شعر / محمد حسن فقي ( شاعر سعودي )
تمَثَّلَ لي ذَنبي بغُولٍ مُكَـــــــشِّــــــــرِ
رأى في دمي المحموم عَذبَ المواردِ!
تراءى بليلٍ .. والظــــــلامُ يحـــــــوطهُ
كَهمٍ مُخِيفٍ في كَرِيهِ المــــراقـــــــدِ!
فقــلتُ له من أنت ؟ قال أنا الخَـــــنَى
أنا الشــــــاهدُ الُزري بكل الشَّــــواهدِ
لَسَـــــوفَ تراني مُمسِـــياً ومُصــــَبِّحاً
وسوفَ تراني في الرؤى والمشـــاهدِ
لقدْ بِتُّ كالفـــــــــأر المــــــــروع قَلْبُهُ
مِن الهرِّ أو من سَقْطةٍ في المصـائدِ !
تراني فما تلقى إلى النوم فــرصـــــةً
ولا الصحو .. إلا في غِمار الشـــــدائدِ!
تسربتُ حتى صــــِرتُ في الدم جاثماَ
وأمسيتُ في عينيك أحلى المقاصــدِ!
فمالك مِني مــهربٌ .. من غـــــوايتي
وما لك مني مَهـــربٌ .. من مكائـدي !
كأنك ظِلي .. مـــــــا تزالُ مُـــــــــتابِعاً
خُطاي .. ولو خاضت لهيب المـواقـــدِ!
تذوقتَ مِـــني في الشـــــــباب لذاذةً
وما رُغتَ شــــيخاً عن شهيِّ الموائدِ!
وســـــــاومــــــتني فابْتعتُ منك ببائدٍ
من اللهوِ .. أشـــتات الحظوظِ الخوالدِ!
فهل أنا أم أنت الغــــــبينُ بصـــــــفقةٍ
تُغطِّي مخــــــازيها وجوه المحــــامدِ!
***
أعــــــيشُ فما ألقى من السَّعدِ راحـةً
ولا النحـسِ ..من بَعدِ الهُدى المتباعدِ؟
وفي النفـــــس مني بعدَ وجدي تواجدٌ
فيا بؤسَ هذا الواجدِ المـــــتواجــــــدِ!
كأني بماضيَّ الشــــــــقيِّ مُطـــــاردُ
ولكنَّني راضٍ بظُلم المُـــــــطــــــارِد!
ألستُ أنا الماضي الذي ســــــاء فِعلهُ
فما ليَ لا أرضى بحظِّ الطَّـــــــرائدِ ؟!
وما حاضرُ الإنســـــــــــــان إلا حصادُهُ
لماضيهِ .. من خســــــــرانه والفوائدُ!
فها أرتجي مُســــــــــتقبلي بعد خيبةِ
وأخرى تلتها في الســــنينِ الحواقدِ؟!
وإلا فما لي بعد أن مَســـــــني الهوى
ولم يخترمني .. غيرُ عيشِ الأساودِ ؟!
فما مسني من صحةٍ أو بشـــــــاشةٍ
على غِرةٍ .. إلا هوى كالجـــــــلامدِ ؟!
تفكرتُ في أمري فلم ألقَ واحــــــــداً
من الناس مثلي في الشجون الأوابدِ؟
لقدْ صـــــــــــــرتُ منها بائداً مِثْل خالدِ
وقد صـــــــــرتُ منها خالداً مثلَ بائدِ !
كأنِّي من الأمــــــــــثالِ تُضربُ للنُّهى
فَتُجْفِلُ من أوضــــــــارها والمفاسدِ !
وما كنتُ _ لولا النحــــــس _ إلا قلادةً
مـــكـــــــانتها في الرأس بين القلائدِ!
أرى الحظَّ يحــــــــــبُو التافهين وينتأي
بجـــانبهِ عن عبقــــريّ الفـــــــــرائدِ!
ينيتُ لهمْ بالســـــــــــــهدِ مجداً مؤثلاً
وقد ســــــــكنوا للنوم فوق الوسائدِ!
وما كل من قال القصيدَ بشــــــــــاعرِ
ولا كلُّ شِعرٍ يســــتوي في القصائدِ !
وقــالوا به كِبْرُ .. وقــالوا به قِــــــلًى !
وقالوا به ضَعْفُ الشــــوى والسواعدِ!
وليس به إلا الأســــــــــى من زعانفٍ
وليس به إلا الجـــــــــوى من نواهدِ !
صعدتُ إلى الجوزاء مشـــــياً فما ونتْ
خُطاي .. ولم يدنو لها بالمصــــــاعدِ !
وياربما أدناكَ ســــــــــعيٌ إلى المنى
ويا ربما أدنى لشــــــــــــــرِّ المناكدِ !
تباركتَ ربي قد نرى الخير في الهــوى
كما قد نرى في الشر بعض المراشدِ
وما أنا إلا المزدهـــــي بوقــــــــــوفهِ
ببابكَ يرجـــــــــــــو منك خير العوائدِ!
وإني لموصولُ الرجــــــــــاءِ .. فَلَقِّنِي
من البرِّ ما يُدمي قلوب الحــــواسدِ !!