السابقون - الحلقة 16 - الذين يغضون أبصارهم
الناقل :
mahmoud
| الكاتب الأصلى :
الدكتور أحمد الكبيسي
| المصدر :
www.islamiyyat.com
الحلقة 16: الذين يغضون أبصارهم
من السابقين السابقين الذي يحبهم الله عز وجل وبهذا الحب جعلهم على هذه المرتبة العالية التي هي أعلى مراتب الناس يوم القيامة هم الطبقة العالية الطبقة الراقية الذين ينظر إليهم الناس في الجنة كما تنظرون أنتم اليوم إلى الكوكب الدري هم الذين يغضون أبصارهم من خشية الله. هذه خصيصة تسمى من السهل الممتنع، هي سهلة لكنها ممتنعة عسيرة إن من العبادات ما يكون أداؤها سهلاً ولكن المداومة عليها صعب. تخيل في هذا العصر - وهو موجود على قلة في هذا العصر - شاب منذ أن نشأ وإلى أن كبر ومات لم تقع عينه على امرأة حرام بنظرة محرّمة وإنما كان ديدنه أنه كان يغض البصر (وقل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم) هذه صحيح أنها سهلة ليس فيها جهاد مال ولا جهاد نفس وليس فيها مكابدة ليل ما عليك إلا أن تشيح بوجهك إذا رأيت امرأة أو تنظر إلى الأرض لم يقل أغمضوا أبصاركم ولكن قال غضوا، أنت لا داعي أن تغمض عينيك وإنما انظر إلى الأرض، العملية سهلة لكن أداءها وخاصة في مثل هذا العصر الذي نحن فيه حيث أينما التفت تقع عينك على وجه امرأة. ريما كان هذا في جيل آبائنا إلى جيل أجدادنا إلى جيل النبي r كان سهلاً لأنه ربما لا تقع عينك على امرأة إلا بالشهر مرة ولو وقعت عينك عليها فهي محجبة بشكل كامل. أما اليوم فحيثما ذهبت وأنت داخل إلى المسجد أو خارج من المسجد تقع عينك على امرأة، وما أعظم شاباً دأب على غض بصره لوجه الله عز وجل. هناك من يغض بصره أنفة بعض الرجال فيهم وجاهة واعتزاز وأنفة أن يخطيء ولا شك أن خائنة الأعين فيها نوع من الرخاوة الرجل الكريم لا يفعل هذا أن تمر امرأة فتنظر إليه أو أن تدعى إلى بيت من البيوت ونساؤهم في طريقك وأنت تسارق النظر قد يفعله الكثيرين لكن بعض الناس لا يفعلونه كرامة ومروءة وأنفة لكن نحن نتكلم أن يكون بذلك بناء على أنه حرام، عن أنك تفعله لوجه الله لأن النيات أساس القبول وأساس صحة العمل لكن ما أعظم أن يجتمع أنك لا تنظر إلى المحارم بكرامتك ورفعة نفسك وأنفة مع امتثال لطاعة لله عز وجل " أقيلوا لذوي الهيئات عثراتهم" وذوو الهيئات أصحاب الوجاهات. فإذا استطعت أن تكون في هذا العصر ممن يغضون أبصارهم عن محارم الله فقد قمت بعمل سهل ممتنع ربما لا يفعله في هذا العصر إلا واحد في المليون، فما أعظم أن تكوت أنت الواحد في المليون وكلنا تقع أبصارنا على محرم مرة نغض ومرة لا نغض وأعرف شاباً أقسم أنه لم يقع بصره على امرأة إلى هذا اليوم وقد جاوز السبعين. وهكذا هي سلعة الله غالية، وقليل من عبادي الشكور لكن هذا ليس ممتنعاً وتستطيع أن تكون واحداً منهم من الآن وحتى لو بلغت التسعين ثن تقول يا رب إني تبت إليك من النظر المحرم ومن خائنة الأعين وأعاهدك أني لن أنظر إلى امرأة حرام بعد اليوم ومت عليه فإنك تبعث مع السابقين الذين أحبهم الله عز وجل لأنهم كانوا يغضون أبصارهم عن محارم الله. هذا من نعمة الله عز وجل أعطاكم فرصة "لا يدخل النار إلا شقي" ما عليك إلا أن تتوب الآن مهما بلغ عمرك ولو مت بعده بساعة تبعث مع التوابين وكلنا نعرف قصة الذي قتل المائة ثم نوى أن يتوب ومات قبل أن يصل إلى البلدة التي فيها سيتوب فأدخله الله الجنة وقد قتل مائة رجل وما أحلى أن تبعث يوم القيامة مع الذين يغضون أبصارهم (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم) (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور) ربما تستطيع أن تغض بصرك لكن ينبغي أن لا تكون حزيناً على ذلك بل ينبغي أن تبلغ من شدة ما تغض البصر أن أصبح ذلك ديدنك وأنت سعيد بذلك ونفسك رضيّة وسعيد بهذه العبادة لا يضحك عليك الشيطان فتقول ليتني أنظر إليها، هذه المرأة جميلة وتشعر بحسرة لأنك غضضت بصرك، يجب أن تكون سعيداً بهذه التضحية وهذه العبادة ولهذا كل العبادات هناك فرق بين أن تؤديها ونفسك بها طيبة أو نفسك بها خبيثة كما في الحديث الأولياء هم المصلّون والذين يؤدون زكاتهم طيبة بها نفوسهم. لا أن يدفع الزكاة وهو حزين أن ماله قلّ. هذه مرتبة عظيمة إذا وفق الله واحداً من السامعين من هذه الدقيقة فصار من الذين يغضون أبصارهم من خشية الله وأفلح في ذلك إلى أن يمون فسوف نكون سعداء معه لأنه قد يشفع لنا لأنه سيكون من السابقين السابقين أولئك المقربون. فأسأله تعالى أن يعيننا على غض البصر لوجهه تعالى وأن ينظف قلوبنا من هذا الدرن الذي هو فيها وبحب هؤلاء نكون من السابقين وأسأله تعالى أن يشملنا بعفوه وأن يتجاوز عن خطايانا ويغفر لنا ذنوبنا ما تقدم منها وما تأخر وأن يحشرنا مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.