد .. وأيضاً أن لا نغفل الموقف النهائي في قوله : (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ) . موقف : هذه الصفة في المنافقين وهذه الصفة في المؤمنين ؛ وهي الثبات .
دكتور زيد : إذا جاء الخوف .... مقدم البرنامج : سلقوكم . دكتور زيد : إذا جاء الخوف .. إذا ذهب سلقوكم ، وإذا جاء ظهر منهم .... مقدم البرنامج : النفاق . دكتور زيد : النفاق والصد . مقدم البرنامج : الشح . الدكتور زيد : يعني يبخل عليك بماله .. بكلمة نصيحة .. بكلمة تثبيت .. بكلمة مواساة . مقدم البرنامج : كلها شحيح بها . دكتور زيد : أبدًا .. مع أن هذه الأمور يمكن يقدر عليها كل واحد ؛ يعني إن عز على المال لا أقل أن يواسي الجراح .. لا أقل من أن يسكت .. يعني لا تضع -كما يقولون - لا تضع الملح في الجرح .. دعه . لكن المنافقين - سبحان الله العظيم - كانوا أغلقوا جميع أبواب الخير ، ما نفع الله بهم في هذه المواقف إطلاقاً ؛ انخرسوا .. اختفوا .. صمتوا .. بخلوا .. لم يواسوا ، ثم فجأة رأيناهم ما يصنع إذا ذهب الخوف سلقوكم .. شوف .. شوف { سلقوكم } .. ياسبحان الله ! (سلقوكم) .. كأن اللسان سوط { بألسنة حداد أشحة على الخير }.. وهذه - سبحان الله - تذكرني هذه بكُتَّاب التدخل السريع ، أما بسميهم (كُتَّاب التدخل السريع) .. ماسك قلمه وجاهز مباشرة لتسويد كتاب في صحف تكتب بالخط العربي بلغة الضاد الآن يمثلون هذه الطائفة . مقدم البرنامج : صدقت والله .. صحيح ، وأنا والله يادكتور زيد أقرأ مقالات أمس وقبل أمس لكتاب أعرفهم من العرب .. يكتب كتابة أنا في تصوري لو كتبها يهودي متعصب ما استطاع أن يكتب مثل هذا الكلام . دكتور زيد : هؤلاء الذين قلنا عنهم قبل قليل (المنافقون والذين في قلوبهم مرض) .. مرض الجهل .. مرض الشهوة .. مرض الحقد .. مرض ضيق الأفق ..كل هؤلاء وصفوا بها ، لكن نرى في المقابل كلام المسلمين . الله - سبحانه وتعالى - كان قد بين للمسلمين في القرآن ، والرسول بين لهم أن هذه الدعوة عظيمة .. عظيمة، وثمنها غال غال .
مقدم البرنامج : لعلنا نختم بموقف المؤمنين .. الإخوة تكرموا علينا فزادوا لنا خمس دقائق ؛ فمعنا مداخلة من أخينا دكتور / مساعد الطيار .. تفضل يا أبو عبد الملك . مساعد الطيار : سلام عليكم ورحمة الله وبركاته . ـ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته . مساعد الطيار : حياك الله يادكتور عبد الرحمن ، وأحيي أستاذي الفاضل الدكتور زيد .. الدكتور زيد : أستغفر الله . الله يحييك .. حياك الله يادكتور . مساعد الطيار : الحقيقة أنا مستمتع وما كان بودي أن أداخل ، لكن في موضوع ما أدري القنوات أشارت إليه أو لا ؟ وكم أتمنى لو يشار إليه .. يعني موقف اليهود من غيرهم .. خصوصاً من العرب ؛ يعني كيف ينظرون إليهم ؟ ولعلي أنقل لكم فقط - إن استطعت - نصين من كتبهم : الأول من صموئيل ، يقول : ( وقال صموئيل لشاؤول : إياي أرسل الرسل لمسحك ملكاً على بني إسرائيل ، والآن فاسمع صوت كلام الرب .. هكذا يقول رب الجنود : إني قد افتقدت ما عمل عماليق بإسرائيل حين وقف لهم بالطريق عند صعوده من مصر ، فالآن اذهب واضرب عماليق، وحرموا كل ماله ولا تعفوا عنه ، بل اقتل رجلاً وامرأة .. طفلاً ورضيعاً .. بقراً وغنماً .. جملاً وحماراً ) .. هذا نص . وهناك نص آخر في حزقيال يقول : ( وقال لأولئك في سمعي اعبروا في المدينة وراءه ، واضربوا، لا تشفق أعينهم ولا تعفوا الشيخ والشاب والعذراء والطفل والنساء .. اقتلوا للهلاك ، ولا تقربوا من إنسان عليه السمة ، وابتدأوا من مقدسي ) .. إلى آخر ما ورد في هذا النص .
فأقول : أنا بودي إذا كان بالإمكان أستاذنا الفاضل يعلق على هذين النصين من كتبهم ليتبين لنا جزء مما نراه اليوم - مع الأسف - مع قتل حتى الأطفال والشيوخ والعجائز ، وأن هذا أصلاً بالنسبة لليهود أمر مباح لا يرون فيه أي غضاضة . وأنا كم أحب إذا كان للقناة عندها فرصة أن تعقد مثل هذه الحلقة في نظرة اليهود لغيرهم ، فأسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يبارك لكم - شيخنا الفاضل - ولأخي الدكتور عبد الرحمن وللقناة .
دكتور زيد : شكر الله لك . د / مساعد على عادته في التأصيل ، كلام جميل جدًّا هذا .. يعني باختصار هو يريد أن يقول : إن اليهود لهم مرجعية دينية فيما يصنعون من القتل والتدمير، ونحن - للأسف - نحيِّد هذه المرجعية ، وإذا فكرت طائفة منا أن تستند إلي المرجعية الدينية الإسلامية في مواجهة العدو تصدينا لها نحن قبل أن يتصدى لها اليهود ..
قبل أيام جاء في التليفزيون الحاخام اليهودي الأكبر ، وكان يقول : اقتلوهم ، وعبارته : اقتلوهم على كيف كيفك .. على كيف كيفك ، يبدو لي وأنا أريد أسأل إخواننا : كأنها مستخدمة عندهم في لغتهم أيضاً .. وفي إحدى القنوات (قناة القدس) تكرر هذه العبارة والمقطع للحاخام الأكبر في إسرائيل .. يقول : اقتلوهم على كيف كيفك . مقدم البرنامج : معناها تفننوا في قتلهم . دكتور زيد : تفننوا في قتلهم ؛ إذن هم مصرون أن يجعلوا الدين جزءاً من المعركة . مقدم البرنامج : ونحن ؟ دكتور زيد : ونحن هدفنا الأول .. ليس نحن .. طائفة الذين في قلوبهم مرض هدفهم استبعاد الدين من المعركة ؛ ولهذا رأينا ما رأينا .. ياأخي الكريم .. بإيجاز شديد أنا أقول لأولئك الذين في قلوبهم مرض ويحيِّدون الدين من المعركة : دعوا غيركم يجرب هذا الدين .. مقدم البرنامج : على سبيل التنزل .. دكتور زيد : على سبيل التنزل والتهكم بهم يجربون ، إذا أنت لا تؤمن جربها ، فقد يكون النصر فيها .. أنا هنا أقول للذين في قلوبهم مرض : يجب أن نعاملهم بلغتهم لأنهم هم يشكون أصلاً في هذه المسألة . مقدم البرنامج : الله أكبر عليهم ! الله يكتب أجرك ..
والحقيقة ما ذكره الدكتور مساعد من النقل من نصوص التوراة هناك نصوص أشد قسوة في التلمود وأشد إجراماً في حق اليهود . دكتور زيد : تستحق لها حلقة ، والآن على الهواء نأخذ من الدكتور مساعد وعد على الهواء مباشرة أن يكون ضيفك في حلقة في هذا الموضوع ؛ لأن لا بد أن نبين ؛ الناس يعتقدون أن اليهود علمانيين ونحن الوحيدون الذين نزج الدين في معركتنا مع اليهود .. لا بالعكس والله .. اليهود والنصارى والهندوس والبوذيين وكل من هو على وجه الأرض مرجعيته ودافعه إلى القتال وإلى التضحيات هو الدين . وليس هذا بعيب : دين .. عقيدة عندهم ، وعند الله تجتمع الخصوم ، دعونا يا أخي نفعل كما يفعل غيرنا . مقدم البرنامج : سبحان الله
في دقائق ثلاث دقائق يادكتور زيد ، نذكر تعليقاً على قوله - تعالى - : (ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله) ، وقبله : (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) ، عندما ذكرتم قصة حذيفة عندما بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قريش أو للأحزاب ثم رجع والنبي يصلي .. هذه الأسوة للرسول - صلى الله عليه وسلم - في ثباته وتثبيته ، ونختم بها الحلقة .
دكتور زيد : يصلي ، ومن شدة البرد لما جاءه حذيفة أدخله تحت جزء من عباءته .. سحبه مثل : كيف تفعل الأم وهي تصلي مع طفلها الصغير إذا نام ؟ تغطيه بطرف ثوبها ، هكذا فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - كم كان رفيقاً رحيماً بأتباعه ! لكن إذا جد الجد ودعت الحاجة أرسله للموت .. اذهب ياحذيفة وأت بخبر القوم ، حتى لو مات .. القضية : ( ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله ) ..
أخي الكريم .. المؤمن مهيأ لهذه الابتلاءات والتضحيات ، لما دخل هذا الدين قيل له : أنت تحمل قضية كبرى .. تحمل دين الله ، أنت شاهد على الناس .. تعرف ما معنى هذا ؟ معنى أن يتخطفكم الناس ، يا أخي ورقة بن نوفل قال للرسول - صلى الله عليه وسلم - .. ماذا قال ؟ مقدم البرنامج : إن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً .. دكتور زيد : سيخرجك قومك - في البداية - يعني أول كلمة ورقة ذكر الرسول - صلى الله عليه وسلم – بالتضحيات { يتخطفكم الناس }.. فلما رأى المؤمنون هذا تذكروا أمرين : تذكروا الابتلاء .. وقد حصل ، وقد ذكرهم الله أنهم قد يبتلون .. وقد ابتلوا ابتلاءً شديدا ، ووعدهم بالنصر والتمكين والتدخل .. سبحان الله ! هذه الغزوة المسلمون عايشوا فيها موقفين في غاية الأهمية : عقيدتهم تقول لهم : ستبتلون .. وقد ابتلوا .. والطرف الآخر : عقيدتهم تقول لهم : سوف ينصركم الله ولن يخذلكم الله .. الآيات في هذا المجال كثيرة : (كتب الله لأغلبن أنا ورسلي) ، (وإن جندنا لهم الغالبون) .
مقدم البرنامج : في هذه القصة وفي قصة بني النضير يادكتور زيد عندما يستحكم الاعتقاد عند المسلمين أن اليهود أو أن الأعداء في منعة من الهزيمة .. عندما يقول الله - سبحانه وتعالى - ( ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله ) .. الناس في زماننا هذا يادكتور يقولون : اليهود وإسرائيل لديها جيش قوي ، واليهود يقولون ذلك ، قال الله : ( فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب) ؛ فينبغي أن تفعل مثل هذه ..
دكتور زيد : يعني قضية {لم يحتسبوا } .. شوف الآية العظيمة فيها : وظنوا ، وظننتم ؛ إذن هنا إجماع بشري على أن الباب مغلق أمام تغيير الواقع .. غاب عن بالهم أن الله يأتي الناس من حيث لا يحتسبوا ؛ قذف في قلوبهم الرعب .. مقدم البرنامج : وقال حتى في هذه الآيات : { ورد الله الذين كفروا بغيظهم } ، وقال {وأنزل الذين كفروا من صياصيهم } ..أخرجهم من بيوتهم . دكتور زيد : شوف (رد) و(أنزل) و(أتاهم) و(وقذف) .. كلها أعمال لله ؛ يعني كأنه لما يعجز البشر .. هنا مقدم البرنامج : بعد بذل الأسباب .. الدكتور زيد : بعد بذل الأسباب تتدخل قوة الله - سبحانه وتعالى - فيأتي الذي وعدهم الله .
مقدم البرنامج : سبحان الله العظيم ! يعني في حديثك عن (غزوة الخندق) ذكر المسلمون أنها من أشد الغزوات عليهم ؛ فهم قد بذلوا أقصى ما يستطيعون أن يبذلوا . دكتور زيد : ولكن كانت من أكثر الغزوات نتائج إيجابية .. ماذا كان بعدها ؟ فتح مكة .. مناوشات يسيرة ثم جاءت الحديبية ، ثم فتحت مكة بعد ذلك ، كان نهاية الصراع ، بل نهاية الخوف من قريش .. لم تقم لقريش بعد ذلك قائمة .
مقدم البرنامج : الله أكبر ، نسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يكتب أجرك يادكتور زيد ، ونسأل الله أن ينصر إخواننا المجاهدين في فلسطين وفي العراق وفي كل أرض ، وإن النصر مع الصبر ، وإن مع العسر يسراً .
في ختام هذا اللقاء - أيها الإخوة المشاهدون - نشكر الله - سبحانه وتعالى - الذي هيأه ، ونسأل الله أن ينفع به ، كما نشكر باسمكم جميعاً فضيلة شيخنا وأستاذنا الأستاذ الدكتور / زيد عمر العيض - الأستاذ بـ (جامعة الملك سعود) ، والمتخصص في الدراسات القرآنية - .
حتى ألقاكم بإذن الله - تعالى - في الحلقة القادمة أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .