السابقون - الحلقة 5 - أهل القرآن
الناقل :
mahmoud
| الكاتب الأصلى :
الدكتور أحمد الكبيسي
| المصدر :
www.islamiyyat.com
الحلقة الخامسة: أهل القرآن
تحدثنا في الحلقة السابقة عن الملأ الأعلى وهم حاشية الملك ومستشاروه وجلاسه في مجلسه واليوم نتحدث عن أهل الملك وإن لكل ملك عائلة ملكية هم أبناؤوه واخوانه. "إن لله أهلين من الناس" ملك الملوك عز وجل له أهلون قالوا من هم يا رسول الله؟ قال أهل القرآن أولئك أهل الله وخاصته. وليس هو قارئ القرآن أو من يتعلم القرآن أو من يعلم القرآن وهؤلاء كلهم لهم قدح معلّى "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" وإنما أهل القرآن. هناك فرق بين أن نقول فلان يبيع ويشتري وأن نقول أهل البيع والشراء أي التجاؤ الكبار فأهل القرآن ليس كل من قرأ القرآن وإنما من اتخذ القرآن شغلاً شاغلاً ليل نهار في قراءته أولاً ثم في تلاوته ثانياً ثم في تعلمه ثالثاً ثم في تعليمه رابعاً ثم في استظهاره خامساً ثم في حل حلاله وحرمة حرامه سادساً ثم في تعلق قلبه به سابعاً ثم كيف يقرأه آناء الليل وأطراف النهار. لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن فهو يقرأه آناء الليل وأطراف النهار. وهناك فرق بين القرآءة والتلاوة "اقرأوا ما تيسر من القرآن" هذا لكل عبد من عباد الله كلنا نقرأ في الصلاة، أما التلاوة المتدرجة يكون لها منهج عظيم من حيث الكم والكيف اختصاص (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) فاطر) إذن ليس كل من يقرأ القرآن ينال هذه الدرجة الرفيعة بحيث يكون زاحداً من أهل الله ما لم يوغل في هذه القراءة إلى أن يصبح متخصصاً مصاحباً ملازماً عقله يعمل بها ليل نهار من هؤلاء الذين ملأوا الدنيا علماً بهذا الكتاب (ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون) وفي قراءة وما كنتم تدرّسون. أهل القرآن هم الذين ملأوا الدنيا به علماً من فسره وأعربه وشرحه وخطّه وبيّن مفرادته وهو الشغل الشاغل للمتخصصين في هذا الباب يلازمونه ليل نهار حتى أصبح شغلهم وديدينهم وفتح الله لهم من عجائبه التي قال عنها رسول الله r لا تنقضي. هذا القرآن لا تنقضي عدائبه ما من عصر إلا ويكتشف الناس في هذا الكتاب العزيز أعجوبة من عجائبه تكون معجزة للعصر الذي هو فيه ويبقى القرآن على هذا النسق إلى يوم القيامة وما من جيل إلا ويكتشف في هذا القرآن معجزة جديدة وحتى يأتي تأويله يوم القيامة حينئذ سنكتشف أن معظم معجزات القرآن لم ترد على ذهن بشر في الدنيا كلها. هؤلاء أهل القرآن الذين ملأوا الدنيا بمصنفاتهم العظيمة في كل جيل وكل عصر وهم مجموعة عظيمة يشكلون أهل الله عز وجل. فمن استظهر القرآن فقد يستدرج النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يوحى له. هذا يحشر مع النبيين لأنه استدرج النبوة لكن لا يوحى إليه. فمن أجل هذا على كل من له ولد يتوسم فيه الذكاء والفطنة إذا كان له أكثر من ولد فليهبه للقرآن الكريم فإذا صار من أهل القرآن يأتي يوم القيامة والداه وقد ألبسهما الله تعالى تاجاً يتحدث عنه كل أهل الجنة. هكذا هم أهل الله وخاصته وهم أهل القرآن، هذا القرآن يأتي شافعاً لأصحابه، القرآن والصيام يأتيان شافعين لأصحابهما. كتاب الله عز وجل من تخصص به قراءة وتلاوة وحفظاً وتفسيراً وعملاً ينتظم في سلك أهل الله عز وجل فهم من السابقين ومن خاصة السابقين وخاصة الله عز وجل والله تعالى يحبهم حباً عظيماً وإذا أحب الله عاداً نظر إليه وإذا نظر إليه لا يعذبه أبداً. والسابقون هم أحباب الله الذين إذا أحبهم وضع لهم القبول في الأرض. ومن فضل الله عز وجل في هذا الزمان أن جمعيات تحفيظ القرآن كثرت وينبغي أن لا نقف عند تحفيظ القرآن فقط وإنما يجب أن نختار بعضاً من هؤلاء الطلاب النجباء ممن يتوسم فيهم الفطنة والاستيعاب والمحبة بعد أن يستظهروا القرآن لأن هذه الاستظهار خطوة عظيمة تفتح عقل الطالب وتستمطر فتح الله له. واحد أو اثنان أو ثلاثة في كل مركز يوجهون للتخصص في هذا باب فيما فتح الله عليهم من الإنشغال بالقرآن الكريم كما قال تعالى (ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون) هذه سبيل عظيمة لمن أراد أن يكون واحداً من أحباب الله عز وجل. الباب مفتوح أمامك لأن تكون من السابقين وإذا كنت من السابقين فإن الله يحبك وإذا أحبك لم يعذبك أبداً وحينئذ أنت مع الله عز وجل في مقعد صدق عند مليك مقتدر. علينا جميعاً بكتاب الله الذي لا تنقضي عجائبه هذا الذي جعل الله تعالى ثواب قراءته عشر حسنات لكل حرف لا أقول ألم حرف وإنما ألف حرف ولام حرف وميم حرف. أي مكاسب في هذا الكتاب العزيز (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا) إن الله يصطفي من عباده بعضاً منهم لكي يشرفهم بهذا العمل العظيم فيكونوا من أهل القرآن ومن أهل الله عز وجل ومن الصفوة السابقين حتى يكونوا على رأس الذين يحبهم الله تعالى