من أي زمرة أنت؟ الحلقة 14 - زمرة المهجَّرين

الناقل : mahmoud | الكاتب الأصلى : الدكتور أحمد الكبيسي | المصدر : www.islamiyyat.com

الحلقة 14:
زمرة المهجَّرين
زمرة المهجرين تختلف عن زمرة المهاجرين، فهناك من هاجر إلى الله ورسوله فذلك وقع أجره على الله (وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (100) النساء) ذاك الذي يهاجر فراراً من الفتنة والابتلاء باختياره ليلحق بركب الإيمان (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا (97) النساء) وقد إنقطعت هذه الهجرة بعد الفتح كما قال r: " لاهجرة بعد الفتح". إذا إنتهت الهجرة بعد الفتح فإن التهجير القسري بقي في المسلمين من أول الإسلام إلى هذا اليوم وقد يبقى كذلك إلى يوم القيامة. (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الحج) هذا الذي يجري هذا اليوم يُهجَّر المسلمون لحزبية أو لفئوية أو لطائفية أو لمذهبية تهدم بيوتهم وتحرق مساجدهم وتتلف مصاحفهم كل هذا على مرأى ومسمع من العالم من غير نُكر من أحد. هذا التهجير القسري الذي ابتلي المسلمون به في كل عصر من عصورهم وما خلا عصر من العصور من اضطهاد فئة أو طائفة أو مذهب الاختلاف في فكرة يمكن الإختلاف فيها أو الاختلاف على قضية لها ألف وجه، هذا العبث التاريخي وهذا الخبل الإنساني وهذا السَفَه العقلي الذي فتك بالمسلمين فتكاً على امتداد تاريخهم حتى سالت دماء المسلمين أنهاراً ولا تزال تسيل والله أعلم إلى أن ينتهي هذا؟
هذا من بلاء الله عز وجل (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) العنكبوت) إذا أراد الله بقوم سوءاً ملأ قلوبهم غيظاً على مسلم يشهد أن لا إلع إلا الله وأن محمداً رسول الله. الإختلاف في قضية يمكن الاختلاف فيها ويمكن تذليلها، هذا القتل الذي يُخلِّد في النار كما قال تعالى (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93) النساء). هناك فرق بين قتل النفس على قضية من قضايا الدنيا (النفس بالنفس والسيف محّاءٌ للخطايا). أما أن تقتله على عقيدته التي تُنكر منها ما تنكر من غير أن يحق لك أن تحقق هذا العذاب الصارم فأنت حينئذ خالدٌ في النار فما دمت كفّرته فأنت الكافر.
هؤلاء هم المهجرون في كل التاريخ الإسلامي ومن عجب أن هذا التاريخ المعاصر الذي نعيش فيه الآن على مرأى ومسمع من العالم وفضائيات الدنيا استشرى استشراء بلا حياء ولا خجل وقد لطّخ المسلمون بالعار وأصبح المسلمين مثالاً للهمجية والفوضى. هنيئاً لمن هُجِّر وقُتِل والخزي لمن هجَّر وقَتَل إلى يوم القيامة ويوم القيامة سيدرك أصحاب الحق أن الحق كان بعيداً عنهم وأن الشيطان لعب بهم لعباً وهم وقود النار. نعوذ بالله من كل من يريق قطرة دم مسلم على حجة من الحجج التي لا تقوم على شيء.