كتبه/ سعيد محمود
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
الغرض من الموضوع:
- التنبيه إلى عظيم أهمية هذه الوصية العظيمة من النبي -صلى الله عليه وسلم-.
- قال بعض الصالحين: "إذا أردت أن توصي صاحبك أو أخاك أو ابنك، فقل له: "احفظ الله يحفظك".
فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (كنت خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- يوماً فقال لي يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف) رواه الترمذي، وصححه الألباني.
(احفظ الله...): أي احفظ حدوده وحقوقه وأوامره ونواهيه، قال -تعالى-: (هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ )(ق:32).
ومن أعظم ما يجب حفظه:
(1) الصلاة: قال -تعالى-: (حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ)(البقرة:238)، وقال -تعالى-: (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ)(المعارج:34).
وقال -صلى الله عليه وسلم-: (من حافظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة) رواه أحمد، وصححه الشيخ أحمد شاكر.
(2) الطهارة: قال -صلى الله عليه وسلم-: (لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن) رواه ابن ماجه وأحمد، وصححه الألباني.
(3) الرأس والبطن: قال -صلى الله عليه وسلم-: (الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى، وتحفظ البطن وما حوى) رواه الترمذي، وحسنه الألباني.
(4) اللسان والفرج: قال -صلى الله عليه وسلم-: (من حفظ ما بين لحييه وما بين رجليه دخل الجنة) رواه الترمذي، وصححه الألباني.
- (يَحْفَظْكَ): من صور ذلك...
أ- الحفظ من مكر الأعداء:
- حفظ إبراهيم -عليه السلام- في النار: قال -تعالى-: (وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ)(الأنبياء:70).
- حفظ يوسف -عليه السلام- في البئر: قال -تعالى-: (وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ)(يوسف:15).
- حفظ محمد -صلى الله عليه وسلم- في الهجرة: قال -تعالى-: (إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ)(التوبة:40).
ب- الحفظ للأهل والولد:
- حفظ الغلامين الصغيرين: قال -تعالى-: (وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ)(الكهف:82).
ج- الحفظ للجوارح:
- حفظ أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى كان الرجل منهم يجاهد إلى عمر الثمانين.
- المحب الطبري يقفز من الشاطئ إلى السفينة وهو شيخ كبير، فقيل له في ذلك، فقال: "هذه أعضاء حفظناها في الصغر فحفظها الله لنا في الكبر".
د- الحفظ من شر الدواب والسباع:
- حفظ سفينة مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الأسد، عن سفينة قال: (ركبت البحر في سفينة فانكسرت فركبت لوحا منها فطرحني في أجمة فيها أسد فلم يرعني إلا به فقلت: يا أبا الحارث أنا مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فطأطأ رأسه وغمز بمنكبه فما زال يغمزني ويهديني إلى الطريق حتى وضعني على الطريق فلما وضعني همهم فظننت أنه يودعني) رواه الحاكم والطبراني في الكبير، وصححه الألباني.
3- صور من لم يحفظهم الله:
- قال -تعالى-: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى)(طه:124).
- وعن فرعون، قال -تعالى-: (كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ . وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ . وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ . كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ . فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ)(الدخان:25-29).
- وعن قارون، قال -تعالى-: (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ)(القصص:81).
- والخليفة العباس "القاهر" الذي جمع الأموال لنفسه وعياله وترك المسلمين يعانون الجوع، فأذله الله وأزال ملكه، وصار يمشي يسأل الناس الصدقة.